دراسة لـ «تريندز» تستشرف مستقبل التعاون في ظل «اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية»

ت + ت - الحجم الطبيعي

تستشرف دراسة اقتصادية حديثة، أصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، مستقبل التعاون الاقتصادي الأفريقي-الأفريقي في ظل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، حيث تعد الاتفاقية أحد المشروعات الرائدة في أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي، فضلاً عن أنها أحد مشروعات الرؤية الطويلة المدى للاتحاد، الهادفة إلى جعل القارة الأفريقية متكاملة ومزدهرة وآمنة ومتكاملة، إذ يراهن من خلالها على تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدول الأفريقية.

وذكرت الدراسة، التي تحمل عنوان: «منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.. الفرص والتحديات»، وأعدها الدكتور السعيدي وصاف أستاذ المالية المشارك بجامعة الملك فيصل في المملكة العربية السعودية، أن اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، تعتبر من أهم الإنجازات على مستوى العمل الأفريقي المشترك؛ نظراً لما تتضمنه من مشروعات تكاملية رائدة، إذ تُلزم حكومات الدول الأعضاء في الاتفاقية باتخاذ المزيد من إجراءات التكامل الاقتصادي، حيث تبدأ الدول الموقعة، عبر سنوات عدة، عملية إزالة الحواجز التجارية، بما في ذلك الرسوم الجمركية على 90% من السلع المتبادلة.

تعزيز التجارة الإقليمية

وأشارت إلى أن اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية تتيح تعزيز التجارة الإقليمية، والتنويع الاقتصادي، من خلال بناء القدرة التصنيعية من أجل اجتذاب استثمارات أفريقية وأجنبية، مشددة على أهمية دخول الدول الأعضاء في مشروعات مشتركة والتنسيق بين خطط التنمية، بحيث يتم توزيع المشروعات والصناعات فيما بينها، على النحو الذي يكفل لكل دولة منها الحصول على نصيب عادل من مزايا التعاون الاقتصادي الأفريقي.

وأكدت الدراسة على ضرورة دخول دول القارة الأفريقية ككتلة عندما يتعلق الأمر بشراكات خارجية (خارج أفريقيا)، مثل ما هو عليه الشأن في الشراكة بين أفريقيا والصين، التي حققت حتى الآن إنجازات هائلة، خاصة بعد تأسيس منتدى التعاون الأفريقي - الصيني، سواء في تعزيز المبادلات التجارية، أو زيادة تدفقات الاستثمارات المباشرة، وتنويع وزيادة التمويل؛ وعليه أصبحت الصين أكبر شريك تجاري، ومن كبار المستثمرين والممولين في أفريقيا، فضلاً عن أهمية العمل على تطوير البنى التحتية الأفريقية؛ لأن عدم تطويرها يعد أكبر عائق للمبادلات البينية، وذلك في إطار شراكات بينية أفريقية أو بدعم أطراف أخرى، مثل البنك الأفريقي للتنمية، أو البنك الإسلامي للتنمية.

خريطة طريق صناعية

وأوصت الدراسة الاقتصادية الحديثة بوضع خريطة طريق صناعية لبناء أرضية تعاون بين القطاعين العام والخاص في أفريقيا، بطريقة تحدد موقع الشركات من القطاعين في النشاطات القبلية والنشاطات البعدية لكل قطاع، وذلك من أجل تحديد الحلقات الناقصة أو الضعيفة في كل سلسلة، والعمل على تعزيزها في إطار سياسات متكاملة وطنياً وأفريقياً، إلى جانب أهمية ترقية شبكة خدماتية قارية (البنوك، والوسطاء التجاريون، وشركات النقل والتأمين، والموانئ البحرية والبرية والمطارات) قادرة على المرافقة الآمنة للسلع والأموال بين الدول الأفريقية.

دخول أسواق جديدة

وتوقعت الدراسة أن تسهم اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، تماشياً مع الأهداف الاستراتيجية لمبادرة أجندة 2063، في القضاء على الفقر، وأن تؤثر تأثيراً إيجابياً على حياة المواطنين، ومن ثم تحقق رفاهية المجتمع، شريطة بذل الدول الأعضاء في الاتفاقية المزيد من الجهود لتعزيز التجارة البينية الأفريقية، سواء على مستوى الأنظمة والقوانين الوطنية، أو على مستوى الهياكل والبنى التحتية، حيث ستسمح الاتفاقية بدخول أسواق جديدة على مستوى القارة وغيرها من دول العالم، وهذا بدوره سيوسع قاعدة عملائها ويؤدي إلى خلق أو ابتكار منتجات وخدمات جديدة؛ ما يجعل الاستثمار في المجالات الإبداعية والمشروعات الابتكارية أمراً ممكناً.

وبينت أن قطاع الصناعات في البلدان الأفريقية مجتمعة يمثل نحو 10% فقط من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للقارة الأفريقية في المتوسط، وهذا أقل بكثير من نسبة مساهمة القطاعات الصناعية في المناطق الأخرى النامية، فنجاح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية من شأنه تدعيم هذا القطاع، وتقليل الفجوة بين الشركات الكبيرة والصغيرة، حيث يقود قطاع الصناعات التحويلية الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى خلق وظائف أكثر، ومع دخول منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية حيز التنفيذ، وعند استيراد المواد الخام من البلدان الأفريقية، من المتوقع انخفاض تكاليف المواد الخام، وبالتالي انخفاض تكاليف الإنتاج.

Email