العاصفة المالية الأقوى منذ 20 عاماً.. الدولار يكسر هيبة اليورو: واحد مقابل واحد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لأول مرة منذ 20 عاماً، استطاع الدولار أن يكسر هيبة اليورو ليبلغ مستوى التكافؤ معه: واحد مقابل واحد، وهي العاصفة المالية الأقوى منذ طرح العملة الموحدة للتداول عام 2002، في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة.

وتراجع سعر اليورو إلى مرتبة الدولار، اليوم الثلاثاء، مدفوعا بضغوط كثيرة أبرزها: المخاطر الناجمة عن قطع إمدادات الغاز الروسي على الاقتصاد الأوروبي، وارتفاع التضخم الذي لامس 8% في بعض الدول الأوروبية وزيادة أسعار الطاقة والغذاء، وتأخر البنك المركزي الأوروبي في رفع أسعار الفائدة من أجل مواجهة التضخم.

وينذر هذا الانخفاض بحدوث ارتفاعات أخرى في أسعار الطاقة والمواد الخام، حيث سيضطر المستهلكون في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة، إلى زيادة نفقاتهم من أجل تغطية تكاليف المعيشة.

وقفزت أسعار المستهلكين في منطقة اليورو 8.6 بالمئة خلال يونيو الماضي، مقارنة مع العام السابق. وسلط بعض صانعي السياسة النقدية الضوء على ضعف اليورو باعتباره خطرا على هدف البنك المركزي لإعادة التضخم إلى 2 بالمئة على المدى المتوسط.

ولم يهزم الدولار القوي اليورو فقط، بل ارتفع أيضاً أمام الين الياباني، أمس الإثنين لأعلى مستوى منذ 24 عاما، بعد أن أظهرت النتائج الطيبة التي حققها التحالف المحافظ الحاكم في اليابان، عدم وجود تغيير في السياسات النقدية المتساهلة.

ضغوط وقلق

ويواجه اليورو ضغوطا في الأسواق المالية منذ فترة طويلة بسبب حرب أوكرانيا التي أثرت في القارة العجوز.

ويستمر التأثير السلبي للحرب الروسية الأوكرانية على اقتصاديات الاتحاد الأوروبي كونها تستورد 40% من الطاقة من روسيا.

وتسود أجواء التوتر والقلق على الأسواق بسبب أزمة طاقة كبيرة في القارة العجوز، إذ تسري شكوك بشأن إذا كانت روسيا ستستأنف تسليم الغاز بعد تعليقه لإجراء أعمال صيانة في أنبوبَي غاز نورد ستريم 1، ويزيد هذا الوضع المخاوف من ركود في أوروبا.

وانخفضت العملة الموحدة لمطقة اليورو، في آخر مرة بنسبة 0.8٪ عند 1.0105 دولار أمريكي بفضل المكاسب الكبيرة للدولار حيث استحوذ النفور من المخاطرة على المستثمرين وانخفض إلى حافة التعادل عند 1.0072 دولار يوم الجمعة بعد صدور رقم الوظائف الأمريكية الأكبر المتوقع لشهر يونيو قبل أن يرتد أعلى.

ويستفيد الدولار من وضعه كملاذ آمن على أوسع عالمي واسع، ما يعني أن اليورو سيستمر في الانزلاق مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

ولمن لا تسعفه الذاكرة، فقد كان اليورو الواحد يساوي 1.6 دولار، قبل 14 سنة، ومع دخول الاقتصاد الأمريكي في الأزمة المالية العالمية لعام 2008.

توربينات نورد ستريم 1

ولم يحدث إعلان كندا السبت الماضي إعادتها لألمانيا توربينات مخصصة لأنبوب غاز نورد ستريم لتخفيف حدة أزمة الطاقة مع روسيا أي تأثير إيجابي، بحسب محللين في شركة " Oanda ".

وبدأت مجموعة غازبروم الروسية العملاقة الاثنين فترة صيانة لأنبوب نورد ستريم 1 تستمرّ 10 أيام، فيما تنتظر ألمانيا ودول أوروبية أخرى معرفة ما إذا كانت روسيا ستستأنف تسليم الغاز بعد هذه الفترة.
أما الأسواق، فقد كل الأحداث وأخذت قرارها، في ظل تساؤلات حول ما إذا كان الغاز الروسي سيأتي بعد 21 يوليو أم لا؟    
وسيسبب وقف تسليم الغاز الروسي لأوروبا ركودًا في كل منطقة اليورو مع انكماش اقتصادي لثلاثة فصول متتالية، وه الأمر الذي حذر منه محللون في شركة UBS.
 

وفشل وزراء مالية منطقة اليورو يفشلون مجددا أمس الإثنين في اختيار رئيس جديد لصندوق الإنقاذ المالي. ويحتاج الوزراء للاتفاق على خلف لكلاوس ريجلينج الذي سيتقاعد في أكتوبر بعد أن قاد آلية الاستقرار الأوروبية منذ إنشائها في 2012 في غمرة أزمة ديون منطقة اليورو.

موقف صعب

وتعتبر أوروبا الأكثر معاناة من الحرب الروسية الأوكرانية، ويمكن أن تؤدي أزمة الطاقة التي تكوي القارة العجوز إلى ركود طويل وعميق، ما يضع البنك المركزي الأوروبي في موقف صعب، بحسب تقرير تحليلي من وكالة "بلومبرغ" للأنباء.

ويسعى البنك المركزي الأوروبي إلى الحد من التضخم وتخفيف الاقتصاد المتباطئ – عبر زيادة تكاليف الاقتراض لأول مرة منذ عام 2011. وفي الوقت نفسه، يرفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بشكل أسرع، من منطقة اليورو، الأمر الذي يجعل العوائد على سندات الخزانة الأمريكية أعلى من عوائد ديون أوروبا.

ورفع البنك المركزي الأمريكي الفائدة 3 مرات حتى الآن خلال 2022 بنسبة 1.5% لتسجل الفائدة على الدولار 1.75% مما أعطى مزيدًا من القوة للعملة الأمريكية وسط توقعات باستمرار سياسة رفع أسعار الفائدة إلى مستوى 4% حتى نهاية العام المقبل.

وبحسب خبراء، سينعكس انخفاض اليورو على الاستثمار وأسواق المال والعملات العالمية، ما يدفع المستثمرين إلى الدولار بدل اليورو.

وكان صانعو السياسة الأوروبية يرحبون بضعف العملة كوسيلة لتحفيز النمو الاقتصادي، لأنه يجعل صادرات الكتلة أكثر قدرة على المنافسة، لكن الآن، مع ارتفاع التضخم في منطقة اليورو إلى أعلى مستوياته منذ بدء مثل هذه الأرقام القياسية، لم يعد ضعف العملة مرغوبا فيه لأنه يعزز ارتفاعات الأسعار بجعل الواردات أكثر تكلفة.

وربما يستعيد اليورو عافيته أمام الدولار ، وفق خبراء، إذا تحسنت التوقعات الاقتصادية الأوروبية، وتضاءل نطاق الزيادات العنيفة في أسعار الفائدة في البنك المركزي الأمريكي.

 

 

 

 

Email