زيادة التوطين بالقطاع المصرفي إلى 40 ٪ خلال 3 سنوات

«المركزي»: الاقتصاد الوطني مستمر في وتيرة الانتعاش

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال معالي مبارك المنصوري، محافظ المصرف المركزي، إن إنشاء اقتصاد مستدام ومتنوع والحفاظ عليه هو ركيزة مهمة في رؤية الإمارات على المدى الطويل، مشيراً إلى أن الاقتصاد القوي والمتنوع يتطلب نظاماً مصرفياً قوياً وقادراً على تحمل الصدمات، إلى جانب الوساطة المالية الناجحة والرقابة الفعالة.

وأكد أن أحدث توقعات المصرف المركزي تشير إلى أن الاقتصاد مستمر في وتيرة الانتعاش، حيث يُتوقع أن يبلغ إجمالي النمو 2.4% في عام 2019، بما في ذلك نمو بنسبة 1.4% في القطاعات غير النفطية ونمو بنسبة 5% في القطاعات النفطية.

جاء ذلك خلال فعاليات النسخة السابعة من الملتقى المصرفي في الشرق الأوسط الذي نظمه اتحاد مصارف الإمارات أمس بمشاركة أكثر من 500 ممثل من بينهم محافظون ومديرون تنفيذيون من مصارف رسمية وهيئات مالية وشركات قطاع خاص.

مؤشرات إيجابية

وأشار محافظ «المركزي» إلى أن القطاع المصرفي الإماراتي يعد الأكبر في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يبلغ إجمالي الأصول فيه 824 مليار دولار (3.02 تريليونات درهم) بنهاية سبتمبر، مشيراً إلى أن نمو القطاع المصرفي في الدولة تدعمه مؤشرات تعكس متانة الوضع المالي، وتشهد على ذلك كفاية رأس المال الإجمالي ومعدلات كفاية رأس المال من المستوى 1 بنسبة 17.7% و16.5%، مبيناً أن كلا المعدلين أعلى بكثير من المعدلين اللذين تنص عليهما المتطلبات التنظيمية وهما 13% و8.5% على التوالي.

علاوةً على ذلك، ما زال النظام المالي يتمتع بسيولة عالية، حيث تبلغ نسبة الأصول السائلة المؤهلة 17.6%، وهي نسبة أعلى بكثير من الحد الأدنى الذي تنص عليه المتطلبات التنظيمية والبالغ 10%.

وأشار إلى أن النظام المالي في الإمارات جاء في المركز الحادي والثلاثين من بين 141 دولة، وذلك وفقاً لتقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي 2019.

كما تقع جميع التصنيفات الائتمانية للمصارف الوطنية في الدولة ضمن المستويات «A» أو بالقرب منها وفق ما حددته 3 وكالات تصنيف رئيسية. وحافظ القطاع المصرفي الإماراتي على ربحيته، حيث ارتفع صافي الأرباح 9.9% على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2018 ليبلغ 41 مليارا.

وأكد أن مؤشرات أداء القطاع المالي توضح قوة النظام المصرفي المحلي ومرونته، ولكن، باعتبارنا مجتمعاً مصرفياً، يجب ألا نفرط في شعورنا بالرضا في ظل عدم الاستقرار العالمي والتباطؤ الاقتصادي في العديد من الأسواق الناضجة.

التوطين

وشدد محافظ المصرف المركزي على أهمية التوطين ورعاية الشباب، مشيراً إلى أن ذلك يقع في صميم أنشطة المركزي عندما اعتمدنا استراتيجية التوطين تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر عام 2015، لافتاً إلى أن أحدث البيانات تشير إلى أن 26.1% من القوى العاملة في القطاع المصرفي من الإماراتيين.

وأوضح المنصوري أنه من الممكن أن يحتضن هذا القطاع المزدهر المزيد من الإماراتيين، حيث نهدف إلى تحقيق زيادة في عددهم إلى نحو 40% في السنوات الثلاث المقبلة. سيتم تحقيق ذلك من خلال تطبيق نظام النقاط لضمان توزيع معقول لأولئك العاملين بين المصارف على أساس حجمها.

وذكر أن نظام النقاط يراعي أيضاً المواقع التي يشغلها الإماراتيون في التسلسل الإداري للمؤسسات، حيث يبلغ عدد النقاط المستهدفة الذي نسعى لبلوغه بنهاية هذا العام 29736 نقطة، وقد أنجزت المصارف حتى الآن 28050 نقطة.

وتابع: «نراقب عن كثب التقدم الذي تحرزه المصارف ومبادراتها الرامية إلى إنجاز التوطين، ونؤكد أن بعض الكيانات بحاجة إلى تسريع وتيرة توظيفه الإماراتيين وتطويرهم».

مصالح المودعين

وقال إن المركزي يواصل رصد تدابيره وتعزيزها بغرض ضمان أمان نظامنا المصرفي وسلامته، وحماية مصالح المودعين، مع تعزيز الشفافية والمعاملة العادلة، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز مالي دولي.

وأضاف أنه لتحقيق هذه الأهداف، شرع المركزي في تنفيذ عدد من المبادرات، بما في ذلك تطبيق الإشراف المستند إلى المخاطر، وذلك بما يتوافق مع مبادئ بازل الأساسية للإشراف المصرفي الفعال، موضحاً أنه تماشياً مع رؤية الدولة في أن تصبح مركزاً مالياً معترفاً به دولياً، وبصفتها عضواً مراقباً في لجنة بازل للإشراف المصرفي، نفّذ المصرف لوائح بازل 3 في الدولة.

وأوضح أن ذلك تضمّن لوائح التعرض الكبير عام 2013 ولوائح مخاطر السيولة عام 2015 ولوائح رأس المال عام 2017، حيث شارف تنفيذ إطار عمل بازل 3 لرأس المال في الإمارات والسعودية على الانتهاء، وذلك مع نشر المعايير والإرشادات التفصيلية في شهر يونيو 2019.

وأوضح أن التأثير الإجمالي لتنفيذ لوائح رأس المال المتوافقة مع إطار عمل بازل 3 على نسب المستوى 1 من الأسهم المشتركة لكل المصارف في الإمارات يقدر بأقل من 100 نقطة أساسية.

وتابع المنصوري: «أُنجِزَ نصف هذا التأثير في عام 2018، بينما سيرى النصف الثاني بحلول الربع الثاني من عام 2020. ويمنح ذلك القطاعَ المصرفي الوقت لاعتماد اللوائح الجديدة».

مستويات عالية

وأشار إلى أنه بفضل المستويات العالية لرأس المال والسيولة، لم يسبب تنفيذ معايير بازل 3 ضغطاً كبيراً على المصارف في الدولة، إضافةً إلى ذلك، يجري إنشاء فرق متخصصة للإشراف على أمن معلومات مكافحة غسل الأموال والسلوك السوقي والامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية. وسينضم إلى هؤلاء المتخصصين فريق من المحللين الكميين الذين سيدرسون النماذج التي تستخدمها المصارف حالياً، بما فيها IFRS9.

وقال إنه بعد مشاورات واسعة النطاق في أوساط القطاع المصرفي، تم نشر لائحة حوكمة شركات خاصة بالمصارف في أغسطس. ويعد هذا تطوراً كبيراً يؤكد أهمية ثقافة الحوكمة الرشيدة والكفاءة المنتظرة من كبار الموظفين الذين يديرون المصارف ويشغلونها.

تمويل إسلامي

وأوضح أن المصرف المركزي يعمل مع القطاع المصرفي لمواصلة تطوير التمويل الإسلامي، وذلك بما يتماشى مع رؤية الدولة في أن تصبح مركزاً دولياً رائداً للتمويل الإسلامي، حيث تمثل المصارف الإسلامية في الوقت الراهن نسبة 18.7% من إجمالي أصول القطاع المصرفي، بينما بلغت نسبتا تمويلها الإجمالي وودائعها 21,4% و22% على التوالي من القيمة الإجمالية بنهاية سبتمبر.

ولفت إلى أن الإطار المقترح من قبل المركزي بشأن التمويل الإسلامي يتضمن لوائح وتحسينات جديدة لدعم البنية التحتية، إضافةً إلى التدريب والتعليم.

وهو يحدد الأهداف على المديين المتوسط والطويل لتطوير بيئة عالية المستوى ومتوافقة لتشجيع التمويل الإسلامي وتسهيله في الدولة، وسيتضمن الإطار التنظيمي الثنائي الناتج معايير تحوطية معترفاً بها دولياً للمصارف الإسلامية.

الشركات الصغيرة

وأكد أن تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة يعدّ أولوية قصوى لدى المصرف المركزي، حيث لا يحظى هذا القطاع بالقدر الكافي من الخدمات من مصارفنا فيما يتصل بتأمين التمويل المناسب، مبيناً أنه لتوفير مزيد من الدعم لهذا القطاع الحيوي من حيث إيجاد فرص العمل والتنويع وتعزيز الصادرات، أطلق المركزي مسحه الأول عن الشركات بالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة، وشمل المسح عيّنة كبيرة من الشركات بالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة ذات الأنشطة المتنوعة والتي تنتمي إلى قطاعات مختلفة.

وشدد على أهمية التعاون القائم مع أصحاب المصلحة الرئيسيين لوضع اللمسات الأخيرة على استراتيجية وطنية لتطوير الشركات بالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك العوامل التي تمكّن من تعزيز قابلية هذا القطاع لتلقي التمويل من المصارف مع ضمان استدامة التنمية في الدولة .

ثورة تكنولوجية

من جانبه، قال عبد العزيز الغرير، رئيس اتحاد مصارف الإمارات، إن العالم يشهد ثورة تكنولوجية وابتكارات مستمرة في مجال الخدمات المالية، مما يفرض على القطاع المصرفي أن يتغير لمواكبة هذه التطورات.

وقال: «نحن الآن مستعدون لإطلاق محفظة الإمارات الرقمية، وهي مبادرة فريدة من نوعها شارك في تطويرها 16 مصرفاً بارزاً في الدولة، والمصرف المركزي، واتحاد مصارف الإمارات. حيث تقدّم نظاماً متطوراً لإجراء عمليات الدفع بين الأفراد بهدف تحويل 60% من المعاملات النقدية في الدولة إلى تعاملات رقمية.

منصة تشارك

وأوضح الغرير أن اتحاد مصارف الإمارات أطلق أيضاً منصة «تشارك»، وهي أداة تهدف إلى مساعدة المصارف على التصدي للمخاطر والتهديدات السيبرانية بشكل أفضل من خلال تبادل المعلومات المتعلّقة بهذه التهديدات فيما بينها.

ونجحت المنصة في تحسين سرعة الكشف عن الهجمات والاستجابة لها، حيث ارتفاع عدد المصارف المنضمة إلى المنصة لتبادل المعلومات المتعلقة بالتهديدات السيبرانية إلى أكثر من 34 مصرفاً وأكثر من 100 مستخدم.

مكافحة الاحتيال

وقال رئيس اتحاد مصارف الإمارات، أنه في إطار الجهود المستمرة لمحاربة الجريمة المالية، تم طرح خطط للتصدّي للشيكات المزيفة، وأقبلت المصارف الأعضاء في الاتحاد بشكل متزايد على استخدام رمز الاستجابة السريع «QR» وتقنية التشفير المعزّزة لتحسين مستوى أمن الشيكات.

وقمنا بالتعاون الوثيق مع وزارة العدل والمصرف المركزي بتطوير نظام إلكتروني لاختبار واعتماد الخبراء المصرفيين في محاكم دبي والمناطق الشمالية.

الرهن العقاري

وتابع الغرير: «نعمل أيضاً على تنفيذ مراجعة شاملة لمنظومة الرهن العقاري بالتنسيق مع دائرة الأراضي في دبي ودائرة التخطيط العمراني والبلديات في أبوظبي بهدف تحسين تجربة العملاء. وقام الاتحاد أيضاً بتطوير مشروع إطار سلوكيات البيع المسؤول، والذي تم تنفيذه في عام 2018.

وأشار إلى تطوير آلية موحّدة للتعامل مع شكاوى العملاء بالتنسيق مع المصرف المركزي بهدف تبسيط إجراءات الردّ على الشكاوى، وهي الآن قيد التطبيق.

وأضاف: قمنا أيضاً، بالتعاون مع المصرف المركزي، بمراجعة وتقييم «إطار عمل مكافحة غسل الأموال والامتثال لقرارات العقوبات».

ولفت إلى إطلاق الاتحاد استبيان مؤشر الثقة السنوي قبل 5 سنوات، بمعرفة آراء مستخدمي الخدمات المصرفية حول ثقتهم في المصارف الإماراتية، موضحاً أن استبيان مؤشر الثقة لعام 2018 كشف أن 74% من المشاركين أكدوا ثقتهم الكبيرة بالقطاع المصرفي الإماراتي، مقارنةً بـ68% في 2017.

ابتكار مالي

أشار معالي مبارك المنصوري، إلى خطط المصرف المركزي لتأسيس مكتب للتكنولوجيا المالية في المستقبل القريب بهدف مواصلة الابتكار المالي في القطاع المصرفي، وذلك بدعم من السلطات الوطنية.

وذكر أن المصرف وضع استراتيجية للتكنولوجيا المالية تضم 5 ركائز استراتيجية للمساعدة في بناء بيئة التكنولوجيا المالية، الأولى هي البحث وتقديم المشورة وتطبيق حلول التكنولوجيا المالية لتلبية احتياجات القطاع المصرفي، والثانية تأسيس واجهة تنظيمية بين المشاركين في السوق والوظائف التنظيمية للمصرف المركزي، أما الثالثة فهي تبادل أفكار التكنولوجيا المالية وتيسير المشاريع المشتركة بين السلطات الرئيسية وأصحاب المصلحة، والرابعة: تلبية الاحتياجات المتنامية للتكنولوجيا المالية في الدولة، والخامسة: إنشاء نموذج شراكة مع السلطات التنظيمية الرئيسية عبر الحدود وأصحاب المصلحة.

مناقشة أبرز التحديات والفرص

أكد فيليب كينغ، الرئيس العالمي لقطاع الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف أبوظبي الإسلامي، أن الملتقى المصرفي في منطقة الشرق الأوسط يشكل حدثاً بارزاً في أجندة فعاليات القطاع المصرفي في الدولة، فهو يوفر منصّة استثنائية تتيح للمشاركين مناقشة أبرز التحديات والفرص التي يواجهها القطاع المصرفي.

وأوضح أن مصرف أبوظبي الإسلامي يتطلع إلى مشاركة تجاربه وخبراته في إيجاد حلول مصرفية رقمية ومبتكرة قادرة على تلبية احتياجاتهم وتوقعاتهم المالية المتنامية.

وفي إطار تنفيذنا لاستراتيجية الابتكار الرقمي، فإننا نواصل جهودنا المبذولة لتطوير تجربة مصرفية أكثر بساطة وسلاسة تتماشى مع تطلعات عملائنا، سواءً عبر تطبيق الهواتف الذكية أو المنصّات المصرفية الإلكترونية أو فروعنا المصرفية.

وقال شهباز خان، مدير عام فيزا في الإمارات، إن التعاون مع الملتقى المصرفي في الشرق الأوسط كشريك حصري للمدفوعات يمتد إلى عدة سنوات، فهو منصة رائدة للتواصل مع أبرز اللاعبين في القطاع ومشاركتهم الرؤى حول مشهد المدفوعات الرقمية في المنطقة.

وقد حظينا بفرصة متميزة لمشاركة العديد من الحقائق المهمة حول الخيارات المصرفية وخيارات المدفوعات التي يفضلها الشباب من جيل الألفية، وكيفية التعاون مع البنوك لاستقطاب هذه الشريحة المتنامية والحفاظ عليها، لا سيما أنها تشكل نسبة مرتفعة من عملائنا.

Email