خبراء ومحللون لـ« البيان الاقتصادي»:

5 عوامل وراء الإدراج الخارجي للشركات المحلية

التواجد في الأسواق المحلية يضمن للشركات المدرجة حضوراً أكبر في أوساط المستثمرين | تصوير : زافير ويلسون

ت + ت - الحجم الطبيعي

حدد مسؤولون وخبراء معنيون بقطاع أسواق المال في الدولة، 5 عوامل رئيسية تدفع شركات كبرى إماراتية للسعي إلى الإدراج في البورصات العالمية، وهي: التوجه لأسواق ذات سيولة كبيرة، وجذب اهتمام أكبر من قبل المستثمرين العالميين للشركات والإمكانات المحلية، والبيئة التنظيمية الداعمة لنشاط الاكتتابات العامة، والانفتاح على عدد أوسع من المستثمرين، وتوفير بدائل استثمارية وجذب شرائح جديدة من المتعاملين.

وقال المسؤولون والخبراء، الذين استطلع «البيان الاقتصادي» آراءهم، إن السيولة الكبيرة التي تتمتع بها أسواق المال البريطانية والأمريكية تحفز تلك الشركات الراغبة في الطرح الخارجي الحصول على مصادر تمويل لاستكمال مشاريعها الجديدة وخططها التوسعية.

وأخيراً شهدت الأسواق موجة من الإدراجات المحلية في أسواق المال العالمية الكبرى، لا سيما في لندن ونيويورك.

وحصلت شركة «نتورك إنترناشيونال القابضة»، التابعة لبنك الإمارات دبي الوطني، في شهر أبريل الجاري على إذن التداول في بورصة لندن للأوراق المالية، فيما أكدت شركة فينابلر، ومقرها الإمارات، المتخصصة في حلول الدفع والصرافة عزمها المضي قدماً في طرح عام أولي في لندن.

وقالت فينابلر، التي تضم علامات تجارية من بينها الإمارات العربية المتحدة للصرافة وترافيليكس القابضة وإكسبريس موني، أخيراً، إن السعر النهائي للطرح سيتم تحديده عقب عملية بناء دفتر أوامر الاكتتاب، مع توقعات حالياً بإدراج الأسهم في مايو الجاري.

فيما أعلنت «بروج للاستثمارات البترولية والغاز»، الشركة الإماراتية المستقلة العاملة في قطاع تخزين النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، ومقرها الفجيرة، عن بدء إدراجها في بورصة ناسداك - نيويورك.

وكان آخر إدراج من الإمارات في عام 2017 من قبل شركة أديس الدولية القابضة التي جمعت رأسمال بلغ 278 مليون دولار بعد أن طرحت 40% من أسهمها ببورصة لندن في مايو 2017، بسعر 16.50 دولاراً للسهم.

الدروس المستفادة

وبدروه أكد عيسى كاظم رئيس مجلس إدارة سوق دبي المالي، إن قرار الإدراج يعود حصراً لمُلاك أية شركة، وهو ما ينسحب بالتالي على اختيار مكان الإدراج، إلا أنه وبوجه عام عادةً ما تتجه الشركات الراغبة في التحول إلى مساهمة عامة والإدراج في الأسواق المالية إلى الإدراج في بورصاتها الوطنية، ولكن يتعين النظر إلى الدروس المستفادة من التجارب السابقة خاصة بشأن الأهداف من وراء الإدراج في الأسواق الخارجية، وهل تحققت أم لا، ففي غالب الأحوال سعت بعض الشركات للإدراج الخارجي بذريعة البحث عن سيولة وقيمة أكبر.

وأضاف إن التجارب أثبتت أن الغالبية العظمى من تداولات الشركات التي اختارت الإدراج المزدوج ظلت تتم هنا، كما أن متوسط التداول اليومي لها ظل لا يقارن بكثير من مثيلاتها من الشركات التي قامت بالإدراج في سوق دبي المالي، ومن ثم أقدم العديد منها على إلغاء الإدراج الخارجي في مرحلة لاحقة، وحتى بعض الشركات التي أدرجت أسهمها في بورصات خارجية مباشرة أقدمت لاحقاً على إلغاء الإدراج واللجوء للإدراج في السوق المحلي.

وقال إن التواجد في الأسواق المحلية يضمن للشركات المدرجة حضوراً أكبر في أوساط المستثمرين، وبالتالي تداولات وسيولة أكبر، فهي في الأسواق الخارجية تواجه إشكالية فيما يخص إبراز الحضور ضمن أعداد هائلة من الشركات وفي سوق لا تنتمي إليه، وقد أثبتت التجارب هذا الأمر.

ومن وقت لآخر تعلن بورصتا دبي وأبوظبي عن مساعيهما لاستقطاب شركات عائلية وخاصة لطرح أسهمها للاكتتاب العام والإدراج في السوق، عبر إجراء حوارات ومباحثات متواصلة مع رجال أعمال وأصحاب شركات عائلية وخاصة، لديهم الرغبة في تحويل شركاتهم إلى المساهمة العامة، والإدراج في السوق، لا سيما في ظل توافر البنية التحتية المتكاملة ذات معايير عالمية لإدراج وتداول الأوراق المالية المتنوعة.

آفاق واعدة

وأكد عيسى كاظم، على أن آفاق قطاع الاكتتابات العامة والإدراج في سوق دبي المالي تبدو واعدة، لا سيما وأن البيئة التنظيمية الداعمة لنشاط الاكتتابات العامة شهدت تطوراً في الآونة الأخيرة بعد إقرار قانون الشركات التجارية، وما تبعه من تعديلات للقواعد التنظيمية.

وأضاف إن السوق على تواصل دائم مع العديد من الشركات المحتمل تحولها إلى مساهمة عامة، كما يشجع بقوة المجموعات الخاصة والعائلية والشركات الحكومية وشبه الحكومية على الإدراج عبر مناقشات مستمرة معهم، سواء من خلال اللقاءات الثنائية أو من خلال منتدى سوق دبي للاكتتابات العامة لشرح المزايا العديدة للتحول إلى مساهمة عامة والإدراج، لافتاً إلى أن هناك العشرات من الشركات أبدت اهتماماً كبيراً بالطرح العام والإدراج في السوق، غير أن توقيت تحول هذا الاهتمام إلى واقع ملموس يظل رهناً بقرارات وتوجهات مُلاك تلك الشركات.

جذب المستثمرين

وقال مازن سلهب، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة «ماس للاستشارات»، إن الإدراج في الأسواق العالمية الكبرى وسيلة للشركات المحلية الراغبة في ذلك وليس غاية، حيث يأتي بغرض لفت وجذب انتباه المستثمرين العالميين للشركات والإمكانات المحلية في عدة مجالات من أبرزها النفط والغاز والتعليم والصحة، بالإضافة إلى القطاعات المالية والاستثمارية.

وأوضح أن هناك عدة عوامل تحكم عملية الإدراج في الأسواق العالمية من أبرزها حجم رأسمال الشركة والاستثمارات المتوقعة، والتي تكون غالباً أكبر مقارنة بما هي عليه في حالة الإدراج في الأسواق المحلية، لافتاً إلى أن بورصتي لندن ونيويورك من أعمق الأسواق كتجمع لرأس المال، حيث تتمتع بسيولة تعادل عدة أمثال ما في أي بورصة أخرى حول العالم وتجمع العديد من المؤسسات الاستثمارية، وخاصة المستثمرين الراغبين في استثمارات طويلة الأجل تتميز بالاستقرار.

وأضاف إن القوانين المنظمة في تلك الأسواق ومرونتها تعتبر عامل جذب إضافياً، حيث يوفر إطار العمل المتوازن من حيث اللوائح التنفيذية وحوكمة الشركات، علاوة على تنوع الأدوات المالية الذي يزيد من عمق السوق وتوفير بدائل استثمارية وجذب شرائح جديدة من المتعاملين.

وللتأهل للإدراج الممتاز في بورصة لندن في الوقت الحالي، يتعين على المساهم الذي يسيطر على أكثر من 30%، من الشركة الدخول في ترتيب ملزم قانوناً لضمان أن التعاملات بين الشركة والمساهم المسيطر ستتم على أساس مستقل وتجاري.

ويتعين على الشركة المدرجة أيضاً الحصول على موافقة مسبقة من المساهمين المستقلين قبل الدخول في اتفاق مع طرف مرتبط بمساهم أغلبية.

وقواعد بورصة نيويورك بشأن الحد الأدنى من أسهم التداول الحر أقل صرامة بكثير مقارنة مع تلك التي في المملكة المتحدة.

وتطلب بورصة نيويورك رأسمال سوقي عالمي بقيمة 200 مليون دولار فقط ونسبة أسهم حرة التداول تزيد على 40 مليون دولار.

قاعدة واسعة

وقال وليد الخطيب مدير شركة «جلوبل» للخدمات المالية: إن أهمية خطوة الإدراج، سواء في سوق لندن أو بورصة نيويورك، يعود إلى الأهمية الكبيرة للسوقين باعتبارهما من أكبر المراكز المالية حول العالم والمنصات الكبرى التي تتيح الوصول إلى قاعدة واسعة من المستثمرين وبلوغ أكبر عدد من المساهمين.

ولفت إلى أن ضعف السيولة في الأسواق المحلية منذ أكثر من عامين يظل تحدياً أمام الشركات الجديدة الراغبة في الطرح كما تعوق جذب المستثمرين الأجانب، وذلك على الرغم من التحسن التدريجي أخيراً، الأمر الذي يجعل الأمر غير مشجع حالياً على نجاح الاكتتابات الجديدة.

النظم والقيود

من جانبه يرى صلاح شما، رئيس استثمارات الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشركة «فرانكلين تمبلتون»، إن قيام الشركات الإماراتية بالإدراج في بورصات الخارج غير مرتبط بالسيولة في السوق المحلي، بقدر ما هو متعلق بالنظم والقيود على الإدراج وسهولة الإدراج في الخارج، لا سيما وأن الإدراجات الجديدة هي التي تجذب السيولة للأسواق المحلية.

وقال إن «فرانكلين تمبلتون» لا تفضل أن تدرج شركات محلية في الخارج، موضحاً أن الإدراج المحلي في الأسواق المحلية يعتبر أفضل من الطرح في الخارج، لافتاً إلى أن هناك ثلاث شركات تحضّر لطرح أسهمها للاكتتاب العام في سوق دبي المالي، ما يعزز الجهود المبذولة لإغراء الشركات المحلية على إدراج أسهمها في البورصة.

وأضاف إن معظم الإدراجات السابقة في الأسواق الخارجية عادت من جديد إلى أسواق الأسهم المحلية في ظل عدم جدوى استمرار الإدراج في البورصات العالمية.

تواجد عالمي

واعتبرت ماري سالم، مدير أسواق المال في «أف أف إيه برايفت بنك (دبي) المحدودة»، إنه من الملاحظ أن معظم الإدراجات الأخيرة إما أن تكون شركات ذات تواجد عالمي مثل «نتورك إنترناشيونال» للمدفوعات مملوكة لكيان محلي «بنك الإمارات دبي الوطني»، أو شركة محلية تعمل في صناعة عالمية مثل «بروج للاستثمارات البترولية والغاز» العاملة في قطاع تخزين النفط الخام والمنتجات النفطية، ما يجعل من الطرح إضافة إلى الطبيعة العالمية للنشاط، لافتة إلى أن تلك الإدراجات تعتبر ذات رؤوس الأموال الكبيرة وبها مساهمات أجنبية بنسبة مرتفعة، ما يجعل الإدراج العالمي بديلا نظراً لعدم التوافق مع القوانين المحلية.

الانفتاح الدولي

قالت ماري سالم، مدير أسواق المال في «أف أف إيه برايفت بنك (دبي) المحدودة»، إن من بين أهم العوامل التي تدفع الشركات إلى الإدراج في بورصتي لندن أو ناسداك نيويورك هو تحقيق الانفتاح الدولي الذي ينتج عن مثل هذا الإدراج والاستفادة من مستوى السيولة المرتفعة وقاعدة المستثمرين الواسعة مقارنة بالأسواق المحلية أو الإقليمية.

وأضافت إن السيولة الكبيرة التي تتمتع بها أسواق المال البريطانية والأمريكية تحفز تلك الشركات التي ترغب بشكل رئيسي من هذا الطرح الحصول على مصادر تمويل أوفر كوسيلة للاستفادة من السيولة في استكمال مشاريعها الجديدة وخططها التوسعية.

شكوك حول جدوى الطرح بالأسواق العالمية

تظهر التجارب السابقة للشركات المحلية التي اختارت الإدراج في البورصات الخارجية، عودتها إلى أسواق الأسهم المحلية في ظل عدم جدوى استمرار الإدراج في الأسواق العالمية.

ففي عام 2015 سحبت موانئ دبي العالمية الأسهم من التداول في السوق الرئيسية لبورصة لندن بعد 4 سنوات من الإدراج بهدف إيجاد منصة بديلة للتداول في أسهم الشركة للمستثمرين الذين لم يكن بمقدورهم آنذاك الاستثمار في بورصة ناسداك دبي، ولكن بعد دراسة دقيقة للوضع، أصبح بإمكان عدد أكبر من المستثمرين العالميين الاستثمار في الأسهم المدرجة في دبي، إذ إن ما يقارب من 99% من أسهم موانئ دبي العالمية تم شراؤها من قبل أفراد ومؤسسات تستثمر عبر ناسداك دبي، في حين أن أقل من واحد بالمئة يحملون أسهمها المدرجة في بورصة لندن.

فيما قررت داماك العقارية إدراج سهمها في سوق دبي المالي بعد عامين من الإدراج في بورصة لندن بعد أن عرضت الشركة على حائزي شهادات الإيداع العالمية المدرجة في لندن استبدالها بأسهم في الشركة القابضة. وعرضت «داماك» 23.079 سهماً في الشركة القابضة مقابل كل شهادة إيداع عالمية في داماك للتطوير العقاري، التي تم إدراجها في لندن في ديسمبر من عام 2013، وجمعت 348 مليون دولار من بيع الشهادات التي تمثل نحو 15% من «داماك للتطوير العقاري».

وكانت داماك أول شركة عقارية من دبي تدرج في بورصة لندن وتبعتها شركات إماراتية أخرى.

Email