تواصل الأسواق العالمية مسارها الصاعد، متحدية حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، بفضل قوتين دافعتين رئيسيتين هما طفرة الذكاء الاصطناعي (AI) التي تعد بتحولات هيكلية ضخمة، ونتائج أرباح قوية ومفاجئة للبنوك الأمريكية الكبرى، ما يعزز الثقة في متانة النظام المالي. وانطلاق سباق التريليون دولار مع الثنائي الذهبي «الذكاء الاصطناعي والبنوك».
الوعد بالتريليون دولار
أصبحت موجة الذكاء الاصطناعي هي الرواية المهيمنة في أسواق الأسهم العالمية، حيث تتجاهل قفزات أسهم التكنولوجيا تقييمات البعض المرتفعة، وتدفع المستثمرين نحو المخاطرة.
شركات تصنيع الرقائق التايوانية والأمريكية ترفع توقعاتها للإيرادات، مدفوعة بالطلب الجنوني على وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) اللازمة لبناء نماذج الذكاء الاصطناعي. الأنباء عن خطط لاستثمار ما قد يتجاوز تريليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لبناء قدرات الحوسبة، إلى جانب صفقات استحواذ ضخمة (كما في حالة مشغلي مراكز البيانات)، تدعم شهية المخاطرة في قطاع التقنية.
ويرى المستثمرون أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد «موضة»، بل هو تحول اقتصادي شامل يُعيد تشكيل الصناعات، ويعد بعوائد تفوق بكثير التوترات السياسية، ما يبرر الاندفاع نحو أسهم الابتكار.
شبح الفقاعة
على الجانب الآخر، تزايدت المخاوف من «فقاعة الذكاء الاصطناعي»، حيث أشار استطلاع حديث لمديري الصناديق إلى أن أسهم الذكاء الاصطناعي أصبحت التهديد الأكبر للأسواق لأول مرة. وقد حذرت مؤسسات كبرى مثل صندوق النقد الدولي وبنك انجلترا من أن التقييمات تبدو مُبالغاً فيها. ومع ذلك، يميل المستثمرون إلى تجاهل هذه التحذيرات، طالما أن الوعود بعوائد مستقبلية ضخمة لا تزال قائمة.
تزامنت طفرة التكنولوجيا مع أداء قوي وغير متوقع للقطاع المالي، خاصة في الولايات المتحدة، ما قدم «طبقة حماية» لشهية المخاطرة في السوق الأوسع حيث حققت بنوك أمريكية كبرى مثل مورغان ستانلي وبنك أوف أمريكا أرباحاً قوية، مدعومة بتحسن في الإيرادات الأساسية وتماسك هوامش الفائدة، ما دفع أسهمها للارتفاع.
تحدي الفيدرالي
هذه الإشارات الإيجابية من البنوك تأتي في خضم بيئة نقدية تميل إلى التيسير وخطاب من مجلس الاحتياطي الفيدرالي يُلمح إلى نقاش مبكر حول إنهاء «التشديد الكمي» أو خفض الفائدة. هذا المزيج - قوة أرباح البنوك رغم بيئة التيسير المتوقعة - يثير جدلاً حول مدى اتساع الأوضاع المالية وقد يُطيل دورة المخاطر في الأصول.
تجدر الإشارة إلى أن البنوك نفسها تستفيد من الذكاء الاصطناعي في تعزيز إدارة المخاطر والامتثال وأتمتة العمليات، مما يسهم في تحسين كفاءتها وتحقيق مكاسب إنتاجية ملموسة. ويشكل ثنائية مهمة في طريق التريليون دولار ختام هذه التحركات والمخاطر التي تكون مرات عكس تيار التحليلات ومؤشرات الأسواق العالمية.
