خبراء ومحللون لـــ « البيان الاقتصادي»: تتركز في قطاعي المصارف والتأمين

45 ملياراً صفقات دمج واستحواذ متوقعة في 2019

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتوقع خبراء ومحللون اقتصاديون تسارع وتيرة صفقات الدمج والاستحواذ في الدولة خلال العام الجاري «2019» في ظل مساعي الشركات المحلية والدولية للاستفادة من النمو والازدهار الذي يشهده اقتصاد الإمارات لتأسيس كيانات ضخمة قادرة على المنافسة بقوة في الأسواق الإقليمية والعالمية.

وقدر الخبراء والمحللون، استطلعت «البيان الاقتصادي» آراءهم، أن تتراوح قيمة صفقات الدمج والاستحواذ المتوقعة في العام الجديد بين 42 إلى 45 مليار درهم، مشيرين إلى أن الإمارات استحوذت في العامين الماضيين على أكثر من ثلث صفقات الدمج والاستحواذ في المنطقة لا سيما بعد الاندماج الناجح لبنكي «أبوظبي الوطني» و«الخليج الأول» تحت كيان مصرفي واحد هو «بنك أبوظبي الأول» الأكبر في المنطقة.

وقال الخبراء والمحللون إن قطاع البنوك هو المرشح الأبرز لصفقات الدمج خلال العام الحالي لا سيما في ظل الحديث عن محادثات اندماج في مرحلة مبكرة لبنك «أبوظبي التجاري» مع بنك «الاتحاد الوطني» و«مصرف الهلال» قد تفرز بنكاً بأصول قيمتها 113 مليار دولار، مشيرين إلى أن القطاع المصرفي في الدولة متخم بالعديد من البنوك، لذا فإن عمليات الاندماج ستكون إيجابية لتكوين كيانات أكبر بهدف تحقيق وفورات وكفاءة أكبر في الأداء.

ويرى الخبراء والمحللون أن قطاع التأمين هو المرشح الثاني فيما يمكن اعتباره «عدوى إيجابية» من القطاع المصرفي، مشيرين إلى أن السوق المحلي مزدحم بأكثر من 60 شركة تأمين ما أدى إلى اشتغال حدة المنافسة بين الشركات وبالتالي فإن الاندماج يشكل خياراً استراتيجياً ينبغي أن تنتهجه الشركات لتنشيط قطاع التأمين ورفع كفاءته إضافة إلى تأسيس كيانات قوية قادرة على المنافسة محلياً وعالمياً.

وأكد الخبراء والمحللون على أن صفقات الدمج والاستحواذ تساهم في زيادة القدرة التنافسية وتحسين نوعية الإنتاج والخدمات ورفع مستوى الكفاءة إضافة إلى المساهمة في تسهيل الحصول على تمويل المؤسسات المصرفية المحلية والإقليمية والعالمية.

وقالت هيئة الأوراق المالية والسلع في إفادة لـــــ «البيان الاقتصادي» إن الاستحواذ والاندماج يعد من أبرز الطرق التي تلجأ إليها الشركات لتوسيع أسواقها ونشاطاتها ومنتجاتها من أجل زيادة إيراداتها وأرباحها، مشيرة إلى أن عمليات الدمج والاستحواذ شهدت مؤخراً نمواً كبيراً حول العالم إلى مستويات غير مسبوقة.

وذكرت الهيئة، أن الاندماج يعني توحد أو التحام شركتين أو أكثر في شركة واحدة أكبر حجماً، بحيث يتم نقل الذمة المالية وكافة الحقوق والالتزامات من الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة، بمعنى ذوبان الشركات المندمجة لصالح ظهور كيان جديد أو قائم ينتقل إليه جميع حقوق والتزامات الشركات المندمجة.

ولفتت الهيئة إلى أن هناك 7 عوامل لنجاح الاندماج، أولها: وجود رغبة حقيقية صادقة لدى القائمين على عملية الاندماج، وثانيهما أن يخضع قرار الاندماج لدراسات اقتصادية ومالية وتسويقية واجتماعية، وثالثاً: تقييم وفحص شامل لجميع أصول والتزامات الشركات الداخلة في عملية الاندماج، ورابعاً: وضع تصور واقعي عملي لمراحل عمليات الاندماج يتضمن البرنامج الزمني المناسب له.

وخامس العوامل - بحسب الهيئة - هي: أن يتم اختيار اسم الكيان الجديد والعلامة التجارية وأعضاء مجلس الإدارة وذلك بالشكل الذي يكون له التأثير المضمون والأثر الجماهيري الجاذب، وسادساً: توفير الموارد المالية والبشرية والتجهيزات المناسبة للإنفاق على عملية الاندماج، وسابعاً: أن تتم عملية الاندماج بدقة متناهية وبحرص شديد.

خيار استراتيجي

من جانبه، قال حمد العوضي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، إن الاندماج والاستحواذ بين الشركات يعد خياراً استراتيجياً نحو التكتل والتحالف لخلق كيان جديد وعملاق ذات تقدم تقني ورأسمالي وتكنولوجي يمكنه استغلال حدة المنافسة العالمية لصالحه، ويكون له القدرة على تحقيق الأهداف التي لا تستطيع أن تحققها كل شركة بمفردها، أو للتغلب على مشاكل قائمة أو متوقعة في المستقبل لهذه الشركات.

وأضاف العوضي إن اقتصاد دولة الإمارات خلال السنوات الماضية حقق قفزات كبيرة ونقلات نوعية من حيث الحجم وبالتالي يتطلب ذلك وجود شركات وبنوك قوية ذات ملاءة مالية كبيرة وقدرة أكبر على المنافسة بما يتناسب مع حجم وقوة الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن الاندماجات والاستحواذات ستساعد على تحقيق هذه الرؤية وتأسيس كيانات ضخمة وكبيرة.

ويرى العوضي أن قطاع البنوك مرشح لمزيد من عمليات الدمج خلال الأشهر القادمة خصوصا في ظل وجود عدد كبير من المصارف بأعداد السكان في الدولة وبالتالي نحن في حاجة إلى عدد بنوك أقل وأكثر قوة تستطيع التجاوب بشكل أفضل مع متطلبات الاقتصاد، مشيراً إلى أن هناك نقاشات لاندماج مرتقب بين ثلاثة بنوك في أبوظبي وهو ما يهدف لخلق كيانات قادرة على المنافسة محلياً ودولياً كذلك يسهم في خفض النفقات والمساهمة بفعالية أكبر في الأعمال، إلى جانب التوقعات بعمليات دمج في بعض القطاعات الصناعية وقطاع المقاولات خلال العام الجاري.

كيانات ضخمة

وقال الخبير الاقتصادي علي سعيد العامري، رئيس مجموعة الشموخ لخدمات النفط والغاز والتجارة والمقاولات العامة، إن التوقعات ترجح مزيداً من عمليات الدمج والاستحواذ في الدولة خلال العام الجاري في ظل مساعي الشركات الوطنية لتأسيس كيانات ضخمة قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.

وأضاف العامري أن إتمام مزيد من عمليات الدمج يساهم في تعزيز الموقف المالي والتنافسي للشركات، وخفض التكاليف بسبب وفورات الحجم الكبير، ونقل المعرفة، وتخفيض المخاطر التشغيلية والمالية.

ورجح العامري أن يستحوذ القطاع المصرفي على النصيب الأكبر من عمليات الدمج خلال العام الجاري خصوصاً في ظل المناقشات الدائرة حالياً لاندماج أبوظبي التجاري مع مصرف الهلال والاتحاد الوطني.

زخم الصفقات

من جانبه، قال فيجاي فاليشا مدير المخاطر المالية، كبير المحللين الاقتصاديين في شركة «العصر للخدمات المالية»، إن هناك قدراً كبيراً من الزخم لزيادة صفقات الدمج والاستحواذ في القطاع المصرفي بالدولة منذ مطلع العام الماضي وتظل النظرة المتفائلة للصفقات في العام الجديد على أمل أن تكون أكثر وضوحًا وبأعداد أكبر مستمدة الدعم بشكل رئيسي من النمو القوي للاقتصاد الوطني والإصلاحات الهيكلية والمحفزات الحكومية.

وتوقع فاليشا صفقات بقيمة 12 مليار دولار (44 مليار درهم) على الأقل في عام 2019، حيث يمكن أن تكون الشركات الإماراتية مستحوذة أو أن تكون مصدراً لعمليات استحواذ، كذلك توقع فاليشا أن يشهد القطاع المالي والمصرفي طفرة في أنشطة الاندماج والاستحواذ.الكثير خصوصاً فيما يتعلق بأعمال الصيرفة الإسلامية بالإضافة إلى مجال التأمين، مرجعاً السبب في ذلك إلى الحجم الصغير نسبيًا للمصارف الإسلامية مقارنة باللاعبين التقليديين في مجال المصارف.

وتابع فاليشا: بخلاف الصيرفة، قد نشهد أيضًا عمليات اندماج واسعة النطاق في القطاع الصناعي والقطاع اللوجستي، خصوصاً وأن القطاع الصناعي كان ضمن الأكثر نشاطًا في العام الماضي من حيث حجم وقيمة الصفقات، وما زلنا نرى مساحة أكبر لتطور هذا القطاع في العام 2019.

ويرى كبير المحللين الاقتصاديين في شركة «العصر للخدمات المالية»، أن شركات التأمين الوطنية قد تميل خلال العام الجاري نحو الاستحواذ على الشركات الأصغر لدفع القطاع للأمام، مشيراً إلى أن قطاع التأمين أعلن بشكل عام عن ربعٍ رائعٍ في العام الماضي، مظهرًا آفاقاً استثنائيةً للنمو، خصوصا مع اقتراب معرض إكسبو 2020 بالإضافة للتوقعات الاقتصادية للدولة وهو ما يمثل دافعاً كافياً لتحفيز نمو القطاع، فضلاً عن أن قطاع التأمين الصحي الذي ازدهر بسبب المراسيم الحكومية الأخيرة قد يحتاج إلى المزيد من رأس المال بسبب اللوائح الجديدة، وبالتالي قد يكون هذا سبب آخر لعمليات دمج وشيكة بين الشركات.

تسارع النمو

بدوره، قال الخبير الاقتصادي والمالي علي الحمودي، إن العام الماضي شهد نشاطاً جيداً في مجال الاندماج والاستحواذ بالمنطقة، بسبب ثلاث صفقات كبيرة جرت في الإمارات بقيمة تربو على 16 مليار دولار، وهو ما نتوقع معه استمرار الزخم وتسارع وتيرة الصفقات في العام الجديد 2019.

ويتوقع الحمودي أن تشهد أنشطة الدمج والاستحواذ في الإمارات زخما كبيراً في النصف الأول من 2019، خصوصاً في ظل التوقعات بالإعلان عن عملية الدمج الوشيكة بين «أبوظبي التجاري» مع «مصرف الهلال» و«الاتحاد الوطني» خلال الربع الأول من العام الجاري، مقدراً أن تصل قيمة الصفقات المتوقعة خلال العام الجاري إلى نحو 45 مليار دولار، مشيراً إلى أن استمرار التحول نحو تنويع الاقتصاد في الدولة من شأنه أن يدعم نشاط الصفقات خلال السنوات القادمة.

ويتوقع الحمودي أن تتصدر الإمارات صفقات الاستحواذ والدمج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خصوصاً مع التزام دولة الإمارات بتطبيق مزيد من الإصلاحات في أنظمة الاستثمار وهو ما أسهم في تسهيل الاستثمار الأجنبي وتشجيع التنويع الاقتصادي، وهو ما يشجع على بلورة مزيد من صفقات الدمج والاستحواذ خلال العام الجاري.

وذكر حمودي أن صفقات الدمج والاستحواذ تساعد الشركات على توحيد الأهداف الاستثمارية، والحصول على تمويلات بفائدة أقل، وتعزيز الموقف المالي والتنافسي للشركات، وخفض التكاليف بسبب وفورات الحجم الكبير، ونقل المعرفة، وتخفيض المخاطر التشغيلية والمالية.

الأكثر نشاطاً

توقع تقرير حديث لشركة «بيكر ماكنزي»، أن تكون الإمارات أكثر الدول نشاطاً بالشرق الأوسط وإفريقيا في عمليات الدمج والاستحواذ خلال العام الجاري، مشيراً إلى أن الإمارات ستستحوذ على ثلث قيمة الاستحواذ والدمج في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لتتصدر بذلك قائمة دول المنطقة، إذ يتوقع التقرير أن تبلغ إجمالي قيمتها نحو 11.598 مليار دولار (42.5 مليار درهم)، من 37.75 مليار دولار في المنطقة.

ويرى الخبراء أن أن يستحوذ القطاع المصرفي على النصيب الأكبر من عمليات الدمج خلال العام الجاري خصوصاً في ظل المناقشات الدائرة حالياً لاندماج أبوظبي التجاري مع مصرف الهلال والاتحاد الوطني.

Email