أطلق الملياردير والمؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، بيل غيتس، أخيراً دعوة قوية لـ «تحول استراتيجي» في طريقة تعامل العالم مع أزمة التغير المناخي، منتقداً بشدة ما أسماه «نظرة الهلاك» التي يتبناها بعض الناشطين والمجتمع المناخي، والتي يرى أنها تدفع إلى التركيز على الأهداف الخاطئة وتشتت الموارد بعيداً عن الأولويات الأكثر إلحاحاً لرفاهية الإنسان.
الرفاهية البشرية
جاءت تصريحات غيتس المفصلة في مذكرة طويلة بعنوان «ثلاث حقائق صعبة حول المناخ» نشرت على موقعه الإلكتروني «Gates Notes» قبل أسابيع قليلة من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP30) في البرازيل.
يدور الجدل الذي أثاره غيتس حول فكرتين محوريتين: التخفيف من حدة المخاوف المتطرفة بشأن نهاية الحضارة، والدعوة إلى وضع «الرفاهية البشرية» في صميم الاستراتيجية المناخية العالمية.
يرى غيتس أن التركيز المفرط على أن التغير المناخي سيؤدي إلى «فناء البشرية» أو «تدمير الحضارة» خلال بضعة عقود هو نظرة خاطئة ومبالغ فيها. وعلى الرغم من أن غيتس نفسه كان من أشد الداعين للعمل المناخي (وقد حذر سابقاً في كتابه عام 2021 من أن المناخ قد يصبح مميتاً مثل «كوفيد 19»)، إلا أنه خفف من نبرته التشاؤمية الحالية.
الحجة المضادة
كتب غيتس: «على الرغم من أن التغير المناخي ستكون له عواقب وخيمة — خصوصاً بالنسبة للناس في أفقر البلدان — إلا أنه لن يؤدي إلى فناء البشرية... سيظل الناس قادرين على العيش والازدهار في معظم الأماكن على الأرض في المستقبل المنظور».
يؤكد غيتس أن هذه النظرة التشاؤمية المتطرفة تتسبب في أن يركز المجتمع المناخي أكثر من اللازم على الأهداف قصيرة المدى لخفض الانبعاثات، ما يحول الموارد عن التدخلات الأكثر فاعلية لتحسين الحياة في عالم ترتفع فيه درجات الحرارة بالفعل.
يدعو غيتس إلى تبني «محور استراتيجي» جديد، يتمثل في تحويل الهدف الأساسي من «الحد من ارتفاع درجة الحرارة» إلى «تحسين حياة البشر وتقليل المعاناة».
يجادل غيتس بأن المشكلات الكبرى التي تواجه البشرية، خصوصاً في أفقر البلدان، هي الفقر والمرض (مثل الملاريا وسوء التغذية)، تماماً كما كانت دائماً.
المفاضلة الحاسمة
في مناقشة له مع الصحفيين، طرح غيتس سؤالاً حاسماً: «إذا خيرت بين القضاء على الملاريا وارتفاع درجة الحرارة بمقدار عُشر درجة مئوية، سأدع درجة الحرارة ترتفع 0.1 درجة للقضاء على الملاريا. الناس لا يفهمون حجم المعاناة الموجودة اليوم».
يطالب غيتس بتركيز الموارد المحدودة على التدخلات التي تساعد الناس على بناء المرونة والتكيف مع آثار المناخ، مثل: «الوصول إلى الطاقة النظيفة.الرعاية الصحية. تطوير المحاصيل الزراعية القادرة على تحمل الظروف القاسية (الابتكار الزراعي)».
التفاؤل التكنولوجي والابتكار
يؤكد غيتس، من خلال مؤسسته «بريكثرو إنرجي» التي تستثمر المليارات في التكنولوجيا النظيفة، أن الابتكار العلمي والتقني هو المفتاح لتحقيق أهداف المناخ على المدى الطويل، وليس التخويف. وهو متفائل بإمكانية خفض الانبعاثات بفضل التقدم في «السيارات الكهربائية. الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. التقنيات اللازمة لخفض التكلفة الخضراء الممتازة» للمواد الصناعية مثل الأسمنت والصلب ووقود الطائرات.
