محمد المهيري الباحث المواطن في المعلوماتية لـ «البيان الاقتصادي»:

الإمارات الأكثر حماساً للاستثمار في الذكاء الاصطناعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد الباحث الإماراتي محمد عمر المهيري في حقل المعلوماتية والذكاء الاصطناعي، الحاصل على أعلى الشهادات العلمية في تخصص الذكاء الاصطناعي من جامعة «كوين ميري» في لندن، بأن الإمارات تدرك أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي، فهي الدولة الأكثر حماساً للاستثمار فيه، نظراً لتأثيره الإيجابي في إحداث طفرة تطويرية في أساليب الحياة وتطورها.

وأضاف المهيري، في حواره مع «البيان الاقتصادي»، أنه تخرج في الجامعة الأمريكية بالشارقة في عام 2014، ومن ثم التحق بالعمل فور تخرجه متخصصاً في مجال الطائرات المسيرة، حيث أدرك مبكراً أنه خلال العقد المقبل، ستكون الطائرات بدون طيار في كل مكان، وستقوم بمهام مختلفة، وسيتولى مشغلو حركة الطائرات بدون طيّار، وهم فئة مستقبلية جديدة من مراقبي الحركة الجوية، مهمة الإشراف على مسارات الطائرات حتى لا تتسبب في الفوضى، وهو ما دفعه لاستكمال دراسته في مجال الذكاء الاصطناعي.

وأشار المهيري، الذي كان ضمن أول دفعة تخرجت بامتياز في تخصص الذكاء الاصطناعي الأحدث من نوعه، أنه تم ابتعاثه ليسافر بعدها إلى المملكة المتحدة ليحصل على شهادة الماجستير في مجال التنبؤ «بنية الإنسان»، وهو بحث شائك ومعقد، إذ يعتمد على بيانات الذكاء الاصطناعي لمعرفة الخطوة التي يمكن أن يخطوها الإنسان ومعرفة ردود الفعل التي يمكن التنبؤ بها.

وأضاف: كنت أعمل على مشروع متخصص في دراسة نوايا الإنسان في لحظات صعبة وصغيرة، كأن يمسك إنسان يجلس على طاولة شيئاً حاداً بيده ويتحرك، ويمكن قراءة جسم الإنسان والتنبؤ بردة فعله.

وهذه اللحظات فارقة بالنسبة للأمن، لأنه يمكن الحيلولة دون وقوع جريمة خطرة، وهو أسلوب متقدّم في الأمن العام لمنع الجريمة بالتنبؤ بالذكاء الاصطناعي بإيجاد أساليب نوعية لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي يتم الاستفادة منها عملياً في جميع المجالات، والتي تتضمن الأمن والقدرة على التنبؤ بالجريمة، والحوادث المرورية، وتطوير أفضل الممارسات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطويعها لخدمة احتياجات المجتمع.

براءة اختراع

وقال المهيري إنه سيسعى خلال الفترة المقبلة إلى التعاون مع الجهات الصناعية في الدولة، وخاصة بعد حصوله على شهادة براءة الاختراع وحقوق الملكية عن مشروع في استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه في مرحلة الماجستير تناول بحثاً في «التقدير الحقيقي لأوزان السوائل»، حيث قام بتصميم روبوت يمكنه التحكم في صب مادة معينة في حاوية عن طريق الكاميرا، وكانت هذه أول مرة في مجال الذكاء الاصطناعي يتم فيها استخدام كاميرا لتحديد المقادير المباشرة دون استخدام الأوزان، وكانت طفرة في مجال الذكاء الاصطناعي في التحكم بالآلة.

وأضاف أنه بالنسبة للذكاء الاصطناعي في الإمارات يمكننا استخدامه وتوظيفه بشكل عام في جميع المجالات الاقتصادية والتعليمية والصحية، وفي حالات توقيع العقود والخدمات الحكومية يمكن أن نسرّع العمل به بنسبة 100%، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيُشكّل أحد الإمكانات الثورية للأعمال.

وذكر الباحث الإماراتي أنه بالنسبة للدراسة والجامعة، فتحت تقنيات الذكاء الاصطناعي مجالات كثيرة وكبيرة في كل النواحي، مشيراً إلى سعيه المستمر والدؤوب للتحصيل العلمي وإكمال تعليمه والعودة إلى وطنه لرد الجميل لإخوانه من الطلاب في ذات التخصص، من خلال التدريس في إحدى الجامعات الإماراتية، متوقعاً أن يتوسع طلبة الإمارات في دراسة الذكاء الاصطناعي خلال الفترة المقبلة.

أصول الأعمال

ورداً على استفسار حول ماهية الذكاء الاصطناعي، قال المهيري: «بأبسط العبارات، يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي إلى الأنظمة أو الأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام، والتي يمكنها أن تحسن من نفسها استناداً إلى المعلومات التي تجمعها، وهو يتعلق بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات أكثر من تعلقه بشكل معين أو وظيفة معينة.

وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يقدم صوراً عن الروبوتات عالية الأداء الشبيهة بالإنسان، فإنه لا يهدف إلى أن يحل محل البشر، إنه يهدف إلى تعزيز القدرات والإسهامات البشرية بشكل كبير، ما يجعله أصلاً ذا قيمة كبيرة من أصول الأعمال».

وحول إمكانية تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي مع ضمان استخدام البيانات على نحو أخلاقي، قال المهيري: إننا نواجه حالياً تحديات كبيرة على صعيد تحقيق التوازن بين فتح باب الحصول على البيانات من جهة وضمان حماية خصوصية المستخدمين من جهة أخرى، ومن ثم فإننا بحاجة إلى تعديل أطر التنظيم المتبعة حالياً أو اعتماد أطر جديدة لضمان تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم على نحو مسؤول، ومن المهم أيضاً رفع مستوى الوعي وتيسير حلقات النقاش المفتوحة بشأن القضايا المتعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وخصوصية البيانات وأمنها، والمخاوف بشأن التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي على حقوق الأفراد داخل المجتمع.

وتابع: «إننا بحاجة إلى تحديث وتطوير آليات وأدوات جديدة للتنبؤ بالاحتياجات الحالية والمستقبلية الخاصة بمهارات تطوير الذكاء الاصطناعي، والاستناد إليها في إعداد مناهج دراسية تتناسب مع الظروف المتغيرة للاقتصادات وأسواق العمل والمجتمعات».وطالب المهيري بالتوسع في تبني مناهج التعليم بدمج مهارات الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية على جميع المستويات، لا سيّما مؤهلات التعليم والتدريب في المجالين التقني والمهني، والتعليم العالي.

فجوة في المهارات

وأثنى المهيري على ما تقدمه الدولة من خلال برنامج الإمارات للتدريب على الذكاء الاصطناعي، الذي يهدف إلى سد الفجوة في المهارات المطلوبة في قطاع التكنولوجيا ودعم الشباب وتحسين فرصهم لتمكينهم من التغلب على التحديات في قطاع تكنولوجيا المعلومات سريع التغير، مشيراً إلى مبادرات جامعات الإمارات التي لا تتوانى في تسخير إمكاناتها لحفز الطلاب على التقدم في المجال الجديد لبناء رأس المال البشري في مجال الذكاء الاصطناعي، تلك المبادرات التي تشمل تأسيس معهد الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية، وإطلاق برنامج الذكاء الاصطناعي لمراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، بالإضافة إلى إطلاق «تحدي محمد بن زايد العالمي للروبوت 2020»، الجائزة الأغلى في العالم في مجال الروبوت والذكاء الاصطناعي.

رفعة الوطن

تدرك الإمارات أهمية الذكاء الاصطناعي عبر طريقين، أحدهما نقل التكنولوجيا بتبني التقنيات التي تطرحها الشركات العالمية من خلال البحث المستمر عن أفضلها وما يتناسب مع تطور الحياة داخل الدولة، حيث أصبحت حياتنا محاطة بالذكاء الاصطناعي، فنحن نستخدمه في هواتفنا الذكية كل لحظة، والثاني هو توطين التكنولوجيا من خلال دفع أبنائها للتعلم والنهل من هذا المورد الذي يمثل شريان الحياة المستقبلية، ومن ثم لا تدخر الدولة وسعاً في ابتعاث أبنائها إلى كبرى الجامعات العالمية والعودة إلى وطنهم لدفع المسيرة عبر توظيفهم لملكاتهم وإمكاناتهم.

Email