تنوع أولويات الأعضاء يعزز فاعلية المجموعة

«إس آند بي»: خطط لزيادة الصفقات بالعملات المحلية بين دول «بريكس»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

توقعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أن يسهم تنوع الأولويات الاقتصادية والسياسية للدول الأعضاء لمجموعة بريكس في تعزيز فاعلية المجموعة، مؤكدة أن دول المجموعة تخطط على المدى القريب إلى زيادة الصفقات المباشرة بالعملات المحلية بدلاً من الدولار الأمريكي للحد من الاعتماد على النظام المالي الأمريكي.

وقالت ذهبية سليم جوبتا، مديرة قسم التصنيف السيادي لدى وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني في تقرير للوكالة حصلت عليه «البيان»، إن الدول المؤسسة لمجموعة بريكس، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، بادرت في 24 أغسطس 2023 إلى دعوة السعودية والإمارات وإيران ومصر والأرجنتين وإثيوبيا للانضمام إلى المجموعة.

وستشكل مجموعة بريكس الجديدة حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و45% من عدد سكان العالم، في حال انضمام جميع الدول المدعوة، على الرغم من قلة العوامل الاقتصادية أو السياسية التي تتشاركها هذه الدول.

تدفقات تجارية

وأضافت جوبتا «لا نتوقع أن تسهم الدول المنضمة حديثاً في تعزيز حجم التدفقات التجارية والاستثمارية، وذلك بناءً على سجل العلاقات الاقتصادية بين دول مجموعة بريكس الحالية وعدم وجود اتفاقيات تجارية جماعية جديدة بينها».

وتابعت «وتتفاوت مستويات التنمية بين الدول الأعضاء الجدد المحتملين بالتوازي مع اختلاف التحديات الاقتصادية التي تواجهها كل دولة منها، وهذا ما يتضح عند النظر إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يتراوح من 1.220 دولاراً في إثيوبيا إلى 51.456 دولاراً في الإمارات، وبجانب ذلك، يتجاوز حجم اقتصاد الصين وحدها اقتصاد جميع الأعضاء الآخرين مجتمعين، ما يشير إلى التفاوت المحتمل في قدرة التأثير على سياسة المجموعة».

منتديات بديلة

وأفادت جوبتا «تهدف المجموعة من خلال هذا التوسع إلى تعزيز التعاون بين الأسواق الناشئة وتوفير بديل للمنتديات الاقتصادية التي تهيمن عليها الدول المتقدمة، مثل مجموعة الدول الصناعية السبع أو منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فضلاً عن الحد من هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة الدولية، وفي الوقت ذاته، نتوقع أن يسهم تنوع الأولويات الاقتصادية والسياسية للدول الأعضاء في تعزيز فاعلية مجموعة بريكس».

وأشارت ذهبية جوبتا، إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي بين الدول الحالية في مجموعة بريكس شهد تبايناً ملحوظاً خلال العقد الماضي، حيث يتناقض الأداء الاقتصادي القوي نسبياً للصين والهند مع نظيره في البرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا، ما يعكس الاختلاف بين هذه الدول في عملية صناعة القرار والعوامل الجيوسياسية والخاصة.

نشاط تجاري

وشهدت المجموعة زيادة ملحوظة في النشاط التجاري والاستثماري بين الدول الأعضاء مع تركز معظمها مع الصين، حيث بلغ متوسط التجارة مع الصين %25 من إجمالي التجارة في البرازيل وجنوب أفريقيا وروسيا و%12 من إجمالي التجارة في الهند خلال عام 2022. وبشكل عام، مثلت الصادرات الداخلية بين دول المجموعة %10 فقط من إجمالي حجم صادرات الدول الأعضاء، بزيادة بلغت %8 مقارنة مع عام 2010.

كما شهد الاستثمار بين دول المجموعة ارتفاعاً تجاوز %500 بين عامي 2010 و2020، أي ما يمثل %5 فقط من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر للمجموعة، وتم تسجيل حوالي %90 من هذا الارتفاع في الصين.

عملة مشتركة

وذكرت، مديرة قسم التصنيف السيادي لدى وكالة ستاندرد آند بورز «إن دول مجموعة بريكس تتطلع إلى إصدار عملة مشتركة على المدى الطويل على الرغم من الصعوبات التي يفرضها اختلاف مستويات التنمية الاقتصادية بين الدول الأعضاء، وتتطلب هذه الخطوة من الدول الأعضاء التخلي عن مرونة السياسة النقدية وفتح حسابات رأس المال، ما يشكل عائقاً سياسياً بالنسبة لبعض هذه الدول».

وقالت ذهبية جوبتا «تخطط دول المجموعة على المدى القريب إلى زيادة الصفقات المباشرة بالعملات المحلية بدلاً من الدولار الأمريكي للحد من الاعتماد على النظام المالي الأمريكي، ويمثل هذا الإجراء تقييداً جزئياً للتمويل الخارجي بالدولار الأمريكي بالنسبة لبعض الجهات السيادية، ويشجع على إرساء نظم دفع بديلة على نطاق أوسع، ويبرز اليوان الصيني بصفته المستفيد الرئيسي من زيادة التجارة بالعملات المحلية، لأن الصين هي أكبر دولة تجارية في المجموعة، ويواجه اليوان، بصفته عملة احتياطية، عائقاً رئيسياً يتمثل في عدم إمكانية تحويل حساب رأس المال بالكامل».

تمويل سلس

وأوضحت أن فرصة الوصول إلى الدول الأثرياء الأعضاء في مجموعة بريكس وبنك التنمية الجديد للحصول على تمويل سلس تشكل أحد أبرز الأسباب لانضمام الدول منخفضة التصنيف، وأسست مجموعة بريكس بنك التنمية الجديد عام 2014 لتلبية الطلب على الاستثمار في البنية التحتية في الدول الأعضاء، وانضمت الإمارات ومصر إلى البنك في عام 2021، إلى جانب أوروغواي وبنغلاديش، ومع ذلك، تعد محفظة القروض المستحقة لبنك التنمية الجديد صغيرة حالياً، حيث تبلغ قيمتها حوالي 15 مليار دولار أمريكي، مقارنة بأكثر من 400 مليار دولار أمريكي لدى محفظة قروض البنك الدولي و144 مليار دولار لدى بنك التنمية الآسيوي بحسب أرقام نهاية عام 2022.

أزمات المدفوعات

ويعتمد نمو حجم التمويل المستقبلي على ارتفاع مساهمات رأس المال من الدول الأعضاء، كما أنشأت دول المجموعة صندوقاً للعملات الأجنبية بقيمة 100 مليار دولار أمريكي في عام 2014 كإجراء احتياطي طارئ لتخفيف أزمات ميزان المدفوعات، مع العلم أن الدول الأعضاء لم تستفد من ذلك الإجراء حتى الآن.

وذكرت ذهبية جوبتا «ويتطلع بعض الأعضاء للاستفادة من مجموعة بريكس الجديدة لتعزيز نفوذهم السياسي، حيث تبرز دول مثل الصين وروسيا والأرجنتين وإيران كمنافسين جيوسياسيين للغرب، كما تسعى الدول المصدرة للنفط مثل السعودية والإمارات إلى توسيع نطاق وصولها لما يتجاوز منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا».

ويسجل المشهد الجيوسياسي العديد من التقلبات بشكل مستمر، فعلى سبيل المثال، قد تسهم المحادثات الأخيرة بين السعودية وإيران بوساطة من الصين إلى زيادة التقارب بين الدولتين، كما من الممكن أن تعزز المجموعة نفوذها وتأثيرها السياسي اعتماداً على حجم إرادة الدول الأعضاء ومدى دعم نفوذها الاقتصادي المشترك.

Email