السيارات الكهربائية.. حياد كربوني مليء بالمطبات

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

باتت السيارات الكهربائية جزءاً من حياتنا الآن، مصنعين ومستهلكين، وأصبح مؤكداً أنها هي المستقبل بهدف التحول نحو بيئة أفضل وأيضاً تقليل الاعتماد على النفط الخام. وعلى الرغم من التنافس الشديد بين عمالقة الصناعة عالمياً من أجل تحقيق هدف الحياد الكربوني وتقليل الانبعاثات، إلى أن الأمر ليس بهذه البساطة، حيث توجد الكثير من المشكلات التي تواجه طريق الحياد الكربوني.

بحسب البيانات فإن 66% من المنتجات النفطية تُستخدم في قطاع النقل ونصفها تقريباً في النقل البري؛ زبرغم ما نشهده من نمو الاعتماد على السيارات الكهربائية والتحولات الجذرية التي يشهدها سوق السيارات العالمي. إلا أن سيطرة وقوة الذهب الأسود لا تزال قائمة.

وقال سيمون مصابني مدير الحسابات الأول في شركة «إكسنيس»: لا يزال الذهب الأسود -حتى تلك اللحظة- السلعة الأكثر رواجاً وتداولاً في أسواق المال العالمية. كما أن التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها الدول المصدرة للنفط خاصة روسيا، قد يكون لها تأثير كبير على الوضع الاقتصادي العالمي بأكمله بما في ذلك الأسواق المالية، مشيراً إلى إن الدول المصنعة للنفط لديها من القدرة ما يكفي لفرض العديد من القرارات التي تستطيع من خلالها التحكم في المعروض العالمي من النفط، وبالتالي إبقاء سعر البرميل عند مستويات مرتفعة .

وأضاف: بناء على تلك المعطيات، من غير المتوقع أن يتخلى المتداولون عن النفط، على الأقل في الوقت الحالي، خاصة وأن العقود الآجلة للنفط متاحة للتداول عبر الإنترنت بسهولة، من خلال منصات تداول توفر للمتداولين مزايا بيع/‏‏‏شراء الأدوات المالية بأفضل شروط تداول في السوق؛ بما يحقق لهم أكبر استفادة من حركة التقلبات التي تشهدها الأداة المالية المتداولة.

وأوضح: يعتبر النفط بمثابة العمود الفقري لميزانيات واقتصاديات الدول المنتجة للنفط، في الوقت ذاته هناك توجه كبير نحو التخلي عن النفط والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة؛ وعلى هذا الأساس، بدأت العديد من الدول بالفعل في تغيير استراتيجيتها. ورغم التهديد الحقيقي الذي يمثله «الغسيل الأخضر» ويعني: «تضليل المستهلكين بشأن الممارسات البيئية للشركة أو الفوائد البيئية لمنتج أو خدمة ما» على مستقبل التحول نحو البيئة النظيفة بشكل عام، إلا أن الأمر جدير بالاهتمام والبحث، خاصة وأنه شديد الارتباط بمستقبل البشرية. كما أن الاتجاه الجديد بات محل اهتمام شديد، لا سيما مع تنامي ظهور ما يعرف بالاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمي. وهنا يجب أن نطرح سؤالاً غاية في الأهمية: هل بإمكان هذا التوجه الجديد أن يغير النظرة التقليدية للأسواق ويأتي لنا بطبيعة جديدة وبمفهوم جديد للأسواق لا يقتصر فقط على تحقيق الأرباح بل يتطلع أيضاً إلى مستقبل أكثر استدامة.

مواد سامة

تتمثل أولى العقبات في أن إنتاج السيارة الكهربائية يحتاج إلى طاقة أكبر من السيارات التقليدية، وهو أمر يرجع لبطارية السيارة المعقدة التي تحتوي على مواد كيميائية سامة، حيث إن أغلب العناصر التي تدخل في تصنيع البطارية تعد من أكثر العناصر تلويثاً للبيئة وهو ما يجعل الخبراء يأملون في التوصل في المستقبل لطريقة تسمح بإعادة استخدام هذه البطارية.

وعلى الرغم من أن السيارات الكهربائية أقل تلويثاً للبيئة بشكل كبير مقارنة بالسيارات التي تعمل بالوقود المحترق كالبنزين والديزل وغيرها، إلا أن الكهرباء التي تستخدمها السيارات للشحن هي في الواقع منتجة من وقود أحفوري، إلا إذا كانت الكهرباء المستخدمة من مصدر متجدد كالطاقة الشمسية، حينها تكون غير ملوثة للبيئة.

وحول هذا الموضوع، اعترف لؤي الشرفاء، الرئيس والمدير التنفيذي في «جنرال موتورز» الشرق الأوسط وأفريقيا، بهذه المشكلة وقال، إن كافة الشركات تسابق الزمن من أجل حلها، وجنرال موتورز تضع هذا الأمر في الحسبان وتسخّر كافة تقنياتها من أجل تحقيق الريادة في هذا المجال.

وأضاف: مع مضيّنا في تحقيق رؤيتنا الهادفة للوصول إلى مستقبل بصفر انبعاثات، فإننا نؤكّد على دعمنا لأي أنشطة مناخية تشمل قوّتنا العاملة الحالية والمستقبلية، بالإضافة للمجتمعات التي نعمل فيها. ومن بين العناصر الأساسية التي نسهم عبرها في هذا المجال هو طرحنا لمجموعتنا الجديدة من المركبات الكهربائية، مع خطّة لإطلاق 13 طرازاً كهربائياً جديداً كلّياً في الشرق الأوسط بحلول سنة 2025، وعلى رأسها «جي إم سي هامر EV»، و«كاديلاك ليريك» و«شفروليه بولت EUV»، مما يعزّز موقعنا كروّاد من هذه الناحية في قطاع السيارات. فنحن نريد أن نوفر مركبة كهربائية لكل عميل ووفقاً لكل ميزانية ضمن مجمل علاماتنا التجارية، بدءاً من الشاحنات وسيارات السيدان معقولة السعر، وصولاً إلى المركبات الفاخرة وطرازات الأداء العالي.

وأضاف، إن التعاون البارز بين القطاعين العام والخاص في الإمارات وتمكين شريحة واسعة من الجمهور من الحصول على مركبات كهربائية، فإن «جنرال موتورز» ماضية نحو عصر جديد من التنقّل يتم فيه تحقيق رؤيتنا الرامية للوصول إلى صفر حوادث، صفر انبعاثات وصفر ازدحام مروري.

من جهتها، تخطط مجموعة «هيونداي موتورز» لتوسيع أسطولها من السيارات الكهربائية مستقبلاً، وذلك من خلال استثمار 16.5 مليار دولار لتوسيع الطاقة الإنتاجية المحلية للسيارات الكهربائية، وتطوير التكنولوجيا الخاصة بها بحلول عام 2030.

وقالت المجموعة، إن «هيونداي موتورز» و«كيا» التابعة لها ستنفقان معظم الاستثمارات المخططة لهما على توسيع خطوط إنتاج السيارات الكهربائية الحالية، وتطوير أجزاء وتقنيات التنقل المستقبلية، وإنشاء البنية التحتية للسيارات الكهربائية، واستكشاف فرص الأعمال الجديدة الخاصة بالسيارات الكهربائية.

وقال سليمان الزبن، مدير عام هيونداي الإمارات: إن شركات صناعة السيارات تمكنت من احتلال مكانة متقدمة في سوق السيارات الكهربائية العالمية وأنها تهدف إلى تولي زمام القيادة مستقبلاً في أسواق السيارات الكهربائية سريعة النمو، وستسارع المجموعة للاستجابة لموجة التنقل المستقبلي الصديق للبيئة من خلال الاستثمارات المحلية الضخمة وأنشطة البحث والتطوير.

حوادث قاتلة

هناك مشكلة أخرى تتمثل في زيادة وزن السيارة بسبب البطارية، حيث يصل وزن السيارات الكهربائية لحوالي 3 أطنان بسبب وزن البطاريات الكبير، مما يؤدي إلى استهلاك قدر كبير منها. وينتج عن هذا الأمر أنها تسبب بحوادث قاتلة، ليس لمن يقودها، ولكن لمن حوله، حيث إن تحويل السيارات إلى الكهرباء يضيف المزيد من الوزن، إذ يُستبدل البنزين القابل للاحتراق وكثيف الطاقة ببطاريات ضخمة، ويجب أن تصبح بقية السيارة أثقل لتوفير الدعم الهيكلي اللازم. وتوضح تقارير أن ثقل السيارة يُعدّ مهماً بالنسبة للسلامة، إذ يزداد احتمال مقتل الركّاب في تصادم مع سيارة أخرى بنسبة 12% لكل 500 كيلوغرام فرق بين المركبات. أيضاً السيارات الأثقل وزناً تولّد كذلك المزيد من التلوث الجسيمي من تآكل الإطارات، إذ تتطلب المزيد من المواد والطاقة لبنائها ودفعها، ما يزيد من الانبعاثات واستخدام الطاقة.

وحول هذا الموضوع، قال لؤي الشرفاء: إن الشركات تسعى إلى تطوير تقنياتها لتقليل وزن البطاريات لتحقيق أحد الأهداف الأساسية وهو تقليل الحوادث إلى أكبر قدر ممكن أو ما يمكن أن نطلق عليه «صفر حوادث»، وجنرال موتورز تولي هذا الموضوع أهمية كبيرة.

وتكمن المشكلة الثالثة في الإطارات، حيث إن المواد التي تدخل في تصنيع إطارات السيارات الكهربائية أكثر ضرراً 100 مرة من عادم احتراق المحرك الداخلي، وهو ما تتجنّب شركات السيارات الحديث عنه إلى حد كبير.

ومثلما تتسابق شركات السيارات لطرح كل ما هو جديد في تكنولوجيا صناعة السيارات الصديقة للبيئة ورصد كبار المصنعين ميزانيات ضخمة لتحويل أساطيلها بالكامل إلى كهربائية خلال العقدين المقبلين على أقصى تقدير، هناك حلبة موازية لهذا التنافس. لكن هذه المرة بين شركات تصنيع الإطارات التي باتت تواجه ضغوطاً متزايدة بسبب الأضرار الناجمة عن تآكل الإطارات، والتي أكدت الأبحاث العلمية أنها أكبر بكثير من الأضرار الناجمة عن عوادم سيارات الوقود، وهو ما دفع تلك الشركات إلى رفع شعار: «إطارات سيارات صديقة للبيئة».

وفي هذا الصدد يجب الإشارة إلى أن عدد إطارات السيارات التي يتم استهلاكها في العالم سنوياً يقدر بأكثر من مليار إطار، يتم التخلص من 60% منها، إما بالحرق لتوليد الطاقة في المصانع وغيرها، أو بالدفن، والإلقاء في البحر.

وتتمثل خطورة تلك الإطارات في أن مكوناتها صعبة التحلل طبيعياً، كما أنها قابلة للاشتعال، وتزداد خطورتها عند ملامستها لمواد حمضية، حيث تفرز بعض المواد الكيماوية التي يتم امتصاصها في الأرض ما يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية.

كما تعتبر أكوام الإطارات بيئة للحشرات والكائنات الضارة بالإنسان، وذلك بما تنتجه من انبعاثات للغازات السامة، مثل أكاسيد الكبريت والكربون والرصاص، ويزداد حجم هذه المشكلة في الدول العربية التي تستهلك أعداداً ضخمة من الإطارات.

وأكدت التقارير أن معدل الإطارات المستهلكة سنوياً مرشحة للزيادة، لتشكل بذلك تهديداً كبيراً على الإنسان والبيئة، فالكميات المتزايدة سنوياً من إطارات السيارات المستعملة والتالفة تُعد من أهم التحديات التي تهدد سلامة البيئة، وتؤثر على صحة الإنسان وحياته باعتبارها مصدراً للتلوث وإهداراً للموارد الطبيعية.

وأصدرت مؤسسة «تك ساي ريسيرتش» للاستشارات الإدارية دراسة توقعت فيها وصول قيمة سوق الإطارات في الشرق الأوسط إلى 24.83 مليار دولار بحلول 2023، بمتوسط معدل نمو سنوي مركب يبلغ 9.63%.

وأرجعت المؤسسة هذه النتائج المتفائلة في ذلك الوقت إلى ارتفاع الطلب على إطارات المركبات المستخدمة في قطاع البناء الذي يستهدف تطوير البنية التحتية للمنطقة، وتوسع أساطيل المركبات، وزيادة مبيعات المركبات بما ينسجم مع الارتفاع الملموس في القوة الشرائية للمستهلكين في المنطقة. ولا شك أنّ الكثير من المعطيات تغيّرت منذ ذلك الوقت.

وفي هذا الصدد، أكدت شركة «كونتيننتال» الألمانية العريقة لتصنيع الإطارات أنها بدأت منذ سنوات أبحاثاً مكثفة لتقليل الانبعاثات الناتجة عن تآكل الإطارات، ونجحت بالفعل في صنع إطارات من مواد معينة لا يسبب تآكلها تلك الأضرار التي تسببها الإطارات العادية، كما أنها تعمل على عملية إعادة تدوير الإطارات التالفة. حيث إن التخلص منها يشكل صعوبة بالفعل لدى الكثير من الشركات، مؤكدة أن لديها خبراتها العريقة في هذا المجال.

وقال البروفيسور بورخارد ويس، رئيس الأبحاث والتطوير ضمن قسم الأعمال الدولية لإطارات الاستبدال لسيارات الركّاب والشاحنات الخفيفة في «كونتيننتال»: إن الشركة تعمل على أبحاث لجعل مكونات الإطارات صديقة للبيئة، وهو ما تركز عليه مراكز أبحاثنا في ألمانيا وعدد من دول العالم. وأضاف أن هناك مشاريع نعمل عيها بشكل مكثف من أجل إعادة تدوير هذا الكم الهائل من الإطارات التالفة سنوياً والتي يتم استخدامها في أغراض متعددة بعد إعادة التدوير.

قلة كفاءة البطارية

هناك مشكلة أخرى تتمثل في قلة كفاءة البطارية مع مرور الوقت، فبطاريات السيارات الكهربائية حتى هذه اللحظة هي نفس البطاريات التي تستخدم على سبيل المثال في الهواتف الذكية، مما يعني أنها تماماً مثل الهاتف الذكي سيتطلب الأمر تغييرها بعد عدد شحنات محدد.

ويتم صناعة بطاريات السيارات الكهربائية من مادة الليثيوم أيون التي كما ذكرنا تصنع منها نفس بطاريات الهواتف الذكية، مع ذلك بطاريات تسلا في الوقت الحالي يصل عمرها الافتراضي لما بين 600 إلى 800 ألف كيلومتر.

وهذه مدة قد تصل إلى عشر سنوات من الاستخدام المتوسط، وبحسب إيلون ماسك، مالك شركة «تسلا»، سيتم قريباً طرح بطاريات تزيد قدرتها على المليون ونصف المليون كيلومتر.

وحول هذا الموضوع، قال ميشال عياط، الرئيس التنفيذي للعربية للسيارات: إن المستقبل للسيارات الكهربائية، لأن السيارات الحالية بمحركات الاحتراق الداخلي في سبيلها إلى التراجع، كما أن السيارات الهجينة كذلك تعتبر مؤقتة، أما السيارات الكهربائية، فهي المستقبل من وجهة نظر واقعية. أما بالنسبة لما يثار من تساؤلات حول أن السيارات الكهربائية ليست عملية للمستهلك، فهذا أمر مردود عليه، لأننا نجد الآن السيارات يمكن قيادتها لمسافات تصل إلى 600 كيلو متر وأكثر، وهناك ابتكارات متواصلة بشكل متسارع ومذهل. وأكد أن المستقبل للسيارات الكهربائية، ولكن المسألة تحتاج إلى دعم التكلفة، حتى تنخفض أسعارها، وتصبح في متناول المواطن العادي.

بدوره، قال أوسكار ريفولي، المدير العام في الفطيم للمشروعات التجارية: يُمكننا القول إن 2020 هو عام السيارات الهجينة بالنسبة لشركة فولفو للسيارات في الإمارات، رغم الجائحة، لا سيما أننا طرحنا باقة واسعة من المركبات الهجينة القابلة للشحن عبر مُختلف فئات السيارات الرياضية متعددة الأغراض وسيارات السيدان.

وأكد ريفولي أن شبكة البنية التحتية الموجودة في الإمارات حالياً تدعم قطاع السيارات الكهربائية الذي ينمو باطراد، حيث أسهمت هيئة كهرباء ومياه دبي في إرساء الأسس المطلوبة لاستخدام المركبات الكهربائية في الإمارة، عبر توفير أكثر من 325 نقطة شحن في جميع أنحاء المدينة. ونحن على ثقة بأن ارتفاع نسبة استخدام السيارات الكهربائية وعددها على الطرقات، سيترافق مع توسيع نطاق البنية التحتية لشحن البطاريات.

وقال إن «فولفو» تلتزم على مدى السنوات الخمس المقبلة بإطلاق سيارة كهربائية بالكامل كل سنة، حيث تتطلع لأن تصبح 50% من مبيعاتها العالمية من السيارات الكهربائية بالكامل إلى جانب سياراتها الهجينة بحلول عام 2025، وجميع مبيعاتها من السيارات الكهربائية بالكامل بحلول عام 2030.

Email