التقنيات المالية تساهم في سدّ فجوة تنافسية المصارف المحلية مع نظيراتها الدولية

خبراء: تجاهل البنوك «فين تيك» لم يعد خياراً

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

أكّد خبراء متخصصون في التقنيات المالية الحديثة أن تجاهل البنوك في الدولة للتقنيات المالية المعروفة باسم «فين تيك» لم يعد خياراً خصوصاً في ظل التغيرات الحاصلة في سلوك المستهلكين.

وأشار الخبراء إلى أن اعتماد تقنيات «فين تيك» من قبل البنوك يساهم إلى حد كبير في حسم مسألة الأفضلية النسبية في السوق المحلية من جهة وسّد فجوة التنافسية مع نظيراتها الدولية من جهة أخرى، منوهين بضرورة استفادة البنوك من الدعم الحكومي لمشاريع الابتكار التقني ونسب اختراق الهواتف الذكية في دفع الاستثمار في مبادرات التحول الرقمي ومواكبة التغيرات الحاصلة في فيما يتعلق بتقديم الخدمات المالية، وذلك حفاظاً على قاعدة عملائها وإيراداتها التشغيلية، مشيرين إلى أن التحول الرقمي نحو التقنيات المالية سيرفع حصة شركات التقنيات المالية في سوق الدفع الإلكتروني عالمياً بنسبة 44% خلال السنوات العشر المقبلة.

موجة متصاعدة

وقال وسام خوري، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في «اف آي اس»، الشركة العالمية المتخصصة بتطوير الحلول التقنية للمؤسسات المالية إن البنوك العاملة في الدولة أصبحت أكثر اهتماماً بموجة التقنيات المالية “فين تيك” المتصاعدة حول العالم بسبب تعاظم دور تلك التقنيات.

وأضاف: «أصبحت كل مؤسسة مالية تبحث عن طرق للاستفادة من هذه الموجة واعتماد حلول وتطبيقات مبتكرة. إلا أن كل مؤسسة مالية تنظر إلى هذه التقنيات بشكل مختلف، وينعكس هذا الأمر على طريقة اعتمادها لتلك التقنيات وموقعها في سلم أولوياتها. لمسنا بعض التقدم في مجال التحول الرقمي لدى بعض البنوك، وهناك الكثير من الكلام حول تعزيز وصول الخدمات المالية لجميع الفئات المجتمعية، والدور الذي قد يلعبه هذا الأمر في خلق فرص جديدة بالمستقبل القريب. وهناك نواحٍ أخرى يهتم بها البنوك حالياً تتركز على تطوير عمليات دفع مبتكرة وفعالة وسريعة في مختلف قنوات الدفع لديها».

وتتصدر «أف آي أس» طليعة الشركات المطورة لتقنيات «فين تك» في المنطقة، باعتبارها أكبر شركة «فين تك» مدرجة في أميركا تركز على الأسواق الناشئة. وتسعى الشركة لجلب أحدث الابتكارات والتقنيات المتطورة إلى الإمارات والمنطقة، ونقل خبراتها في الابتكار الرقمي الموزعة حالياً في لندن ونيويورك وسان فرانسيسكو وبانجلور وبانكوك وتوظيفها على النحو الأمثل في دول المنطقة.

تطورات

وأفاد خوري أنه بإمكان البنوك الإماراتية النظر إلى التطورات التي تحدث في قطاع الـ «فين تك» على أنها تمثل تهديداً بدخول منافس جديد، أو كونها فرصة يمكن الاستفادة منها وتوسيعها وتطويرها، مشيراً إلى أن تجاهل الـ «فين تك» ليس خياراً، ولكن الاستراتيجية المتبعة قد تختلف.

وأضاف: أمام البنوك في الدولة العديد من خيارات الاستثمار في «الفين تيك»، فهنالك فرصة الاستثمار في التمويل الجماعي، ونظام السداد بعملة البيتكوين أو ما بات يعرف بـ،«البلوك تشين»، وحلول الإقراض، وتعزيز إيصال الخدمات المالية لجميع الفئات المجتمعية، وتسريع الانتقال إلى الخدمات الرقمية، بالإضافة إلى الكثير من المبادرات الأخرى التي تلبي متطلبات الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة.

وبإمكانهم القيام بذلك عبر الاستثمار في تقنيات خاصة بهم، أو بالاستحواذ على شركات جديدة صاعدة في قطاع الـ «فين تك»، أو الاثنين معاً، خصوصاً أن التحول الرقمي نحو التقنيات المالية سيرفع حصة شركات التقنيات المالية في سوق الدفع الإلكتروني عالمياً بنسبة 44% خلال السنوات العشر المقبلة.

دعم التنافسية

وحول مدى أهمية أن تواكب البنوك العاملة في الدولة التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا المالية، «فين تك»، أفاد خوري: من المهم جداً أن تتابع البنوك الإماراتية هذا التوجه، فالسوق الإماراتي سوق ديناميكي وتنافسي للغاية، وخاصة عندما يبحث الجميع عن الطرق الأمثل والأرخص للقيام بأعمالهم التجارية. بوجهة نظري، السؤال الصعب الذي يتعين على البنوك الإماراتية الاجابة عنه هو: من يمكن أن يكون منافسنا في السنوات المقبلة؟ فمن أهم الميزات التي ينفرد بها قطاع «فين تك» قدرته على فتح السوق أمام لاعبين جدد لم يكونوا من بين المنافسين التقليديين لقطاع معين من الأعمال.

فقد ظهر كل من «فين تك» والتقنيات الجديدة من مبدأ القيام بالأمور بشكل أفضل وأرخص بالنسبة للمستخدم.

وكما ذكرت، الحلول التي تستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي، وحلول الدفع الأسهل، ومبادرات إيصال الخدمات المالية لجميع الفئات المجتمعية، والحماية من الهجمات السيبرانية، وابتكار طرق أرخص للحصول على التمويل، جميعها تصب في مصلحة العميل. وإذا لم يكن الحل النهائي مركزاً على العميل، لن يكون ناجحاً ولن يكون ثورياً بطبيعة الحال.

مشاريع

وحول أهم مشاريع فيس انترناشيونال في هذا الإطار، أفاد خوري: «نجري حالياً مباحثات مع عدد من المؤسسات المحلية لدعم مبادراتهم الرامية لتعزيز التقنيات المالية، وسوف نكشف المزيد من التفاصيل بهذا الخصوص في المستقبل القريب».

وتتركز محادثاتنا الناجحة مع البنوك الإماراتية حول أنظمة الدفع - من نقاط البيع وصولاً إلى مراكز الدفع في البلد أو المنطقة، والابتكارات الرقمية الجديدة مثل مبادرة «كاش بدون بطاقة»، حيث بإمكان المستخدم سحب نقود دون الحاجة لأي بطاقة، والدفع عبر الهاتف المتحرك – مثل إنجاز الخدمات المصرفية عن طريق أوامر صوتية من دون استخدام اليدين، بالإضافة إلى سبل تعزيز الأمن السيبراني.

وأضاف: الأمن السيبراني هو مصدر القلق رقم 1 في مجالس إدارة الشركات اليوم، بحسب النتائج التي حصلنا عليها في مسح ممارسات المخاطر 2016 الذي قمنا به بالتعاون مع شركة الأبحاث «بانك دايركتور».

فالتدابير التقليدية لمكافحة القرصنة والاحتيال لم تعد كافية لمنع وقوع اختراق أمني، كما بات جلياً من الأحداث الأخيرة التي استهدفت فيها مؤسسات مالية حول العالم. ويكمن مفتاح نجاح البنوك الإماراتية في هذا الجال قدرتها على التعامل بسرعة ودقة في الكشف عن الأنشطة المشبوهة عن طريق محرك لتحليل البيانات للحيلولة دون وقوع خرق أمني سيبراني.

خطوات أولى

من جانبه اعتبر شايليش داش المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة الماسة كابيتال في تصريحات خاصة للبيان الاقتصادي أن صناعة التقنيات المالية في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط لا تزال في خطواتها الأولى، مشيراً إلى أن حصة استثمارات شركات الشرق الأوسط في الصناعة هو حوالي 1% فقط من إجمالي الاستثمارات في الصناعة والتي من المتوقع أن تسجل استثماراتها خلال هذا العام 40 مليار دولار عالمياً.

وأضاف: في الواقع، تعد البنوك والمؤسسات المالية في المنطقة أبطأ من نظيرتها الدولية في اعتماد وتبني حلول التكنولوجيا المالية «فين تيك». ويكمن السبب الرئيسي وراء ذلك في أن المنطقة لا تزال تعتمد إلى حد كبير على المعاملات النقدية على الرغم من زيادة معدلات انتشار الهواتف الذكية وتوفير خدمات الإنترنت الجيدة. وبالرغم من بطء عملية اعتماد البنوك لتقنيات «فين تيك» بالمقارنة مع المؤسسات العالمية، إلا أن المجال يوفر فرصاً مواتية للاستفادة من محركات ومبادرات التحول الرقمي التي بدأتها الحكومات الإقليمية بالفعل التي تدرك أهمية وفوائد تبني تلك التقنيات المتطورة في مواكبة التغيرات في سلوك المستهلكين.

مزايا

وأضاف داش أن تطبيق المجالات الاستثمارية الرئيسية للتكنولوجيا المالية والمتعلقة بالقطاع المصرفي يؤدي إلى خفض التكاليف وتحسين تجربة العملاء. وأضاف: «على سبيل المثال، دعا بنك الإمارات دبي الوطني مؤخراً كبرى الشركات العالمية العاملة في مجال «فين تيك» إلى مساعدتها في مجالات رئيسية مثل اكتساب العملاء والولاء والمشاركة وتعزيز الخدمات المصرفية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والخدمات الإسلامية وغيرها».

وحول مدى أهمية أن تواكب البنوك العاملة في الدولة التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا المالية «فين تيك»، قال داش: تكمن أهمية التكنولوجيا المالية في حسم مسألة الأفضلية النسبية في السوق فيما يتعلق بتقديم الخدمات وغيرها، وهو أحد أهم العوامل للقدرة على المنافسة والبقاء في هذه الصناعة. فحينما يتم خدمة العملاء بشكل أسرع وأرخص من خلال تطبيقات «فين تيك»، يمكن تمرير تلك المدخرات إلى العملاء، وفي الوقت نفسه تعزيز اقتصادات البنك وزيادة أرباحه. ويساعد اعتماد تقنيات الفين تيك من قبل المؤسسات المالية الإقليمية في سد الفجوة بين الخدمات المالية الإقليمية ونظيراتها الدولية.

85

قال شايليش داش أن نحو 85 مليون شخصاً من البالغين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يتعاملون مع البنوك في المنطقة، ما يفتح الفرص لتفضيل التعامل النقدي مع وسائل أخرى للدفع الإلكتروني. وأضاف: «تتم نحو 26% فقط من عمليات الدفع في مجال التجزئة في المملكة العربية السعودية رقمياً، وذلك بالمقارنة مع نسبة 72% في المملكة المتحدة و90% في السويد، من خلال امتلاك تلك الدول بنية تحتية قوية لعمليات الدفع الرقمية».

3500 مستثمر على منصة «بيهايف»

قال كريغ مور، المؤسس والرئيس التنفيذي في منصة «بيهايف» Beehive للتمويل الجماعي أنه ومنذ تأسيسها في الإمارات قبل عام ونيف، شهدت «بيهايف» تسجيل أكثر من 3500 مستثمر على المنصة، وتجاوز حجم التمويل الذي قدمته 44 مليون درهم لحوالي 100 شركة صغيرةً ومتوسطة في الدولة، مشيراً إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تستخدم منصة «بيهايف» تستفيد من تحقيق توفير في التكاليف التمويلية يتراوح بين 25-30% كمعدل وسطي مقارنة بالتمويل التقليدي، بينما يحصل المستثمرون على أقساط شهرية تحول إلى حساباتهم مع عوائد سنوية جذابة بمعل وسطي يبلغ 12%.

وأضاف مور: «التطورات الهائلة التي يشهدها قطاع الخدمات المالية بفعل التقنيات المالية مهدت الطريق نحو طرح حلول تمويل جديدة وابتكارات غير مسبوقة طال تأثيرها مختلف مجالات القطاع، بدءاً من حلول الدفع الإلكتروني مروراً بخدمات التمويل للأفراد والمؤسسات وصولاً إلى تكوين رأس المال.

وأضاف مور: «تلعب التقنية اليوم دوراً فعالاً في تغيير الطريقة التي نقوم من خلالها بتنفيذ عملياتنا المصرفية وتداول الأسهم والتسليف والاستثمار في الشركات، وغيرها من المعاملات المالية ذات الصلة. وتنبع أهمية التقنية المالية بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من كونها تتيح لها الوصول بصورة أسرع إلى تمويل منخفض التكلفة لتلبية احتياجاتها الملحة».

سد الفجوة

ولفت مور إلى أن منصة «بيهايف» الإلكترونية تعمل على سد فجوة تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تمكين تلك الشركات للاستفادة من قناة تمويل جديدة عبر منصة مبتكرة تستفيد من قوة التقنية. وتعد المنصة أول مزود لخدمات التمويل المباشر بين المستثمرين والشركات عبر الإنترنت، في الإمارات، وتهدف للحد من التعقيدات والتكاليف المرتبطة بقنوات التمويل التقليدي.

Email