الإمارات تقدم إطار قانوني وتشغيلي وضريبي متوازن للشركات والمستثمرين

1
1

على مدار السنوات الماضية، نجحت دولة الإمارات في بناء إطار قانوني وتشغيلي وضريبي متوازن يمكّن الشركات والمستثمرين من النمو بثقة واستدامة. فمن سهولة التأسيس، إلى وضوح القوانين، وتطور المنظومة التنظيمية والضريبية، مرورًا بمرونة الأنظمة القانونية وتعدد الخيارات المتاحة، استطاعت الدولة أن تخلق بيئة لا تكتفي بجذب الاستثمار، بل تساعده فعليًا على الازدهار. هذا التطور المستمر يعكس نهجًا عمليًا يواكب حركة الأسواق العالمية، لكنه في الوقت نفسه يضع على المستثمر مسؤولية أكبر في حسن الاختيار والإدارة. وهنا تبدأ القصة الحقيقية: ليس في توفر الأدوات، بل في كيفية استخدامها، ومتى يكون التغيير الذكي ضرورة، ومتى يتحول إلى مخاطرة غير محسوبة.

في هذا السياق، يشارك أحمد النجار، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة النجار وشركاه للمحاماة والاستشارات القانونية، مجموعة من النقاط الجوهرية التي يرى أنه من الضروري أخذها في الاعتبار عند اتخاذ قرار البدء في التنظيم القانوني للشركات والاستثمارات داخل دولة الإمارات أو عند وضع خطة لإعادة الهيكلة القانوني للشركة أو لمجموعة الشركات. فغالبًا ما تتجه أنظار المستثمرين إلى مزايا جذابة مثل الملكية الأجنبية الكاملة، والكفاءة الضريبية، والتخطيط للورثة، والإقامة طويلة الأجل، وحماية الأصول. غالبا ما يتجه المستثمرون في البداية إلى تأسيس شركات الأغراض الخاصة (SPVs) أو الكيانات الخارجية، قبل أن يدرك بعضهم لاحقًا أن أدوات أحدث مثل الـ Foundations في ADGM أو الوصايا في DIFC قد تكون أكثر ملاءمة لحماية الثروة وتنظيم شؤون العائلة وانتقال الملكية بين الأجيال.

لكن الإشكالية، بحسب النجار، لا تكمن في اختيار الأداة «الأفضل»، فكل حالة لها خصوصيتها. الخطر الحقيقي يبدأ عندما يتم تغيير الشكل القانوني أو النظيم الخاص بالشركة دون رؤية شاملة، أو بدافع التوفير قصير الأجل، دون فهم كامل لتداعيات ذلك على الملكية، والعلاقات البنكية، والعقود، والامتثال، ونقل الأصول مستقبلًا.

ويضيف النجار أن قبل بناء أي تنظيم خاص بالشركات، يجب على المستثمر أن يحدد بدقة: ماذا يحمي؟ ولماذا؟ فمحفظة عقارية تختلف عن شركة تشغيلية، والشركة القابضة تختلف عن الشركة التجارية، كما أن الاستثمار العابر للحدود لا يُدار بنفس منطق الاستثمار المحلي. الجنسية، ومحل الإقامة، وطبيعة الأصل، والغرض من الهيكلة، والتعرض الضريبي… كلها عناصر مترابطة لا يمكن التعامل معها بمعزل عن بعضها البعض.

اشار النجار إلى أن العديد من الانظمة تبدو «مثالية على الورق»، حيث تجمع تحت مظلة واحدة شركات تشغيل، وSPVs عقارية، وكيانات مناطق حرة، وأصول داخل وخارج الإمارات. ورغم أن هذا الشكل قد يبدو منظمًا وموفرًا، إلا أنه غالبًا ما يفتقد التنسيق بين الرأي القانوني، والضريبي، والمحاسبي، والمصرفي، ما يجعل هذا التنظيم هشة، صعبة التشغيل، ومعقدة بنكيًا عند التطبيق الفعلي.

اليوم، تدخل دولة الإمارات مرحلة أكثر جدية في الحوكمة والشفافية، مع وجود ضريبة شركات، وتبادل تلقائي للمعلومات مع عدد كبير من الدول، ووضوح أكبر في مفاهيم الإقامة الضريبية. كما أن النقاشات المتعلقة بالضرائب الشخصية في المنطقة لم تعد نظرية، في ظل تجارب حديثة لدول خليجية أخرى. ما كان مقبولًا أو فعالًا قبل عشرين عامًا، لم يعد بالضرورة مناسبًا اليوم.

لهذا، تصبح إعادة الهيكلة أحيانًا ضرورة مشروعة. لكن الخطورة، كما يؤكد النجار، تظهر عندما يُسارع المالك إلى تصفية كيان، أو شطب شركة، أو ترك Foundation دون تجديد، قبل ضمان نقل الصلاحيات، والعقود، والحسابات البنكية، وحقوق الملكية بشكل سليم. عندها، تتحول رسوم الاستشارة إلى تكلفة تافهة مقارنة بخسارة السيطرة على أصل، أو تجميد حساب، أو الوقوع في فراغ قانوني وإداري.

ويختتم أحمد النجار قائلًا إن التحدي الأكبر يكمن في أن هيكلة الشركات او التنظيم القانونى للشركات ليسا تخصصًا واحدًا. فكل مستشار يرى الصورة من زاويته، وإذا لم يجتمع الجميع حول طاولة واحدة، ينتهي الأمر بتنظيم مجزأ ومتضارب. قد يبدو الاجتماع المشترك مكلفًا، لكنه غالبًا أقل تكلفة بكثير من إصلاح هيكل شراكة منهار.

الخلاصة أن تنظيم وهيكلة الشركات ليست مجرد أوراق، بل إطار حي يؤثر على الملكية، والضرائب، والبنوك، والإرث، وراحة البال. والقرارات الذكية هي تلك التي تُتخذ بهدوء، وبصورة منسقة، لأن السرعة في «التنظيم» قد تكون أغلى درس يتعلمه رائد أعمال.