نموذج أوروبي متعدد الأوجه يعيد اختراع ريادة الأعمال

ت + ت - الحجم الطبيعي

اذكر مراكز الشركات الناشئة، وسيفكر معظم الناس في وادي السيليكون. فكر في مراكز الشركات الناشئة، وربما تفكر في «واي كومبايناتور»، الشركة الأمريكية الشهيرة لتسريع الأعمال الناشئة، التي تحمل شعار «اصنع شيئاً يريده الناس»، والتي اجتذبت رواد الأعمال الناشئين من جميع أنحاء العالم، مثل ستيف جوبز من شركة آبل الشهيرة، الذين يحلمون بترك بصمة في العالم.

منذ عام 2005، قامت «واي كومبايناتور» برعاية وتمويل 4000 شركة ناشئة بقيمة إجمالية قدرها 600 مليار دولار، بما في ذلك «إير بي إن بي» و«دروب بوكس» و«سترايب».

لقد نظرت كل منطقة في العالم بحسد إلى هذا النموذج من ديناميكية ريادة الأعمال وحاولت تقليد قواعد الساحل الغربي. ولم ينجح أحد بنفس الطريقة.

ولكن ما ظهر في أوروبا، على الأقل، هو نظام بيئي تكنولوجي أكثر انتشاراً وتنوعاً بكثير، مدعوماً بشبكة متناثرة من حاضنات ومسرعات الأعمال في جميع أنحاء المنطقة. وبحلول عام 2021، أنتجت نحو 98 مدينة في 28 دولة في أوروبا شركة ناشئة بقيمة لا تقل عن مليار دولار.

ولرسم خريطة لمراكز الشركات الناشئة تلك، قامت صحيفة فايننشال تايمز، مع شريكتها البحثية «ستاتيستا»، والإصدارة الشقيقة «سيفتد»، بتجميع وتصنيف أفضل حاضنات ومسرعات في أوروبا، والتي تغطي 125 مركزاً في 21 دولة. وتتنوع المراكز التي شملتها القائمة بين فروع لجامعات عريقة، وحاضنات أعمال للشركات، ومسرعات أعمال تجارية بالكامل.

وربما ليس من المستغرب أن تكون المملكة المتحدة، مع كون لندن مركز رأس المال الاستثماري في أوروبا، موطناً لأكبر عدد من الشركات المدرجة (24)، تليها ألمانيا (16)، وإسبانيا (15). لكن البحث حدد أيضاً عدداً متزايداً من المراكز الواعدة في وسط وشرق أوروبا، خاصة في جمهورية التشيك وبولندا ورومانيا. والحاضنات الأعلى تصنيفاً كانوا «أونترنيهم توم» في ألمانيا وهيكسا في فرنسا/ بلجيكا و«سيتسكويرد» في المملكة المتحدة.

وتم تقييم كل مركز من قبل خريجيه، البالغ عددهم 2600، في ست فئات: التوجيه وتطوير التدريب؛ البنية التحتية؛ المساعدة القانونية؛ تطوير الأعمال؛ الشبكات؛ والتمويل. كما أضاف الخبراء المستقلون، بما في ذلك المستثمرون، وأصحاب رأس المال المغامر، ورجال الأعمال والأكاديميون، تقييماتهم. وتم منح درجات إضافية، وفقًا لأنجح الشركات الناشئة التي ظهرت من كل مركز.

حصلت «أونترنيهم توم»، التابعة لجامعة ميونيخ التقنية، على درجات عالية بشكل خاص بين الخريجين في مجال التواصل. وكتب أحدهم: «لقد عززت «أونترنيهم توم» رحلتي بأكملها وتحولي إلى رائد أعمال، إنها آلة لصنع أنجح الشركات الناشئة».

تفتخر جامعة توم، التي تطلق على نفسها اسم جامعة ريادة الأعمال، بأن خريجيها أنشأوا 11 شركة بلغت قيمة كل منها مليار دولار، بما في ذلك شركة البرمجيات «سيلونيس»، وشركة «ليليوم» الناشئة للسيارات الطائرة، ومولد محتوى الفيديو القائم على الذكاء الاصطناعي «سينثيسيا».

وترتبط العديد من مراكز الشركات الناشئة الواعدة في أوروبا بالجامعات. لكن المؤسسين الأكاديميين كثيراً ما انتقدوا الجامعات لإفراطها في حماية الملكية الفكرية ومطالبتها بحصة أعلى مما ينبغي، ما يقلل قيمة استثمارات للمستثمرين الآخرين.

وتعاني الشركات الأوروبية الناشئة أيضاً من الافتقار إلى رأس المال اللازم لتمكين الشركات الواعدة من الوصول إلى النطاق العالمي.

يقول ناثان بينيتش، الشريك العام في مجموعة «في سي إيرستريت كابيتال»، إن الدول الأوروبية بحاجة إلى تطوير مجموعات أكبر من رؤوس أموال النمو لبناء أعمال واعدة، وتشجيع الجامعات المستنيرة على أن تكون «جشعة على المدى الطويل، وليس على المدى القصير» عندما يتعلق الأمر إلى بالشركات الناشئة. وأضاف بينيش: «من العدل أن نقول إنه في أوروبا، حتى اليوم، لدينا أحدهما أو الآخر، ولكن نادراً ما يكون لدينا كليهما».

وفي المركز الثاني، جاءت «هيكسا» الذي يصف نفسه بأنه استوديو ناشئ، حيث يقوم بإنشاء شركات متعددة بالتوازي وكفريق واحد. ولتحقيق هذه الغاية، تحصل شركة هيكسا على حصة 30 % في الشركات الناشئة ـ وهي نسبة عالية للغاية وفقاً لمعايير معظم المراكز، على الرغم من أنها تغطي جميع تكاليف الشركات في السنة الأولى.

وتركز «هيكسا»، بشكل خاص، على بناء شركات برمجيات المؤسسات والتكنولوجيا المالية وشركات الويب 3. وقد أطلقت 40 شركة بقيمة إجمالية تزيد على 4.5 مليارات دولار. وعلق أحد المشاركين قائلاً: «لقد زودتنا هيكسا بنصائح لا تقدر بثمن فيما يتعلق بالمنتجات في مجال SaaS [البرمجيات كخدمة]، إضافة إلى شبكة قوية من المستثمرين الذين يمكن الاستفادة منهم».

وفي المركز الثالث جاءت «إس إي تي سكواريد»، وهي حاضنة أعمال تعاونية غير عادية تديرها 6 جامعات بحثية بريطانية: باث، وبريستول، وكارديف، وإكزتر، وساوثامبتون، وساري. ودعمت منذ إطلاقها في عام 2002، أكثر من 5000 من رواد الأعمال، ومكنتهم من جمع 4.4 مليارات جنيه إسترليني من التمويل.

وأشار أحد المشاركين إلى فائدة الاجتماعات المتعددة مع المستثمرين والشركاء الصناعيين في هذه الحاضنة، وهو أمر بالغ الأهمية لنجاح الأعمال. كتب الخريج: «الفريق ملتزم وداعم حقاً».

وتسلط هذه الأساليب الثلاثة المختلفة للغاية لبناء الشركات الناشئة الضوء على تنوع النظام البيئي التكنولوجي في أوروبا. ويقول بينيش «ربما لا يوجد شيء يعادل «واي كومبايناتور» في أوروبا، لكنها تأسست في عصر مختلف. لقد قدموا منتجاً فريداً في ذلك الوقت».

بعبارة أخرى، لم تعد أوروبا بحاجة إلى محاولة محاكاة «واي كومبايناتور»، إنها تقوم بإنشاء نموذج مركزي نابض بالحياة خاص بها.

كلمات دالة:
  • FT
Email