مدير عام اتحاد المصارف لـ«البيان»:

جمال صالح : الإمارات الأولى عالمياً في نفاذية الخدمات المصرفية الرقمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتبوأ القطاع المصرفي بالإمارات المرتبة الأولى عالمياً حالياً في معدل نفاذية الخدمات المصرفية الرقمية إلى العملاء وفق مسح حديث أجراه اتحاد مصارف الإمارات، حيث أكد مدير عام الاتحاد جمال صالح أن النسبة وصلت محلياً إلى 99 % في سوق العملاء مع تحول رقمي كامل في الخدمات المصرفية المحلية بما عزز في المقابل معدلات ثقة المستهلكين في بنوك الدولة إلى 85 % متخطية بشكل كبير المتوسط العالمي.

وقال صالح في حوار خاص مع «البيان»: إن القطاع المالي بالإمارات يستهدف توظيف 5000 مواطن جديد حتى عام 2026، مؤكداً بدأ تنفيذ ذلك من خلال خطة توطين القطاع التي تم اعتمادها في 2022 بإشراف المصرف المركزي، ومن المنتظر تسكين جزء كبير من تلك الوظائف خلال العام الجاري، عبر التنسيق مع المؤسسات والبنوك العاملة بالسوق المحلي، بما يعزز قاعدة عدد المواطنين العاملين في المصارف وفي شركات التأمين. وذكر أن تحقيق البنوك لنمو فاق 30 % في حجم الربحية خلال العام الماضي يعزز استمرارية معدلات النمو المماثلة خلال العام الجاري في ظل تواصل ارتفاع معدل الفائدة وارتفاع هوامش الربحية بين حركة الودائع والاقتراض وزيادة تقليص الكلفة التشغيلية مع الاستفادة من النمو الاقتصادي المتوقع بنسبة 6 % وفق المؤشرات الدولية.

وفيما يلي نص الحوار:

ربحية

ما تقييمكم لنتائج البنوك الإماراتية خلال 2022؟

حقق القطاع المصرفي ارتفاعاً ملحوظاً في صافي أرباح البنوك والإيرادات يصل إلى أكثر من 30 % مع تنامٍ واضح في حجم الأصول يصل إلى أكثر من 3.6 تريليونات درهم، مع مستويات جيدة من المخصصات لمواجهة أي طوارئ، رغم تراجع معدلات القروض المشكوك في تحصيلها، وهو ما يدلل على صحة نظرتنا الإيجابية نحو متانة ومرونة القطاع المصرفي الإماراتي، وقدرته على الاستفادة من الفرص التي تخلقها التحديات، ولا سيما التغيرات الجيوسياسية التي شهدتها الفترة الأولى من عام 2022 والآثار المترتبة على ذلك.


وكيف استطاع القطاع تحقيق تلك النتائج رغم التحديات الاقتصادية العالمية؟

لا شك في أن القطاع قد استفاد بشكل واضح عوامل عدة، منها ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي محلياً بشكل خاص، وإقليمياً بشكل عام، في ظل ارتفاع أسعار النفط، إلى جانب النشاط الكبير للقطاعات غير النفطية، إضافة إلى زيادة حجم الودائع والسيولة نتيجة ارتفاع سعر الفائدة، بينما لم تتأثر مستويات التمويل كثيراً بارتفاع الفائدة مع انتعاش النشاطات الاقتصادية الأخرى، كذلك شهد الدخل من غير الفوائد ارتفاعاً ملحوظاً بتراجع مستويات المخصصات.


توقعات

ماذا عن معدلات ربحية القطاع المتوقعة خلال العام الجاري؟ وما العوامل المؤثرة على ذلك؟

نتوقع استمرار الأداء القوي للقطاع المصرفي خلال 2023، وتحقيق معدلات ربحية مقاربة، وذلك استناداً لعوامل عدة، منها: استمرارية زيادة سعر الفائدة، والثبات النسبي لالتزامات البنوك على صعيد الودائع، وديناميكية أنشطة الاقتراض، كما ستسهم الرسوم بحصة كبيرة من دخل البنوك، علماً أن التنافس حول بعض الرسوم يرتبط بمبادرات يقوم بها بعض المصارف الأعضاء لتحفيز عملائها، ومع نمو النشاطات الاقتصادية والخدمات المصرفية المتعلقة بها، فإن إجمالي الرسوم سيشهد ارتفاعاً في الوقت ذاته تسعى البنوك لمزيد من تقليص الكلفة التشغيلية خصوصاً مع التقدم الكبير الذي حققته رحلة التحول الرقمي في القطاع المصرفي.

 

هل هناك نسبة متوقعة للنمو الاقتصادي ضمن دراساتكم خلال العام الجاري؟

بشكل عام تتحدث دراسات المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي عن توقعات لتجاوز معدل النمو الاقتصادي 6 % خلال العام الجاري، مدعوماً بالمبادرات الحكومية ونمو قطاعات الاقتصاد وتنوعها وزيادة مساهمات الأنشطة غير النفطية والانعكاسات الإيجابية لاتفاقيات الشراكة التي وقعتها الدولة كمركز تجاري ولوجستي عالمي، فيما يسهم كل ذلك في زيادة الطلب على الخدمات المصرفية المختلفة وتوفير مساحة سوقية كبيرة أمام أنشطة بنوك الإمارات لتوفير التمويل وزيادة مساحة الإقراض للقطاعات المختلفة.

 

تحدثتم عن التحول الواضح في القطاع نحو التكنولوجيا، ما هي أهم النتائج المحققة على هذا الصعيد؟

لعل أهم مؤشرات التحول التكنولوجي لمصارف الدولة تكمن في ارتفاع نسبة نفاذية الخدمات المصرفية الرقمية إلى العملاء، حيث باتت الإمارات وفقاً لدراساتنا بالمرتبة الأولى عالمياً من حيث معدل نفاذ الخدمات، بعد أن كانت تحتل المرتبة السابعة أو الثامنة سابقاً. وأوضح المسح الذي أجريناه للقطاع المصرفي المحلي أن نسبة النفاذية لكل الخدمات وصلت إلى 99 % في سوق العملاء، وأصبحت أكثر من 95 % من معاملات البنوك الرائدة رقمية، بما يتجاوز النسبة العالمية، كما وصلت نسبة الخدمات المقدمة عبر الهاتف المحمول للبنوك الرائدة الكبيرة أكثر من 90 % وتم فتح أكثر من 50 % من الحسابات المصرفية الجديدة عبر القنوات الرقمية، كما يوضح ترشيد أكثر من 200 فرع للبنوك في الدولة خلال الفترة الماضية الاعتماد الأكبر على الخدمات المصرفية الرقمية.


تنافسية

كيف أسهم ذلك في تنافسية بنوك الإمارات محلياً وعالمياً؟

تعتبر البنوك الرقمية من ثمار الاستثمارات في البنية التحتية التقنية في ظل الرؤية المستقبلية للتجول التي يعززها المصرف المركزي والمؤسسات المسؤولة عن تشريعات وأطر الإحلال التكنولوجي بالقطاع المحلي، وهناك ثلاثة بنوك رقمية بالكامل حالياً من بين أعضاء اتحاد مصارف الإمارات، فيما أصبحت خدمات كل البنوك المحلية متاحة عبر لمسة زر وفي بيئة آمنة وموثوقة، ووفق دراسات الاتحاد انخفضت نسبة زيارة العملاء للفروع بشكل واضح، وهو ما أدى إلى ترشيد العديد من فروع البنوك بنسبة وصلت لأكثر من 50 % على مدار السنوات القليلة الماضية ومنها ما تم تحويله إلى فروعٍ رقمية كلياً.

 

وما دور ذلك في تعزيز جودة القطاع المصرفي وارتفاع معدلات رضا المستهلكين؟

بشكل عام يعمل اتحاد المصارف وبالتعاون مع المركزي والمؤسسات المعنية على مواصلة التحول الرقمي ومواكبة متطلبات العملاء مع تأهيل رأس المال البشري، خصوصاً الكادر الإماراتي منه، وتعزيز الأمن السيبراني لضمان تجربة مصرفية آمنة وموثوقة، وأسهم ذلك وفق دراساتنا في تصدر السوق المحلي الأسواق العالمية من حيث مؤشر ثقة العملاء في البنوك، حيث بلغ متوسط نسبة الثقة في مصارف دولة الإمارات 85 %، وهو ما يتفوق على المتوسط العالمي البالغ 67 %، كما تجاوز المعدلات في العديد من الدول المتقدمة التي تمتلك أكبر البنوك العالمية وأكثرها انتشاراً بمقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي بلغ متوسط ثقة العملاء في مصارفها 76 %، والصين التي وصل بها المعدل 77 %، كما يعتبر القطاع المصرفي هو الأعلى من حيث معدلات ثقة العملاء ضمن القطاعات الاقتصادية في دولة الإمارات بشكل عام.

 

اندماجات

وفق معلوماتكم، هل سيشهد السوق المحلي اندماجات جديدة بين البنوك خلال الفترة المقبلة؟

تستند الحاجة للاندماج إلى عاملين أساسيين هما تدارك البنوك الخاسرة، وهو أمر بعيد عن السوق المحلي حالياً استناداً لقوة حصص الملكية في مصارفنا، كما أن كل البنوك تقريباً تحقق مستويات ربحية جيدة مع الاحتفاظ بملاءة مالية قوية، بينما يكمن العامل الآخر في الحاجة إلى إنشاء كيانات ضخمة ذات ملاءة مالية قادرة على الدخول إلى الأسواق الأكثر ضخامة وهو ما تحقق فعلياً لدينا الآن بوجود بنوكٍ محلية إماراتية تعدت في حجم أصولها حاجز التريليون، وهنا يبرز التحول بشكل أكبر نحو الاستحواذات التي تضع بنوك الدولة بمصاف البنوك العالمية، ويبقى أمر الاندماج من الجوانب التي تحددها دائماً المؤسسات المصرفية المعنية وفقاً لرؤيتها المستقبلية ومتطلباتها في التوسع الأفقي والرأسي أو للاستفادة من مميزات وفرة الحجم Economy of scale، التي تتميز بها الكيانات المصرفية الأكبر.

 

الأسواق الخارجية.. هل هي السبيل الأمثل حالياً لتوسعات البنوك؟

لا شك أن توسع بعض المصارف الإماراتية خارج الدولة من حيث التواجد الفعلي حقق الكثير من الإيجابيات لهذه البنوك، وذلك بتنويع الأسواق التي تعمل فيها، ما أسهم في تنويع مصادر الدخل. في الوقت ذاته فإن معظم البنوك الإماراتية تتمتع حالياً بالقدرة على خدمة العملاء من خارج الدولة، خصوصاً المؤسسات، دون الحاجة لافتتاح فروع إضافية في الخارج، وتعتبر الإمارات من أبرز المراكز المالية العالمية والتي تستخدم التقنية بشكل فعال.


توطين

ذكرتم أن تطوير الكادر البشري في القطاع المصرفي له أولوية حالياً.. ما أهم خطواتكم على هذا الصعيد؟

تعد الخطوة الأبرز في جهود الاتحاد في القطاع المصرفي خلال العام الجاري، التعاون مع البنوك الأعضاء لتوظيف أكبر عدد ممكن من المواطنين بالقطاع المصرفي والمالي، ضمن الخطة الاستراتيجية التي يشرف عليها المصرف المركزي، والتي تستهدف دخول 5000 موظف مواطن جديد للقطاع حتى 2026 بما يحقق نقلة نوعية في إجمالي عدد المواطنين العاملين في المصارف وفي شركات التأمين، حيث سيركز الاتحاد من خلال الخطة التي يقودها المصرف المركزي وبالتنسيق مع كل الأطراف الأخرى وبالتعاون مع كل البنوك الأعضاء في الاتحاد.

 

وما العوامل التي تعزز التحاق الكوادر المواطنة بالقطاع المصرفي؟

يشكل قرار زيادة دعم رواتب المواطنين الإماراتيين في القطاع الخاص والمصرفي دفعة قوية ومهمة لجهود التوطين وتحفيز المزيد من المواطنين والمواطنات على العمل في القطاع المالي المصرفي، الذي يوفر الكثير من الفرص في مختلف مجالاته، في الوقت ذاته، يعد رفع مهارات الكوادر الشابة وخبراتها للالتحاق بالقطاع عاملاً مهماً من خلال منظومة التدريب والتأهيل التي تتم بالتعاون مع معهد الإمارات للدراسات المصرفية وتحت الإشراف المباشر من المصرف المركزي، وهو من ضمن رؤيتنا وطموحاتنا للمساعدة في تمكين الموارد البشرية في القطاع المصرفي والارتقاء بمعايير الأداء المصرفي لمواكبة أفضل الممارسات العالمية.


حماية

ما أهم المبادرات الأخرى التي يركز عليها اتحاد المصارف خلال العام الجاري؟

تتمثل أحد أهم مستهدفات العام الجاري في تعزيز منظومة الحماية الشاملة للمعاملات المصرفية الإلكترونية ومكافحة الاحتيال المصرفي وحماية المستهلكين في ظل تنامي معدلات الرقمنة التي وصلت إليها خدمات مصارفنا المحلية، حيث نسعى لحث البنوك على زيادة مخصصات الإنفاق على جاهزية البنية الإلكترونية وتعزيز حلول مواجهة عمليات القرصنة بالتسارع في التحول الرقمي في القطاع المصرفي وزيادة مستويات وأنواع الاحتيال، حيث نستهدف دعم العملاء والمجتمع والاقتصاد عبر توفير منظومة مصرفية ومالية آمنة، كما سنواصل سياسة رفع وعي العملاء عبر حملة وطنية لزيادة الوعي وبالتعاون مع كل المصارف الأعضاء في الاتحاد والعديد من الشركاء الاستراتيجيين كالمصرف المركزي والمجلس السيبراني وشرطة أبوظبي وشرطة دبي وهيئة تنظيم الاتصالات.

 

تزايدت هجمات الاحتيال الإلكتروني عالمياً في الفترة الأخيرة.. ما الموقف في القطاع المصرفي؟

قد يكون أهم مؤشر على هذا الصعيد هو نجاح القطاع المصرفي ومؤسساته في صد 100 % من الهجمات الإلكترونية وحالات القرصنة المنظمة التي يتعرض لها، خصوصاً مع التعدد الواسع والمستمر لمصادر الهجمات الآتية من الكثير من الاتجاهات إقليمياً ودولياً.


ما دور اتحاد المصارف في تعزيز أنشطة البنوك نحو المشاريع الصغيرة والمتوسطة؟

بشكل عام، يضع اتحاد مصارف الإمارات، المشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن أبرز أولوياته مقابل دورها الحيوي في الاقتصاد الوطني من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير الوظائف. وسنعمل خلال 2023 على مواصلة مبادراتنا الهادفة لاستمرارية دعم تلك المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال استحداث مزيد من الحلول وتعزيز البيئة التمويلية المناسبة لمتطلبات ريادة الأعمال.

 

 

Email