محمد صالح بدري الأمين العام للمنتدى الدولي لهيئات اعتماد الحلال لـ«البيان الاقتصادي»:

«الاقتصاد الإسلامي» عزّزت مصداقية تجارة الحلال عالمياً

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكّد محمد صالح بدري، الأمين العام للمنتدى الدولي لهيئات اعتماد الحلال أن مبادرة «دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي» منحت تجارة الحلال في العالم مصداقية غير مسبوقة، وأن تولّي صاحب السمـو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إطلاق المبادرة كان العامل الرئيسي في اختيار دبي مقراً للمنتدى وتمكّنه من جذب 21 جهة اعتماد حتى الآن تنتمي إلى 19 دولة مسؤولة عن تصدير 80% من تجارة الأغذية إلى العالم.

متوقعاً أن تصبح دبي في غضون العامين المقبلين مركزاً عالمياً لتجارة الأغذية، والمنتجات الدوائية ومستحضرات التجميل الحلال، التي من المتوقع أن يصل حجم تجارتها مجتمعة إلى 3 تريليونات دولار في 2021.

وتوقّع بدري في حوار خاص مع «البيان الاقتصادي» أن تتفق كافة الدول الأعضاء بالمنتدى على توحيد المعايير المتعلقة بالأغذية الحلال خلال العام الحالي، ثم على معايير المنتجات الدوائية ومستحضرات التجميل خلال العامين المقبلين، وأن يرتفع عدد الدول الأعضاء في المنتدى إلى 40 دولة في غضون عامين من الآن، لافتاً إلى أنه يجري حالياً التنسيق الآن مع الصين، روسيا ودول الكومنولث الروسي، بهذا الخصوص.

الأمر الذي يوسّع نطاق وقبول وتداول منتجات الحلال المنتجات الحلال على مستوى العالم، ومشيراً إلى أن الجمعية العمومية الثانية للمنتدى ستنعقد خلال الربع الأخير من العام الجاري في دولة الإمارات كذلك لمناقشة النتائج التي تحققت خلال العام.

وفيما يلي نص الحوار:

هل لك أن تقدم لنا لمحة سريعة عن المنتدى الدولي لهيئات اعتماد الحلال؟

تم إصدار موافقة مجلس الوزراء الموقر على إنشاء المنتدى الدولي لهيئات اعتماد الحلال بقرار مجلس الوزراء الموقر رقم (2 / و 1/2) لسنة 2016، ليتم بعدها تم عقد الاجتماع التأسيسي للمنتدى في دبي في مايو الماضي بعد موافقة مجلس الوزراء الموقر، حيث تم التوقيع على مذكرة تأسيس المنتدى من قبل الأعضاء المؤسسين من عشر جهات من دول العالم.

وفي نوفمبر الماضي تم عقد الاجتماع الأول للجمعية العمومية للمنتدى في دبي بمشاركة ستة وعشرين جهة اعتماد من دول العالم، من ضمنها هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس «مواصفات».

وتم إقرار النظام الأساسي للمنتدى ليكون بذلك أول جهة من نوعها على مستوى العالم تعمل في مجال اعتماد الحلال، ودعماً لمبادرة «دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي» التي أطلقها صاحب السمـو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

لماذا تم اختيار دبي لتكون مقراً للمنتدى؟

جاء اختيار دبي لتكون مقرا لـــــ«المنتدى الدولي لهيئات اعتماد الحلال» من قبل الجمعية العمومية للمنتدى في اجتماعها الأول بفضل رؤية دولة الإمارات لتعزيز الاقتصاد الإسلامي على مستوى العالم وامتلاك دولة الإمارات كافة مقومات نجاح المنتدى من خلال وجود بنية تحتية قوية للجودة ومنظومة تشريعية ملائمة في مجالات المواصفات والمقاييس ونظام اعتماد وطني متكامل متطور.

بالإضافة إلى عضوية الدولة في هيئات التقييس الدولية والإقليمية. ويشكل ذلك دليلاً على المكانة التي تحظى بها دولة الإمارات على المستوى العالمي وعلى الثقة في قدرتها على قيادة المنتدى في مجال الحلال على مستوى العالم.

كم عدد الدول الأعضاء بالمنتدى حالياً؟ وكم تتوقعون أن يصل عددها نهاية العام الحالي 2017؟

لدينا حالياً 21 جهة اعتماد تنتمي إلى 19 دولة، حيث هناك جهتان تابعتان لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهناك جهتان تابعتان للولايات المتحدة الأميركية. ونأمل أن يرتفع عدد الدول الأعضاء في المنتدى إلى 40 دولة في غضون عامين من الآن. فإذا بلغنا هذا العدد، فيعني ذلك أن المنتدى صار عالمياً.

ولكن عدد الدول المصدرة إلى دولة الإمارات يفوق 40 دولة؟

نعم، ولكن هناك قاعدة تسمى قاعدة الـ80 / 20، والتي تعني أن 80% من واردات الغذاء تأتي من 20% من الدول. وغالبية هذه الدول التي تشكل الــ20% موجودة معنا في المنتدى. غالبية الدول الكبرى المصدرة لدولة الإمارات أعضاء بالفعل بالمنتدى، كالبرازيل، أستراليا، نيوزيلندا، والولايات المتحدة.

وأحياناً تكون هناك دول غير أعضاء، فنقوم بمخاطبتها حتى تنضم إلينا، ويجري حالياً التنسيق الآن مع الصين، روسيا ودول الكومنولث الروسي، ونتفق فيما بينها على شروط الاعتماد المتبادل. ونتمنى أن يصل عدد الدول الأعضاء في المنتدى إلى 80 دولة.

هل يتطلب انضمام دول جديدة إلى المنتدى تخصيص أي استثمار من جانب تلك الدول؟

لا، لأن لديهم نفس جهات الاعتماد التي لدينا، ولكن الفارق الوحيد أن جهاتهم لا تكترث بقضية الحلال. وحينما أسسنا المنتدى واستضفنا هذه الدول، قال مسؤولوها لنا إن 95% من إجراءات الاعتماد المطبقة لدينا ولديهم متطابقة.

وتأتي نسبة الاختلاف البالغة 5% في أكثر الأحوال من طريقة ذبح الحيوانات، وهذا أمر سهل. فالأجهزة موجودة لديهم، وما ينقصهم هو الإشراف على هذه الأجهزة للتأكد من ذبح الحيوانات وفقاً للشريعة الإسلامية، ولو لديهم شخص واحد مسلم على دراية بهذا الأمر لتوجيههم، لقضي الأمر.

ما مدى صعوبة تطبيق معايير موحدة لتجارة الحلال على مستوى العالم؟

الأمر ليس من الصعوبة بقدر ما يتطلب من الوقت لتحقيق المهمة الأساسية للمنتدى ألا وهي حماية المسلمين، وبناء ثقة ومصداقية في الشهادات وعلامات الحلال. فهنالك العديد من علامات الحلال في العالم. وكل علامة تدعي أنها أفضل من الأخرى.

وكل علامة تدعي أنها حلال، ولا نعرف إن كانت حلالاً بالفعل أم غير ذلك. والمفروض أن يكون للمسلمين توحيد في المعايير وأن يستخدموا علامة واحدة. حينما تذهب إلى الولايات المتحدة، بريطانيا، الشرق الأقصى. فمن المفترض ألا تبحث عن علامات الحلال وألا تشغل ذهنك بهذا حلال أم حرام. فعملنا ينصب على حماية المسلمين من خلال نظام يتمتع بالثقة والمصداقية فيما يخص علامات الحلال.

هل لديكم أي دراسات حول حجم الوفورات المتوقعة من خلال توحيد معايير الحلال؟

نحن نعمل على ذلك. ونتوقع إصدارها قريباً. ونعمل حالياً على توحيد المعايير والممارسات الخاصة بجهات الاعتماد. فحينما تقوم جهة من الجهات بإصدار شهادة اعتماد لمنتج، فيتعين علينا أن نتأكد فعلياً من مطابقة هذا المنتج للشريعة الإسلامية.

هذا هو الأساس. وأيضاً الاعتراف بين الدول، بمعنى أن تقبل كل دولة الشهادات الصادرة من دولة أخرى، بناءً على معايير موحدة بين الدولتين. فإذا استطعنا أن نجلب إلى الطاولة 40 أو 60 دولة، فيعني هذا أنه قد قضي الأمر، وصار هناك توحيد وقبول على مستوى العالم.

كم سيستغرق من الوقت الانتهاء من متطلبات توحيد متطلبات تجارة الأغذية الحلال برأيكم؟

نتوقع أن تتفق كافة الدول الأعضاء بالمنتدى على توحيد المعايير المتعلقة بالأغذية الحلال خلال العام الحالي. وسيكون تركيز المنتدى في المرحلة الأولى على الأغذية، ثم على المنتجات الدوائية ومستحضرات التجميل في المرحلة الثانية، فعملية توحيد المعايير مستمرة، فبعد الانتهاء من المنتجات الدوائية ومستحضرات التجميل، ربما يظهر نوع جديد من المنتجات يتطلب توحيد معايير إنتاجه وفقاً لمتطلبات الحلال.

وثمة شيء ثالث نقوم به، وهو مساعدة مختلف دول العالم على امتلاك جهات وأجهزة قادرة على فحص ومراجعة المنتجات وفقاً لمتطلبات الحلال، فهناك العديد من دول العالم التي تفتقر إلى تلك الأجهزة، ومنها دول إسلامية. ونحن نساعد هذه الدول في هذا الشأن، ونعمل على توعية حكوماتها، مؤسساتها الصناعية والجهات الإنتاجية بها بقضية الحلال.

هل بدأت آثار قطاع الحلال برأيك تظهر على استراتيجية دبي الخاصة بتنويع مظاهر الاقتصاد؟ وما سبب الثقة التي يوليها أعضاء المنتدى في دولة الإمارات؟

مكنّت مبادرة «دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي» الإمارات عموماً ودبي خصوصاً حتى اليوم في ريادة العديد من قطاعات الاقتصاد الإسلامي، وخصوصاً على صعيد التمويل وتجارة الحلال، خصوصاً وأن الأعضاء لمسوا جدية المبادرة من خلال تولي صاحب السمـو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إطلاقها، ولمسوا جديتها، كما رأوا أفعالاً وإجراءات ونتائج ملموسة على أرض الواقع وليس مجرد أقوال. ولمسوا أيضاً دعماً حكومياً، وتركيزاً واستراتيجيات ناجحة دائماً، ومتابعة مستمرة من الأجهزة في دبي.

ونأمل أن نواصل النجاح حتى تصبح دبي في غضون العامين القادمين مركزاً عالمياً لتجارة الأغذية، المنتجات الدوائية ومستحضرات التجميل الحلال. لذا، أتوقع أن يكون قطاع الحلال داعماً قوياً لتنويع اقتصاد دبي في المستقبل. ولكن ليس لدينا بيانات حالياً حول نعرف حجم مساهمة قطاع الأغذية الحلال في اقتصاد دبي، أو حجم إنفاق دولة الإمارات على عملية فحص الواردات الغذائية.

هل تقدم المصارف الإسلامية الدعم الكافي وتوفر السيولة الكافية لقطاع الحلال؟

ليس بالشكل الكافي، والسبب هو عدم دراية من جانبهم بأهمية هذا القطاع، وأيضاً بمعاييره. ولكن أتمنى بالطبع أن يتغير هذا الوضع، لأنه ما من شك أن مساهمة المصارف الإسلامية في قطاع المنتجات الحلال ستكون أفضل كثيراً من مساهمة المصارف الأخرى.

عولمة معايير الحلال يدعم استراتيجية «دبي الصناعية»

قال محمد صالح بدري إن عولمة معايير تجارة الحلال سيدعم استراتيجية دبي الصناعية التي أطلقتها دبي مؤخراً. وأضاف: حينما تكون هناك معايير موحدة بين الدول الأعضاء في المنتدى، يصبح تصدير الإنتاج الصناعي من الإمارات أكثر سهولة.

وفي الوقت نفسه، فحينما يكون هناك اعتراف متبادل بين الدول الأعضاء، فإن أي منتج مصنع في دولة الإمارات يكون مدعوماً بشهادة. وكما تعلمون، فإن دولة الإمارات لديها خطان في التجارة: إعادة التصدير واستراتيجية دبي الصناعية.

فيما يخص إعادة التصدير، فحينما تكون هناك معايير موحدة بين الإمارات والبرازيل وإحدى الدول الأفريقية على سبيل المثال، سيكون في الإمكان إعادة تصدير منتج برازيلي من دبي إلى الدولة الأفريقية من دون الحاجة إلى فحص أو مراجعة. وبعد توحيد المعايير، أستشف نمواً لافتاً لسوق الحلال في الإمارات والعالم هذا العام، ذلك أن قبول وتداول منتجات الحلال في مختلف دول العالم سيصير أسهل وأكثر غزارة في ظل المعايير الموحدة.

وأما قطاعات الحلال التي أتوقع لها أداء قوياً هذا العام، فهي الأغذية، وآمل أن تتبعها قطاعات المنتجات الدوائية ومستحضرات التجميل في غضون عام أو عامين من الآن. وبعد الانتهاء من توحيد المعايير، سيتمكن أي مسلم في أي مكان في العالم من شراء المنتجات الحلال بسهولة، بعد أن يرى علامة الحلال التي ستمثل بالنسبة للمستهلك ضمان وثقة ومصداقية المنتج.

الدراسات والبحوث تساهم في توحيد المعايير

قال محمد صالح بدري إن إجراء الدراسات والبحوث يساهم في إزالة العوائق الفنية والاختلاف بشأن ما هو صواب وما هو خاطئ في توصيف الحلال بين جهات الاعتماد ويساهم في عملية توحيد المعايير، الذي يجب أن ترتكز على معايير فنية وشرعية، ويدعم بالتالي تنافسية الأغذية الحلال في أسواق العالم.

ولفت إلى أن المنتدى يجري حالياً دراسة على ألف حيوان تهدف إلى تحديد الدرجة التي لا يموت عندها أي حيوان، فتصبح هذه الدرجة حينئذٍ هي معيار الحلال الموحد للحيوانات المذبوحة المستوردة من الخارج، علماً بأن الصعق كان يتسبب في نفوق عدد من الحيوانات قبل ذبحها.

وأضاف: «سيتم خلال الدراسة تشغيل جهاز الصعق على درجات متفاوتة حتى الوصول إلى الدرجة المناسبة، لأن الصعق ليس ممنوعاً إلا إذا مات الحيوان قبل الصعق. وما يجري فعلياً، هو»تخدير" للحيوان قبل الذبح وليس صعقاً، وإنما انتشر لفظ صعق مجازاً على نحو غير دقيق. وهناك علماء متخصصون في الفتوى أقروا ذلك.

ولكن يتوقف الأمر على حجم الحيوان وعمره، فبعض الحيوانات صغيرة الحجم وحديثة العمر تموت أثناء الصعق. وجهاز الصعق واحد مع كافة الحيوانات على اختلاف أحجامها وأعمارها، ويقتصر الاختلاف على درجة تشغيل الجهاز. كما تتفق أجهزة الاعتماد على إجراء زيارات سنوية لبعضها البعض وفقاً لجداول زمنية متفق عليها بغرض التأكد من التزام جميع الأجهزة بالاتفاق.

المنتدى يدعم قطاع التجارة وتعزيز التجارة الدولية

قال محمد صالح بدري إن المنتدى يهدف إلى دعم قطاع الصناعة وتعزيز التجارة الدولية من خلال إزالة العوائق الفنية للتجارة بين الدول من خلال أمرين: الأول توحيد المعايير والممارسات والإجراءات المتعلقة باعتماد الجهات التي تصدر شهادات، تقارير، وعلامات الحلال بما يضمن مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية، والثاني تحقيق الاعتراف المتبادل بعلامات وشهادات الحلال الصادرة من قبل الدول المشاركة في المنتدى.

 وتأتي أهمية المنتدى من حيث إن حكومات الدول غير الإسلامية تتجنب القيام بمسؤولية الرقابة والإشراف على مطابقة منتجات الأغذية الحلال حسب الشريعة الإسلامية، بينما أصبح الإشراف عليها من قبل الدول الإسلامية مكلفاً جداً ويستغرق وقتاً طويلاً وعادةً لا يكون كافياً.

Email