علاقة وثيقة بين العلم والإيمان

علاقة وثيقة بين العلم والإيمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين نتأمل موقف الإسلام من العلم نجد ترابطاً وثيقاً بين العلم والإيمان فكلما ازداد الإنسان علماً كلما ازداد يقينًا ومعرفة وخشية لله عز وجل، قال تعالى مبينا أن العلماء هم أشد الناس خشية له ومعرفة بمقامه (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ {27} وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {28}) سورة فاطر.. فالعلم يهدى إلى الإيمان ويقوي دعائمه، والإيمان يدعو إلى العلم ويرغّب فيه، هذه العلاقة الوثيقة لا نجدها في غير الإسلام.

يقول روجيه جارودي (ولم يفصل الإسلام الحكمة عن العلم ولم يقبل معالجة أي فرع من فروع العلم بمعزل عن العقيدة التي هي هدف في ذاتها) لماذا أسلمت للمفكر الفرنسي روجيه جارودي ص 73 ط مكتبة القرآن.

ولكي ترقى الأمم وتتقدم فلا بد لها من الإيمان والعلم معاً ؛ أما العلم وحده : فقد يرفع أمة حتى تعانق السماء رفاهية ورغداً، ولكنها سرعان ما تتداعى مثلما تتساقط أوراق الخريف التي تعصف بها الرياح، وكم من أمة غنية قوية ولكنها تعيش على شقاء مهددة في أمنها مقطعة الأواصر بينها يسود الناس فيها القلق ويظهر الانحلال، قوة بلا أمن ومتاع بلا رضا وحاضر زاهٍ يترقبه مستقبل نكد، إنه الابتلاء الذي يعقبه النكال .. (الإسلام والطاقات المعطلة ) للشيخ الغزالى ط دار الكتب الحديثة.. وصدق القائل:

والعلم إن لم تكتنفه شمائل تعليه كان مطية الإخفاق

رب ركب قد أناخوا عيسهم

في ذرى مجدهم حين بسق

سكت الدهر زمانا

ثم أبكاهم دما حين نطق

ولقد فاق المسلمون غيرهم قرونا وعقوداً من الزمان حين سمت عندهم مكانة العلم وأخلصوا في طلبه وأكرموا أهله

أرى الركب إن سرنا كانوا لنا تبعا وإن نحن أومأنا لهم وقفوا وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا ترقد في ظلام دامس وتغطُّ في سبات عميق كان المسلمون قد سبقوا عصرهم في شتى العلوم، وهانحن في هذا الزمان وقد تبدّل حالنا وصرنا في مؤخرة الركب بعد أن كنا في مقدمته، صرنا تابعين بعد أن كنا متبوعين لأننا فصلنا بين العلم والدين، بحجة مواكبة الغرب ونسينا أن ديننا يرغب في العلم ويدعو إليه ويمهّد طريقه، ويدعو إلى رعاية طلابه وأساتذته مادياّ ومعنوياً.

ان العلم هو إدراك الشيء على حقيقته أو نقيض الجهل أو الاعتقاد الجازم، أو الحجة الواضحة، ومما تضمنته أول آيات أنزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- (اقرأ باسم ربك..) العلق: 1-5 إنها كانت حثًا بليغا عليه حيث أمرت بالقراءة وثنت بالتعلم، وبينت أهم أدواته (القلم) وما ذلك إلا لأنه وسيلة العمل، وقائده، وهو تابع له، ومؤتم به، وشرط في صحته وصحة القول، فلا يعتبران إلا به، كما أنه مصحح للنية التي هي شرط في صحة العمل. والعلم.. أجلُ الفضائل، وأشرف المزايا، وأعز ما يتحلى به الانسان، فهو أساس الحضارة، ومصدر أمجاد الأمم، وعنوان سموها وتفوقها في الحياة، ورائدها إلى السعادة الأبدية، وشرف الدارين.

والعلماء.. هم ورثة الأنبياء، وخزَّان العلم، ودعاة الحق، وأنصار الدين، يهدون الناس إلى معرفة الله وطاعته، ويوجهونهم وجهة الخير والصلاح يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين : (فإذا أراد العالم الإسلامي أن يستأنف حياته.

ويتحرر من رق غيره، وإذا كان يطمح إلى القيادة فلا بد من الاستقلال التعليمي، بل لا بد من الزعامة العلمية وما هي بالأمر الهيّن، إنها تحتاج إلى تفكير عميق، وحركة التدوين والتأليف الواسعة، وخبرة إلى درجة التحقيق، والنقد بعلوم العصر مع التشبع بروح الإسلام والإيمان الراسخ بأصوله وتعاليمه، إنها لمهمة تنوء بالعصبة أولى القوة).

احمد عبد المجيد

Email