الساحة المالية تعاني من التركيز على الأصول المصرفية

عمليات التمويل في المنطقة تحتاج تعزيز الحجم والتنويع

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تسعى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتنويع اقتصاداتها وتنميتها بحيث تكون اقتصادات أكثر استدامة، الأمر الذي يتطلب تعزيز حجم وتنويع التمويل فيها.

ويشير راجو ماندجولاثور، العضو المؤسس في معهد المحللين الماليين المعتمدين في البحرين والكويت، والذي يعمل نائباً أولاً للرئيس، ورئيساً لقسم الأبحاث في المركز المالي الكويتي (المركز) إلى أن الساحة المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتضمن في المقام الأول ثلاث فئات رئيسية من الأصول، وهي الأسهم والسندات والأصول المصرفية.

وتشير تقارير صندوق النقد الدولي إلى أن تلك الساحة تعاني من مشكلتين هيكليتين تتمثلان في افتقارها للحجم وتركيزها على الأصول المصرفية، وكي تنجح جهود المنطقة في تنويع مواردها الاقتصادية، فلا بد لها من توسعة قاعدة فئات أصولها أمثال الأسهم والسندات التي تناسب التمويل طويل الأمد بشكل أفضل، ومن تخفيض تركيزها الشديد على التمويل المصرفي الذي لا يلبي سوى احتياجات التمويل القصير ومتوسط الأمد.

الأصول والناتج المحلي

يقدر إجمالي الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنحو 2.9 تريليون دولار أميركي (2011)، ومن المتوقع أن يبلغ 4 تريليونات دولار أميركي بحلول عام 2018، بمعدل نمو سنوي يبلغ 4.8 %، أي أقل بكثير من معدل 11.2 % الذي حققه بين عامي 2004 و2011.

ومن حيث الحجم، تعادل قيمة فئات أصول المنطقة نحو 95 % من قيمة إجمالي ناتجها المحلي السنوي، مقارنة مع 3.7 أمثال للمعدل العالمي أي 370 %، وتم ملاحظة وجود هذه الفجوة في جميع فئات أصول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبخاصة في فئة السندات التي تبلغ حصة المنطقة منها 8 % من إجمالي ناتجها المحلي مقارنة مع 140 % عالمياً.

وقال ماندجولاثور: إذا اعتمدنا توقعات صندوق النقد الدولي لنمو إجمالي الناتج المحلي للمنطقة عام 2018، لوجدنا أنه ليس هناك الكثير من التغيير في الحجم، ويتوقع أن ترتفع القيم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من 95 % إلى 105 % بحلول ذلك العام.

توزيع فئات الأصول

تهيمن الأصول المصرفية على هيكل توزيع فئات الأصول في المنطقة، حيث إنها تشكل 63 % من الإجمالي مقارنة مع 9 % للسندات و28 % للأسهم، وتتناقض هذه المعدلات بشكل صارخ مع التوجهات العالمية التي يركز هيكل توزيعها بشكل أقل على الأسهم وبشكل أكبر على الأصول المصرفية والسندات، ويشير استمرار المنطقة بالتركيز على الأصول المصرفية مجدداً إلى نظام تمويلي ليس مستعداً لتوفير التمويل طويل الأجل، ولابد بالتالي من تجسير هذه الفجوة عبر التمويل الحكومي أو أسهم الشركات الخاصة.

تنمية المصادر الثلاثة

ويرى ماندجولاثور أن قطاع التمويل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يحتاج بصورة أساسية إلى توسعة حجمه وتنويع أصوله، إذ إنه بغية توسعة حجم التمويل لابد من تنمية المصادر الثلاثة الأساسية للأصول (الأصول المصرفية والأسهم والسندات).

وسوف تعتمد تنمية أسواق الأسهم على زيادة عدد الإصدارات الأولية للأسهم، والسماح للمستثمرين الأجانب بالاستثمار فيها، وتحديث بورصات الأسهم وتطوير النظم والتشريعات التي تحكمها، وتتطلب تنمية أسواق السندات (السندات الحكومية والشركات الخاصة على حد سواء) بدورها إلى سرعة طرح إصدارات جديدة من السندات لتعزيز نشاط الأسواق الثانوية وتطوير منحنى العائد.

ويضيف: رغم أن التمويل المصرفي سوف يحافظ على دوره المهم إلا أنه لا يجب أن يطغَى على سائر مصادر التمويل الرأسمالي طويل الأجل أمثال الأسهم والسندات بل يجب أن يمهد الطريق أمامها، كما يمكن تأسيس المصارف التنموية والتي يمكنها القيام بتجسير الفجوة الخاصة بالتمويل طويل الأجل.

وسوف يحفِّز مثل هذا التغيير الهيكلي الذي يصب في مصلحة مصادر التمويل طويل الأجل أمثال الأسهم والسندات الحاجة إلى المزيد من خبراء التمويل المحترفين، بالتزامن مع الحاجة إلى الالتزام بشكل أقوى بالمواثيق الأخلاقية المهنية وبالتالي تعزيز مكانة السلطات التنظيمية التي سوف تحتاج بدورها إلى منحها صلاحيات أوسع.

 

التمويل المصرفي يقلص نمو الأسهم والسندات

 

يؤدي الاعتماد الكبير على التمويل المصرفي إلى الحد من نمو حصة فئتي كل من الأسهم والسندات، وفي ظل مثل هذا السيناريو، فإن معدل النمو السنوي المُرَكَّب الضمني لفئة الأسهم في الأصول المالية للمنطقة سوف يبلغ فقط 7.4 % بين عامي 2011 و2018، مقارنة مع 17 % بين عامي 2002 و2011.

أما بالنسبة للسندات، فسوف يبلغ معدل النمو السنوي المُرَكَّب لهذه الفئة من الأصول 7 % بين عامي 2011 و2018، مقارنة مع 10 % بين عامي 2002 و2011، وحتى فئة الأصول المصرفية سوف ينخفض معدل نموها من 7.5 % إلى 5.1% خلال الفترتين موضوع المقارنة.

ومع استمرار خروج الاقتصاد العالمي من أزمة اقتصادية هيكلية ومع إدخال أنظمة للمنطقة لضمان الشفافية، فإن توجه المستثمرين ينبغي أن يكون نحو تعزيز استثماراتهم في الأسهم والسندات لفترات أطول والتي تعطي عوائد أعلى، لكن التوقعات تشير بدلاً من ذلك إلى أن ثقة المستثمرين في المنطقة سوف تضعف بالأسهم والسندات، وهو مؤشر ليس جيداً بالتأكيد.

Email