سول تحتاج إلى التكيف سريعاً لمنافسة الصين

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذر وزير المالية الكوري الجنوبي، من حاجة البلاد إلى التكيف على وجه السرعة مع ازدياد المنافسة مع الصين، مع معاناة أكبر مصدري البلاد من الحصول على حصة من السوق في قطاعات تراوح بين الرقاقات وبناء السفن إلى شاشات العرض.

وصرح تشوي سانغ-موك، وزير المالية الكوري في مقابلة، بأن كوريا الجنوبية تحولت من مستفيدة من النمو الصيني إلى المنافسة الاقتصادية معها، وأن بلاده تحتاج إلى تنويع اقتصادها القائم على التصنيع.

وقال تشوي، في مقابلة مع «فايننشال تايمز»: «لقد تغيرت صلتنا الاقتصادية بالصين، فبعدما كنا مستفيدين من طفرة الصادرات الصينية، نشأت بدلاً من ذلك منافسة على مدار السنوات العشر الماضية».

وتابع «نحن بحاجة لتنافسية أكثر قوة للتباري مع الصين على نحو أفضل»، وأردف: «سيواجه الاقتصاد الكوري تحديات جمة، إذا ما تمسكنا بنموذج النمو السابق».

وتباطأ النمو الاقتصادي الكوري الجنوبي من 2.6 % في 2022 إلى 1.4 % في العام الماضي، متضرراً من ارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو الاقتصادي الصيني، فضلاً عن انخفاض الطلب العالمي على رقاقات الذاكرة، وهي أبرز صادرات البلاد.

وتتنبأ تقديرات المصرف المركزي الكوري الجنوبي بتعافي النمو إلى 2.1 % هذا العام، لكن حذر كثير من خبراء الاقتصاد من آفاق نمو البلاد على المدى الطويل.

وتعاني الدولة الواقعة شرق آسيا من أدنى معدلات الخصوبة في العالم، فيما تعد نسب ديون الأسر كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من بين الأعلى في أي من الدول المتقدمة، بحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ويساور المسؤولون قلقاً من أن كوريا في خطر من خسارة التفوق التكنولوجي الذي تمتعت به تاريخياً لصالح الصين في عدد من المجالات، ما يرجع جزئياً إلى السعي الدؤوب للشركات الصينية لمراكمة الخبرات الكورية الجنوبية في التقنيات الحيوية.

وتخطت الولايات المتحدة الصين العام الماضي كأبرز وجهة للصادرات الكورية الجنوبية للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين. وقللت مجموعات كورية جنوبية عدة من عملياتها في الصين على نحو حاد على مدار العقد الماضي، وسط تراجع للمبيعات.

وقال بارك تشونغ-هون، رئيس قسم الأبحاث لدى «ستاندرد تشارترد» في سول: «من المرجح أن يؤدي بروز الصين إلى تآكل النمو الاقتصادي الكوري الجنوبي والتنافسية على المدى المتوسط إلى الطويل». وسلط تشوي الضوء على حاجة كوريا الجنوبية إلى إجراء إصلاحات في قطاع البحث والتطوير، الذي كان يركز تاريخياً على تطوير وتسويق التكنولوجيات المُخترعة في أي مكان آخر.

وألمحت الحكومة أخيراً إلى عكس قرارها بخفض 15 % في ميزانية البحث والتطوير في 2024، بعدما أثار القرار ردود فعل سلبية شديدة من المجتمع البحثي في كوريا الجنوبية.

وأفاد تشوي: «ثمّة حاجة لإجراء بعض التغييرات على استراتيجية البحث والتطوير، مع سعي سول لتحقيق الريادة سريعاً في الابتكار، لا تابعاً». وأردف: «رغم انخفاض موازنة البحوث والتطوير هذا العام، إلا أن كوريا الجنوبية ستقدم أقصى حدود الدعم للإنفاق على البحث والتطوير في العام المقبل، ما يعكس نتائج الإصلاح».

كما أعلن تشوي أنّ الحكومة الكورية الجنوبية كانت تسعى لخفض ديون القطاعين الخاص والعام وإعادة هيكلتها، اللذين تصاعدا إبّان جائحة فيروس كورونا. وأضاف: «لا أعتقد أنها تواجه أزمة ديون وشيكة».

ولفت الوزير، مع ذلك، إلى مشكلة أكثر إلحاحاً، تتمثل في الأزمة الديمغرافية الحادة التي تعانيها البلاد. وانخفض إجمالي معدل الخصوبة الكورية الجنوبية، وهو متوسط عدد الأطفال المُتوقع للأنثى الواحدة، والذي تراجع من 0.78 في 2022 إلى 0.72 في 2023، بحسب البيانات الحكومية.

وقال تشوي: «يتناقص حجم القوى العاملة بسبب انخفاض معدل المواليد»، مشيراً إلى حاجة كوريا الجنوبية لتقليل التركيز على العاصمة سول، وعلى اعتمادها على التصنيع والتكتلات الصناعية الكبرى في البلاد. وقال: «لتعزيز الإنتاجية هناك حاجة لنمو أكثر اتزاناً، من الإنفاق المحلي والشركات المتوسطة والصغيرة والتركيز على المقاطعات».

وأشار محللون إلى الصعوبات المُحتملة التي قد تجابه الإصلاحات الاقتصادية التي يضطلع بها الرئيس الكوري الجنوبي المحافظ، يون سوك يول، مع تعزيز الأحزاب اليسارية أغلبيتها البرلمانية في الانتخابات التي جرت أخيراً، مثلما رجحت كثير من استطلاعات الرأي. وفي حين يعيّن الرئيس وزراء الحكومة، لكن تتطلب المبادرات التشريعية دعماً برلمانياً.

وقال بارك من «ستاندرد تشارترد»: «ستواجه إدارة يون صعوبة في تمرير قوانين إصلاحية، ومن غير المُرجح أن يتغير نصاب الأمور كثيراً بعد الانتخابات»، لافتاً إلى حنق المصوّتين بسبب ارتفاع أسعار المستهلكين. وأضاف: «قد تواجه جهود الإصلاح، بما في ذلك التي تستهدف أسواق رأس المال ونظام المعاشات التقاعدية، مزيداً من التعثر بعد فوز أحزاب المعارضة بالانتخابات».

كلمات دالة:
  • FT
Email