أول اختبار لقدرة الحكومة على تفعيل الدواء المر

الإضرابات تعم اليونان ضد خطط التقشف الحكومية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأ عاملو القطاع العام في اليونان اضرابا مدته 48 ساعة في أنحاء البلاد أمس في أول اختبار لقدرة الحكومة على تفعيل اجراءات تقشف جديدة تم الاتفاق عليها مع الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل مليارات الدولارات من المساعدات.

وتوقف العمل في الوزارات ومكاتب الضرائب والمدارس والمستشفيات والخدمات العامة قبل تجمع حاشد ظهر أمس لموظفي الحكومة أمام البرلمان نظمته النقابة الرئيسية للعاملين بالقطاع العام. وقال سبيروس باباسبيروس رئيس نقابة عاملي القطاع العام التي تمثل نحو نصف مليون عامل: نريد نهاية لهذا التدني المستمر لمستويات معيشتنا... أعتقد أن هذه ستكون واحدة من أكبر الاحتجاجات التي نشهدها خلال العقد.

ومن المقرر أن ينضم العاملون في القطاع الخاص الى الاضراب اليوم الاربعاء وهو ثالث اضراب مشترك منذ بداية العام عندما أدت مخاوف بشأن الديون ومستويات العجز المتفاقمة في اليونان الى استهداف البلاد في الاسواق المالية.

واقتصرت المشاركة في المظاهرات حتى الان على بضع عشرات الالاف وهو مستوى أقل كثيرا من المشاركين في أعمال شغب أصابت أثينا بالشلل في ديسمبر عام 2008 بعد أن قتلت الشرطة مراهقا.

ومن المتوقع أن يتزايد الغضب العام بعد أن كشفت حكومة رئيس الوزراء جورج باباندريو يوم الاحد عن خطط جديدة قاسية لخفض الانفاق تتضمن خفضا كبيرا في الاجور ومعاشات التقاعد.

ومقابل ذلك تحصل أثينا على 110 مليارات يورو (5 .146 مليار دولار) من الدعم على مدى ثلاث سنوات في برنامج مساعدات يهدف الى تبديد مخاوف من عجز البلاد عن سداد ديونها واتاحة الوقت اللازم للبلاد لاصلاح اقتصادها غير القادر على التنافس والذي يعاني من استشراء الفساد.

وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة (الكو) يوم الجمعة قبل الاتفاق على برنامج المساعدات من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي أن أكثر من واحد من كل اثنين مستعد للنزول الى الشوارع لمحاربة خطط التقشف.

وأبدت الصحف اليونانية مخاوفها أمس من أن العاملين والمتقاعدين العاديين أصبحوا مجبرين على دفع ثمن باهظ لفساد المسؤولين والمتهربين من الضرائب وهم المسؤولون عن الحالة المالية الحرجة لليونان.

تجميد الأجور

وتتضمن خطط الحكومة تجميد أجور القطاع العام حتى عام 2013 وانهاء حوافز العطلات لعاملي القطاع العام الذين يتقاضون أكثر من ثلاثة الاف يورو في الشهر.

كما سيجري خفض البدلات الخاصة التي تمثل جزءا كبيرا من دخل موظفي الحكومة 8 في المئة أخرى بعد خفضها 12 في المئة في مارس. وسيجري تعديل معاشات التقاعد بشكل يعكس متوسط أجور المتقاعدين اليونانيين طوال حياتهم العملية بدلا من مستوى اخر دخل.

وفي القطاع الخاص تعتزم الحكومة التخفيف من القيود التي تمنع الشركات من فصل أكثر من اثنين في المئة من قوة العمل في شهر واحد.

و شهد معبد أكروبوليس الأثري في أثينا أمس آخر حلقات سلسلة تداعيات الأزمة المالية باليونان حيث رفع محتجون لافتة ضخمة تدعو «شعب أوروبا» إلى «الانتفاض» ضد إجراءات تقشف الحكومة اليونانية. واحتل ما لا يقل عن عشرين مدرسا يونانيا محطة تلفزيونية رسمية مساء أمس الأول احتجاجا على حزمة الإجراءات التقشفية التي ستخفض أجور القطاع العام وبدلات التقاعد في إطار خفض الموازنة بقيمة 30 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وقال مسؤولو الشرطة إن المدرسين اقتحموا مبنى المحطة التلفزيونية بعد اشتباكات مع حراس أمن المبنى، وواصلوا اقتحامهم ليوقفوا مقابلة تلفزيونية مقررة مع وزيرة التعليم آنا ديامانتوبولو.

ووافق المدرسون الذين يعمل معظمهم بنظام نصف الوقت، على مغادرة المبنى بعد بث مطالبهم على الهواء مباشرة.

ولجأت حكومة الاشتراكيين في اليونان أمس إلى البرلمان لتمرير حزمة جديدة من إجراءات خفض الإنفاق توافقا مع شروط خطة الإنقاذ المالي رغم الرفض الشعبي. ويهدف خفض الموازنة العامة التي تتضمن رفع الضرائب وتجميد أجور موظفي القطاع العام وخفض معاشات التقاعد إلى تقليص العجز العام دون نسبة ثلاثة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2014 من 6 .13% العام الماضي.

وأعلن وزير المالية جورج باباكونستانتينو أن الحكومة سوف تلغي مكافآت العطلة التي تبلغ قيمتها أجر شهرين بالنسبة لعمال القطاع العام والمتقاعدين وزيادة سن التقاعد بالنسبة للمرأة من 60 إلى 65 عاما لتتماشى مع سن الرجل ورفع ضرائب المبيعات من 21 إلى 23% خلال العام الجاري.

وتعهدت نقابات العمال الرئيسية في البلاد بتنظيم مزيد من الإضرابات لمواجهة تلك الإجراءات. فمن جانبها أعلنت أكبر نقابة لعمال القطاع العام في البلاد «أديدي» أنها بدأت إضرابا عن العمل لمدة 48 ساعة اعتبارا من أمس عوضا عن إضراب لمدة يوم واحد كان مقرر اليوم الأربعاء.

وتمثل النقابة حوالي 750 ألف موظف. كما دعا عمال القطاع الخاص إلى إضراب لمدة يوم واحد اليوم الأربعاء من المقرر أن يتسبب في إغلاق كل مرافق الخدمات بينها المحلات في أنحاء البلاد. كما يستعد قطاع النقل العام للتوقف عن العمل. ويرى قادة النقابات أن الإجراءات التقشفية ليس عادلة لأنها تستهدف اليونانيين ذوي الدخل المنخفض.

ومن المتوقع أن تشهد مئات الرحلات الجوية ارتباكا بعدما أعلنت هيئة الطيران المدني أنها ستقوم برحلة واحدة لكل وجهة خلال اليوم ابتداءً من أمس. ومن المقرر إغلاق المجال الجوي اليوناني تماما أمام كل الرحلات الجوية الدولية اليوم الأربعاء ما يؤدي إلى تقطع السبل بالآلاف المسافرين.

حزمة المساعدات

إلى ذلك قال راينر برودرله وزير الاقتصاد الالماني أمس ان حزمة المساعدات الدولية التي تم الاتفاق عليها لانقاذ اليونان لن تغطي جميع احتياجات البلاد المالية خلال الاعوام الثلاثة القادمة

وقال اركي ليكانن عضو مجلس محافظي البنك المركزي الاوروبي أمس ان دول منطقة اليورو ستوافق على الارجح على حزمة انقاذ قياسية لليونان بقيمة 110 مليارات يورو (147 مليار دولار). وقال ليكانن للاذاعة الفنلندية واي.ال.اي مازالت هناك حكومات كثيرة وبرلمانات كثيرة متبقية لكننا على ثقة بأن الامر سيمضي الان.

ولدى سؤاله عما اذا كان يعتقد أن العملة الاوروبية الموحدة تواجه خطر الانهيار بسبب أزمة ديون اليونان قال ليكانن: كلا

مخاوف الإفلاس

وحذر وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبل، في تصريح نشر أمس، من ان اليونان قد تعرض نفسها الى الافلاس اذا لم تف بالتزاماتها وتصلح ماليتها العامة. وقال الوزير المحافظ لصحيفة راينيشي بوست: اذا حصل تخلف عن الالتزام ببرنامج التقشف الذي اقرته الحكومة اليونانية وصندوق النقد العالمي والمفوضية الاوروبية فان دفع الاموال سيتوقف وستكون اثينا حينها معرضة للافلاس.

واضاف ان ذلك ليس في مصلحة اليونان مؤكدا ان اثينا ملزمة بتنفيذ البرنامج. واطلق وزراء مالية منطقة اليورو الاحد برنامج مساعدة مالية مشتركا بين الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد بقيمة 110 مليار يورو على مدى ثلاث سنوات لدعم اليونان التي وصلت الى شفير الافلاس والتزمت الحكومة اليونانية في المقابل بتطبيق برنامج تقشف صارم لاصلاح العجز الهائل في ماليتها العامة. ودعا الوزراء الاوروبيون المصارف الى المساهمة في انقاذ اليونان.

واعتبر شويبل انه اذا تمسكت البنوك الالمانية بالتزاماتها الحالية على صعيد السندات اليونانية فسيكون ذلك نجاحا. وسيلتقي الوزير بحلول صباح الاربعاء ممثلين عن عدة مصارف المانية كبيرة ولا سيما مدير دويتشي بنك يوزف اكرمن لبحث هذه القضية. لكن رئيس صناديق التوفير الالمانية هاينريش هاسيس رفض في صحيفة «هاندلسبلات» الاقتصادية اي مشاركة لهذه الصناديق في انقاذ اليونان.

وقال ان المعنيين هم من ساعدوا اليونان من خلال حسابات غير واقعية وقروض غير المعهودة، والذين حاولوا كسب المال بالمراهنة على ملاءة اليونان. لكن صناديق التوفير لا تنتمي الى اي من هاتين الفئتين.

ميركل تحاول اقناع الالمان بخطة انقاذ أثينا

قالت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل أمس الأول ان خطة انقاذ اليونان ستساعد على استقرار منطقة اليورو في الوقت الذي سعت فيه لاقناع الالمان المتشككين بالاتفاق وطمأنة أحزاب المعارضة بأنها ستكبح المضاربين بالسوق.

واقر مجلس الوزراء الالماني أمس الأول نصيب ألمانيا الذي يبلغ 4 .22 مليار يورو من حزمة المساعدات التي تبلغ قيمتها 110 مليارات يورو. ومن المتوقع أن يصوت مجلسا البرلمان على مشروع القانون يوم الجمعة.

وأذعنت ميركل لضغوط الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي وعبرت في مطلع الاسبوع عن تأييدها للانقاذ الذي عارضته طويلا. وشرعت الان في اقناع الناخبين الالمان.

وقالت للصحفيين رد الفعل المتمثل في (مشروع) القانون لا يعني فحسب أننا نساعد اليونان.. وانما أيضا أننا ندعم استقرار (منطقة) اليورو ككل.

واضافت أن بلادها صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا ستدفع أكبر نصيب تدفعه دولة حيث ستتحمل 28 في المئة من القروض. واذا عجزت اليونان عن السداد فسيقوم دافعو الضرائب الالمان بالسداد.

وسعت المستشارة الالمانية لكسب ود الحزب الديمقراطي الاشتراكي المعارض الذي يريد تشديد القواعد ضد المضاربين ومشاركة البنوك في خطة الانقاذ في مقابل التصويت لصالح القانون.

وقالت انها تريد تشديد قواعد السوق المالية وانشاء وكالة تصنيف ائتماني أوروبية.

Email