تمر مواقع التوظيف بطور من التحول إلى منصات لمطابقة الوظائف المناسبة، باستخدام بيانات أعضائها للمساعدة في منح المرشحين والقائمين على التوظيف، سيطرة أكبر على عمليات البحث الخاصة بهم.

وتستقبل منصة البحث عن الوظائف «إنديد»، والتي يقع مقرها في الولايات المتحدة، 350 مليون زائر شهرياً، كما تشير تقارير «لينكد إن»، أكبر شبكة مهنية في العالم، إلى أن 62 مليوناً من مستخدميها المسجلين، والذين يزيد عددهم على 950 مليوناً، يزورون صفحات الوظائف الخاصة بها كل أسبوع. وتهيمن هذه المواقع على سوق التوظيف عبر الإنترنت، وهي الآن تطبق الذكاء الاصطناعي لفحص ثروة من بيانات المستخدمين المتوفرة لديها في محاولة لتحسين تجربة البحث عن المرشحين.

وتقوم «لينكد إن» باستخدام الذكاء الاصطناعي لفهم القصد من وراء استعلام البحث الخاص بكل مستخدم بشكل أفضل. ويقول هاري سرينيفاسان، نائب رئيس المنتجات في شركة «لينكد إن»، إن الكثير مما يقومون به هو ما يسميه بيانات النية وراء الملف الشخصي، وفيه تحاول المنصة التنبؤ بالشركات أو الوظائف التي قد يهتم بها المرشحون، بخلاف تلك التي يبحثون عنها بشكل علني، وكذلك تستخدم شركة إنديد بيانات، أعضائها بطريقة مماثلة.

وقال راج موخيرجي، نائب الرئيس التنفيذي المختص بأصحاب الأعمال في «إنديد»، إن شركته تستخرج معلومات مرتبة من السيرة الذاتية والأوصاف الوظيفية، مشيراً إلى أن الباحثين عن عمل وأصحاب العمل يشاركون الكثير من المعلومات حول مهاراتهم وتفضيلاتهم، وأنهم يحصلون على إشارات عن النوايا والسلوك، وبيانات من رسائل متبادلة، و12 مليون طلب مقابلة.

ومن خلال تحديد نية المستخدم ومطابقة مهاراته مع الأدوار بشكل أفضل، تهدف المنصة إلى عرض الوظائف الشاغرة التي ربما فاتت الباحثين عن عمل.

وقال سام فرانكلين، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة أوتا للتوظيف لقطاع التكنولوجيا ومقرها لندن، إن نموذج التوفيق بين الوظائف يمنح المرشحين سيطرة أكبر، وبالإضافة إلى سيرهم الذاتية، يمكن للباحثين عن عمل إدخال مهاراتهم وتفضيلاتهم، مثل توقعات الرواتب وأنماط العمل والقيم، ليتم بعد ذلك استخدام نقاط البيانات لمطابقة المرشحين بمجموعة مختارة من الوظائف، والتي يقول فرانكلين إنها تكون أكثر ملاءمة، حيث إن النموذج يدعم الباحثين عن عمل، ويدعم موضوعات مثل التنوع والشمول.

ويضيف فرانكلين، أنّ إدراك المرشحين للعلامة التجارية لصاحب العمل أصبح ذا أهمية متزايدة، لذلك، لكل إعلان وظيفة، يكتب هو أو الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للعمليات، ثيو مارجوليوس، «تعليق من أوتا»، وهو نظرة عامة على صاحب العمل الذي يقوم بالتوظيف.

وتتضمن التفاصيل المدرجة ملاحظات حول أوقات استجابة صاحب العمل، وإقرارات الموظفين، وجولات التمويل، ومبادرات التنوع والشمول.

ويستعرض المؤثرون والرؤساء التنفيذيون، علاماتهم التجارية من خلال منصة «لينكد إن». ويتفق مارك تشافي، الرئيس التنفيذي لشركة «هاك جوب»، وهي مجمع وظائف آخر يركز على التكنولوجيا في المملكة المتحدة، في الرأي بأن سمعة الشركة ذات أهمية متزايدة لدى المرشحين.

ويمكن للباحثين عن عمل الذين قاموا بالتسجيل في «هاك جوب» متابعة الشركات، كما يفعلون على «لينكد إن»، وعرض المحتوى الذي ينشرونه، ولكن الشركات هي التي تتواصل مع المرشحين المحتملين بشأن الوظيفة. 

ويرى تشافي، أنّها طريقة لتغيير ديناميكية التفاعل، حيث يمكن للمرشح أن يُظهر اهتماماً بمؤسسة ما، ولكن لا يتقدم بالضرورة بطلب للحصول على وظيفة فيها، فهي فقط تتيح الفرصة لصاحب العمل مشاركة الأحداث والبودكاست والمحتوى لتشجيع هذا المرشح.

ويتم فحص مرشحي «هاك جوب»، الذين يشيرون إلى تفضيلاتهم في مجالات مثل الراتب والقطاع، قبل أن تظهر بياناتهم لأصحاب الأعمال، ما يعني أن الشركات لا ترى سوى المرشحين المناسبين، كما يقول تشافي، فيما يتم التواصل مع الباحثين عن عمل فقط من قبل الشركات التي تلبي توقعاتهم مثلاً في مجال التكنولوجيا، والموقع، والسياسة الخاصة بنظام العمل المختلط. 

ويضيف أن 90% من المرشحين يستجيبون للتواصل الأولي مع مسؤولي التوظيف في غضون سبعة أيام. وعلى عكس منصات مثل «لينكد إن»، تفرض «هاك جوب» رسوم اشتراك على العملاء.

ويقول شافي، إن مستوى تفاعل المرشحين الخاص به يمكن العملاء من تحقيق وفورات كبيرة في التكاليف، مقارنة بالرسوم التي تفرضها وكالات التوظيف التقليدية. وإلى جانب البحث الذاتي، تسمح «لينكد إن»، و«إنديد» و«أوتا» أيضاً لمسؤولي التوظيف بالاتصال بالمرشحين الذين لا يبحثون فعلياً عن وظيفة في الوقت الحالي.

فضلاً عن ذلك، تضيف «لينكد إن» أداة للذكاء الاصطناعي ستسمح لمسؤولي التوظيف بإجراء عمليات البحث باستخدام مدخلات «اللغة الطبيعية»، مثل «أريد محلل بيانات مقيم في لندن». ويقول سرينيفاسان، إن هذه الخاصية أكثر تلقائية بكثير، حيث يمكنهم البدء في اقتراح شركات أو أشياء لم تسمع عنها من قبل، ولكن المهارات أصبحت عنصراً متزايد الأهمية في عمليات البحث والاختيار للمرشحين والقائمين بالتوظيف على حد سواء. 

وأوضح سرينيفاسان، أن أعضاء «لينكد إن» أضافوا أكثر من 500 مليون مهارة إلى ملفاتهم الشخصية على مدار الـ 12 شهراً الماضية، وإنه يتم توظيف الأشخاص استناداً إلى مهاراتهم بصورة أكبر. وأضاف أنهم استقبلوا مئات الملايين الذين أضافوا إثباتات على تمتعهم بالمهارات إلى ملفهم الشخصي، وهم يرون أن 40 % من مسؤولي التوظيف يأتون الآن وقد حددوا المهارات التي يحتاجونها.