3 بنوك كبرى تتوقع البدء في يونيو

ارتفاع التضخم يربك توقعات بدء خفض الفائدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أربك معدل التضخم المرتفع أكثر من المتوقع، الأسواق العالمية، ومسؤولي البنوك المركزية والكبيرة، بل وحتى الخبراء، ما شكل تضارباً في آراء المحللين، وسط تخوف من السقوط في فخ الركود، حال تأخر تخفيض أسعار الفائدة.

توقعات البنوك

تتوقع ثلاث بنوك كبرى أن يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في يونيو، أي بعد أشهر مما توقعته الأسواق في وقت سابق من هذا العام، حيث أثار التضخم المستمر المخاوف من خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر جدًا. أشار محضر الاحتياطي الفيدرالي لجلسة 30 - 31 يناير والذي نُشر يوم الأربعاء الماضي إلى عدم يقين واسع النطاق بين صناع السياسات حول المدة التي يجب أن تظل فيها تكاليف الاقتراض عند نطاقها الحالي البالغ 5.25% - 5.50% لجلب التضخم إلى مستهدف المركزي البالغ 2%.

ويتوقع كل من «غولدمان ساكس»، وبنك «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، و«مورغان ستانلي» بداية عمليات تخفيضات أسعار الفائدة في يونيو.

ويتوقع بنك «غولدمان ساكس» تخفيضاً إجمالياً بمقدار 100 نقطة أساس على مدار العام، مما يؤدي إلى معدل مستهدف يتراوح بين 4.25% إلى 4.50% بحلول ديسمبر 2024.

وتتوافق توقعات «مورغان ستانلي» مع توقعات «غولدمان ساكس»، التي تتوقع انخفاضًا بمقدار 100 نقطة أساس بحلول نهاية العام. يشير الإجماع بين هذه المؤسسات إلى توقعات الصناعة بتخفيف ملحوظ في السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

وتتوقع بنك «يو بي إس» خفضاً أولياً في يونيو ولكنها تتوقع تخفيضاً إجمالياً أكثر تحفظًا بمقدار 75 نقطة أساس، لتنهي العام بمعدل يتراوح بين 4.50% و4.75%.

«المركزي» الأمريكي

تراجع معدل التضخم الأمريكي خلال شهر يناير إلى 3.1 %، في حين كانت التوقعات تشير إلى تراجع التضخم إلى 2.9 %، من 3.4 % في ديسمبر الماضي. أما معدل التضخم الأساسي فاستقر عند 3.9 % في يناير، دون تغيير، مقابل توقعات بانخفاضه إلى 3.7 %. وعلى إثر هذه البيانات، ارتفعت عوائد السندات الأمريكية.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في شيكاغو، أوستان جولسبي، إن البنك المركزي سيظل على المسار لبلوغ معدل التضخم المستهدف عند 2 %، حتى لو كان التضخم أعلى قليلاً من المتوقع خلال الأشهر القليلة المقبلة. وأضاف أن على البنك المركزي توخى الحذر حيال الانتظار لفترة طويلة، قبل أن يخفض أسعار الفائدة.

وفي وقت سابق، استبعد جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي (البنك المركزي) بشدة يوم الأربعاء فكرة أن البنك المركزي قد يخفض أسعار الفائدة في الربيع، وذلك في ظل توقع كثير من المتعاملين في السوق أن يبدأ خفضها في مارس.

«المركزي» الأوروبي

أبدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، مقاومتها للاقتراحات القائلة إن تخفيضات أسعار الفائدة ستأتي قريباً، مصرّة في المقابل على أن التضخم سينخفض إلى هدف المصرف البالغ 2 في المئة.

وقالت لاغارد، في جلسة استماع أمام البرلمان الأوروبي: «نحن واثقون من أننا نتجه نحو 2 % في الوقت المناسب».

وكان المصرف المركزي الأوروبي، قد أبقى في يناير سعر الفائدة دون تغيير عند 4.5 في المئة.

وتتوقع الأسواق أن يبدأ الخفض هذا العام، ربما في أبريل. لكن لاغارد قاومت التلميحات بأن التخفيضات وشيكة، وقالت: «لا نريد أن نخاطر بالتراجع عن التخفيضات، الأمر الذي سيكون مضيعة لكل ما فعلناه، وسيقودنا إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات».

وسلّطت لاغارد الضوء على أن «عملية خفض التضخم المستمرة»، من المتوقع أن تستمر «تدريجياً أكثر خلال عام 2024»، وعزت هذا الاتجاه إلى تضاؤل آثار الصدمات الصعودية السابقة، وتأثير ظروف التمويل الأكثر صرامة على التضخم.

وأشارت لاغارد إلى «انخفاض تدريجي» في التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء، في حين أشارت أيضاً إلى «علامات استمرار» في تضخم الخدمات.

وحددت لاغارد نمو الأجور بوصفه عاملاً حاسماً، مشيرة إلى أنه أصبح «محركاً متزايد الأهمية لديناميات التضخم».

المستوى المطلوب

قال يوأخيم ناجل عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، إن معدل التضخم في منطقة اليورو يتراجع بالفعل، لكنه لم يصل إلى المستوى الذي يرضي مسؤولي السياسة النقدية في البنك، مشيراً إلى أن خفض الفائدة غير مطلوب الآن.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء، عن ناجل قوله، خلال مؤتمر اقتصادي في مدينة لايبتسغ الألمانية، إن «أرقام التضخم تمضي في الاتجاه الصحيح»، ورغم ذلك فإنها لم تصل إلى المستويات المطلوبة. ويشير مسؤولو البنك المركزي الأوروبي، إلى أنه لن يتم خفض الفائدة الأوروبية قبل يونيو المقبل، حيث ما زال الكثيرون منهم يشعرون بالقلق من احتمالات عودة التضخم للارتفاع، نتيجة الزيادات في الأجور.

من ناحيته، ذكر نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، لويس دي جويندوس، أن البنك يحتاج إلى أدلة إضافية على أن التضخم في سبيله للعودة إلى المعدل المستهدف، قبل البدء في تخفيف السياسة النقدية. وأضاف جويندوس أنه يتعين على مسؤولي البنك في فرانكفورت، مواصلة المراقبة عن كثب لعوامل الخطر، التي من الممكن أن تؤدي إلى زيادة الأسعار، مشيراً إلى النمو السريع في الأجور وارتفاع هوامش أرباح الشركات والتوترات الجيوسياسية، بحسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء. وتابع خلال فعالية أقيمت في «سبليت» بكرواتيا: «بينما نسير في الاتجاه الصحيح، يجب عدم التصرف بشكل مسبق». وأضاف: «سوف يمر بعض الوقت، قبل أن يكون لدينا المعلومات الضرورية للتأكيد على أن التضخم يعود بشكل مستدام إلى المعدل المستهدف، عند 2 %».

ركود المملكة المتحدة

ودخلت المملكة المتحدة في ركود في النصف الثاني من عام 2023، حيث فرض ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم ضغوطاً على الموارد المالية للأسر والشركات، ما يعقّد الحكم على المحافظين قبل الانتخابات المرتقبة هذا العام.

تراجع إجمالي الناتج المحلي في بريطانيا بنسبة 0,3 % في الربع الأخير من العام الماضي، بعدما انخفض بنسبة 0,1 % في الربع الثالث، بحسب الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية.

يعرّف خبراء الاقتصاد عادة الركود التقني، على أنه انكماش اقتصادي يسجّل على فصلين متتاليين.

خلال عام 2023 بكامله، سجّلت المملكة المتحدة نمواً بسيطاً نسبته 0,1 % على أساس سنوي، بعد نمو بلغ 4,3 % في عام 2022، بحسب مكتب الإحصاءات الوطنية.

ولفت المصدر نفسه إلى أن هذا الأداء هو الأسوأ «منذ الأزمة المالية في عام 2009، باستثناء 2020»، حين أُصيب الاقتصاد البريطاني بالشلل لأشهر، بسبب جائحة كوفيد 19.

وقال وزير المال البريطاني، جيريمي هانت «التضخم هو أكبر عقبة أمام النمو، ولهذا السبب، كانت أولويتنا خفضه بنسبة النصف».

ويبلغ معدل التضخم في المملكة المتحدة 4 %، وهو ضعف الهدف الذي حدده بنك إنجلترا، لكنه تراجع بشكل كبير، مقارنة بالذروة التي سُجلت في أكتوبر 2022، وبلغت 11 %.

وأضاف هانت «مع رفع بنك إنجلترا لأسعار الفائدة - البالغة حالياً 5,25 % - لخفض التضخم، لا يكل النمو الضعيف مفاجأة».

وأكّد أن هناك «مؤشرات إلى أن الاقتصاد البريطاني تجاوز مرحلة صعبة، فيما يتوقع خبراء نمواً في السنوات المقبلة».

واعتبرت الخبيرة الاقتصادية لدى معهد «كابيتال ايكونوميكس»، روث غريغوري، أن «إعلان المملكة المتحدة دخولها في ركود تقني في عام 2023، سيوجّه ضربة لرئيس الوزراء (ريشي سوناك)، في يوم يواجه احتمال الخسارة في اقتراعَين محليين».

لكن «هذا الركود معتدل، وتدل المؤشرات الرئيسة إلى أنه يقترب بالفعل من نهايته»، وفق قولها.

بنك إنجلترا

بدد أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا، الآمال في أن تؤدي أخبار التضخم الأفضل من المتوقع الشهر الماضي، إلى تسريع التخفيضات في أسعار الفائدة، مشدداً على الحاجة إلى مزيد من الأدلة على اعتدال الأجور.

وأورد مكتب الإحصاءات الوطنية، أن معدل التضخم في المملكة المتحدة استقر عند 4 في المئة على أساس سنوي، في يناير الماضي، على خلفية تراجع أسعار الأثاث والسلع المنزلية والمواد الغذائية والمشروبات، كما انخفض مؤشر أسعار المستهلكين الرئيس إلى -0.6 في المئة على أساس شهري، ليعود إلى المنطقة السلبية، بعد الزيادة المفاجئة في ديسمبر بنسبة 0.4 في المئة على أساس شهري، و4 في المئة سنوياً.

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية تصريحات أندرو بيلي محافظ البنك المركزي، أمام اللجنة الاقتصادية بمجلس اللوردات، التي أكد فيها أنه من المشجع أن التضخم ظل دون تغيير في يناير الماضي، لكن أرقام تكلفة المعيشة في الشهر السابق له، كانت أعلى من المتوقع.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأسواق المالية كانت تتوقع ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 4.2 في المئة في يناير، وهي تعتقد الآن أن البنك سيبدأ في خفض تكاليف الاقتراض الرسمية من مستواها الحالي، البالغ 5.25 في المئة.

وقال المحافظ إن لجنة السياسة النقدية بالبنك ـ الجهة المكونة من تسعة أعضاء، والتي تحدد أسعار الفائدة ـ تريد رؤية المزيد من الأدلة على تباطؤ ارتفاع الأجور قبل التصرف، مشيراً إلى أنه من المرجح أن يطالب من يسعون لزيادة الأجور بزيادات أقل، مع انخفاض التضخم.

وذكرت الغارديان أن تعليقات بيلي جاءت في الوقت الذي أعلنت فيه نقابة السكك الحديدية في أسليف، عن مواعيد جديدة للإضراب، وتمديد تفويضها للإضراب الصناعي لمدة ستة أشهر.. مضيفة أنه، وبعد أسوأ عام للاضطرابات منذ عام 1989، ارتفع متوسط أجور القطاع العام بنسبة 5.9 في المئة في الربع الأخير من عام 2023، مقارنة بالعام السابق، بينما ارتفعت أجور القطاع الخاص بنسبة 5.8 في المئة.

الخبراء

ونسبت الصحيفة لكاثرين مان الخبيرة الاقتصادية السابقة في بنك الاستثمار، والتي بدأت حياتها المهنية في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وهي عضو في لجنة السياسة النقدية، في خطاب ألقته مؤخراً، القول إنها تخشى أن تكون الشركات تخطط لرفع الأسعار هذا العام، على الرغم من انخفاض تكاليفها بشكل حاد.

كما نقلت الصحيفة عن سارة بريدين، والتي تمت ترقيتها إلى لجنة السياسة النقدية العام الماضي، قولها إنها تريد أن ترى نمو الأجور يتراجع، قبل أن تفكر في خفض تكلفة الاقتراض من مستواها الحالي، البالغ 5.25 في المئة.

وقال صامويل تومبس كبير الاقتصاديين البريطانيين في «بانثيونماكروإيكونوميكس»، إن سوق العمل يضعف، ولكن ليس بالوتيرة اللازمة لكي يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بشكل وشيك. وقال يبقى الأمر غير مؤكد ما إذا كانت لجنة السياسة النقدية ستكون قادرة على خفض أسعار الفائدة في أقرب وقت في شهر مايو، كما نتوقع نحن ومعظم المستثمرين.

وتشير أحدث الأرقام لشهر يناير، إلى أن فواتير الغاز والكهرباء قد تم دفعها للأعلى من قبل هيئة تنظيم أسواق الطاقة البريطانية، ما أدى إلى رفع الحد الأقصى للأسعار 5 في المئة، في حين قفزت رسوم المطاعم والفنادق 7 في المئة على أساس سنوي.

ونقلت الغارديان تصريحات لجريمي هنت وزير الخزانة، ذكر فيها أن التضخم لا ينخفض أبداً في خط مستقيم مثالي، مضيفاً أن خطتهم تعمل، وأنهم أحرزوا تقدماً هائلاً في خفض التضخم من 11 في المئة، ويتوقع بنك إنجلترا أن ينخفض إلى حوالي 2 في المئة، في غضون أشهر.

كريستين لاغارد:

لا نريد أن نخاطر بالتراجع عن التخفيضات

يوأخيم ناجل:

التضخم يتراجع لكنه لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب

جيريمي هانت:

التضخم أكبر عقبة أمام النمو وأولويتنا خفضه إلى النصف

روث غريغوري:

الركود التقني في المملكة المتحدة «معتدل»

محمد العريان: الركود ليس بعيداً

قال الخبير الاقتصادي محمد العريان: «ما زالت السياسة النقدية التقييدية التي ينتهجها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تسبب العديد من المخاوف من احتمالية حدوث ركود، في حال استمرارها أكثر من اللازم، وذلك رغم القوة الاقتصادية للولايات المتحدة». وأضاف العريان لشبكة «سي إن بي سي»، أنه رغم أن التباطؤ مضمون، إلا أن احتمالات الركود تظل أقل من 50 %، فقد أثبت الاقتصاد قوته بطبيعته، في ظل الظروف الجيوسياسية والمحلية الصعبة.

وتابع أن عند هذه النقطة، لن يؤدي سوى التعديل المالي غير المنظم، أو خطأ في سياسة الفيدرالي، إلى ترجيح احتمالية حدوث ركود، كما لو تردد بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، عندما يحين الوقت.

وقال العريان: «هذا هو الخطأ السياسي الآن، أن مسؤولي الفيدرالي خائفون للغاية، لأنهم تأخروا، لأن تواصلهم سيئ، لأن توقعاتهم خاطئة، لقد تعرضوا لهزة شديدة، وانتهى بهم الأمر إلى البقاء متشددين للغاية بالنسبة لهم».

أعطت بيانات التضخم لشهر يناير، الفدرالي سبباً للاحتفاظ بأسعار الفائدة عالية لفترة أطول، حيث جاء أكثر مما توقعه المستثمرون. وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي على أساس شهري بنسبة 0.4 %، مقارنة بالتوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بنسبة 0.3 %.

وقال العريان إن هذا التحديث، يجعل شهر يونيو هو الوقت المناسب لأول خفض لأسعار الفائدة، لكن المشاكل ستظهر إذا صمد بنك الاحتياطي الفيدرالي حتى سبتمبر، على سبيل المثال، إن الفشل في تنفيذ ثلاثة تخفيضات، سيكون أيضاً خطأً سياسياً.

 

Email