عزز انخفاض التضخم في ألمانيا وفرنسا آمال المستثمرين في أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض تكاليف الاقتراض قريباً، حتى مع النمو السريع للأجور الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الخدمات في بداية العام.
ووفقاً للبيانات التي نشرتها وكالة الإحصاء الفيدرالية، فقد ارتفعت أسعار المُستهلك في ألمانيا بنسبة 3.1 %. ما يُشكل انخفاضاً من 3.8 % في ديسمبر وأقل من توَقُعات الاقتصاديين، في الاستطلاع الذي أجرته وكالة رويترز، والتي بلغت 3.2 % لشهر يناير.
ولُوحِظ اتجاه مُماثل للتضخم الفرنسي، والذي انخفض إلى أدنى مستوياته في عامين عند 3.4 % في بداية العام، ما يعطي أملاً للمُستثمرين بأن البنك المركزي الأوروبي قد يبدأ خفض سعر فائدته القياسية على الودائع من مستواها القياسي حالياً البالغ 4 % بحلول أبريل.
وتراجعت ضغوط الأسعار سريعاً منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية ومنذ رَفع عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا، الذي أثار أكبر زيادة في تكلفة المعيشة في أوروبا على مدى جيل كامل.
وأفاد أكبر اقتصادين في منطقة اليورو بانخفاض حاد في تضخم الطاقة والسلع، ولكنهما شهدا أيضاً زيادات في أسعار الخدمات التي تتطلب عمالة كثيفة ومن المُحتمل أن يُثير هذا قلق واضعي أسعار الفائدة في البنك المركزي الأوروبي، الذين قالوا إنهم يرغبون في رؤية اعتدال الأجور قبل خفض تكاليف الاقتراض.
وردّت الأسواق عبر انخفاض عائدات سندات الحكومة الألمانية لأجل سنتين بنسبة 0.12 نقطة مئوية إلى 2.4 % يوم الأربعاء، وعززت بيانات الوظائف الأمريكية حالة الانخفاضات.
والذي جاءت أقل حِدة من المُتوَقَع. ويعتقد المُستثمرون أن تراجع التضخم يزيد من احتمالية خفض البنك المركزي الأوروبي، الذي يستهدف تضخم بنسبة 2 %، أسعار الفائدة بحلول شهر أبريل.
وقال أندرو كينينغهام، اقتصادي في شركة كابيتال إكونوميكس الاستشارية: «لا يزال هناك بيان آخر للتضخم يجب أخذه في الاعتبار قبل اجتماع البنك المركزي الأوروبي في مارس، ولكن الأرقام الخاصة بشهر يناير تجعلنا أكثر ثقة في توَقُعاتنا بأن أول خفض للأسعار سيكون في شهر أبريل».
وليُعزز هذه الآمال، قال يواكيم ناجل، رئيس البنك المركزي الألماني، وأحد الأعضاء الأكثر تشدُداً في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي الذي يُحدد الأسعار، أثناء حديث له في إحدى الفعاليات في برلين، أنه «مُقتنع بأننا قد روضنا وحش (التضخم) الجشع».
ومع ذلك، أطلقت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي تحذيراً، بشأن التضخم وإمكانية خفض أسعار الفائدة. حيث قالت في مُقابلة مع شبكة سي إن إن: «لم نبلُغ هذا الحد بعد (فيما يتعلق بالتضخم). نحتاج إلى جميع أنواع البيانات، وهناك جزئية منها بالغة الأهمية.
وهي البيانات المُتعلقة بالأجور». وتوَقَع البنك المركزي الأوروبي تباطؤ نمو الأجور من 5.3 % في العام الماضي إلى 4.8 % هذا العام، وقال العديد من صُنّاع السياسات إنهم يُريدون رؤية أدلة من اتفاقيات الأجور الجماعية لهذا العام مع النقابات والتي تُظهر أن تكاليف العمالة تتسم بالاعتدال.
وانخفض مُعدل التضخم الأساسي السنوي في ألمانيا، باستثناء أسعار الطاقة والمواد الغذائية المُتقلبة، إلى 3.4 %. ومع ذلك، ارتفعت أسعار الخدمات قليلاً لتصل إلى 3.4 % في يناير. وانخفض مُعدل التضخم في فرنسا في يناير 0.7 نقطة مئوية عن ديسمبر، لكنه لا يزال أعلى قليلاً من توَقُعات الاقتصاديين التي تبلغ 3.3 %.
وأفادت إنسي، وكالة الإحصاء الفرنسية، أن تضخم الطاقة قد تباطأ بشكلٍ حاد ليصل إلى 1.8 %، كما تباطأ تضخم السلع إلى 0.7 %. وتباطأ نمو أسعار المواد الغذائية إلى 5.7 %. في المُقابل، ارتفعت أسعار الخدمات التي تُشكل نصف سلة التضخم ارتفاعاً طفيفاً لتصل إلى 3.2 %، وارتفعت أسعار التبغ بشكلٍ حاد.
وقال صندوق الدولي إن التضخم يتراجع في جزء كبير من الاقتصاد العالمي «أسرع مما كان مُتوَقَعاً»، مما يُتيح للبنوك المركزية بدء خفض تكاليف الاقتراض.
والذي قال إنه قد يكون مطلوباً في بعض أجزاء العالم «لتجنب فترات طويلة من الضعف الاقتصادي» وعدم تَحقَق أهداف التضخم.
وأظهرت أرقام البيانات الصادرة الثلاثاء أن اقتصاد منطقة اليورو كان أداؤه أقل من أداء مُعظم أنحاء العالم، بعد الركود الذي أصاب ناتجها المحلي الإجمالي في الرُبع الرابع حيث توَسع بنسبة 0.5 % فقط على مدار 2023 بأكمله. بينما نما الاقتصاد الأمريكي 2.5 % في العام الماضي، وقَدَرت الصين نموها السنوي 5.2 %.