العواطف والشائعات تحكم قرارات معظمهم بعيداً عن معطيات الشركات

وعي المستثمرين بالأسهم.. تحسّن دون المأمول

الوعي الاستثماري للمستثمرين بالأسواق المحلية أفضل حالا مما كان عليه قبل 2008 | تصوير: زافيير ويلسون

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال خبراء أسواق مال ومحللون ماليون إن الوعي الاستثماري لدى المستثمرين الأفراد في الأسواق المحلية شهد بعض التحسن مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عام 2008، ولكنه لا يزال دون المستوى المأمول له.

وأضاف الخبراء لـــ«البيان الاقتصادي»، إن ثقافة المستثمر المحلي تعتبر إحدى العوامل الرئيسة التي تحدد مسار أسواق الأسهم في ظل سيطرة الاستثمار الفردي والمضاربي على التداولات التي تحكمها في كثير من الأحيان العواطف والشائعات دون النظر إلى المعطيات الحقيقية للشركات والاقتصاد الكلي للدولة. وأكدوا أن زيادة درجة الوعي بين أوساط المتعاملين هي الحل لتقليل مخاطر الاستثمار في الأسهم، وتعتبر توعية المستثمرين إحدى أهم المسؤوليات التي تقوم هيئة الأوراق المالية والسلع بالتركيز عليها، وذلك بطرق متنوعة ومؤثرة لتصل بسهولة إليهم، حيث يتم إطلاق حملات ممنهجة لاستهداف كل أطياف المستثمرين سواء الأفراد أم المؤسسات.

تجارب وخبرات

وقال وليد الخطيب، مدير شريك في شركة «جلوبال» لتداول الأسهم والسندات، إنه على الرغم من التجارب والخبرات التي اكتسبها المستثمرون الأفراد في الأسواق المحلية خلال الأعوام العشرة الماضية إلا أن فئة كبيرة منهم لا يطلعون على القوائم المالية للشركة ولا يحرصون على حضور الجمعيات العمومية، ومتابعة أخبار الشركات وميزانياتها، مؤكداً أن ضعف الثقافة الاستثمارية يبقى أحد الأسباب الرئيسية التي لا تزال تؤثر سلباً في الأسواق.

وأضاف إن زيادة درجة الوعي بين أوساط المتعاملين هي الحل لتقليل المخاطر في الاستثمار بالأسهم، والتي من شأنها أيضاً تقوية الأداء الاستثماري ومنحه مزيداً من الثقة والثبات، لأنه بهذه الحال بات يقوم على قاعدة معرفية معمقة بدلاً من أن يقوم على الشائعات والاحتمالات العشوائية.

قرارات عاطفية

ومن جهته، يرى وضاح الطه، المحلل المالي وعضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية بالإمارات، أن الوعي الاستثماري شهد بعض التحسن مقارنة بما كان عليه قبل عام 2008، ولكن لا يزال هذا التحسن دون المأمول، حيث إن هناك بعض الأخطاء التي يرتكبها المستثمرون على الصعيد الفردي، ومنها الدخول غير المدروس في البورصة واتخاذ قرارات عاطفية في التداول واتباع توصيات غير موثقة إلى جانب الغياب الواضح الذي تسجله هذه الشريحة في اجتماعات الجمعية العمومية للشركات المساهمة، ثم عدم متابعتهم لحقيقة أنشطة الشركات من خلال التقارير والميزانيات السنوية ما يقودهم إلى الخسائر .

ولفت إلى أن رفع الثقافة الاستثمارية بين أوساط المستثمرين هي مسؤولية مشتركة بين كل الأطراف المتعاملة في الأسواق المحلية وعلى رأسها هيئة الأوراق المالية والسلع وأسواق المال إلى جانب شركات الوساطة نظراً لأهمية الثقافة الاستثمارية وارتباطها بالاقتصاد الوطني.

تحديد المسار

وقال إيهاب رشاد خبير أسواق المال، إن ثقافة المستثمر المحلي تعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تحدد مسار أسواق الأسهم في المرحلة الراهنة في ظل سيطرة سيولة الاستثمار الفردي والمضاربي على التداولات التي تحكمها العواطف والشائعات بغض النظر عن المعطيات الحقيقة للشركات والاقتصاد الكلي للدولة، مؤكداً أن وعي المستثمرين شهد تحسناً ملحوظاً بفضل برامج التوعية التي تقوم بها هيئة الأوراق المالية والسلع. وأكد أن الوعي التام بمخاطر الاستثمار والإلمام بالحد الأدنى من قراءة البيانات المالية وحسن الاختيار هي من أساسيات التداول للمستثمرين الأفراد.

مرونة ووعي

وقال ديفيش مامتاني، رئيس الاستثمار والاستشارات (الأسواق المالية) في شركة «سينشري فاينينشال»: أفضت الأزمة المالية العالمية في العام 2008 إلى جعل المستثمرين في الدولة أكثر وعياً بشأن خيارات الاستثمار، حيث لم يعد يغريهم العوائد الكبيرة بقدر تركيزهم على الاستثمار في المنتجات الأقل مخاطرة.

وأوضح أن غالبية المستثمرين يفضلون الآن الحصول على البحوث والاستشارات المناسبة لمنتجاتهم جنباً إلى جنب مع الاستعانة بمستشار مالي يمكنه الاهتمام بمتطلباتهم، وذلك في زيادة تطور الأسواق المالية يوماً بعد آخر من خلال إدخال تقنيات ومنتجات جديدة، فهناك دائماً حاجة إلى مشورة سليمة تلبي احتياجات المستثمر العادي. ولفت إلى أن الجانب البارز الذي يفصل بين سلوك المستثمرين في سوقي دبي وأبوظبي هو الطبيعة المغامرة لمستثمري دبي مقارنة مع النهج المحافظ في أبوظبي.

الاستثمار الأخلاقي

وعن أبرز ملامح المستثمرين الأفراد في أسواق الدولة، قال إن الاستثمار الأخلاقي يعد من أبرز الميزات التي تحدد نفسية المستثمر الإماراتي، ووفقاً للاستطلاع الذي أجراه أخيراً المستشارون العالميون وشركات أبحاث السوق، فإن أكثر من 80٪ من المستثمرين الإماراتيين يؤمنون بمفهوم تطلعي، حيث يتوقع معظمهم زيادة في الثروة في حالة إجراء استثمار مستدام مناسب، فيما يبحث معظم المستثمرين المتطلعين إلى الدولة أيضاً عن الفرص القادمة في مختلف المجالات الجديدة بما في ذلك التقنيات والاستدامة والعمل الخيري.

حفز الاستثمار المؤسسي

ومن جهته قال علي العدو، رئيس إدارة الأصول لدى «ضمان للاستثمار»، إن الاستثمار الفردي لا يزال هو المسيطر، حيث يستحوذ على الحصة الأكبر (70 - 80%) من التداولات في الأسواق المحلية، فيما لا تزال نسبة الاستثمار المؤسسي دون المستوى التي نعوّل عليها لزيادة نشاط الأسواق المالية، ما يمثّل عقبة أمام زيادة تطور الأسواق وارتفاع مستوى كفاءتها وعمقها ونضجها، هذا إلى جانب ضعف الوعي الاستثماري لدى الأفراد. وطالب بضرورة حفز الاستثمار المؤسسي المحلي والأجنبي، بما يرفع زخم السوق، وبالتالي يسهم في زيادة ثقة المستثمرين.

وأكد أن ثقافة الاستثمار تتحسن مع زيادة الاستثمار المؤسسي في الأسواق بشكل عام، حيث تقلل سيطرة الاستثمار الفردي على الأسواق، مشدداً على ضرورة مراقبة الأخبار اليومية والإفصاحات الصادرة عن الأسواق المالية، وعدم الانجرار وراء الشائعات.

المستثمر والمضارب

وأفادت هيئة الأوراق المالية والسلع بأن أسواق المال تتضمن نوعين رئيسين من المتعاملين هما: المستثمر والمضارب.

وبينت الهيئة، في إفادة لها، أن المستثمر هو الشخص الذي يهدف إلى اقتناء أصل معين بهدف تحقيق عائد منه في المستقبل، وتتنوّع الأصول التي يمكن للمستثمر شراؤها، وذلك مثل الأسهم، والسندات، والعقارات، والسلع وغيرها من الأصول الأخرى، وعادة ما يقوم المستثمر بتكوين محفظة استثمارية تحتوي على مجموعة من هذه الأصول لتقليل الأخطار وزيادة الأرباح، ويحتفظ المستثمر باستثماراته لمدة طويلة للحصول على توزيعات الأرباح والفوائد المستحقة (كما هي الحال في الأسهم والسندات).

أما المضارب، وهو الشخص الذي يهدف إلى تحقيق عائد من عملية شراء الأصل نفسه أو بيعه خلال مدة زمنية قصيرة، ولذلك يقبل المضارب التعرض لأخطار كبيرة، خصوصاً في محاولة توقع الأحداث المستقبلية والمغامرة بما يشبه المقامرة أملاً في تحقيق أرباح سريعة وكبيرة. ولا يُركز المضارب على أداء الشركات عند شراء أسهمها وإنما فقط مدى تحقيقه المكاسب الرأسمالية في الأجل القصير.

مشروع وطني للتوعية

يمثل «المشروع الوطني لتوعية المستثمرين والشمول المالي» الذي أطلقته هيئة الأوراق المالية والسلع عام 2017، خطوة مهمة لتعزيز الوعي الاستثماري لدى صغار المستثمرين وحديثي العهد بالأسواق عبر تدشين حملات إعلامية واتصالية واسعة النطاق، بما يرمي إلى تنمية الثقافة الاستثمارية لدى جميع المتعاملين بالأسهم المحلية والعاملين بصناعة الخدمات المالية (كالوسطاء والمحللين الماليين)، ومسؤولي الإفصاح بالشركات المدرجة، وأعضاء مجالس إدارات الشركات المدرجة، وطلبة المدارس والجامعات.

Email