نظمت وزارة المالية جلسة طاولة مستديرة لمناقشة التحديثات على دليل المعايير المحاسبية للحكومة الاتحادية، ودليل السياسات والإجراءات المالية للحكومة الاتحادية، بحضور مديري الإدارات ورؤساء الأقسام المالية من الجهات الاتحادية كافة، إلى جانب نخبة من الخبراء الماليين والمحاسبين والمراقبين الماليين، وذلك في إطار جهودها المستمرة لتطوير العمل المحاسبي والمالي في الحكومة الاتحادية، ومواكبة أحدث الممارسات والمعايير الدولية.
هدفت الجلسة إلى تحليل أبرز التحديات ومناقشة الممكنات واعتبارات التنفيذ الرئيسية، التي يتعين على الجهات الاتحادية مراعاتها لضمان التطبيق الفعال للأدلة المحدثة، ما يسهم في تعزيز كفاءة الأداء المالي ودعم متطلبات الحوكمة المالية المستدامة.
منظومة مالية
وأكدت مريم محمد الأميري، الوكيل المساعد لقطاع الإدارة المالية الحكومية في وزارة المالية، أن التحديثات الأخيرة على دليل المعايير المحاسبية ودليل السياسات والإجراءات المالية للحكومة الاتحادية تجسد حرص وزارة المالية على بناء منظومة مالية راسخة ومرنة، تقوم على أعلى معايير الشفافية والحوكمة، وتواكب في الوقت ذاته التطورات العالمية في مجال المحاسبة الحكومية.
وقالت: «تشكل هذه التحديثات نقلة نوعية في تمكين الجهات الاتحادية من تطوير ممارساتها المالية، ما يعزز دقة وكفاءة التقارير، ويدعم جهود الدولة نحو إدارة مالية مستدامة قادرة على الاستجابة لمتغيرات المشهد الاقتصادي العالمي».
حدث المعايير
وأضافت مريم الأميري: «إن وزارة المالية تمضي بخطى ثابتة في مسيرة التطوير المالي، من خلال تبني أحدث المعايير الدولية وإجراء الدراسات التحليلية لتأثيراتها على واقع العمل الحكومي. وستشهد المرحلة المقبلة تعزيز التكامل بين الجهات الاتحادية في تنفيذ هذه الأدلة، ما يرسخ مكانة دولة الإمارات نموذجاً رائداً في الإدارة المالية الحكومية الحديثة».
أبرز التحديثات
شهدت الجلسة استعراضاً شاملاً لأبرز التحديثات على دليل السياسات والإجراءات المالية الموحد للحكومة الاتحادية، التي عكست توجهاً استراتيجياً نحو تعزيز كفاءة إدارة المالية العامة، وتحقيق تكامل أكبر في العمليات المالية الحكومية. وتضمنت هذه التحديثات دمج السياسات والإجراءات المالية الواردة في الأدلة الحكومية المختلفة ضمن دليل موحد، ما يسهم في توحيد المفاهيم وتسهيل التطبيق عبر الجهات الاتحادية كافة.
كما جرى إدراج مصفوفة «RACI» ضمن الدليل، لتوضيح الأدوار والمسؤوليات الوظيفية لكل جهة في مختلف الإجراءات، ما يعزز الحوكمة المؤسسية ويأخذ في الاعتبار الفوارق التنظيمية أو المسميات الإدارية بين الجهات، مع الحفاظ على إطار موحد للمساءلة والامتثال. كذلك تمت إعادة تصميم هيكل الدليل بالكامل، ليشمل وصفاً تفصيلياً لكل خطوة في الإجراءات وربطها بالهيكلية التنظيمية، ما يعزز المرونة في التطبيق ويرفع من كفاءة التنفيذ المؤسسي.
معايير دولية
وتناولت الجلسة أبرز التعديلات التي طرأت على دليل المعايير المحاسبية للحكومة الاتحادية، التي تضمنت إضافة الإطار المفاهيمي مكوناً مستقلاً، واعتماد المعايير الدولية الجديدة IPSAS 45 حتى IPSAS 49، بالإضافة إلى إدراج التعديلات السنوية الصادرة عن مجلس معايير المحاسبة للقطاع العام (IPSASB)، وإعادة تصميم شامل للدليل بنسختيه العربية والإنجليزية.
ويغطي كل معيار من المعايير الجديدة جوانب أساسية من العمل المالي الحكومي، إذ يتناول معيار IPSAS 45 الممتلكات والمصانع والمعدات، من خلال وضع أحكام محاسبية تعزز دقة تسجيل الأصول الملموسة وضمان التقييم العادل لها، فيما يركز معيار IPSAS 46 على القياس عبر تحديد الأسس والمعايير المحاسبية الخاصة بقياس الأصول والالتزامات والإيرادات والمصروفات، ما يعزز الاتساق والدقة في التقارير المالية. أما معيار IPSAS 47 الخاص بالإيرادات، فيضع الإطار المحاسبي لإثبات الإيرادات الحكومية بما يتماشى مع مصادر التمويل المختلفة ويضمن الشفافية في المعاملات المالية. وفي المقابل يقدم معيار IPSAS 48 إطاراً واضحاً لمعالجة مصاريف التحويل بين الجهات الحكومية، الأمر الذي يسهم في تحسين دقة التقارير وتحقيق التوازن في الإنفاق. كما جاء معيار IPSAS 49 بشأن خطط منافع التقاعد ليؤسس إطاراً محاسبياً موحداً لمعالجة الالتزامات المستقبلية المتعلقة بتقاعد الموظفين، ما يعزز دقة البيانات المالية المرتبطة بالموارد البشرية.
تقارير مالية
شكل عرض ومناقشة المعايير المحاسبية الجديدة محوراً رئيسياً في مسيرة تطوير العمل المحاسبي الاتحادي، حيث أسهمت في تمكين الجهات الحكومية من مواكبة المستجدات العالمية وتعزيز قدرتها على إعداد تقارير مالية دقيقة وشفافة.
واستناداً إلى دراسة الأثر التي أجرتها الوزارة تم استعراض تأثير تطبيق المعايير الجديدة (45–49) على مختلف الجوانب التشغيلية والمحاسبية، بما في ذلك تسجيل الأصول التراثية والبنية التحتية، وتأثيرات القياس على الأصول غير التبادلية، وإعادة تصنيف الإيرادات الحكومية، وتحليل طبيعة مصروفات التحويل. وقد أبرزت الدراسة أهمية تهيئة الجهات الحكومية عبر تطوير السياسات الداخلية وتحديث قواعد البيانات المالية، بما يعزز الشفافية ويرتقي بجودة التقارير المالية ويضمن الامتثال للمعايير الدولية، في انعكاس واضح لحرص الوزارة على مواكبة التطورات العالمية في مجال المحاسبة الحكومية.
وفي هذا السياق تواصل إدارة السياسات المالية والمعايير المحاسبية الحكومية في وزارة المالية جهودها في صياغة وتطوير السياسات المالية الاتحادية، وتوحيد الممارسات المحاسبية، ما يدعم بناء منظومة مالية أكثر فاعلية واستدامة.
خطوات مستقبلية
وتعمل وزارة المالية حالياً على عقد جلسات نقاش مركزة مع الجهات الاتحادية، لمشاركة الرؤى والدروس المستفادة تمهيداً لاعتماد النسخة النهائية من دليل السياسات والإجراءات المالية. وفي إطار التوجهات المستقبلية أكدت وزارة المالية حرصها على المتابعة المستمرة لما يصدر عن مجلس معايير المحاسبة للقطاع العام (IPSASB)، ولا سيما ما يتعلق بمعيار الإفصاحات المناخية الجاري تطويره، الذي تعتزم الوزارة تضمينه في دليل المعايير المحاسبية للحكومة الاتحادية، دعماً لجهود التحول المستدام وتعزيز الحوكمة المالية في الدولة.
كما شهدت الجلسة مناقشة أبرز اعتبارات التنفيذ والخطوات اللاحقة، إلى جانب استعراض توصيات وزارة المالية الرامية إلى ضمان التطبيق السلس والفعال للأدلة المحدثة، ما يعزز كفاءة الأداء المالي ويرسخ الالتزام بالمعايير الدولية.
