البنوك تقيد الإقراض لأصحاب السفن المتجاهلين لسلامة البحارة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجه البنوك الكبرى نحو تقييد عمليات الإقراض لأصحاب السفن الذين يعرضون سلامة طواقمهم للخطر، وذلك في ظل الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر وغيرها من الكوارث التي تسلط الضوء على حجم المعاناة الكبير للبحارة.

ويعتزم المسؤولون التنفيذيون في 8 بنوك، من بينها «آي إن جي» و«سيتي جروب»، عقد اجتماع في أكتوبر القادم، لبحث سبل ضمان التزام عملائهم بمعايير السلامة، إضافة إلى تقليص الإقراض لأولئك الذين لا يلتزمون بهذه المعايير.

ويأتي هذا التحرك في أعقاب اتفاق سابق بين البنوك، التي تقدم قروضاً للاستثمارات الكبيرة مثل بناء السفن، للإبلاغ عن التأثير البيئي لأصحاب السفن في محافظهم الاستثمارية، لكن هذه المبادرة حققت نتائج متفاوتة منذ عام 2019.

ويسلّط هذا التطور الضوء على المخاوف المتزايدة حيال ظروف عمل 1.9 مليون بحار على مستوى العالم، الذين يحافظون على تدفق حركة التجارة، لكنهم يقضون الكثير من وقتهم في المياه الدولية، بعيداً عن إشراف السلطات على البر.

وخلال العام الجاري، استمر بعض أصحاب السفن في الإبحار عبر البحر الأحمر على الرغم من الهجمات الصاروخية للحوثيين في اليمن. وتأتي المخاوف الأمنية المتزايدة بعد فترة ليست بطويلة من العزلة التي عاشها آلاف البحارة في البحار مع الحد الأدنى من الإمدادات، عندما أغلقت الدول حدودها خلال جائحة كوفيد 19.

وقال ستيفن فيوستر، رئيس تمويل الشحن في «آي إن جي» والذي سيرأس الاجتماعات بين البنوك التي تضم أيضاً «إيه بي إن أمرو»، و«يو بي إس»، و«دي إن بي»، و«نورديا»، وبنك «إس إم بي سي»، و«إس إي بي»: «هل يمكنك تخيل الإبحار في البحر الأحمر، دون أن تعرف ما إذا كنت ستصاب بصاروخ أم لا؟».

وأضاف: «يتكون أفراد الطواقم من خلفيات منخفضة الدخل عادة، وهم لا يتمتعون برفاهية القول: لن أذهب.. فلديهم عائلات يجب أن يدعموها».وعلى الرغم من أن بعض أصحاب السفن ملتزمون بالذهاب إلى حيث يطلب منهم العملاء، بموجب بنود العقود، فيوستر إن بنك «آي إن جي» سيكون قلقاً بشأن أي شركة تختار الإبحار عبر المنطقة الخطرة بالقرب من اليمن، مضيفاً: «لا أحد يريد تمويل شركة يتعرض فيها أفراد الطاقم للإصابة بشكل متكرر».

ويمكن للبنوك مطالبة أصحاب السفن بالموافقة على مشاركة مجموعة من المعلومات قبل الحصول على القروض، بما في ذلك عدد أيام العمل التي يفقدها الموظفون بسبب الإصابات ومقدار الدعم المقدم للأسر. وقال فيوستر إن المقرضين يمكنهم أيضاً أن يطلبوا من أصحاب السفن تقديم دعم الصحة النفسية، وتوفير خدمة الإنترنت على متن السفينة، مع «قطع التمويل» عن أصحاب السفن الذين لا يلتزمون بمعاييرهم أو تقديم أسعار فائدة أفضل لأولئك الذين يلتزمون بها.

كما سيبحثون في كيفية تتبع أداء أصحاب السفن في التأثير على التنوع البيولوجي، وإعادة تدوير السفن بطريقة آمنة، وجهود المساواة بين الجنسين، خاصة أنه بالكاد تبلغ نسبة البحارة من الإناث 1%. وقد سلطت اتهامات الاعتداء الجنسي التي تم نشرها على نطاق واسع على متن سفينة مملوكة لشركة «إيه بي مولر ميرسك» الضوء مؤخراً على مدى ضعف النساء العاملات في القطاع.

وستقرر البنوك الثمانية أياً من هذه الأفكار يجب متابعتها قبل تقديم مقترحات لبقية المقرضين الـ35 الذين وقعوا سابقاً على مبادئ بوسيدون في عام 2019 لتتبع والكشف عن توافق محافظ الشحن الخاصة بهم مع الأهداف المناخ.

وقد شكك البعض في تأثير هذه المبادرة، التي دعمتها بشكل أساسي البنوك الغربية، على صناعة دولية غير منظمة إلى حد كبير. وأفاد نحو ثلث المقرضين في عام 2023 أن محافظهم الاستثمارية كانت متوافقة مع الهدف الأصلي المتمثل في خفض انبعاثات الكربون بنسبة 50% بحلول عام 2050.

وقال مسؤول تنفيذي في إحدى شركات الوساطة البحرية الرائدة إن مبادئ بوسيدون كانت «مبادرة جيدة» للبنوك، لكن أصحاب السفن الأصغر حجماً، المملوكة للقطاع الخاص، استمروا في تهديد سلامة الموظفين وتشغيل سفن ملوثة للغاية، مع استمرار الوصول إلى التمويل «وجني الكثير من المال».ورحب بادي كروملين، رئيس الاتحاد الدولي للنقل، بهذه الخطوة التي اتخذتها البنوك، قائلاً: «هناك أصحاب سفن لا يكترثون بضرورة محاسبتهم عن انتهاكات حقوق الإنسان. ويواصلون جني الأرباح».

وأضاف: «يجب وضع هؤلاء أصحاب السفن في وضع اقتصادي صعب للغاية»، لكنه حذر من أن العديد منهم لا يزالون يتجنبون الرقابة عن طريق تسجيل السفن في دول ذات قوانين تنظيمية ضعيفة بعيدة عن مقرهم الرئيسي، مضيفاً أن التغيير الحقيقي يجب أن يأتي من التشريعات.من اللازم إذن أن تكون حقوق العمال «التزاماً على الجميع، مع فرض عقوبات صارمة لعدم الامتثال وعدم ترك مجال للشركات السيئة للتهرب».

كلمات دالة:
  • FT
Email