ارتفعت أسهم شركة أبل بنسبة 24% منذ الأول من مايو، ما أضاف أكثر من 600 مليار دولار إلى قيمتها السوقية. ولم يتفوق عليها سوى شركة إنفيديا، بينما جاءت مايكروسوفت في المركز الثالث بفارق كبير. ويبدو أن سهم أبل قد أصبح، في الواقع أو ربما ظاهرياً فقط، من أسهم الذكاء الاصطناعي.
وخلال الشهرين الماضيين، زادت التوقعات حيال النتائج المالية للشركة، ولكن ليس في المستقبل القريب أو حتى متوسط الأجل. فلم يكن هناك أي تغيير تقريباً في التقديرات لهذا العام أو عام 2025، سواء بالنسبة للإيرادات أو الأرباح. وعلينا الانتظار حتى عامي 2026 و2027 لرؤية تغيير في توقعات المحللين. أما بالنسبة لعام 2027، فقد زادت توقعات نمو الإيرادات والأرباح بنسبة 4% و8% على التوالي منذ بداية مايو، وهذا رقم كبير.
ولست متأكداً من مدى الجدية التي يجب أن نأخذ بها تقديرات المحللين لنتائج ثلاثة أعوام مقبلة، إلا كتعبير عن الحماس أو العكس، ومع ذلك يجب ملاحظة أن الارتفاع الكبير في التقديرات المستقبلية لا يفسر في حد ذاته الزيادة التي شهدها سعر سهم «أبل»، فقد شهدت القيمة السوقية للشركة زيادة كبيرة إلى جانب زيادة التقديرات. والتوقعات مرتفعة من جميع النواحي، كما يتضح من حقيقة أن علاوة تقييم أبل على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 عادت إلى أعلى مستوى لها في النطاق الحالي (حتى مع ارتفاع تقييم ستاندرد آند بورز نفسه بشكل مضطرد).
لكن ما هي الأحداث التي وقعت خلال الشهرين الماضيين، التي قد تفسر تغير أسعار وتقديرات وتقييمات شركة أبل. هناك سببان محتملان؛ أحدهما تقرير الأرباح للربع الأول الذي صدر في 2 مايو، وجاء أفضل من التوقعات؛ حيث أظهر انخفاضاً أقل من المتوقع في الإيرادات وإعلانات عن توزيعات أرباح وإعادة شراء أسهم أكبر من المتوقع، وقد أعقب ذلك ارتفاع في سعر سهم أبل، وهي أخبار مالية قوية، لكنها ليست استثنائية.
والحدث الثاني، الذي وقع في 10 يونيو، هو دخول أبل في شراكة مع شركة «أوبن إيه آي»، الذي سيدعم ميزة جديدة باسم «أبل إنتليجنيس» على هواتف آي فون وأجهزة أبل الأخرى. ويعد ربط اسم أبل بالشركة التي أنتجت «تشات جي بي تي»، أول النماذج اللغوية الكبيرة ذات الاستخدام العام المثيرة للإعجاب، حدثاً مهماً.
ولم تعلن شركة أبل عن قدرات تفوق ما نعرفه حالياً عن إمكانات النماذج اللغوية الكبيرة. واقتصرت الإعلانات على أدوات التدقيق والمراجعة، وتخصيص الرموز التعبيرية، وإنشاء الصور، وتحسين ترجمة اللغات للمساعد الرقمي سيري، وكل ذلك مع الوعود المعتادة من أبل فيما يتعلق بالخصوصية. ولا يبدو أن أياً من هذه الميزات ستدفع المستخدمين إلى ترقية أجهزتهم حالياً. وربما كان الهدف الأهم هو إظهار أن أبل موجودة في المنافسة، وأنها تعمل على دمج تقنية الذكاء الاصطناعي في أجهزتها لتكون جاهزة عند ظهور ذلك التطبيق الثوري الذي سيغير قواعد اللعبة.
تكمن قوة شركة أبل في تطوير التقنيات بدلاً من ابتكارها، فمن المنطقي أنه عندما تزدهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي للمستهلكين، ستقدم أبل بعض الإصدارات الأكثر فائدة منها، نظراً لقوتها في واجهات المستخدم وشبكتها الضخمة من المستخدمين. وتتشابه أبل مع ميتا ومايكروسوفت وألفابت في هذا الصدد، فالشركات الثلاث ترتبط بافتراض أن القوة الاقتصادية والمكانة السوقية لشركاتها القائمة تضمن لها مكانة قوية في مجال الذكاء الاصطناعي الجديد والمختلف كلياً.
وقد رأينا أدلة على قدرة الذكاء الاصطناعي على فعل أشياء رائعة في معالجة المعلومات، ولكن من وجهة نظر الأرباح، كل ما رأيناه هو مبيعات ضخمة من الرقائق لشركة إنفيديا وعدد قليل من الشركات الأخرى بدرجة أقل، وشركات شهدت تحسناً في تقييماتها بفضل ارتباطها بالذكاء الاصطناعي.
نحن لا نعرف كيف ستبدو الأعمال القائمة على الذكاء الاصطناعي، بخلاف أعمال توريد الطاقة الحاسوبية التي يتطلبها الذكاء الاصطناعي؛ لذا فإن مجرد إعلان مشاركتها في هذا المجال يمكن أن يضيف مئات المليارات من الدولارات إلى قيمة شركة أبل هو مؤشر واضح على أننا في فقاعة.
وهناك نوعان من الفقاعات، الأولى هي جنون المضاربة حول فكرة أو تقنية تكون قيمتها مبالغاً فيها بشكل أساسي، أعتقد أن زهور التوليب، والعملات المشفرة، تندرج ضمن هذه الفئة.
ثم هناك فقاعات تتشكل حول أشياء ذات قيمة عالية، قبل أن يُفهم الهيكل المالي والتنافسي حول تلك الأشياء. وفقاعات السكك الحديدية والاتصالات والإنترنت تندرج تحت هذه الفئة الأخيرة، وكذلك الحال بالنسبة للذكاء الاصطناعي.