في أسبوع يعد الأسوأ في «وول ستريت» منذ يناير

أسواق المال العالمية تتجرع مرارة الكأس اليونانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أنهت أسواق المال العالمية أسبوعا عصيبا بسبب تداعيات أزمة اليونان، بالإضافة إلى مشكلات بنك «جولدمان ساكس»، وتذبذب أداء المؤشرات بين الهبوط والارتفاع. لكن الهبوط كان أقوى وأكثر تأثيرا.

وهوت الأسهم الأميركية عند الاغلاق يوم الجمعة لتختم أسوأ أسبوع لها منذ يناير اذ تضررت معنويات المستثمرين بعد انباء عن تحقيق جنائي بحق جولدمان ساكس ومخاوف بشأن عملية تنظيم واسعة للقطاع المالي.

وهبط مؤشر داو جونز الصناعي لاسهم الشركات الاميركية الكبرى عند الاغلاق 71 .158 نقطة أي ما يعادل 42 .1 في المئة ليصل الى 61 .11008 نقطة.

وانخفض مؤشر ستاندرد اند بورز 500 الاوسع نطاقا 09 .20 نقطة أو 66 .1 في المئة مسجلا 69 .1186 نقطة.

ونزل مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 73 .50 نقطة أو 02 .2 في المئة الى 19 .2461 نقطة.

هبوط «جولدمان ساكس»

وهبطت أسعار أسهم مجموعة جولدمان ساكس المصرفية ما يصل الى 9 .9 في المئة الى أدنى مستوى لها في أكثر من تسعة أشهر بعد يوم من شيوع أنباء مفادها أن ممثلي ادعاء اتحاديين اميركيين بدأوا تحقيقا جنائيا بشأن الشركة.

وجعلت هذه الانباء اثنين على الاقل من المحللين يخفضون تصنيفاتهم الائتمانية لاسهم جولدمان. ووصف جاي موشكوفسكي المحلل في بنك اوف اميركا ميريل لينش هذه الانباء بانها مبعث قلق حتى اذا لم تؤد الى تغيرات في نهاية الامر.

وقالت ماركت اكسيس انه زيادة على ذلك فان الفرق في العائد على سندات جولدمان ساكس والبالغ 375 .5 في المئة والمستحقة في 2020 بالمقارنة بعائدات سندات الخزانة زاد الى 201 نقطة اساس من 184 نقطة اساس اواخر التعامل يوم الخميس.

وجاءت انباء التحقيق الجنائي بعد اقل من اسبوعين على توجيه لجنة الاوراق المالية والبورصات الاميركية اتهاما الى جولدمان بالتورط في عمليات احتيال في الاوراق المالية.

وأقامت لجنة الاوراق المالية والبورصات دعوى احتيال مدنية على جولدمان ساكس قائلة ان البنك اخفى معلومات حيوية عن المستثمرين بشأن أوراق مالية مرتبطة بالرهن العقاري.

وتواجه جولدمان الان واحدة من اشد الازمات في تاريخها الذي يمتد 140 عاما وشهدت اسهمها تتحمل وطأة التطورات في الاسبوعين الماضيين.

وهوت أسهم جولدمان 6 .9 في المئة الى 88 .144 دولارا في بورصة نيويورك للأوراق المالية. وهبطت الأسهم أكثر من 21 في المئة منذ الاعلان عن تحقيق لجنة الاوراق المالية والبورصات مقارنة مع هبوط نسبته 8 .2 في المئة في مؤشر البورصة الاميركية لسماسرة الاوراق المالية.

الاقتصاد الأميركي

وأظهر تقرير حكومي يوم الجمعة أن الاقتصاد الاميركي نما بوتيرة أبطأ قليلا من المتوقع في الربع الأول من العام متأثرا بالمخزونات والصادرات لكن إنفاق المستهلكين المتنامي قدم دليلا على انتعاش اقتصادي مستدام.

وقالت وزارة التجارة الاميركية في تقديراتها الأولية ان الناتج المحلي الاجمالي نما 2 .3 بالمئة ليسجل ارتفاعا على مدى ثلاثة فصول متتالية مع خروج الاقتصاد من أسوأ ركود منذ عقد الثلاثينات من القرن الماضي.

وكان محللون توقعوا في استطلاع أجرته رويترز أن الناتج المحلي الاجمالي - الذي يقيس اجمالي انتاج السلع والخدمات داخل حدود الولايات المتحدة - سينمو بمعدل 4 .3 بالمئة في الأشهر الثلاثة الاولى من عام 2010 بعدما بلغ معدل النمو 6 .5 بالمئة في الربع الاخير من العام الماضي.

وبالرغم من التراجع مقارنة بالربع الاخير من العام الماضي الا أن تفاصيل التقرير متفائلة الى حد ما مع تسارع انفاق المستهلكين بمعدل 6 .3 بالمئة وهو ما يزيد على مثلي المعدل المسجل في الربع الاخير من العام الماضي عند 6 .1 بالمئة. وزيادة انفاق المستهلكين في الربع الاول هي الاكبر منذ الربع الاول من عام 2007.

وأضاف انفاق المستهلكين - الذي يمثل في المعتاد 70 بالمئة من النشاط الاقتصادي الاميركي - 55 .2 نقطة مئوية الى الناتج المحلي الاجمالي في الربع الاخير وهي أكبر مساهمة بالنقطة المئوية منذ الربع الاخير من عام 2006.

مخزونات الشركات

وزادت مخزونات الشركات 1 .31 مليار دولار في الربع الاول اذ أعادت الشركات تكوين مخزوناتها لتلبية الطلب المحلي المتنامي وهي الزيادة الاولى منذ الربع الاول من 2008. وأضافت المخزونات 57 .1 نقطة مئوية الى الناتج المحلي الاجمالي وهو أقل من نصف ما ساهمت به في الاشهر الثلاثة الاخيرة من عام 2009 عندما أصبحت الشركات أقل نشاطا في تصفية مخزوناتها.

وباستثناء المخزونات نما الاقتصاد بمعدل 6 .1 بالمئة مقارنة مع 7 .1 بالمئة في الربع الاخير من العام الماضي.

وتباطأ معدل نمو الصادرات بشدة الى 8 .5 بالمئة في الربع الاول من العام مقارنة مع 8 .22 بالمئة في الربع الاخير من العام الماضي في حين ارتفعت الواردات بمعدل 9 .8 بالمئة.

وقالت كريستينا رومر المستشارة الاقتصادية للبيت الابيض يوم الجمعة ان نمو اجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة 2 .3 بالمئة الربع الاول للعام يظهر علامات مهمة على استمرار انتعاش الاقتصاد الاميركي لكن التعافي الكامل للاقتصاد والعودة الى مستوى التوظيف الكامل سوف يستغرق مزيدا من الوقت.

وذكرت في موقع على مدونة البيت الابيض على الانترنت بالنظر الى شدة الكساد وعمقه فان استعادة الاقتصاد كامل عافيته وعودته الى مستوى التوظيف الكامل سوف يستغرق عدة أرباع من النمو النشط والتوظيف القوي.

وأوضحت ان احد مجالات الضعف الملحوظة في التقرير هو ركود اسواق العقارات السكنية والتجارية. وكان الهبوط في انفاق حكومات الولايات والمحليات أيضا الأكبر من نوعه منذ عام 1981 وهو ما يظهر وجود عجز كبير في ميزانيات كثير من الولايات.

الأسهم الأوروبية

ولم يكن موقف أسواق المال الأوروبية أفضل حالا من نظيرتها الأميركية، بل ربما كانت الاهتزازات في أوروبا أقوى ـ بحكم تأثيرات المشكلة اليونانية ـ حيث تراجعت الأسهم الأوروبية يوم الجمعة مع انخفاض أسهم البنوك اذ لم يكن لنتائج أعمال الوحدة الاستثمارية التابعة لبنك باركليز وقع جيد لدى المستثمرين وهبط سهم جولدمان ساكس ثمانية بالمئة عقب تخفيض شركة سمسرة لتصنيفه.

وانخفض مؤشر يوروفرست لأسهم كبرى الشركات الاوروبية 7 .0 بالمئة ليغلق عند 32 .1062 نقطة.

وعلى مدى الأسبوع خسر المؤشر القياسي الاوروبي 7 .2 بالمئة ليسجل ثالث تراجع أسبوعي على التوالي. وتراجع المؤشر 5 .1 بالمئة في ابريل لكنه لا يزال مرتفعا أكثر من 64 بالمئة منذ سجل أدنى مستوياته على الاطلاق في التاسع من مارس 2009.

وأغلق سهم باركليز منخفضا 4 .6 بالمئة اذ لم تتماشى نتائج أعمال ذراعه المصرفية الاستثمارية باركليز كابيتال مع وتيرة النمو التي أظهرها كثير من المنافسين.

ولم يتلق القطاع دعما من أسهم جولدمان ساكس التي هبطت أكثر من ثمانية بالمئة بعدما أشارت تقارير اعلامية الى أن ممثلي ادعاء اتحاديين أميركيين في نيويورك بدأوا تحقيقا جنائيا بحق الشركة.

وخفض بنك اوف اميركا ميريل لينش تصنيف جولدمان الى محايد. وهبطت أسهم دويتشه بنك واتش.اس.بي.سي ورويال بنك اوف سكوتلند وسوسيتيه جنرال بين 5 .1 و3 .3 بالمئة.

وفي أنحاء أوروبا انخفض مؤشر فاينانشال تايمز 100 في بورصة لندن 2 .1 بالمئة في حين هبط مؤشر داكس لاسهم الشركات الالمانية الكبرى في بورصة فرانكفورت 2 .0 بالمئة. ونزل مؤشر كاك 40 في بورصة باريس 6 .0 بالمئة.

توقعات بارتفاع بورصة نيويورك الأسبوع الجاري

بالرغم من أن الاسبوع الماضي كان هو الاسوأ بالنسبة لبورصة نيويورك منذ يناير الماضي،إلا أنه من المتوقع أن تعاود اسعار الاسهم ارتفاعاتها الاسبوع الجاري (3 مايو الي 7 مايو)، وذلك في حالة نجاح الاتحاد الأوروبي في زحزحة خطة انقاذ الاقتصاد اليوناني ودفعها الي الأمام، وظهور نتائج ايجابية لتقرير الحكومة الاميركية حول مؤشرات ثقة المستهلكين ومعدل الانفاق خلال الاسابيع المقبلة،فضلا عن انتظار تقارير ايجابية لمعدل البطالة واستقرارها عند مستوياتها الحالية والبالغة 7 .9%.

كما أنه من المتوقع ايضا خلال هذا الاسبوع أن يقترب أعضاء الكونجرس الأميركي كثيرا من الخطوة النهائية للتصويت على تشريعات الاصلاح المالي والتي تشمل تشديد المراقبة على عمليات المصارف الأميركية، وانشاء وكالة منفصلة للاشراف علي القروض وخاصة القروض العقارية.

والى جانب ذلك من المتوقع ايضا أن يشهد هذا الاسبوع الكشف عن بيانات مبيعات قطاع السيارات، حيث تشير البيانات الأولية الى أنه حقق انتعاشا نسبيا خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام.

كل هذه العوامل تؤكد أن ما حدث من انخفاضات لمؤشرات البورصة الرئيسية الثلاث في نهاية تعاملات الجمعة الماضية، كان أمرا طبيعيا، خاصة مع هبوط معنويات المستثمرين اثر فتح التحقيق الجنائي في فضيحة جولدمان ساكس وسريان مخاوف عديدة حول صرامة التشريعات المالية المتوقعة التي سيتم التصويت عليها في الكونجرس في الأيام القليلة المقبلة.

وكان مؤشر داو جونز الصناعي لاسهم الشركات الاميركية الكبرى قد هبط عند الاغلاق بما يعادل 42 .1%، وانخفض مؤشر ستاندرد اند بورز بنحو 66 .1%، وهوى مؤشر ناسداك المجمع لاسهم التكنولوجيا بنسبة 02 .2%. لكن هذه الانخفاضات الجماعية لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الجمعة الماضية، لم تؤثر على متوسط الارباح التي حققتها الاسهم خلال تعاملات ابريل الماضي، حيث واصلت البورصة ارتفاعها للشهر الثالث على التوالي.

وطبقا لمسح قامت به شركة فاكسيت للابحاث، فإن تعاملات هذا الاسبوع في البورصة الاميركية ستشهد نشاطا على مجموعة متنوعة من الاسهم من بينها شركات ماكيسون وانداركو للبترول وكلوروكس.

وتقول التوقعات أن ارباح ماكيسون وصلت في الربع الأول من العام الى 29 .1 دولار للسهم الواحد، في حين حقق سهم كلوروكس 8 .1 دولار، بينما سجل سهم انداركو للبترول ارباحا خلال نفس الفترة بلغت 39 سنتا للسهم.

هناك أيضا سهما شركتي كونتيننتال ايرلاينز ويو ايه إل، حيث من المتوقع أن تعلن الشركتان اندماجهما يوم الاثنين المقبل، لتشكيل اكبر شركة خطوط طيران لنقل الركاب في العالم.

نيويورك ـ طارق فتحي

(وكالات)

Email