اتجاه لإرغام تويودا على المثول أمام الكونغرس

أزمة تويوتا تعزز توجهات الحمائية الأميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال محللون إن قوة الضغوط التي تمارسها السلطات الأميركية على مجموعة تويوتا اليابانية لصناعة السيارات لتأخذ المشاكل التي ندد بها سائقو سياراتها على محمل الجد تكشف ميولا نحو مبدأ الحمائية تتجاوز القلق على السلامة.

ورأى هؤلاء ان ادارة الرئيس باراك اوباما ابدت في السابق ميولا مماثلة عندما استبعدت الشركات الاجنبية من مشاريع واردة في خطتها للنهوض الاقتصادي وعندما فرضت رسوما جمركية مرتفعة على منتجات صينية بعد تنديدها بالمساعدات غير القانونية او مبيعات خاسرة.

اتهامات مسنودة

وتستند الاتهامات التي تحدثت عن ان الادارة الأميركية تنتقد تويوتا لمصلحة مصنعي السيارات الاميركيين، الى ان الحكومة تملك منذ الصيف نسبة 60% من جنرال موتورز و8% من كرايسلر. واعلن الاقتصادي دانيال ايكنسون من مركز الابحاث الليبرالي كاتو انستيتيوت: يبدو ان الاهتمام الذي توليه الادارة لاسترداد تويوتا سياراتها استثنائي.

وقد يكون ذلك ناجما عن كون الانباء السيئة لتويوتا تفيد جنرال موتورز المؤممة، وفي هذا المعنى فإن ذلك مرتبط بشعور بالحماية. كما اضاف ايكنسون: لا يمكن للمرء ان يكون حكما موضوعيا عندما يشارك في السباق.

ويمكن للضغوط الأميركية أيضا ان تكون ناتجة عن كون المسؤولين يفضلون ولو اثار ذلك الاشمئزاز، أن يظهروا انفسهم انهم في صدد مواجهة مشكلة يمكن التحكم بها وادارتها، بدلا من مواجهة مشاكل حقيقية انتخبوا لحلها مثل انحرافات الموازنات.

محادثات مكثفة

واجرى وزير النقل راي لحود محادثات مع رئيس مجلس ادارة تويوتا اكيو تويودا الاسبوع الماضي، وأشار مرارا الى ان الاجهزة التابعة له تدخلت مباشرة لدى تويوتا بما في ذلك خلال زيارة الى اليابان العام الماضي، لتشجيع تنظيم استرداد كثيف لسيارات بسبب عيوب في عمل دواسة السرعة.

واثار لحود أيضا بداية ذعر بين مساهمي تويوتا الاسبوع الماضي عندما اوصى سائقي السيارات بالتوقف عن قيادة سيارات من هذه الماركة قبل ان يتم تصليحها وأوصاهم بالتوجه بكل بساطة الى مرآب التصليح.

ويخشى البعض ان تؤدي كل هذه الضغوط والانتقادات الى برودة حماسة المجموعة في الولايات المتحدة، حيث استثمرت تويوتا اكثر من 17 مليار دولار، وحيث تستخدم نحو 35 الف شخص دون احتساب 115 الف شخص يعملون لدى حملة الامتيازات.

ووجه حكام الولايات الأميركية الاربع حيث تتركز تويوتا، انديانا وكنتاكي وميسيسيبي وألاباما رسالة الى النواب لتذكيرهم بأن المجموعة اليابانية تتمتع بتاريخ طويل من الترويج للسلامة والعمل في البلاد وللتعبير عن قلقهم من تصريحات مثيرة للاضطراب، ومن اجراءات مستعجلة اتخذها مسؤولون حكوميون. في الأثناء طلب الرئيس الأميركي باراك اوباما من تويوتا والشركات المنافسة لها الحرص على سلامة سياراتها.

وذلك في اول تصريحات له منذ بداية الازمة. وقال اوباما في مقابلة مع مجلة بلومبرغ بيزنسويك: عندما يتعلق الامر بالسلامة العامة فمن واجب كل شركة لصناعة السيارات التحرك بسرعة فور كشف المشاكل. وأضاف: لا نعرف بعد ماذا حدث في قضية تويوتا وسيجرى تحقيق. الا انه اكد في الوقت نفسه ثقته في قدرة الشركة اليابانية العملاقة على البقاء شركة منتجة استثنائية على الرغم من هذه المشكلة العابرة.

تأجيل زيارة

وأعلن تويودا الذي تعرض لضغوط للتحدث عن الوضع في الكونغرس الأميركي انه لن يتوجه الى الولايات المتحدة قبل مارس المقبل. وقالت ناطقة باسم الشركة اليابانية ان تويودا كان ينوي التوجه الى الولايات المتحدة منذ العاشر من فبراير، لكنه اضطر لتغيير خططه بسبب هطول الثلوج بغزارة. وأضافت انه ينوي حاليا تأجيل هذه الزيارة الى حوالي مطلع مارس.

وطلب وزير التجارة والصناعة ماسايوكي ناوشيما القلق على صورة الصناعة اليابانية من تويودا تفسير ما حدث بشكل واضح. وذكرت صحيفتان يابانيتان ان تويودا ينوي فعلا التوجه الى الكونجرس الأميركي.

وقالت صحيفة يوميوري شيمبون ان تويودا ينوي في المقابل ان يعلن خلال رحلته الى الولايات المتحدة، ان الشركة ستنشر كل التفاصيل بشأن العيوب التي اكتشفت في سياراتها لاستعادة ثقة المستهلكين. واوضحت ان تويوتا ستصبح بذلك اول شركة لصناعات السيارات تكشف مجمل عيوبها حتى اقلها خطورة مثل مشكلة صغيرة في اغلاق باب السيارة.

ضغوط مكثفة

وقال النائب الجمهوري الأميركي داريل عيسى انه سيؤيد اصدار أمر لاستدعاء تويودا للإدلاء بشهادته في جلسات استماع بشأن استدعاء سيارات لأسباب تتعلق بالسلامة. ودعا عيسى وهو ابرز الجمهوريين في الاصلاح الحكومي والاشراف بمجلس النواب تويودا للإدلاء بشهادته واشار الى ان جلسة اخرى قد تعقد اذا لم يحضر أكبر مسؤول تنفيذي في تويوتا الجلسة التي من المقرر ان تعقد في 24 فبراير.

وفي رسالة الى ادولفاس تاونز رئيس اللجنة مؤرخة في 11 فبراير قال عيسى انه يؤيد اصدار أمر استدعاء اذا لزم الامر لإجبار تويودا على الإدلاء بأقواله. وأضاف نائب كاليفورنيا قائلا: علينا واجب هو ان نحدد ما الذي علمته تويوتا ومتى علموا به، وما اذا كانوا قد اوفوا بشكل كامل بالتزاماتهم لكشف ذلك للسلطات الأميركية والشعب الأميركي.

الوقت ينفد

والوقت ينفد امام المجموعة التي تستهدفها سلسلة من الشكاوى في الولايات المتحدة آخرها دعوى من مستهلكين تتهمها بالتسبب في خفص اسعار سيارات تويوتا المستعملة في الاسواق. وقال استاذ الحقوق تيم هاورد الذي يتولى تنسيق هذه الشكاوى في قضية جماعية واحدة: مسألة تويوتا هي اخطر وأهم قضية اضرار اقتصادية للمستهلكين الأميركيين عالجتها حتى الآن.

وكان هاورد اكتسب شهرة في تسعينات القرن الماضي عبر نجاحه في ادانة شركة منتجة للسجائر والحكم عليها بدفع عشرين مليار دولار من التعويضات في فلوريدا. ورفعت دعاوى اخرى من قبل بسبب عيوب تؤثر على سلامة السيارة، بينما اصبح اسم الشركة الذي كان مرادفا للثقة موضع تهكم.

وعلى يوتيوب شاهد حوالي ثلاثين الف شخص فيلم فيديو حول سحب آلات لجز العشب من نوع تويوتا يظهر فيه رب اسرة جرته الآلة حوالي عشرة امتار قبل ان ينتهي في سلة المهملات. الا ان تويوتا ليست الشركة الوحيدة التي تعاني من مشاكل. فقد اعلنت الشركة الالمانية المنافسة لها فولكس فاغن سحب مئتي الف سيارة في البرازيل بسبب عيب في العجلات الخلفية لاثنين من موديلاتها.

أقل إثارة للمشاكل

في الوقت الذي تمر فيه سيارات شركة تويوتا موتور كورب اليابانية العملاقة بظروف شديدة الصعوبة في الولايات المتحدة بعد سحب ملايين السيارات لوجود عيوب فنية صدرت دراسة حديثة، قالت إن عملاء تويوتا كانوا الأقل شكوى من سياراتهم مقارنة بعملاء باقي شركات السيارات في السوق الأمريكية خلال السنوات العشر الماضية.

ووفقا للدراسة التي أعدها موقع إدموندز دوت كوم على الإنترنت فإن سيارات تويوتا احتلت المركز رقم 17 بين 20 شركة سيارات من حيث عدد الشكاوى التي تلقتها سلطات النقل الأميركية من مستخدمي السيارات خلال الفترة من 2001 حتى 3 فبراير الحالي. ولم يتفوق على مرسيدس سوى السيارات الفارهة مرسيدس وبورش وسمارت.

واعتمدت الدراسة على تحليل شكاوى مستخدمي السيارات إلى إدارة السلامة المرورية والطرق السريعة الأميركية. وتصدرت شركات لاند روفر وسوزوكي وإيسوزو وفولكس فاجن وجاجوار قائمة الشركات الأكثر إثارة للشكاوى.

وتأتي هذه الأنباء السارة بالنسبة لشركة تويوتا وهي أكبر منتج سيارات في العالم في الوقت الذي اضطرت فيه إلى سحب أكثر من 8 ملايين سيارة في مختلف أنحاء العالم، ثم وقف إنتاج بعض الطرز لفترة قصيرة بهدف إصلاح العيوب الفنية فيها.

ومن ناحيته قال جيرمي أنويل الرئيس التنفيذي لموقع إيدموندز دوت كوم المعني بأسواق السيارات: إن نتائج هذه الدراسة لا تعني الدعوة إلى تجاهل دلالات سحب ملايين من سيارات تويوتا من الأسواق، ولكنها تعني إلى الاعتراف بأن سيارات تويوتا كانت من أقل السيارات إثارة للشكاوى طوال 10 سنوات تقريبا.

Email