الهند تواجه «رسوم ترامب» بخطة إصلاحات ضريبية


تصاعدت المخاوف في الهند بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمضاعفة الرسوم الجمركية على الواردات الهندية من 25% إلى 50%، لمعاقبة نيودلهي على مشترياتها من النفط الروسي.
يهدد القرار المرتقب في 27 أغسطس بخسائر في الصادرات وموجة فقدان وظائف، وسط تحذيرات من أن نمو الاقتصاد قد يتراجع إلى أقل من 6% هذا العام.

رد رئيس الوزراء ناريندرا مودي بإعلان إصلاح شامل لضريبة السلع والخدمات يشمل خفض معدلات الاستهلاك على مجموعة واسعة من السلع الأساسية، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وتقضي الخطة بإلغاء الهيكل المعقد ذي الأربع شرائح (5%–12%–18%–28%) والاكتفاء بشريحتين فقط: 5% و18%.

قد يوفر التعديل ما بين 13 و17 مليار دولار سنوياً، ويشمل سلعاً من السيارات الصغيرة إلى الأجهزة الكهربائية. ووصف مودي القرار بأنه «هدية عيد» للأسر الهندية، في إشارة إلى مهرجان الأضواء الهندوسي عندما ينفق المستهلكون على سلع من الذهب والملابس وصولاً إلى المعدات الكهربائية.
ويرى خبراء أن مقترح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تخفيف الضرائب المفروضة على السلع الاستهلاكية اليومية سيخفض الأسعار بمليارات الدولارات سنوياً ويعزز الطلب في اقتصاد مهدد برسوم

جمركية أمريكية خانقة.
وخيم الإجراء المرتقب على التوقعات بالنسبة لخامس أكبر اقتصاد في العالم، مع تحذير المصدرين الهنود من تراجع الطلبات وخسائر كبيرة في الوظائف.
ووصفت نيودلهي الخطوة الأمريكية بأنها «غير منصفة وغير مبررة ولا منطقية»، لكنها تسعى بالفعل لتأمين نفسها من تداعياتها، إذ تعهد مودي الأسبوع الماضي «خفض عبء الضرائب بالنسبة للمواطنين العاديين» أثناء خطاب سنوي لإحياء ذكرى استقلال الهند.
ويقول خبراء اقتصاد إن مقترحه خفض ضرائب السلع والخدمات سيخفض أسعار كل شيء بدءاً من السيارات الصغيرة وصولاً إلى المكيفات الهوائية.
نهاية الـ 28%

ووصف محللون لدى «خدمات إماكي المالية العالمية» السياسة بأنها «إصلاح مرحب به باتجاه دعم الاستهلاك المحلي».
وقدروا أن الجزء الأكبر تقريباً من السلع المشمولة حالياً في الفئة الأعلى التي تفرض بموجبها ضرائب نسبتها 28 في المئة، ستخضع إلى ضريبة نسبتها 18%، بينما ستصبح «كل» الفئة «تقريباً» الخاضعة لضرائب نسبتها 12 في المئة ضمن فئة الخمسة في المئة.

وذكر محللون لدى «موتيلال أوسوال»، وهي شركة خدمات مالية هندية، أن التغييرات ستصب في مصلحة مجموعة واسعة من القطاعات وتمكن العائلات من «توفير الكثير» من المال.
ويبقى مصير المقترح في نهاية المطاف في أيدي «مجلس الضرائب على السلع والخدمات» GST Council الذي يضم في صفوفه ممثلين عن حكومات الولايات وسبق أن اعتبر التوصل إلى توافق بين أعضائه أمراً صعباً في الماضي.

وفي حال إقراره، قد يتسبب الخفض الضريبي بالضغط على خزينة المال العام، بحسب الخبراء. لكنهم يشيرون إلى أنه سيساعد في تعويض مخاطر التعريفة الجمركية.

محادثات تجارية مع واشنطن
ورغم دعوة خبراء الاقتصاد لإصلاح نظام الضرائب على السلع والخدمات منذ سنوات، جاء إعلان مودي المفاجئ في وقت تدهورت العلاقة بين الولايات المتحدة والهند إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.
وتشير تقديرات خبراء الاقتصاد إلى أنه في حال فشل البلدان في التوقيع على اتفاق تجاري، فقد تؤدي رسوم ترامب الجمركية إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي للهند إلى أقل من 6% خلال العام المالي الحالي، أي أقل من توقعات المصرف المركزي البالغة 6.5%.

وسيتوضح موقف نيودلهي بشأن واردات النفط الروسية بحلول أواخر سبتمبر، إذ إن التعاقد على معظم شحنات هذا الشهر تم قبل تهديدات ترامب، بحسب شركة الاستخبارات التجارية «كبلر».
وأفاد المحلل لدى «كبلر» سوميت ريتوليا فرانس برس إنه بينما تبدي شركات التكرير الهندية «اهتماماً متزايداً» بالخام الأمريكي وخام غرب أفريقيا وأمريكا اللاتينية، إلا أن ذلك يعد مؤشراً على «مرونة أكبر، لا على تحول متعمد».

ومع اقتراب موعد زيادة التعرفة الجمركية، ما زال وضع المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والهند ضبابياً. وتقول نيودلهي إنها ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق، لكن تقارير إعلامية هندية تشير إلى أن المفاوضين الأمريكيين أجلوا زيارة كانت مقررة أواخر أغسطس إلى العاصمة الهندية.