الفجوة الاستراتيجية لشركات النفط الكبرى عبر الأطلسي تتسع أكثر من أي وقت مضى

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثمة مزحة قديمة معروفة في أوساط قطاع النفط والطاقة حول شركة هيس، استندت إلى صحيفة نيويورك تايمز في عام 1972، تقول إن اسم الشركة يرمز إلى العطلات والأمسيات وأيام السبت والأحد، وهو شعور يدركه جيداً مستشارو القطاع خلال عملية التحول نحو صافي الانبعاثات الصفرية.

ويبدو أن الصفقات الضخمة ترتكز على توقعات مرنة للطلب على النفط، وهو نهج يفترض أن التحول ربما يتخذ منحى بلا مغزى بعض الشيء، ولكن يبقى أن هذه الاندماجات منطقية في سيناريوهات أخرى.

وتستخدم شركات النفط الكبرى أسهمها عالية القيمة لشراء الأصول الجيدة التي تحتفظ بها شركات أعلى في تكلفة الملكية. وتبدو براميل شركة بايونير المحلية الأكثر مرونة من حيث مساحة الصخر الزيتي مفيدة في عالم ضبابي، وكذلك هي القدرة على العمل بشكل أكثر كفاءة وتقليل الأصول منخفضة الجودة من المحافظ الاستثمارية مع تغير التوقعات.

وأحد الاستنتاجات هنا هو أن القطاع الأوروبي، ولسبب غير واضح، سيتعين عليه مجاراة منافسيه في هذا التطور.

وبالتأكيد، فإن صفقة إكسون ستخلق قوة إنتاجية عملاقة أكبر بنسبة 50 % من شركة شل وفقاً لأرقام شركة ريستاد إنرجي لعام 2023، وأكبر بنسبة 75 % من شركة بريتيش بتروليوم، غير أنه لا توجد أصول أخرى تتيح النمو متاحة للشراء مثل جوهرة التاج التي تملكها هيس في غويانا.

ولا تمتلك الشركات التي تضخ النفط في أوروبا أسهماً عالية التصنيف تمكنها من هندسة عمليات الاستحواذ بأسعار مغرية، بل إن شكوك المستثمرين حول قرار القطاع الأوروبي بالاستثمار في تحول الطاقة بدلاً من تجاهله لن يتم حلها من خلال الجمع بين الاثنين.

وباستثناء من يطلقون شعار «كن أكبر واخفض التكاليف» (وهذا قد يحدث)، فليس من الواضح ما الذي ستحققه عمليات الاندماج. والأمر الغريب الآخر هو فكرة مفادها أن قناعة الشركات الأمريكية بمستقبلها النفطي لابد أن تؤدي إلى عرقلة الاستثمار الأوروبي في الشركات التي تمر بمرحلة انتقالية.

ولنترك جانباً حقيقة العمل في سوق مختلفة، حيث تتطلب الشرعية الاجتماعية اختيارات مختلفة، إذ سيكون من الغريب تماماً أن يختار الجميع، في مواجهة هذا النوع من عدم اليقين الشديد بشأن التوقعات المتعلقة بالنفط والغاز، استراتيجيات متطابقة.

إن التوقعات التي تتراوح بين نمو الطلب على النفط بنسبة 15 % حتى عام 2045 (منظمة أوبك) إلى انهيار بنسبة 75 % بحلول عام 2050 (أحد سيناريوهات وكالة الطاقة الدولية) لا ينبغي لها أن تخلق إجماعاً على رد الفعل.

كما أن القوى المتنافسة المتمثلة في استمرار نمو الطلب، والاضطرابات السياسية والمخاوف بشأن أمن الطاقة يقابلها ازدهار للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وطلب على الوقود الحيوي، وتسارع لاعتماد السيارات الكهربائية، وهو ما لا ينتج عنها فائز ساحق أكيد.

وتخفي الأحاديث الودية الخافتة المتعلقة بأنشطة الاستكشاف والإنتاج لشركات النفط من قبيل بريتيش بتروليوم وشل هذا العام إلى حد ما الفجوة الاستراتيجية المتسعة عبر المحيط الأطلسي، حيث تعمل بريتيش بتروليوم على وضع 40 % من استثماراتها في المناطق منخفضة الكربون بحلول عام 2025، وهي الآن أكثر ميلاً للوقود الحيوي وشحن السيارات الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة.

وبناءً على ما ستنتهي إليه شركة شل في نطاق أعمالها المختلفة، فستتراوح أرقامها بين 15    و23 %، في حين ستبلغ نسبة مساهمة الشركات الأمريكية الكبرى بالكاد رقماً أحادياً.

وسيتم تعديل هذا الإنفاق، على أساس العوائد، وكذلك على أساس ما تحرزه التكنولوجيا من تقدم في مجالات مختلفة، كما يحدث بالفعل مع قيام شركة شل بتقليص الوظائف في قسم التنقل الهيدروجيني الخفيف لسيارات الركاب هذا الأسبوع.

وقال أوزوالد كلينت، من شركة بيرنشتاين، إن هذه الجهود بدأت تؤتي ثمارها في مشاريع طاقة الرياح واتفاقيات احتجاز الكربون، وهو ما يكذب التشاؤم بشأن العائدات المحتملة المعروضة.

وقد تفوق أداء القطاع الأوروبي على أداء القطاع الأمريكي على مدى العام الماضي، مع تضييق خصومات التقييم التي كانت ضخمة ذات يوم على أساس أرباح الأسعار الآجلة. ويعكس جزء كبير مما تبقى سوقاً أمريكية ذات قيمة أكبر بشكل عام، حتى مع استبعاد شركات التكنولوجيا.

وعلى أقل تقدير، ونظراً لتفوق القطاع في الأداء على السوق الأوروبية، لابد من وجود مستثمرين قد يرغبون في التدفقات النقدية للوقود الأحفوري (والأسعار المرتفعة المحتملة بسبب انخفاض الاستثمار) مع الاستمتاع بسلاسة انتقال التمويل - خصوصاً مع ظهور مجالات أعمال جديدة (وهو ما نأمله) ستصبح أكثر أهمية بحلول عام 2030.

إن قناعة الشركات منذ عامين كانت بأن لديها المعرفة التقنية، وخبرات المشاريع، والأعمال التجارية، والمعرفة الشاملة بالأنظمة اللازمة لتنفيذ العمل الانتقالي الناجح، لا تزال قائمة. ولكن ستزيد صعوبة إقناع العالم في هذا الصدد بينما تتقمص الشركات دور رجل نفط من تكساس.

وكما قال أحد المستثمرين المقيمين في أوروبا، فإنه في بعض الأحيان، يبدو الأمر وكأنني الشخص الذي يحاول إثارة حماسة الشركات بشأن استراتيجيتها، وليس العكس. وربما لا يزال تغيير هذا الانطباع يتطلب جهداً يشبه صفقة هيس، على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

كلمات دالة:
  • FT
Email