تفاوت في أداء الأسواق المالية ووكالة الطاقة الدولية تسحب 60 مليون برميل من احتياطاتها

النفط مضطرب والغرب يشبه أزمة الطاقة بصدمة 1973

ت + ت - الحجم الطبيعي

تراجعت أسعار النفط صوب 125 دولاراً للبرميل في تعاملات مضطربة اليوم، في حين يقيّم المستثمرون أثر الحظر الأمريكي لواردات النفط الروسية، وإعلان روسيا وقف إطلاق نار جديد في أوكرانيا للسماح لمدنيين بالخروج من البلاد.

وقال متعاملون: إن وجهة النظر القائلة إن الحظر الأمريكي لواردات النفط الروسية قد لا يعمق نقص المعروض حدت من ارتفاع الأسعار، وكذلك أنباء عن أن أوكرانيا لم تعد تتطلع لعضوية حلف شمال الأطلسي، بعد تردد أنباء عن هذا الأمر خلال الأسبوع الحالي.

ونزل خام برنت 2.27 دولار، بما يعادل 1.8%، إلى 125.71 دولاراً للبرميل بحلول بعد أن ارتفع في وقت سابق، متجاوزاً 131 دولاراً للبرميل.

وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3.19 دولارات، أو2.6 في المئة، إلى 120.51 دولاراً للبرميل.

وتراجعت أسعار النفط بعدما وصف المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول سحب 60 مليون برميل من احتياطات النفط، للتخفيف من اضطراب الإمدادات في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية بأنه «استجابة أولية» وقوله: إن الوكالة مستعدة لسحب المزيد إذا تطلب الأمر.

وصعدت أسعار النفط منذ بدأت روسيا، ثاني أكبر مصدر للخام في العالم، ما أسمته «عملية خاصة» في أوكرانيا، وسجل خام برنت 139 دولاراً للبرميل يوم الاثنين.

وأعلنت روسيا اليوم الأربعاء وقفاً جديداً لإطلاق النار في أوكرانيا للسماح للمدنيين بالخروج من المدن المحاصرة، بعد أيام من الوعود، التي لم تتحقق، مما ترك آلاف الأوكرانيين عالقين دون قدرة على الوصول للدواء أو الماء النقي.

وقالت بريطانيا إنها ستخفض تدريجياً وارداتها من النفط الروسي، وقالت شركة شل، أمس الثلاثاء، إنها ستتوقف عن شراء الخام الروسي، وقدر جيه.بي مورجان أن حوالي 70 في المئة من النفط الروسي المنقول بحراً يواجه صعوبة في إيجاد مشترين.

وتعد إيران مصدراً محتملاً لزيادة إمدادات النفط. وتجري طهران محادثات مع الغرب منذ شهور من أجل إحياء الاتفاق النووي، الذي رفع العقوبات عن إيران في مقابل تقليص أنشطنها النووية.

وعاد كبير المفاوضين الإيرانيين في محادثات فيينا إلى العاصمة النمساوية اليوم الأربعاء.

أزمة الطاقة الحالية

وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، اليوم: إن أزمة الطاقة الحالية المترافقة مع ارتفاع كبير في الأسعار «شبيهة بحدتها بالصدمة النفطية في العام 1973».

وأوضح أن خطة ثانية كبيرة من المساعدات الرسمية على غرار ما حصل خلال كوفيد 19 «ستغذي ارتفاع الأسعار»، وتشهد أسعار النفط والغاز ارتفاعاً ملحوظاً منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، فيما أعلنت الولايات المتحدة حظر واردات النفط والغاز الروسيين.

ووصل سعر برميل النفط حالياً إلى 120 دولاراً، وهو مستوى قريب من أعلى مستوياته على الإطلاق، فيما تسجّل أسعار الغاز مستويات غير مسبوقة.

وقال لومير «ذلك يعود إلى صب الزيت على النار. في العام 1973، تسببت هذه الاستجابة في حدوث الصدمة التضخمية التي تعلمونها، ما دفع البنوك المركزية إلى زيادة معدلات الفائدة بشكل كبير، الأمر الذي قضى على النمو».

وتابع الوزير الفرنسي في بداية مؤتمر يجمع في باريس سياسيين وأصحاب أعمال ومتخصصين في الطاقة واقتصاديين «هذا له اسم، هو الركود التضخمي، إنه بالتحديد ما لا نريد أن نعيشه مجدداً في العام 2022».

وتعتمد أوروبا بشكل كبير على الطاقة الروسية وتحاول إيجاد حل للأشهر القليلة المقبلة.

ووفقاً له، فإن «الاستجابة الجيدة التي نعرفها هي الاستقلال التام»، داعياً الفرنسيين والأوروبيين إلى تنويع إمداداتهم، عبر زيادة احتياطات الغاز لفصل الشتاء المقبل وحماية الأسر ذات الدخل المنخفض والشركات المتضررة.

أداء متباين

وسجلت أسواق المال أداء متبايناً الأربعاء بعد خسائر مؤلمة على مدى ثلاثة أيام حل مكانها استقرار نسبي، بينما ارتفعت أسعار النفط مجدداً، بعدما تحركت الولايات المتحدة وبريطانيا لحظر واردات الخام الروسي، فقد انتعشت أسواق الأسهم الرئيسية في أوروبا بشكل كبير في الصفقات المبكرة الأربعاء.

وارتفعت مؤشرات داكس لبورصة فرانكفورت 4,0 في المئة إلى 13345,07 نقطة، وكاك-40 لبورصة باريس بنسبة 3,8 في المئة إلى 6188,84 نقطة.

خارج منطقة اليورو تقدم مؤشر فوتسي-100 في لندن بنسبة 1,7 في المئة إلى 7085,52 نقطة عن مستوى الإغلاق الثلاثاء.

وقال نيل ويلسون، المحلل في مجموعة «ماركيتس كوم»: أن «أسواق الأسهم الأوروبية تشهد انتعاشاً صباح اليوم»، مشيراً إلى وجود «شعور بأن التحركات الأخيرة أدت إلى فائض في المبيعات».

وكانت بعض أسواق آسيا سجلت ارتفاعاً صباح الأربعاء، لكن المستثمرين واجهوا صعوبات في المحافظة على الزخم.

وارتفعت أسعار الأسهم في سيدني وبومباي وسنغافورة وتايبيه ومانيلا وجاكرتا وبانكوك وويلنغتون، بينما تراجعت في طوكيو (0,3 في المئة لمؤشر نيكاي) وهونغ كونغ (2,8 في المئة) وشنغهاي (2,7 في المئة)، فقد تراجعت عمليات البيع في أجواء الهلع التي شهدتها الأسواق لأسبوعين، لكن محللين حذروا من مزيد من التقلبات إذ لم يصدر عن روسيا أي مؤشر يدل على تراجع في غزوها لأوكرانيا.

وغذت الأزمة المخاوف من أن التعافي العالمي الهش من وباء كوفيد 19 ستحل محله فترة من الركود التضخمي، أي ارتفاع التضخم مع بقاء الاقتصاد ثابتاً أو انكماشه.

والدافع الأساسي لبيع الأسهم هو الارتفاع الهائل في أسعار السلع.

ويشكل النفط الخام مصدر القلق الرئيسي، إذ إن غياب الإنتاج الروسي سيؤدي إلى تفاقم وضع الأسواق الصعب أصلاً، وروسيا هي ثالث أكبر منتج للذهب الأسود في العالم.

قفزة في وول ستريت

فتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على ارتفاع كبير اليوم الأربعاء، بعد أربع جلسات متتالية من الخسائر، إذ تراجعت أسعار النفط وأقبل المستثمرون على اقتناص الأسهم، التي كانت قد تضررت بفعل المخاوف من العقوبات الغربية على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا.

وصعد المؤشر داو جونز الصناعي 227.78 نقطة يما يعادل 0.70 في المئة إلى 32860.42 نقطة.

وفتح المؤشر ستاندرد اند بورز 500 مرتفعاً 52.40 نقطة أو 1.26 في المئة إلى 4223.10 نقطة، في حين زاد المؤشر ناسداك المجمع 318.15 نقطة أو 2.49 في المئة إلى 13113.70 نقطة.

الأسواق اليابانية

عكس المؤشر نيكاي الياباني مساره وأغلق عند أدنى مستوى في 16 شهراً اليوم الأربعاء، مقتفياً أثر تراجع الأسواق الآسيوية، إذ يقيّم المستثمرون تأثير الصراع المتفاقم في شرق أوروبا والحظر الأمريكي الجديد على النفط الروسي.

وهبط نيكي 0.3 في المئة ليغلق عند 24717.53 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر 2020، بعد ارتفاعه 1.1 في المئة في وقت سابق من الجلسة. وقلص المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً أيضاً مكاسبه وأغلق منخفضاً 0.06 في المئة عند 1758.89 نقطة.

وبذلك يكون المؤشران قد أغلقا على تراجع للجلسة الرابعة على التوالي.

وقال تاكاتوشي إيتوشيما المحلل الاستراتيجي في بيكتت لإدارة الأصول «باع المستثمرون الأسهم اليابانية مع ضعف الأسواق في مناطق أخرى من آسيا».

وأضاف «المستثمرون في أوروبا على وجه الخصوص، الذين سعوا إلى ملاذ آمن في الأسهم اليابانية باعوا حيازاتهم مع تفاقم التوتر المحيط بأوكرانيا».

ويتوخى المستثمرون الحذر حيال مخاطر التضخم وتباطؤ الاقتصاد العالمي في أعقاب ارتفاع أسعار النفط، وفرض الرئيس الأمريكي جو بايدن حظراً فورياً على واردات النفط والطاقة الروسية الأخرى رداً على غزو أوكرانيا، في خطوة قد تحد من النمو الاقتصادي.

وانخفض نيكي تحت وطأة هبوط سهم وكالة التوظيف ريكروت هولدنجز، الذي نزل 4.46 في المئة، بينما خسر سهم كيكومان لصناعة صلصة الصويا 6.67 في المئة. وتخلى سهم فاست ريتيلنج المالكة لسلسلة متاجر يونيكلو للملابس عن مكاسبه المبكرة ليغلق على انخفاض 0.66 في المئة.

وقفز سهم إيسوزو موتورز لصناعة السيارات 7.91 في المئة ليصبح الأفضل أداء على نيكي، يليه سهم فوجيتسو لصناعة أجهزة الكمبيوتر، الذي ارتفع 5.54 في المئة.

وهبط سهم شركة طوكيو للطاقة الكهربائية سبعة بالمئة وكان الأسوأ أداء بالمؤشر.

Email