الرئيس العالمي للقطاع بوكالة «ستاندرد آند بورز» لـ « البيان الاقتصادي»:

5 % نمو التمويل الإسلامي في المنطقة 2018

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قال محمد دمق، الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي لدى وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني، إن التمويل الإسلامي في المنطقة أصبح أمام خيارين، إما الاكتفاء بنسبة نمو لا تتجاوز 5% سنوياً، أو العمل على تخطي العقبة الأكبر التي تواجه القطاع، وهي توحيد المواصفات والعقود، لافتاً إلى أن تلك العملية قد تستغرق 10 سنوات، على الرغم من زيادة الوعي بدور قطاع التمويل الإسلامي في تعزيز النمو الاقتصادي للدول، مشيراً إلى أن جعل توحيد مواصفات إصدار الصكوك إلزامياً، كما هو الحال في اتفاقية بازل 3، سيشكل خطوة مهمة نحو دعم سوق تلك الأدوات المالية الذي لا تبدو التوقعات بشأنه العام المقبل واضحة، على الرغم من وجود احتمال قوي بأن تقوم الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي بتأمين قسم من احتياجاتها المالية من خلال الصكوك.

وأكد دمق في حوار خاص مع «البيان الاقتصادي» أن بنوك الإمارات والسعودية تتمتع بأعلى مستوى من الرسملة في المنطقة،التي من المتوقع أن يسجل قطاع الصيرفة الإسلامية فيها نمواً بنسبة 5% في 2018، مشيراً إلى أنه على الرغم من استقرار مستويات الربحية لدى البنوك الإسلامية الإماراتية، إلا أنها لا تزال بمستويات جيدة مقارنة بنظيراتها العالمية.

وفيما يلي نص الحوار:

أداء القطاع

بداية، هل لك أن تعطينا لمحة عامة عن أداء قطاع التمويل الإسلامي خلال العام 2017؟

بلغت قيمة إجمالي أصول قطاع التمويل الإسلامي حوالي 2 تريليون دولار في نهاية العام 2016 وفقاً لتقديراتنا، فيما بلغت تقديراتنا لنسبة نمو القطاع حوالي 5% في العام 2017. وإذا قارنا نسبة النمو هذه مع ما حققه القطاع خلال السنوات القليلة الماضية حينما كانت النسبة مكونة من رقمين، نرى بأن التباطؤ الحالي في النمو يعود إلى هيكلية القطاع، إذ إن نشاط قطاع التمويل الإسلامي لا يزال مرتكزاً في الدول المصدرة للنفط، حيث تستحوذ كل من دول مجلس التعاون الخليجي وماليزيا وإيران على أكثر من 80% من أصول هذا القطاع. وكان للتراجع في أسعار النفط والانخفاض المستمر في الإنفاق الحكومي دور في تباطؤ نمو القطاع، ونظراً إلى أن هذا القطاع يشكل جزءاً من الاقتصاد الحقيقي، فإنه لا بد أن يتأثر بأداء اقتصادات الدول بشكل عام.

وماذا عن أداء الصكوك تحديداً؟

كان أداء سوق الصكوك جيداً خلال العام 2017، إذ وصلت قيمة إجمالي إصدارات الصكوك إلى 80 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر الماضي، والسبب في ذلك الإصدارات الكبيرة التي شهدتها أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، والتي من كان أبرزها قيام المملكة العربية السعودية بإصدار صكوك بقيمة 9 مليارات دولار، هو الأكبر على الإطلاق، إضافة إلى بعض الإصدارات الصغيرة في الأسواق المحلية. وبالنظر إلى العام 2018، لا نستطيع الجزم بشأن توقعات أداء سوق الصكوك نظراً للتعقيدات التي تواجهها عمليات إصدار الصكوك والوقت المستغرق مقارنة بإصدار السندات التقليدية، فمثلاً، إذا وضعنا أنفسنا مكان أحد الرؤساء الماليين التنفيذيين أو وزراء المالية، وكان هناك حاجة ملحة لتأمين مليار دولار فوراً.

توجه

ما الذي تغير في العام 2017؟

لقد تراجعت الضغوط على المُصدرين لجمع الأموال وبالتالي أصبح لديهم الوقت الكافي للتوجه نحو إصدار الصكوك، فضلاً عن أن سياسات ترشيد الإنفاق التي اعتمدتها الحكومات في إطار جهودها لمواجهة التحديات الناجمة عن تراجع أسعار النفط بدأت تؤتي ثمارها. وقد وصل إجمالي حجم إصدارات الصكوك في العام 2017 وحتى نهاية شهر سبتمبر إلى 80 مليار دولار عالمياً.

وما توقعاتكم لأداء قطاع الصيرفة الإسلامية في المنطقة خلال 2018؟

نتوقع أن تبقى نسبة نمو قطاع التمويل الإسلامي في المنطقة عند 5% العام المقبل، وذلك لأن القطاع مترسخ جيداً في الاقتصاد الحقيقي، فإذا ألقينا الآن نظرة على نسبة نمو الاقتصاد الحقيقي فهي أدنى بكثير مما كانت عليه عندما كان سعر برميل النفط يتجاوز 100 دولار، وإذا انتقلنا بالحديث إلى الرسملة، فهي أيضاً لا تزال بمستويات جيدة لدى هذه البنوك مقارنة بنظيراتها العالية، وقد قمنا أخيراً بنشر تقرير حول هذا الموضوع بعنوان: «الرسملة من عوامل القوة الرئيسية الداعمة للتصنيفات الائتمانية للبنوك الخليجية».

ووفقاً لحسابنا بلغت النسبة المتوسطة غير المرجحة للبنوك الخليجية التي نُصنِّفها 11.5%. وبحسب منهجيتنا يكون تقييم مستوى رأس المال قوياً عندما يكون متوسط نسبة رأس المال المرجح بالمخاطر بين 10% و15%. وبذلك نرى بأن الرسملة لدى البنوك الخليجية قوية في المتوسط، ما يجعلها عاملاً من عوامل دعم التصنيفات الائتمانية. وتتمتع البنوك المُصنَّفة (الإسلامية والتقليدية) في كل من الإمارات والسعودية بأعلى المستويات من الرسملة.

ضرورة

ما الذي يمكن فعله حتى يتمكن التمويل الإسلامي من تحقيق نمو قوي مجدداً؟

لتحقيق النمو يحتاج قطاع التمويل الإسلامي إلى الارتقاء بالبيئة التنظيمية لمستوى يضاهي البيئة التنظيمية الحالية للبنوك التقليدية، والإجابة تكمن في ضرورة توحيد المواصفات، فعملية إصدار الصكوك لا بد أن تصبح سلسة كعملية إصدار السندات التقليدية، وتوحيد المواصفات يجب أن يغطي تفسير الأحكام الشرعية وتوحيد الوثائق القانونية.

وبعض الآراء ذهبت إلى أنه من المستحيل القيام بهذه الخطوة نظراً لما تحمله من عقبات وتعقيدات، ولكن بالنظر إلى الدول التي اعتمدت المجالس الشرعية المركزية، التي باعتقادي تجاوز عددها 15 دولة، نرى أنه تم بالفعل القيام بخطوات حثيثة نحو بلوغ هذا الهدف. لذلك، الكرة الآن في ملعب الجهات التنظيمية التي يُنتظر منها إصدار قرارات تجعل هذه المعايير إلزامية، كما هو الحال في اتفاقية بازل 3.

وما تقيمك لأداء القطاع بشكل عام؟

بالواقع، يجب أن نفخر بما حققه قطاع التمويل الإسلامي خلال العقود الأربعة الماضية، فنحن اليوم نتحدث عن قطاع حيوي تصل قيمته الإجمالية إلى 2 تريليون دولار. قبل عشر سنوات، كنا عندما نتحدث عن الصكوك كأننا نتحدث عن شيء من كوكب آخر. اليوم، الجميع على دراية تامة بأهمية الصكوك، ونعتقد بأنه سيتم خلال السنوات العشر المقبلة العمل على تطبيق توحيد المواصفات في قطاع التمويل الإسلامي بشكل فعال.تصنيف

كيف تختلف منهجية تصنيفكم للبنوك الإسلامية عن التقليدية؟

نحن في وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» نتبع منهجية التصنيف نفسها التي نتبعها عند تصنيف البنوك التقليدية، لكننا نأخذ بعين الاعتبار بعض الخصائص المرتبطة بكونها بنوكاً تتخذ من الشريعة الإسلامية مصدراً للتشريع في معاملاتها، وهذا يعني نظرياً بأن البنوك تكون أحياناً في وضع أفضل في حال تعثر معاملاتها، ولكن في الحقيقة هذا يعتمد على قدرة البنوك على التصرف في هذه الأصول، كما نأخذ بعين الاعتبار وضع التمويل لدى هذه البنوك.

برأيكم، ما تأثير ضريبة القيمة المضافة التي سيتم تطبيقها في شهر يناير 2018 على البنوك الإسلامية وقطاع التمويل الإسلامي؟

حول تأثير ضريبة القيمة المضافة على البنوك في منطقة الخليج، أعتقد بأنه علينا أن ننتظر ما الذي سيحدث، وقد علمنا بأن العملاء والبنوك سيتحملون جزءاً من هذه الضريبة، والخطوة الأولى التي يجب القيام بها لتعزيز نمو قطاع التمويل الإسلامي، هي التأكد من أن النظام الضريبي الذي سيطبق على المعاملات المصرفية الإسلامية سيكون نظاماً حيادياً لأن نشاط قطاع التمويل الإسلامي لا يعتمد على توفير التمويل وجني الفوائد، بل على تمويل الاقتصاد الحقيقي وعلى عمليات البيع والشراء.

توحيد

هل سنشهد توحيداً للمواصفات خلال العقد المقبل؟

نعم، أعتقد بأن العقد المقبل سيشهد توحيداً للمواصفات لأن هناك وعياً حقيقياً بأهمية قطاع التمويل الإسلامي بعد أربعة عقود من بروز هذا القطاع. لقد كان توحيد المواصفات الموضوع الأبرز في قمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية في أبوظبي، كما ستقوم أيوفي بالتعاون مع البنك الدولي بتنظيم مؤتمر في البحرين تحت شعار توحيد المواصفات أيضاً.

كما شددت الجلسة الختامية لقمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية التي أقيمت في أبوظبي أخيراً على الحاجة إلى إجراء تعديلات تنظيمية لمواجهة التحديات التي تعيق نمو قطاع التمويل الإسلامي مثل غياب أسواق المال المشتركة بين البنوك الإسلامية ومعايير التسعير لمنتجات التمويل الإسلامي وغيرها، ما هو تعليقكم؟

يمكنني القول بأن لكل جهة دوراً تقوم به، على سبيل المثال، أعلنت دبي منذ سنتين عن قانون الضمان الصحي الإلزامي، الأمر الذي أسهم في خلق العديد من فرص النمو لقطاع التكافل، حيث تعمل شركات التكافل حالياً على توفير خدمات التأمين الصحي، هناك بعض التحديات فيما يتعلق بإدارة السيولة لدى البنوك الإسلامية، ويتوجب على هذه البنوك الاحتفاظ بمستوى معين من الأصول السائلة عالية الجودة، وهو ما يفتقره السوق حالياً، وهذه الحالة ليست جيدة لأنه ببساطة لا أحد يريد الاحتفاظ بأمواله النقدية لأنها لا تدر شيئاً، وهنا يمكن للمنظمين والحكومات السيادية والبنوك متعددة الأطراف أن تساهم في تحسين مستوى وفرة الأصول السائلة عالية الجودة من خلال إصدار المزيد من الصكوك لتوفير الأصول السائلة عالية الجودة التي يحتاجها القطاع.

توحيد المواصفات يشجع الابتكار

أكد محمد دمق، أنه على الرغم من أن هناك بعض الآراء التي تقول ان توحيد المواصفات سيشكل عقبة في طريق الابتكار، إلا أن وجهة نظرنا هي على النقيض تماماً، حيث إن توحيد المواصفات يشجع على الابتكار؛ لأنه عند توحيد الوثائق وتفسير الأحكام الشرعية، سوف يعفي السوق من بعض الخطوات الشاقة، كما سوف يفسح المجال للتركيز أكثر على الابتكار، فهناك بعض الفرص المتاحة أمام التمويل الإسلامي منها الاستفادة من أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة نظراً لوجود ترابط فيما بينهما لكن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم معرفتنا لكيفية الانتقال من النقطة (أ) وهي التمويل الإسلامي إلى النقطة (ب) وهي تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك بسبب حاجة القطاع إلى تخصيص المزيد من الوقت والخبرات اللازمة لبناء هذا الجسر.

قد يقول البعض إن التمويل الإسلامي هو حليف طبيعي لتمويل مشاريع البنية التحتية، لكن معظمهم لا يعرفون كيفية الاستفادة من التمويل الإسلامي لأنه وفقاً لأحكام الشريعة، إذا كان أحد الأصول الأساسية غير قائم فعلياً، لا يمكنك تداول الصكوك، على سبيل المثال.

سعر مرجعي موحد للمصارف الإسلامية على غرار «الآيبور»

أوضح محمد دمق، أنه من الممكن، كما أنه من المفيد أن يكون لدى المصارف الإسلامية سعر مرجعي موحد على غرار «الآيبور»، مفيداً بأن هذا كان جزءاً من مهام مؤسسة إدارة السيولة الإسلامية الدولية؛ بهدف خلق الأصول السائلة عالية الجودة، إضافةً إلى إنشاء منحنى عائد بالدولار.

وتابع: نتحدث هنا عن قطاع عمره أربعة عقود، حيث يجب أن نفخر بما حققه قطاع التمويل الإسلامي مقارنة بالقطاع التقليدي الذي تجاوز الـ 500 عام. والآن، أمامنا خياران، إما أن نكتفي بنمو القطاع بنسبة 5% سنوياً، أو العمل على تخطي بعض العقبات التي يواجهها القطاع لتحقيق المزيد والمزيد من النمو والنجاح. فالسؤال هو هل يمتلك القطاع البنية التحتية اللازمة التي تمكنه من النمو؟ وليس ما إذا كان القطاع بحاجة إلى سعر مرجعي أم لا الآن. دبي - البيان

التكنولوجيا تهدد خدمات التحويلات المالية

قال محمد دمق، إنه في هذا الجزء من العالم، سوف تزعزع التكنولوجيا المالية خدمات الدفع والتحويلات المالية، ولمعرفة سبب ذلك، لننظر إلى التركيبة السكانية في دول مجلس التعاون الخليجي، فالغالبية هي من الأجانب والعمالة من ذوي الياقات البيضاء والزرقاء الذين يعملون على تحويل الأموال إلى وطنهم الأم، فتحويل الأموال باستخدام التطبيقات الذكية على الهواتف الجوالة سيكون أرخص تكلفة وبشكل مباشر وبالتالي هذا سيؤدي إلى تعطيل هذه الخدمة لدى البنوك، لا نتوقع بأن تؤدي التكنولوجيا المالية إلى تعطل نشاط الإقراض في منطقة الخليج، على الأقل خلال السنوات الثلاث المقبلة، لأن الإقراض لا يزال مرتكزاً على قطاع الشركات المعتمد على العلاقات، ولأن القيمة المضافة البشرية لا تزال كبيرة في منطقة الخليج، من مديري علاقات الشركات وحتى صناع القرار. دبي - البيان

فترة الإصدار الطويلة تُحجم الحكومات عن الصكوك

أفاد محمد دمق بأن سبب إحجام الحكومات عن إصدار الصكوك يكمن في الفترة الطويلة التي تستغرقها عملية الإصدار، فالحكومات كانت بحاجة ملحة إلى تأمين احتياجاتها المالية لتغطية الإنفاق والاستثمارات وتسديد المبالغ المستحقة للمقاولين، ولهذا فضلت اللجوء إلى الخيار الأسهل وهو إصدار السندات في العام 2016. وقد يبرر البعض هذه الخطوة برغبة الحكومات في تنويع قاعدة مستثمريها واستهداف مستثمرين لا يفضلون الصكوك، هذا الكلام قد يكون معقولاً إلى حد ما، ولكننا دائماً نرد على هذه التبريرات بالحقائق والأرقام في تقاريرنا التي نقوم بنشرها. وعند النظر إلى طبيعة المستثمرين في سوق الصكوك، نرى بأن ما بين 20% و30% من إجمالي المستثمرين في سوق الصكوك هم نفسهم مستثمرون من الولايات المتحدة وأوروبا. دبي - البيان

Email