هل تفقد طفرة الائتمان الخاص زخمها؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتطلع اللاعبون البارزون إلى الشراكة مع البنوك بدلاً من أن يكونوا خصوماً لها

تمتعت شركات الائتمان الخاصة بـ«لحظة ذهبية»، كما وصفها رئيس شركة «بلاكستون» جوناثان غراي العام الماضي، بينما كانت البنوك في حالة تراجع بسبب الزيادة الحادة في أسعار الفائدة منذ 45 عاماً.

وفي عام 2023، قام المقرضون من غير البنوك بتمويل 86% من قروض الرافعة المالية، ارتفاعاً من 61% في العام 2019، وفقاً لبيانات «بيتشبوك إل سي دي». لكن بعد مرور عام واحد على انهيار بنك سيليكون فالي، وكريديت سويس، تعمل أقوى البنوك على زيادة إقراضها في أسواق القروض المشتركة بين المصارف عموماً وهي أهم الطرق لتمويل عمليات الاستحواذ بالاستدانة.

وخلال الربع الأول، قامت 28 شركة بإعداد قروض مصرفية لإعادة تمويل ديون بقيمة 11.8 مليار دولار التي سبق أن قدمتها شركات الائتمان الخاصة، بحسب بيانات «بيتشبوك». وبعبارة أخرى، تمكنت البنوك من استعادة ما يزيد قليلاً على نصف مبلغ الـ20 مليار دولار الذي تحول لصالح شركات الائتمان الخاصة عام 2023.

إذن، هل بلغنا ذروة الائتمان الخاص؟. يشير تاريخ العمل المصرفي إلى أنه على العكس من ذلك، من المحتمل أن تحدث موجة أخرى من عدم الوساطة المصرفية، حيث يتمتع تحول الإقراض بعيداً من البنوك بتاريخ حافل.

ومما يثير الدهشة، أن الإقراض المصرفي بوصفه حصة من إجمالي الإقراض يتراجع منذ 50 عاماً. وقد أدّت صدمات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة خلال 1973-1974 إلى تعميق عدم وساطة البنوك مقارنة بالصعود الحالي للائتمان الخاص، حيث بدأت الشركات الاستثمارية بالتحول إلى الاقتراض من السوق من خلال الأوراق والسندات التجارية.

وكان صعود السندات ذات العائد المرتفع في الثمانينيات بمثابة موجة هائلة أخرى، فضلاً عن تطورات مختلفة في التوريق المالي، أتاحت لمزيد من المقترضين تجاوز البنوك. ومنذ 2008، بدأت شركات السوق الوسيط والرهن العقاري تبتعد بشكل متزايد عن البنوك. في المجمل، تراجعت حصة البنوك من القروض الخاصة في الاقتصاد الأمريكي من 60% عام 1970 إلى 35% العام الماضي، وفقاً لدراسة جديدة للمكتب القومي للأبحاث الاقتصادية.

ماذا يمكن أن نستنتج من تاريخ عدم الوساطة المصرفية؟ أولاً، يستغرق الأمر عادة ما لا يقل عن سنتين إلى 3 سنوات حتى تتعافى البنوك الضعيفة من صدمات أسعار الفائدة الكبيرة. ورغم أن البنوك الكبرى تمكنت من التعافي، تستغرق البنوك الإقليمية وقتاً أطول لإعادة توازن أسعار الفائدة على أصولها ومستحقاتها. ولا يزال الإقراض من البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة ضعيفاً، ما يوفر فرصة للائتمان الخاص لملء الفجوة.

ثانياً، تزيد الأنظمة المالية القديمة وطأة هذه الصدمات، ففي السبعينيات والثمانينيات، أدت لائحة تنظيم كيو، التي فرضت حداً أقصى على أسعار الفائدة المقدمة للمودعين في الولايات المتحدة، إلى تفاقم هروب الودائع إلى صناديق سوق المال. وبالمثل، أسفرت تسهيلات إعادة الشراء العكسي التي أقرها بنك الاحتياطي الفيدرالي لليلة واحدة، إلى هروب الودائع مع قيام الفيدرالي برفع أسعار الفائدة. ويتم تنقيح القواعد القديمة ببطء وتم تقديم «تنظيم كيو» في عام 1933 ما ألحق الضرر بالبنوك.

ثالثاً، يعد ابتكار المنتجات المالية عاملاً أساسياً، إذ ساعدت صناديق الاستثمار المشتركة في سوق المال، التي تم إدخالها في الولايات المتحدة عام 1971، في تسهيل عدم الوساطة من خلال السماح للمدخرين بالاستثمار في مجموعة متنوعة من الأدوات. واليوم، توفر هياكل الائتمان الخاصة الجديدة للمستثمرين القدرة على الوصول إلى الأصول التي كانت مقيدة سابقاً بالميزانيات العمومية للبنوك مثل تمويل المعدات.

رابعاً، قد تدفع التنظيمات الجديدة التي تهدف إلى معالجة ضعف البنوك إلى توجيه المزيد من الإقراض إلى مكان آخر. وبينما تتم إعادة ضبط اقتراحات جديدة من مجموعة البنك المركزي لزيادة رأس المال، فمن المرجح إدخال المزيد من التعديلات الإضافية على السيولة وقواعد رأس المال وممارسات إدارة المخاطر.

يبدو أن الإقراض المتخصص يعد مجالاً جديداً واعداً يمكن لشركات الائتمان الخاصة استغلاله. وأحد عوامل جاذبية هذا السوق، الذي يبلغ حجمه 5.5 تريليونات دولار في الولايات المتحدة وحدها وفق تقديرات «أوليفر وايمان»، والذي يتضمن عقود تأجير العتاد وتمويل التجارة واتفاقيات الامتياز، هو التنويع الأكبر والمهارات الخاصة المطلوبة. ويتضمن الائتمان الخاص أقل من 5% من هذه الأنواع من القروض، معظمها مخصص لشركات التأمين.

علاوة على ذلك، تقدم قروض البنية التحتية والعقارات التجارية والرهن العقاري فرصاً غنية محتملة، ما يوسع السوق المحتملة إلى 26 تريليون دولار في الولايات المتحدة. وبشكل عام، يمكن أن يعزز هذا النمو السنوي المتوقع بنسبة 15% في سوق الائتمان الخاص خلال السنوات الخمس القادمة، رغم أن الكثير يعتمد بالطبع على الخطوات التالية للجهات المنظمة لعمل البنوك.

لكن الحاجة إلى تأمين الوصول إلى هذه الفئات الجديدة من الأصول تشرح لماذا يقوم لاعبو الائتمان الخاص بتغيير الاتجاه، محاولين الشراكة مع البنوك بدلاً من أن يكونوا خصوماً لها. هذا العام على الأقل تم توقيع 6 شراكات مع البنوك الرئيسية، وكان آخرها باركليز مع بلاكستون. نصف هذه الشراكات تركز على الفرص في التمويل المدعوم بالأصول. ما نشهده هو إعادة تقسيم النظام المصرفي، حيث تقوم البنوك بتقسيم الشريحة الأكثر خطورة إلى الائتمان الخاص، ما يوفر لنفسها إقراضاً أقل خطورة، حيث يمكن أن يساعد الائتمان الخاص البنوك على دخول حمية جديدة.

نائب الرئيس في أوليفر وايمان

كلمات دالة:
  • FT
Email