تتجاوز القيمة السوقية لشركة «إكسون موبيل» 400 مليار دولار، وتمتلك «فولو زيس»، وهي مجموعة هولندية ناشطة بمجال المناخ، عدداً قليلاً من أسهم شركة النفط العملاقة، لكنها حاولت مراراً استغلال حصتها الضئيلة كأداة ضغط على الشركة لتعزيز تعهداتها لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، ويبدو أن الشركة سئمت هذا العام من هذه المحاولات.

فبعد دقائق قليلة من منتصف ليلة 22 يناير في أمستردام، رفعت شركة إكسون موبيل دعوى قضائية ضد «فولو زيس» ومستثمر آخر وهو «أرجونا كابيتال» بزعم أن عريضتهما المتعلقة بتغير المناخ أخلت بقواعد سوق الأوراق المالية الأمريكية. وسرعان ما أعلن صغار المستثمرين تراجعهم وتخلوا عن المقترح، إلا أن شركة إكسون موبيل ما زالت تواصل دعواها القضائية.

وخلال الأسبوع، أخبر محامو الشركة قاضياً فيدرالياً أن القضية ليست موضع نقاش، موضحين أن «فولو زيس» و«أرجونا كابيتال» تلاعبا بنشاط المساهمين «من أجل هدف واحد وهو مهاجمة شركة إكسون موبيل من الداخل»، وأضافوا: «ليس هناك سبب وجيه للاعتقاد أنهم سيتوقفون».

وتأتي المواجهة بين أكبر شركة نفط غربية ومجموعة صغيرة من النشطاء في أعقاب انتشار قرارات للمساهمين تتعلق بمجموعة من القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة في السنوات الأخيرة. إنها جبهة جديدة في صراع أوسع حول الاستثمارات البيئية والاجتماعية والحوكمة.

وقال تشارلز كرين نائب رئيس الرابطة الوطنية للمصنعين - مجموعة صناعية مقرها واشنطن تضم ممثلاً لشركة إكسون موبيل في مجلس إدارتها: «تراقب الشركات الضخمة القضية لمعرفة كيف ستتطور الأمور». وأعرب عن قلقه إزاء «الدرجة المتطرفة التي بلغها النشطاء لاستغلال التصويت بالوكالة لتقديم مقترحات ذات دوافع سياسية». وتواصل شركة إكسون قضيتها القانونية بعد ثلاث سنوات من تكبدها هزيمة تاريخية أمام «إينجين رقم 1» وهو صندوق تحوط صغير تمكن من طرد 3 من أعضاء مجلس الإدارة مع مطالبة بخطط جادة لمكافحة تغير المناخ.

ورغم أن «إينجين رقم 1» يمثل أكثر من 944 ألف سهم، فإن «فولو زيس» تمثل مساهمين يمتلكون 37 سهماً، وفقاً لأحدث الأرقام التي تم إبلاغ شركة إكسون موبيل بها. ويوم الأربعاء قالت «فولو زيس» إن لديها 505 أسهم تبلغ قيمتها 51 ألف دولار بحسب أسعار السوق. يرأس «فولو زيس» مارك فان بال، وهو هولندي طالما دعا لضرورة ضرورة استخدام المستثمرين حقوق التصويت للمساهمين للضغط على شركات النفط لخفض الانبعاثات.

وتعتمد مجموعته على استراتيجية، تقوم على شراء المستثمرين الصغار المهتمين بالمناخ - عادة - للأسهم بغرض تقديم مقترحات في الاجتماعات السنوية. وبحسب ما تقوله «فولو زيس»، تنص استراتيجية «حصان طروادة» هذه على أنه إذا اتبعت شركة نفط قراراتها فسوف «تستنتج أنه لا مجال للاستثمارات الإضافية للتنقيب عن النفط والغاز». في البداية استهدفت «فولو زيس» شركة شل، التي كان مقرها الرئيسي سابقاً في هولندا، حيث قدمت أول مقترحاتها المناخية في عام 2016. وخلال السنوات التي تلت ذلك، بدأت في تقديم مقترحات لشركتي «بي بي» و«شيفرون»، حيث وافق أكثر من 60% من المساهمين في عام 2021 على قرار لإجبار المجموعة على خفض انبعاثاتها الكربونية. كما دعم أغلب المساهمين في «كونوكو فيليبس» لإنتاج النفط و«فيليبس 66» لمصافي النفط قرارات مماثلة في عام 2021.

وقد باءت بعض الجهود السابقة لرفض مقترحاتها بالفشل، ولا سيما في «أوكسيدنتال بتروليوم» في عام 2022. ومع ذلك، فقد تراجع دعم المستثمرين لمقترحات المناخ في الآونة الأخيرة.

كان فان بال أطلق مجموعته لتدار بوساطة شخص واحد، ولا تزال تضم عدداً قليلاً من الموظفين، لكن أجندتها حظيت بشعبية في أوروبا. وفي هذا الشأن، قالت كبيرة مديري الاستثمار المسؤول بشركة «نست»، التي انسحبت من شركة إكسون موبيل في عام 2021، كاثرينا ليندماير، إن «فولو زيس» تقوم بالكثير من المهام الصعبة عندما يتعلق الأمر بالقرارات؛ مما يجعل من الأسهل على المستثمرين الكبار الآخرين التعاون معهم.

وأضافت إن الدعوى القضائية التي رفعتها إكسون موبيل لم تكن مفاجأة كبيرة، لأن هناك زيادة بمقترحات المساهمين بعد قرار لجنة الأوراق المالية والبورصة في عام 2021 بالسماح بتقديم المزيد من الالتماسات للتصويت. ورفعت الشركة دعوى أمام المحكمة الجزئية الأمريكية في شمال تكساس؛ بحجة أن اقتراح كل من «فولو زيس» و«أرجونا كابيتال» تحركه أجندة متطرفة تستهدف تقليص أعمال الشركة الحالية.

وقالت الشركة إن المقترح ينتهك قواعد هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية التي تمنع تكرار المقترحات التي تفشل في تلبية حد معين من الأصوات، وتمنع المستثمرين من «الإدارة التفصيلية» للأعمال.

واستعانت الشركة بفريق قانوني يشمل ديفيد وودكوك، الرئيس السابق لمكتب تكساس التابع لهيئة الأوراق المالية والبورصات، ونويل فرانسيسكو، المحامي العام السابق في إدارة ترامب.

وكان القرار الذي تم سحبه الآن يدعو شركة إكسون موبيل إلى وضع أهداف متسارعة لتقليل الانبعاثات الناجمة عن عملياتها وكذلك الانبعاثات الصادرة من منتجاتها. وتعهدت الشركة بتحقيق الحياد الكربوني من انبعاثات عملياتها بحلول عام 2050، لكنها لم تضع هدفاً للثانية. وقال أندرو لوجان المدير الأول في سيرس، وهو تحالف من المستثمرين والمجموعات البيئية، «إن ما تحاول شركة إكسون تنفيذه هو محاولة لإحداث تغيير جذري في ميزان القوى بين الشركات ومستثمريها، من خلال جعل المستثمرين يفكرون مرتين قبل ممارسة حقوقهم في تقديم اقتراح للمساهمين».

وأضاف: «ما يعد خطيراً بشكل خاص في الطريقة التي يتعاملون بها هو محاولتهم جعل هذا الأمر مكلفاً قدر الإمكان لمقدمي المقترحات.. وإكسون موبيل تبذل قصارى جهدها لتعظيم هذه التكاليف». وخلال الأسبوع الماضي، اتهمت ناتاشا لامب الشركة الإدارية ورئيسة قسم الاستثمار في أرجونا كابيتال الشركة باللجوء إلى «أساليب الترويع والابتزاز». ورفضت إكسون موبيل وفان بال ولامب التعليق على الدعوى.

وقال جوش زينر، الرئيس التنفيذي لمركز الأديان المعني بمسؤولية الشركات، الذي يمثل المنظمات الدينية التي تقدم هذه المقترحات، جوش زينر، إن تقديم مقترحات المساهمين نسبياً غير مكلف بالنسبة للنشطاء البيئيين، ولكن تكاليف الدفاع عنها في المحكمة قد تبلغ مئات الآلاف من الدولارات. وأوضح: «هنا يظهر جزء من هدف إكسون في جعل الأمر مكلفاً للغاية، بالنسبة للمستثمرين الصغار بشكل خاص لإيصال أصواتهم»، مقارناً الدعوى القضائية بالدعاوى الاستراتيجية ضد المشاركة العامة.

ودعوى إكسون موبيل ليست القضية الوحيدة التي تتعلق بمقترحات المساهمين. فقد قام المركز الوطني لأبحاث السياسة العامة ذو الميول اليمينية برفع دعوى قضائية ضد هيئة الأوراق المالية والبورصات؛ بحجة أنه لا ينبغي منع مقترح المساهمين المقدم ضد سلسلة متاجر كروجر بشأن فرص تكافؤ الفرص للموظفين من قبل الهيئة التنظيمية، وقد تم تحديد موعد المرافعات الشفوية الشهر المقبل.