شركات تسارع بإصدار سندات تجنباً لتقلبات السوق قبيل الانتخابات الأمريكية

ت + ت - الحجم الطبيعي

خطط تمويل لتفادي حالة الضبابية المحيطة بعودة المنافسة بين بايدن وترامب في نوفمبر

 

تسارع الشركات لتلبية احتياجاتها المالية قبل موعد الانتخابات الأمريكية هذا العام، في محاولة لاستباق التقلبات المحتملة في السوق خلال المراحل النهائية من السباق الرئاسي.

ووفقاً لبيانات من بورصة لندن، فقد أصدرت الشركات المقترضة سندات دولارية بقيمة 606 مليارات دولار منذ بدء العام وحتى الآن، بارتفاع 40% مقارنة بالمدة نفسها من العام 2023، وهي أعلى قيمة إجمالية منذ العام 1990 على الأقل.

وأشار مصرفيون ومستثمرون، إلى أن ما حفز الشركات على الاقتراض انخفاض فروق الأسعار لأدنى مستوى منذ سنوات، في إشارة للهامش بين عائدات ديون الشركات الأمريكية، وتلك المرتبطة بالسندات الحكومية المكافئة.

ومع ذلك، فقد أضافوا أن احتمال احتدام الانتخابات دفع الشركات لتسريع خططها بدلاً من المخاطرة بمواجهة أسواق ربما تكون أكثر تكلفة في وقت لاحق من العام.

وقال تيدي هودسون، الرئيس المشارك لقسم إصدار الديون المشتركة العالمية من الدرجة الاستثمارية في بنك مورغان ستانلي: «نحن متقدمون بنحو شهرين مما اعتبره الجدول الزمني المعتاد لإصدار سندات من الدرجة الاستثمارية».

وأضاف: «اعتقد بالتأكيد أن الانتخابات هي القوة المحركة وراء كل هذه الزيادة في العرض».

ومنذ بداية يناير، تقلصت فروق الائتمان الأمريكية بشكل كبير، بمساعدة عوامل «تقنية»، بما في ذلك الطلب القوي على السندات الجديدة بين المستثمرين الذين يبحثون عن العائد، بعد فترة من انخفاض إصدارات الديون عامي 2022 و2023.

ويبلغ متوسط فارق السندات من الدرجة الاستثمارية الآن 0.93 نقطة مئوية فقط، وفقاً لبيانات من مؤشر «آيس-بوفا»، وبذلك يقترب من أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2021 وعلى بُعد 0.14 نقطة مئوية فقط من أدنى مستوى تم تسجيله في 19 عاماً. ويحوم متوسط فارق السندات ذات العائد المرتفع أو «السندات الرديئة» حالياً عند 3.12 نقاط مئوية، قرب أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2021.

وقال جون ماكولي، رئيس قسم الديون المشتركة في أمريكا الشمالية لدى «سيتي بنك»: «إنها سوق جيدة حقاً.. ما نلاحظه عموماً هو زيادة في الحجم وانخفاض في الفروقات، ما يوفر وصولاً أفضل للشركات».

وأضاف ماكولي، أن المستثمرين يراهنون على توقعات اقتصادية أكثر اعتدالاً «من الهبوط الحاد» الذي كان يخشاه الكثيرون العام الماضي. وحالياً، تأخذ الأسواق في الاعتبار التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيجري تخفيضات بنسبة 0.75 نقطة مئوية هذا العام بعد تشديد السياسة النقدية بقوة للحد من التضخم.

وباعت شركات تعمل في أطياف مختلفة من الصناعة سندات هذا العام. واستفادت أقسام التمويل في العديد من شركات السيارات الفاخرة من المقرضين في العديد من الصفقات، بما في ذلك فورد وتويوتا. كما قامت العديد من البنوك، بما في ذلك مورغان ستانلي وجيه بي مورغان وستاندرد شارترد، بإصدار الديون في الربع الأول.

فضلاً عن ذلك، دخلت مجموعات البناء بما في ذلك ذراع الخدمات المالية لشركة كاتربيلر السوق، حيث سعت بعض الشركات للاستفادة من المقرضين عدة مرات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2024.

وقال تيدي هودسون المسؤول لدى بنك مورغان ستانلي: «اعتقد أن ما تفكر فيه معظم الشركات، خصوصاً مصدري السندات الدائمين هو: دعونا ننجز غالبية تمويلنا في النصف الأول من عام 2024.. ثم إذا تخطينا الانتخابات، وكانت استجابة السوق إيجابية لأي سبب، سنستغل نهاية العام للبدء مبكراً عام 2025».

وبحسب بعض المشاركين في السوق، تُعد بعض القطاعات أكثر حساسية لنتائج الانتخابات في 5 نوفمبر من البعض الآخر، ويشمل ذلك الرعاية الصحية، والطاقة، والشركات المنكشفة على الصين في حين أشار آخرون إلى أن الشركات ستراقب أيضاً الانتخابات التشريعية.

وأشار جون هاينز، الرئيس العالمي لقسم أسواق رأس مال الدين من الدرجة الاستثمارية في ويلز فارجو، إلى أن المقترضين يميلون عادة للحصول على تمويلاتهم السنوية بشكل عام قبل الربع الرابع.

رغم ذلك، قال في معرض تعليقه على الانتخابات: «إضافة إلى احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي في النصف الثاني من العام، حين تفكر في المخاطر المتعلقة بإصدار السندات الآن، خاصة عندما تكون أسعار الفائدة معقولة، والفروق الائتمانية عند مستويات محدودة تاريخياً، يبدو من الحكمة اغتنام الفرصة الآن والمخاطرة في التنفيذ بدلاً من الانتظار».

وقال مصرفيون، إن عدم اليقين بشأن ظروف السوق أدى أيضاً إلى تسريع عمليات جمع الأموال والنشاط في الأسهم، حيث يشير البعض إلى ازدحام قوائم الاكتتاب العام خلال الأشهر القليلة المقبلة، إذ تسعى الشركات إلى طرح أسهمها قبل الانتخابات.

وفي مارس، حقق المنتدى الاجتماعي «ريديت»، ومنصة التواصل الاجتماعي التابعة لـ «ترامب» اكتتابات ناجحة، ما يمهد الطريق أمام الشركات لتحذو حذوها.

وبدأ المتعاملون بسوق الأسهم في وضع رهانات على تصاعد التقلبات قرب موعد الانتخابات.

وقالت كريستينا هوبر، خبيرة الاستراتيجيات للسوق العالمية في إنفستكو: «أتوقع أن يساهم ذلك في تقلبات شديدة عند اقتراب الموعد المحدد للانتخابات.. وتاريخياً، ما لاحظناه هو أن الانتخابات ليس لها تأثير كبير، إضافة إلى الأزمات الجيوسياسية الأخرى على المدى الطويل».

في الوقت نفسه، شهد الاقتراض في سوق السندات القابلة للتحويل ارتفاعاً حاداً. وقفزت مبيعات السندات القابلة للتحويل، وهي أدوات دين يمكن استبدالها بالأسهم إذا ارتفع سعر سهم الشركة إلى مستوى متفق عليه مسبقاً، بأكثر من النصف هذا العام لتصل إلى 17 مليار دولار.

وقال ريتشارد دافيلد، رئيس قسم السندات القابلة للتحويل في «سيتي»: «من منظور إصدار السندات، فهي في الأساس سنة مدتها 9 أشهر».

وأضاف: يقول الكثير من مصدري السندات: الربع الرابع ليس بداية موفقة.. فأنا غير متأكد من نتيجة الانتخابات وكيف سيبدو وضع السوق، لكن أريد تجنب حدوث مثل هذه التقلبات.

كلمات دالة:
  • FT
Email