الشركات الإماراتية تستأثر بنصيب الأسد بفضل ملاءتها القوية

نشاط متوقّع للاستحواذات والاندماجات بعد «كورونا»

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

توقع محللون وخبراء اقتصاد نشاطاً غير مسبوق لصفقات الدمج والاستحواذ محلياً وإقليمياً وعالمياً بعد انحسار وتلاشي وباء فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد ـ 19) وذلك مع تأثر المراكز المالية للعديد من الشركات وانخفاض تقييماتها لمستويات متدنية، مشيرين إلى أن الشركات والمؤسسات الإماراتية ستستأثر بنصيب الأسد من هذه الصفقات ولا سيما في ظل قدرتها المالية الجيدة وملاءتها القوية.

وقال المحللون والخبراء، الذين استطلعت «البيان الاقتصادي» آراءهم، إن أزمة «كورونا» الراهنة ستخلق ملايين الفرص الاستثمارية في قطاعات مختلفة وعلى رأسها السياحة والترفيه والسفر والتجزئة وهي أبرز القطاعات المتضررة، مشيرين إلى أن هناك ما يزيد على 10.8 آلاف صفقة حول العالم في مجال الدمج والاستحواذ بقيمة 1.5 تريليون دولار مؤجلة حتى إشعار آخر بسبب الظروف الراهنة والتي تصعب عمليات جمع المعلومات المعقدة للبت في تلك الصفقات.

وأوضح المحللون والخبراء أن التداعيات الحالية لفيروس «كورونا» تؤثر من دون شك في اقتصاديات كافة الدول حول العالم مع سيطرة الترقب والحذر على الشركات والمؤسسات المالية وخصوصاً في ما يتعلق بقراراتهم وتوجهاتهم الاستثمارية على المدى القريب، مشيرين إلى أن عمليات الدمج والاستحواذ هي السبيل الوحيد للشركات لتوحيد الجهود وخفض التكاليف وزيادة الإيرادات وامتلاك حصص أكبر في السوق.

ويقصد بالاستحواذ، السيطرة المالية والإدارية لجهة معينة على نشاط شركة أخرى، وذلك عن طريق تملك أوراق مالية في الشركة المستحوذ عليها سواء من خلال اتفاق أو صفقة أو ترتيب خاص ينتج عنه تمكن الجهة المستحوذة من امتلاك حصة في رأس مال أو حقوق تصويت الشركة المستحوذ عليها.

بينما يعني الاندماج، توحد أو التحام شركتين أو أكثر في شركة واحدة أكبر حجماً، بحيث يتم نقل الذمة المالية وكافة الحقوق والالتزامات من الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة، بمعنى ذوبان الشركات المندمجة لصالح ظهور كيان جديد أو قائم ينتقل إليه جميع حقوق والتزامات الشركات المندمجة.

ملايين الفرص

قال رضا مسلم الشريك والمدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية والإدارية، إن الظروف التي يشهدها العالم بسبب فيروس «كورونا» ستخلق ملايين الفرص الاستثمارية من خلال عمليات الاندماج والاستحواذ، ولا سيما أن هناك الكثير من الشركات تعاني أوضاعاً ماليةً صعبةً.

وأضاف مسلم إن الشركات الإماراتية ذات الوضع المالي الجيد والملاءة القوية ستكون مؤهلة لاقتناص هذه الفرص وسط توقعات بإقدامها على عمليات استحواذ وربما الاندماج بهدف تعزيز وتوحيد الجهود، مشيراً إلى أن الوقت الراهن يعد فرصة جيدة لدراسة الأوضاع والانتظار لحين انحسار الوباء والقضاء عليه ومن ثم البدء باقتناص الفرص.

وذكر مسلم أن الاقتصاد العالمي لن يعود كما كان بعد القضاء على فيروس «كورونا» حيث ستتغير وتتبدل آليات عمل محركات الاقتصاد وبالتالي الاقتصادات الإقليمية، كما سيتغير عمل الصناديق والمنظمات الدولية الخاصة والمختصة بتطوير مبادئ آلية الأسواق بمختلف أنواعها.

ويرى مسلم أن التعافي من آثار كورونا سيأخذ وقتاً ليس قليلاً، كما أن العالم سوف يأخذ وقتاً طويلاً، إضافة إلى أن الدروس المستفادة من تلك الأزمة الطاحنة سوف تأخذ وقتاً طويلاً للاستفادة منها ووضع حلول لها.

وتوقع المدير العام لشركة «تروث»، ظهوراً حقيقياً للصناديق المتخصصة في الفترة القادمة لدعم وتعزيز القطاعات الاقتصادية الموجهة لها، إلى جانب النشاط المتوقع لعمليات الاستحواذات والاندماجات لكيانات اقتصادية (شركات ومؤسسات وهيئات) محلية وإقليمية ودولية، لإعادة النشاط والحيوية في تلك الكيانات الاقتصادية.

تدفق السيولة

وقالت عميرة علي، الشريكة، ورئيسة قسم الأعمال المصرفية للشرق الأوسط وقسم التمويل الإسلامي بشركة «دي دبليو إف»، إن هناك العديد من الأصول الموجودة في الأسواق الإقليمية تتضمن أساسيات ممتازة ولكنها تعاني مشكلات خاصة بتدفق السيولة نتيجة الوضع العالمي الراهن الناجم عن وباء «كورونا».

وأضافت عميرة إن الأوضاع الراهنة ستتيح الفرصة لصناديق التحوط الاستثمارية بتملك أصول جيدة وبأسعار أقل من سعر السوق، حيث من المتوقع أن نشهد زيادة في صفقات الشراء ومن الممكن قيام صناديق التحوط بشراء تلك الأصول وإعادة هيكلتها عن طريق الحصول على نسبة أقلية أو النسبة المسيطرة ومن ثم الخروج عند تحسن وضع السوق.

وقال الخبير الاقتصادي علي الحمودي، إن العديد من الشركات الإقليمية وخصوصاً في الإمارات ستستفيد من التقييمات المنخفضة بمجرد هدوء الأوضاع الراهنة وانحسار فيروس «كورونا»، مشيراً إلى أن معظم الأسهم حول العالم شهدت تراجعات حادة وانخفضت مستويات الثقة بالعديد من الشركات العالمية.

وأضاف الحمودي: «نعتقد مع زوال الأزمة الراهنة ستكون هناك آلاف الفرص الاستثمارية وسيراها البعض صفقات الأحلام ولا سيما في القطاعات ذات أسعار الصفقات المعقدة مثل التكنولوجيا».

وأوضح الحمودي أنه من المستبعد التفكير في أي صفقات استحواذ ولا سيما أن أهداف الاستحواذ تطالب المشترين بتقييم الأسهم بالقرب من أعلى مستوياتها في 52 أسبوعاً، موضحاً أنه في حال استمرت اضطرابات الأسواق الإقليمية فإن شركات الأسهم الخاصة الكبرى، التي جمعت صناديق ديون كبيرة في السنوات الأخيرة، على استعداد لشراء الأصول بسعر متدنٍ.

 

تقييم المحافظ

وقال ديفيش مامتاني، مدير المخاطر المالية رئيس قسم الاستثمارات والاستشارات لدى «سنشري فاينانشال»، إن معظم الشركات في الوقت الراهن تحاول استيعاب الأثر المتوسط وطويل الأجل لفيروس كورونا على مختلف قطاعات الاقتصاد العالمي، حيث من المحتمل أن تتأثر العديد من الشركات في قطاعات مثل الطيران والسفر والسياحة والضيافة والتجزئة بشكل كبير.

وأضاف مامتاني إن الشركات تحاول بشكل صارم فهم كيف ستؤثر مشكلة سلسلة التوريد الناشئة عن مراكز الفيروسات السابقة والحالية مثل الصين والولايات المتحدة في أعمالهم، فيما تحاول صناديق الأسهم الخاصة وهي العمود الفقري لصناعة عمليات الدمج والاستحواذ تقييم محافظها الحالية من أجل حمايتها من التباطؤ العالمي المستمر.

ولفت إلى أن نشاط الصفقات الأسبوع الماضي بلغ 12.5 مليار دولار، وهو أدنى إجمالي أسبوعي منذ الأزمة المالية في 2008-2009، بينما بالنسبة للصفقات في الربع الأول، فانخفض حجم عمليات الاندماج والشراء بنسبة 28% عن العام الماضي إلى 698 مليار دولار، وهو أدنى رقم للربع الأول منذ 2016، موضحاً أنه بالنظر إلى مجريات الصفقات، فهناك نحو 10.8 آلاف صفقة معلقة عالمياً في مجال الدمج والاستحواذ بقيمة 1.5 تريليون دولار تم الإعلان عنها العام الماضي.

حصص كبيرة

وقال رئيس قسم الاستثمارات والاستشارات لدى «سنشري فاينانشال»، إن الشركات واللاعبين الكبار في مجال الأسهم الخاصة باتوا أكثر حذراً من أجل حماية ممتلكاتهم والتركيز بشكل أكبر على السيولة والتصنيف والملف الائتماني لشركاتهم القابضة الكبيرة، حيث إن الأزمة الحالية تختلف تماماً عن الأزمة المالية عام 2008.

ولفت إلى أنه من المحتمل أن تشهد صناعة الاندماج والشراء المزيد من النشاط في الفترة القادمة مع رغبة الشركات الكبيرة وصناديق الشركات الحاضنة في أموال ضخمة للاستفادة من التقييمات الرخيصة لشراء حصص كبيرة.

اتفق مع الآراء السابقة، إياد أبو حويج، المدير العام لشركة الشركاء المتحدون للاستثمار، على أن حالات عدم اليقين المتعلقة بفيروس كورونا تسببت في انخفاض قيمة الشركات ذات الأساس القوي إلى حد كبير، مشيراً إلى أن العديد من الشركات إقليمياً وعالمياً تعاني تحديات وظروفاً صعبة حتى مع وجود نماذج أعمال قوية إلى حد كبير.

وبحسب هيئة الأوراق المالية والسلع في الدولة، فإن هناك أربعة أنواع من عمليات الاستحواذ، يمكن أن تتم على أسهم في رؤوس أموال الشركة المساهمة العامة المؤسسة في الدولة، والتي طرحت أسهمها في اكتتاب عام، أو مدرجة في أحد الأسواق المالية بالدولة، وهي: «الإجباري»، و«الاختياري»، و«الجزئي»، و«الإلزامي».

بينما توضح هيئة الأوراق المالية أن هناك نوعين من الاندماج، الأول: عن طريق الضم ويعني حل وانقضاء شركة، أو أكثر، وإنهاء شخصيتها الاعتبارية، ونقل ذممها المالية، وكل حقوقها والتزاماتها إلى شركة قائمة، بينما النوع الثاني وهو عن طريق المزج، ويعني حل شركتين، أو أكثر، وإنهاء شخصيتها الاعتبارية، ونقل ذممها المالية وكل حقوقها والتزاماتها إلى شركة جديدة.

698

وفقاً لبيانات شركة «ريفينيتيف» للبيانات المالية، انخفض نشاط الاندماجات والاستحواذات العالمي بنسبة 28 % خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري في ظل ضعف النشاط الاقتصادي بسبب فيروس «كورونا»، لينخفض إجمالي حجم الصفقات العالمية إلى 698 مليار دولار، وهو المستوى الأدنى منذ عام 2016، من 964 مليار دولار في الربع الأول من 2019.

ونزل نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ في الولايات المتحدة بمقدار النصف إلى 252 مليار دولار، وانخفضت أحجام تلك الصفقات في آسيا 17% على أساس سنوي إلى 142.9 مليار دولار، بينما زاد حجم الصفقات في أوروبا بأكثر من الضعف إلى 232 مليار دولار.

Email