احتدام «سباق التسلّح» في سوق البيانات المالية

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتاد التمويل الاعتماد على الخبرة وشبكة العلاقات والذكاء. أما الآن، فقد باتت البيانات هي السلعة الرائجة في هذا المجال؛ حيث يزداد توافرها وتحظى بتقدير متزايد في أوساط الاستثمار، وهو ما أدى إلى احتدام سباق التسلح بين الشركات المزودة للبيانات، التي تتسارع جهودها للاستحواذ على بعضها البعض.

ويفسر هذا الاتجاه سبب عرض شركة «بركين»، المزود البريطاني لبيانات الأسواق الخاصة، نفسها للبيع بقيمة تتجاوز مليار جنيه استرليني. كما يعد ذلك أحدث مثال في سلسلة عمليات الدمج، التي شملت صفقات ضخمة، مثل استحواذ «ستاندرد آند بورز» على «آي إتش إس ماركت» بقيمة 44 مليار دولار في عام 2020، وشراء «إل إس إي جي» لشركة «رفينيتيف» بقيمة 27 مليار دولار، إضافة إلى عدد كبير من عمليات الاستحواذ الأصغر حجماً.

لقد أصبحت بيانات الأسواق الخاصة، التي يصعب الحصول عليها وتعد ذات قيمة عالية للعملاء الأثرياء، مطلوبة بشكل خاص، لذلك حرصت شركات عملاقة، مثل «مورنينغ ستار» و«بلاك روك» و«إم إس سي آي»، على جلب مزودي خدمات متخصصين داخل الشركة. ولذلك أيضاً لا يصعب معرفة سبب التزام مجموعات البيانات الضخمة بمسار عمليات الاستحواذ؛ حيث يبحث عملاؤهم عن مزيد من المنتجات، وشراء منافس يتمتع بمصادر وقاعدة عملاء مختلفين يخلق فرصاً للبيع المتبادل.

والأهم من ذلك، أنهم يستطيعون جمع مجموعات البيانات والتخصصات المختلفة معاً لإنشاء خطوط أعمال جديدة. وليس مستبعداً أن تضع «إس آند بي غلوبال»، التي يقال إنها تدرس شراء «بيتشبوك»، في ذهنها فكرة تطوير مؤشر للأسهم الخاصة. فثمة شعور بالإلحاح لهذا التدافع؛ حيث من المتوقع أن تزداد قيمة البيانات.

ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، سيكون العامل الحاسم هو القدرة على تغذيتها وتدريبها على بيانات خاصة عالية الجودة. وهذا يوفر حافزاً قوياً لكبار مقدمي الخدمات، الذين لديهم الموارد المالية للاستثمار في نماذج اللغة الكبيرة، لتخزين المزيد من البيانات.

وبالإضافة إلى الاستفادة من طفرة البيانات، تستفيد شركة «بركين» من السوق التي شهدت نمواً استثنائياً؛ حيث ارتفعت الأصول الخاصة إلى أكثر من 14 تريليون دولار، ونمت إيراداتها بمعدل نمو سنوي مركب قدره 24% في السنوات الثلاث التي سبقت عام 2022، وهذا يجعل تقييمها البالغ مليار جنيه استرليني – 7.5 أضعاف حجم إيرادات عام 2022- يبدو معقولاً تماماً.

ويعتقد راسل كويلش من شركة «ريدبيرن»، أن شركة «إم إس سي آي» قامت بتقييم شركة «بورجيس» بعشرة أضعاف إيرادات العام السابق، في حين اشترت «مورنينغ ستار» شركة «إل سي دي» التي تركز على الائتمان بـ 11.6 ضعف إيراداتها. قد يوفر ذلك مبرراً كافياً للمؤسس «مارك أوهير» لمواصلة عملية البيع. ومع ذلك، من الجدير بالملاحظة أن الأشخاص الأقرب لعالم الأسهم الخاصة يختارون التسييل الآن، خصوصاً مع دخول الصناعة مرحلة أكثر صعوبة في تاريخها. ويجب على المستثمرين، أخذ ذلك في الحسبان.

كلمات دالة:
  • FT
Email