المصارف الإسلامية لا تزال تواجه تحدي إدارة السيولة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استطاعت البنوك الإسلامية على مدى العقود الثلاثة الماضية أن تجذب الأموال المكتنزة لدى العديد من الأشخاص، وتحقق انتشاراً واسعاً في أكثر من 60 دولة في العالم عبر مؤسسات ونوافذ صيرفة إسلامية يزيد عددها على 270 مؤسسة مالية في العالم، مع اكتسابها أهمية خاصة في 14 سلطة مالية دولية، ونمو مستقر بالرغم من أن أصولها لا تزال أقل من 2% فقط من أصول التمويل في العالم.

وفي ظل هذا النمو والأقبال العالمي على الصيرفة الإسلامية، يخلص خبراء تمويل إسلامي إلى أن تجاوز المصارف الإسلامية تحدي إدارة السيولة سيكون خطة مهمة على طريق جدوى إنشاء سوق مالية إسلامية.

ويشير الخبراء أن نقص الأصول السائلة عالية الجودة في التمويل الإسلامي وعلى رأسها الصكوك الصادرة عن جهات سيادية قوضت قدرة المصارف الإسلامية على إدارة سيولتها الكبيرة، وتطوير سوق مالية إسلامية، كما أن الإجراءات الحالية في إدارة السيولة التي تتخذها المصارف الإسلامية غير كافية وتنطوي على مخاطر. كما أن عدم إحراز تقدم في هذا المجال أعاق الجهود الرامية إلى تعزيز إدارة المخاطر الخاصة بالمصارف الإسلامية.

ومن الضروري في هذه المرحلة الاستفادة من التوجيهات الدولية ومشاركة السلطات المالية في الدول -التي يشكل التمويل الإسلامي جزءاً من نظامها - بفعالية بهدف تسريع عمليات إصدار الصكوك وغيرها من أدوات السيولة.

ويقول الدكتور محمود عبد العال الرئيس التنفيذي لآفاق الإسلامية للتمويل في دبي، إن واقع السوق المالية التقليدية اليوم، وانطلاقاً من دورها المحوري في تحريك عجلة النمو الاقتصادي، يفرض على المصارف الإسلامي ضرورة إيجاد وسائل مناسبة ومبتكرة لإدارة سيولتها النقدية الفائضة وتعزيز نمو سوق التمويل الإسلامي الذي يشكل 8 - 10 % فقط من سوق التمويل في القطاع المصرفي.

ويضيف الدكتور عبد العال إن عدم توفّر الأدوات المالية الشرعية يؤدي إلى عدم توفر السيولة اللازمة لقياس المشروعات الاستثمارية الكبرى، مما يؤثر على المستثمرين المالية للأوراق المالية وبالتالي يجعل من الصعب استبدال أو الخروج من تلك الأوراق في القت الذي يرغبون.

ويوضح: بالرغم من تفوق ونجاح المصارف الإسلامية في اجتذاب المدخرات المتواجدة فيها، إلا أنها ما زالت غير قادرة على إيجاد الوسائل والأدوات الاستثمارية المناسبة لتوظيف السيولة النقدية الفائضة لديها أو حتى الإسهام في انتقال رؤوس الأموال الإسلامية ضمن العالم الإسلامي، مما اضطرها إلى الاعتماد بشكل كبير على الأسواق المالية العالمية لاستثمار الفائض لديها في تلك الأسواق وتمويل التجارة الخارجية الدولية، مما أدى بشكال كبير إلى استنزاف المزيد من ثروات العالم الإسلامي.

ومن جهة أخرى فإن المصارف لا تستطيع أن تقدم كامل سيولتها من أجل تنمية المشروعات الاقتصادية التي تريد إنجازها، لأن ذلك سيؤثر على الكفاءة المالية للمصرف والسقوط في مأزق ضعف السيولة النقدية، وبالتالي، فمن المهم في هذه المرحلة العمل على تنويع مصادر التمويل طويلة الأجل أمام المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية واستحداث أدوات مالية متوسطة وطويلة الأجل بما يتيح لها توظيف مواردها والحصول على موارد متوسطة وطويلة الأجل على أسس شرعية بما يشجع إقامة سوق مالي إسلامي.

وبالرغم من ابتكار المصارف الإسلامية للعديد من الصيغ والأدوات المالية الإسلامية إلا أنها ما زالت بحاجة للمزيد من تلك الأدوات، ولا شك أن هذا التحدي يتطلب استخدام الهندسة المالية، والتي تشير إلى فن صياغة المدخلات المالية لتلبية احتياجات وميول أصحاب الأموال فيما يخّص المخاطرة وفترة الاستحقاق والعائد.

Email