فائض الودائع على القروض الأكبر خلال 4 سنوات

خبراء يطالبون البنوك بتخفيف تشدّدها على الإقراض

ت + ت - الحجم الطبيعي

طالب خبراء اقتصاديون البنوك بتخفيف تشددها على الإقراض بهدف الإنعاش الاقتصادي في الدولة. تأتي المطالبة في الوقت الذي حققت فيه الودائع المصرفية خلال العام 2018 تفوقاً قياسياً هو الأكبر من نوعه خلال السنوات الأربع الماضية على القروض لتحقق فائضاً بمقدار 99 مليار درهم، مقارنة بفجوة العام 2015، حيث زادت القروض على الودائع بمقدار 5.8 مليارات درهم.

وتلاشت الفجوة بين القروض والودائع في مارس 2017، حيث واصلت الودائع تفوقها خلال الواحد والعشرين شهراً الماضية وحققت فائضاً بمقدار 47 مليار درهم بنهاية 2017 بزيادة نسبتها 411% مقابل عام 2016، حيث بلغ فائض 9.2 مليارات درهم، وبلغت نسبة الزيادة 111% بنهاية 2018.

وأكد الخبراء لـ «البيان الاقتصادي» أن مؤشر استمرار تفوق الودائع على القروض يعكس بقوة متانة الوضع المالي للقطاع المصرفي في الدولة وقدرته الفائقة على امتصاص أية أزمات، إلا أنهم يرون أن وجود هذا الفائض بأحجام كبيرة للعامين الأخيرين على التوالي يؤكد أن هناك أموالاً ضخمة في البنوك لا يتم توظيفها بالشكل الصحيح، خاصة .

وأن القطاعات الاقتصادية بأشد الحاجة لديها حتى تستمر بوادر الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته الدولة مع صدور التحفيزات الحكومية منتصف العام الماضي. وطالب الخبراء البنوك بزيادة الإقراض بشكل كبير، مشيرين إلى أن غالبية البنوك تتشدد في إقراض الشركات والأفراد الأمر الذي يبطئ وتيرة نمو القطاعات الاقتصادية.

ظاهرة صحية

ورأى الدكتور علي العامري، الخبير الاقتصادي، أنه على الرغم من أن زيادة الودائع المصرفية تشكل ظاهرة صحية للقطاع المصرفي، إلا أن الزيادة الكبيرة قد تشير أيضاً إلى عدم استغلال هذه الودائع في دعم الأنشطة الاقتصادية.

وأكد أن هذه الزيادة الكبيرة في الودائع نتجت عن أسباب عدة أولها ارتفاع تكلفة الإقراض على الشركات والأفراد خاصة بعد زيادة سعر الفائدة لأربع مرات على التوالي خلال العام الماضي، مما أدى إلى تخوف بعض قطاعات الأعمال والأفراد من الإقراض، خاصة بعد أن تشددت العديد من البنوك في إقراض عملائها.

كذلك فإن البنوك تتخوف حالياً من إقراض الشركات والأفراد وتفضل أن تودع جزءاً كبيراً من أموالها لدى المصرف المركزي على هيئة شهادات إيداع تدر لها عائداً جيداً ومستقراً، خاصة وأن أوضاع الاقتصاد العالمي والخليجي تشير إلى وجود تباطؤ.

وأضاف العامرى: «لا خوف إطلاقاً على البنوك، فهي تحقق الأرباح من أبواب أخرى غير الإقراض وعلى رأسها الرسوم، ومن المهم هنا أن تفكر البنوك العاملة في الدولة كيف تستفيد بشكل أكبر من الودائع الضخمة المتوفرة لديها، وهنا لابد من التفكير في فتح فروع لها خارج الدولة حتى تنتشر أكثر وتحقق عوائد أفضل».

وشدد على ضرورة أن يكون للبنوك دور في تنشيط دورة الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أننا نتفهم الأسباب الكثيرة التي تدفع العديد من البنوك للتشدد في الإقراض بسبب التجارب السلبية لبعض المستثمرين خلال السنوات الماضية، لكن لابد أن تنتقي البنوك عملاءها.

ولا يعقل أن تتشدد البنوك مع رجال أعمال يعيشون في الدولة منذ فترات طويلة ولديهم مشاريعهم الناجحة، لأن دعم هؤلاء في الوقت الحالي أمر ضروري، ولابد أن توفر لهم البنوك منتجات تمويلية مرنة.

واقترح العامري إنشاء مركز بحوث في كل بنك أو على صعيد البنوك جميعاً تتوفر لديه كل البيانات عن مشاريع المستثمرين وتجاربهم حتى تعرف البنوك المستثمر الجاد، كذلك ينبغي للبنوك أن تفكر في آليات جديدة للتمويل كأن تعطي لصاحب القرض جزءاً من قرضه حتى تطمئن إلى نجاح مشروعه على أن تعطيه بقية القرض لاحقاً.

وأكد رضا مسلم الخبير الاقتصادي أن غالبية القطاعات الاقتصادية في الدولة حالياً في أمس الحاجة إلى الإقراض، مشيراً إلى أن الزيادة غير المسبوقة للودائع في البنوك تؤكد وجود أموال غير مستغلة، وبالتالي يجب إعادة النظر في آليات الإقراض لأن الإقراض في الوقت الحالي هو المحرك الرئيسي للاقتصاد، خاصة وأن المنطقة من حولنا تشهد تباطؤاً اقتصادياً يبدو أنه سيطول لمدة غير محددة.

وبالتالي فإن تشدد غالبية البنوك في الإقراض، كما هو حالياً، غير مبرر، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل عماد الاقتصاد، علماً أن هذه المشاريع تقدم الضمانات الكافية للبنوك، وهناك اليوم شركات ومشاريع صغيرة ومتوسطة توقفت بالفعل لعدم حصولها على التمويل الكافي مما يضر بالاقتصاد وخطط التحفيز.

وقال أحمد يوسف الخبير المالي إن زيادة الودائع تؤكد نجاح البنوك في جذب الأموال لديها.

دور مهم

رأى أحمد يوسف أن البنوك العاملة في الدولة تجارية هدفها الرئيسي تحقيق الأرباح، لكن ينبغي أن يكون لها دور وطني خلال الفترة الحالية التي يمر فيها الاقتصاد ببوادر الانتعاش.

ونحن لا نطلب من البنوك أن تغامر وتقرض كل من يتقدم إليها، بل أن تنتقي المقترضين، وأن تخفف من تشددها وأن تضاعف من تسهيلاتها المالية للشركات الكبرى التي تحرك القطاعات الاقتصادية، خاصة وأن هذه الشركات لديها أصول قوية وأن تدعم التوجه الحكومي الذي يقوده المصرف المركزي حالياً بوضع آليات لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يضمن للبنوك أموال المودعين لديها.

Email