قدّمت جانيت ترانكيل، الرئيس التنفيذي العالمي لشركة المحاسبة الكبرى «إرنست ويونغ» هدية ساخرة لكارمين دي سيببو خلال حفل تقاعد مليء بالدعابات في قاعة «جلاس هاوس» في نيويورك مؤخراً، وهي عبارة عن بطاقات تعريف أمتعة، في إشارة إلى أنه سيتعين عليه الآن اعتياد السفر التجاري مجدداً. بعد سبعة أشهر من اختيارها خلفاً لدي سيببو، تسلمت ترونكيل مفاتيح طائرة شركة «إرنست ويونغ الخاصة»، لكن الآن يتعين عليها التعامل مع تبعات انهيار خطة سلفها لتقسيم الشركة إلى قسمين في العام الماضي.

وأطلقت ترانكيل استراتيجيتها الخاصة، قبل ساعات فقط من حفل التقاعد، مستبعدة إحياء الخطة المسماة «مشروع إيفرست» على الفور. كانت الخطة تقضي بفصل أعمال «إرنست ويونغ» الاستشارية لتحريرها من قواعد تضارب المصالح التي تمنعها من العمل مع عملاء الشركة في مجال التدقيق.

لكن استراتيجيتها البديلة للنمو، التي تحمل شعار «All in»، واجهت انتقادات في بعض الأوساط بسبب ضعف التفاصيل، وتجنب بعض أكبر الأسئلة التي أثارتها «إيفرست».

ويراقب المسؤولون التنفيذيون من الشركات المنافسة عن كثب لمعرفة ما إذا كان بإمكان ترانكيل إعادة توجيه المؤسسة التي تبلغ إيراداتها 50 مليار دولار، أو ما إذا كان بإمكانهم استقطاب الشركاء أو العملاء المحبطين.

وقال أحد الأشخاص الذين تابعوا البث عبر الإنترنت الذي شرحت فيه ترانكيل الاستراتيجية لشركاء إرنست ويونغ البالغ عددهم 14 ألف شريك: «كان لديهم الكثير من الوقت للاستعداد ونحن بحاجة إلى المزيد فيما يتعلق بالجوهر». وأضاف أنهم تبادلوا رسائل محبطة مع مستمعين آخرين خلال البث الذي استغرق 75 دقيقة، بينما كانوا يكافحون لتمييز الخطط الملموسة وخرجوا من المتابعة في حيرة من موقف ترونكيل حيال مشروع إيفرست.

وانتشرت شائعات داخل الشركة في الأشهر الأخيرة تفيد بأن المشروع دخل حيّز التنفيذ مرة أخرى، وأشار البعض إلى عمليات التسريح التي تهدف إلى توفير التكاليف أو التغييرات الهيكلية الأخرى لتأكيد أن العمل جار مرة أخرى.

وهدأت ترانكيل هذه الشائعات من خلال مذكرة داخلية للموظفين منذ أيام، حيث قالت إنه يجب على الشركة «إعادة الالتزام بالعمل معاً كمؤسسة واحدة». ومع ذلك، وبحسب العديد من الشركاء، فإنها قالت في البث عبر الإنترنت إن المشكلات التي أدّت إلى ظهور خطة «إيفرست» لا تزال قائمة. وقد عزز تصريح المديرة الجديدة الانطباع بأنها منفتحة على إعادة النظر في مسألة تقسيم الشركة.

وقال المتابع عبر الإنترنت: «إن فكرة عدم طرح المشروع للنقاش حالياً، وكذا عدم وجود شيء ملموس للتنفيذ، لا يُرضي مؤيدي التقسيم ولا معارضيه». ونظراً لأن «إرنست ويونغ» تدقق حسابات معظم شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، بما في ذلك غوغل وأمازون وأوراكل، فإن ذراعها الاستشارية في وضع غير موات فيما يتعلق بمشاريع شركات تكنولوجيا المعلومات الكبيرة مقارنة بالمنافسين الذين يمكنهم الشراكة مع هذه الشركات.

ووعدت ترانكيل بـ«استثمارات مختلفة» في خدمات أخرى لتوسيع الذراع الاستشارية، مثل تحويل الأعمال والخدمات المُدارة والاستشارات المتعلقة بالاستدامة. وفي مذكرة موجهة إلى 400 ألف موظف في «إرنست ويونغ»، أشارت ترانكيل إلى أنها ستوضح المزيد من التفاصيل خلال الأشهر المقبلة. وأفاد أشخاص مطلعون على عملية صنع القرار أن العمل على ربط الاستراتيجية العالمية مع الخطط الخاصة بكل دولة وخطوط الأعمال الفردية لا يزال في مرحلة مبكرة.

ووفقاً للمصادر، فإن هذا البطء قد أصاب عدداً من كبار المديرين التنفيذيين الذين يعملون تحت قيادة ترانكيل بالإحباط.

وفي بيان، قالت الشركة إنه سيكون هناك «حوار مستمر مع شركاء إرنست ويونغ والأفراد» مع بدء تطبيق استراتيجية «All In». وقال أحد الأشخاص إن آلاف الموظفين والشركاء كان لهم بالفعل مدخلات في الاستراتيجية من خلال مئات الساعات من ورش العمل والمناقشات والاستبيانات.

وقد سمح موقف ترانكيل الغامض حيال «إيفرست» للبعض بمواصلة الأمل في فصل أو بيع الذراع الاستشارية، والحصول على المكاسب المالية الشخصية غير المتوقعة التي وعدت بها «إيفرست» ذات مرة من خلال المدفوعات النقدية لشركاء التدقيق أو حصص الأسهم لأولئك العاملين في شركة استشارية مستقلة حديثاً.

ومن المؤكد أن المشهد سيكون مختلفاً في وقت لاحق من فترة ولاية ترانكيل التي تبلغ 4 سنوات، فالشريكة الإدارية الأمريكية، جولي بولاند، التي ألقى دي سيببو باللوم عليها في عرقلة خطة «إيفرست»، لديها عامان حتى نهاية فترة ولايتها.

وفي المملكة المتحدة، بدأ السباق بالفعل لخلافة هيول بول المتقاعد. وفي الوقت نفسه، تجري «إرنست ويونغ» إصلاحاً تشغيلياً مختلفاً، حيث تقوم بتنسيق هيكلها حول القطاعات، ففي حين أن أعمال الاستشارات والتدقيق لعملاء الخدمات المالية تم دمجها بالفعل تحت إدارة واحدة في بعض المناطق الجغرافية، سيكون هناك قريباً المزيد من التنسيق في قطاعات أخرى، من المستهلك والصحة، إلى الصناعات والطاقة، مروراً بالتكنولوجيا والإعلام والاتصالات.

وبمرور الوقت، يمكن أن يغير هذا ديناميكيات القوة داخل الشركة. وسيكون الاختبار الرئيسي لاستراتيجية «All In» هو ما إذا كان الشركاء أصحاب الأداء العالي سيبقون متحمسين وملتزمين بالشركة.

وعندما قرر أحد الشركاء الكبار المغادرة أخيراً، حاول زميل له ثنيه عن ذلك من خلال الإصرار على أن ترانكيل ستنفذ «إيفرست 2.0». ولم تنجح هذه المحاولة، وقال الشريك السابق: «خلال خطة إيفرست، كان الجميع يتمسكون بالطوق، في انتظار النجاة» أما الآن، فهناك فراغ هائل في القيادة، وأعرف الكثير من الشركاء الأكفاء، الذي يرغبون في الخروج. ومع تحسن السوق، ستزداد وتيرة المغادرة.

وقالت لورا إمبسون، الأستاذة في كلية بايز للأعمال بجامعة لندن والمتخصصة في إدارة شركات الخدمات المهنية، إن هذه الاستراتيجية غير الواضحة قد تثبت جدارتها إذا تم وضع عملية قوية لصنع القرار.

وأضافت: «إن حل النزاع المستعصي يأتي من عملية دقيقة لبناء التوافق بين الأشخاص الذين لديهم الكثير ليخسروه بشكل جماعي». وتابعت: «إن بناء هذا الإجماع لا ينظر إليه بالضرورة على أنه عمل قيادي حتى يتم حلّه في النهاية».