المستثمرون يكثفون دعواتهم للحد من انتشار «الجراثيم الخارقة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

حاجة ماسة لتقليص الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية في سلسلة الإمداد الغذائي

دعا مستثمرون يمثلون أصولاً تتجاوز قيمتها 13 تريليون دولار، صناع القرار إلى بذل مزيد من الجهود للحد من انتشار «الجراثيم الخارقة»، عن طريق تقليص الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية في سلسلة الإمداد الغذائي.

وقبل انعقاد الاجتماع الثاني رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، دعا نحو 80 مستثمراً وممثلاً للمستثمرين، يشملون «ليجال آند جنرال إنفستمنت مانجمنت» وصندوق هيستا الأسترالي للمعاشات التقاعدية، إلى الحد من استخدام المضادات الحيوية في البشر والحيوانات والزراعة.

وقالوا إن الأمر «لا يتعلق بضرورة صحية فحسب، بل هو حاجة اقتصادية ملحة أيضاً». وبحسب منظمة الصحة العالمية، فمن المتوقع أن تؤدي مقاومة مضادات الميكروبات إلى حصد أرواح ما يصل إلى 10 ملايين شخص سنوياً بحلول 2050، ما يعادل عدد المتوفين بسبب السرطان».

وترجح مجموعة «إنفستور أكشن أون إيه إم آر»، التي تقف وراء الدعوة الأخيرة منذ أيام، بلوغ التكاليف العالمية المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات إلى 100 تريليون دولار، وأن تؤدي إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي العالمي بنسبة 3.8% بحلول 2050. وأضافت المجموعة: إن المستثمرين «قلقون بصورة متزايدة بشأن التأثير السلبي لمقاومة مضادات الميكروبات على الأسواق المالية العالمية، والاستقرار الاقتصادي، وتوليد القيمة على المدى الطويل». وتسلط المبادرة الضوء على الحاجة إلى «تعاون عالمي، وتمويل مستدام، وحلول مبتكرة» لمعالجة تفشي الآفات والجراثيم الخارقة.

وقالت سالي ديفيس، المبعوثة البريطانية الخاصة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، والتي أسهمت في تأسيس المبادرة في عام 2020، لـ «فاينانشال تايمز» إن الأمر يشكل «خطراً وجودياً ونظامياً» على غرار التحديات التي يفرضها التغير المناخي. وتابعت: «لا تنجح سياسات الحكومات إلا لحد معين، لكن المستثمرين والمستهلكين يتمتعون بالكثير من القوة».

ومارست مجموعات المستثمرين خلال الأعوام الأخيرة ضغوطاً على شركات، مثل سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة و«هورميل فودز» التي تتخذ من مينيسوتا مقراً لها، من أجل الحد من استخدام المضادات الحيوية في سلسلة التوريد من خلال ما لا يقل عن 20 قراراً بالجمعيات العمومية للمساهمين. ومع ذلك، لم تمرر الشركات أياً من هذه القرارات.

وشددت ديفيس على أن الشركات التي تقلل من استخدام المضادات الحيوية سيتحتم عليها إيجاد سبل أخرى لتقليل خطر العدوى، فيما سيتوجب على مجموعات الأغذية والزراعة تقليص تربية الحيوانات التي يمكن تعزيز نموها عن طريق مثل هذه المنتجات.

وأشارت إلى «الدور الكبير»، الذي يلعبه المستثمرون في خلق التوازن بين «مصالح المجتمع على المدى الطويل مقابل حوافز الربح على المدى القصير».

ولفتت ديفيس أيضاً إلى أنه فيما يمكن إصابة واحد من بين اثنين بالسرطان، فقد يصاب واحد من بين أربعة من هؤلاء المرضى بعدوى خطرة يمكن أن يتوفوا على إثرها نتيجة مقاومة المضادات الحيوية.

وحثت ديفيس المستثمرين على التفكير بشأن «ماهية إسهاماتهم في إنقاذ حياة الناس. فإذا كان 1.3 مليون شخص يتوفون سنوياً بصورة مباشرة بسبب مقاومة المضادات الحيوية، فهم بالتأكيد يعرفون بأمر أناس يموتون»، مضيفة إن ابنتها الروحية توفيت قبل عامين تقريباً بسبب مشكلات صحية مرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات.

وأفاد جيريمي كولير، رئيس شبكة «إف إيه آي آر آر» التي تضم مستثمرين تبلغ قيمة أصولهم نحو 75 تريليون دولار مجتمعة، وتعمل على نشر الوعي حيال أخطار الزراعة المكثفة، بأن شركات الأدوية وحتى منتجي اللحوم استغلوا «اللوائح المتساهلة التي تسمح بالاستخدام المنتظم للمضادات الحيوية في الحيوانات، مما مكنهم من غض الطرف عن رعاية الحيوان، مع التقليل من فاعلية المضادات الحيوية في البشر». وكولير مشارك أيضاً في تأسيس مبادرة «إنفستور أكشن أون إيه إم آر».

وفي الولايات المتحدة وحدها، سلط كولير الضوء على التقديرات التي تشير إلى أن 80% من المضادات الحيوية تتجه للماشية وليس البشر. واستطرد: «المستثمرون على دراية بأن مقاومة المضادات الحيوية ليست تهديداً لصحة الناس وكوكبنا فحسب، بل للرفاهة المالية لمن يعتمدون على عوائد الاستثمار في تمويل تقاعدهم».

وترى ماريا لارسون أورتينو، كبيرة مديري قسم المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وكبيرة المسؤولين الصحيين لدى «إل جي آي إم»، في أن مقاومة مضادات الميكروبات تشكل «خطراً جسيماً على المحافظ الاستثمارية، والاستقرار الاقتصادي، والصحة العالمية».

وتعهدت حكومة المملكة المتحدة في وقت مبكر من العام بتوجيه مبلغ 85 مليون جنيه استرليني لدعم بحوث وتطوير مضادات حيوية جديدة، وتحسين البنية التحتية للصحة العالمية، وتعزيز أنظمة المراقبة لمتابعة تهديدات مقاومة مضادات الميكروبات بصورة دقيقة. ودعت المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى تشكيل لجنة لمراقبة أخطار مقاومة مضادات الميكروبات وتأثيرها، وإمداد صانعي السياسات بتقييمات علمية منتظمة.

كلمات دالة:
  • FT
Email