توقع المستثمرون تاريخاً أقرب لبدء البنك المركزي الأوروبي، وبنك انجلترا في خفض أسعار الفائدة، وذلك في أعقاب سلسلة من البيانات التي تُشير إلى أن منطقة اليورو والمملكة المتحدة تتجهان نحو فترة تباطؤ اقتصادي أو ما يُشبه الركود.
وعلى خطى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، اختار كلا البنكين المركزيين، الأوروبي وبنك إنجلترا، في اجتماعيهما الأخيرين حول السياسات، الإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير، بعد أن شجعهما تباطؤ التضخم والقلق من أن دورات التشديد المالي السابقة كانت تستغرق وقتاً للتأثير على الطلب الاستهلاكي والنمو الاقتصادي، لكن صنّاع السياسات حرصوا على التحذير من أن معركة السيطرة على التضخم لم تنته بعد، حيث حذّرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد بأنه «من السابق جداً لأوانه» النظر في خفض أسعار الفائدة. وقد ردد محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي التعليقات نفسها لاحقاً، مُضيفاً أن مخاطر زيادة للتضخم لا تزال قائمة.
ومع ذلك، فقد أضافت بيانات مبيعات قطاع التجزئة البريطانية الأضعف من المتوقع وأرقام الإنتاج الصناعي الضعيفة من منطقة اليورو إلى قناعة السوق بأن البنوك المركزية الكُبرى الثلاثة، سيقوم كل منها بإقرار ما لا يقل عن ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة العام المقبل.
وقد استبعدت الآن الأسواق تماماً احتمالية المزيد من سياسات التشديد المالي، وبدأت في تسعير أول تخفيضات أسعار الفائدة لشهر يونيو في منطقة اليورو، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة. ويُشكِّل هذا تغييراً لافتاً منذ بداية شهر أكتوبر، فحينها لم يتوقع المستثمرون أن يقوم بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي بتنفيذ أول تخفيضاتهما حتى أوائل عام 2025 وسبتمبر 2024 على التوالي.
وفقاً لكريس تيشماخر مدير الصندوق في شركة ليجال آند جنرال إنفستمنت مانجمنت، إن توقيت وعمق الركود الذي يتوقع العديد من المُستثمرين أن يحلّ بأوروبا والمملكة المتحدة في عام 2024، سيُحدد متى سيصل أول التخفيضات في أسعار الفائدة. وقال تيشماخر: «يتوقع الكثيرون هبوطاً سلساً سيسمح بتخفيف تدريجي لأسعار الفائدة المرتفعة (لكن) نعتقد بأن البنوك المركزية ستقدم تخفيضات أكثر حدة رداً على التراجع الاقتصادي المتزايد».
وترسم البيانات الأُخرى الصادرة منذ أيام صورة غاية في القتامة للمشهد الاقتصادي الكُلي. ووفقاً لأحدث توقعات المفوضية الأوروبية، فمن المتوقع أن تنمو منطقة اليورو بنسبة 0.6 في المئة في عام 2023، وهو ما يقل بنسبة 0.2 نقطة مئوية عن التوقعات في سبتمبر.
وارتفعت نسبة البطالة في فرنسا إلى أعلى مستوى لها منذ عامين، حيث وصلت إلى 7.4 في المئة في الربع الثالث. وفي الوقت نفسه انخفضت مبيعات التجزئة البريطانية إلى أدنى مستوى لها منذ فبراير 2021، وهو ما أثار قلق المحللين بالفعل.
وقال كيت جوكس، الخبير الاستراتيجي في الاقتصاد الكلي في بنك سوسيتيه جنرال: «سياسة المملكة المتحدة في إصدار بيانات مبيعات التجزئة المُعدلة وفقاً للتضخم، رُغم أنها أكثر إفادة من الإصدارات الاسمية للدول الأُخرى، إلا أنها تدعو إلى مقارنة قبيحة بما يحدث في أماكن أُخرى، ولكن حتى مع هذا، فإن البيانات مروعة».
وفي أنباء أكثر بهجة لبنك إنجلترا، تباطأ التضخم في المملكة المتحدة بشكلٍ أكبر من المتوقع إلى 4.6 في المئة في أكتوبر من 6.7 في المئة في سبتمبر، مما يعزز فرص خفض أسعار الفائدة في العام المقبل. وقال توماس ويلاديك، كبير الاقتصاديين الأوروبيين لدى «تي رو برايس»: «إن فرص حدوث خفض في الأسعار في وقت أقرب مما كان متوقعاً مُرتفعة جداً، ليس فقط بناءً على ضعف بيانات (مؤشر أسعار المستهلك) ولكن أيضاً بسبب ضعف البيانات الاقتصادية».
وأضاف ويلاديك: «إذا تبين أن الاقتصاد الفعلي يتماشى مع بيانات الاستطلاعات الضعيفة، فمن المحتمل أن يقوم بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة في مايو».