نبض الشارع

القلق النفسي مرض العصر .. ينتهي مع زوال الحالة

ت + ت - الحجم الطبيعي

حددت منظمة الصحة العالمية وصفها للصحة العقلية بأنها ليست مجرد عدم وجود اضطراب أو خلل، بل هي «حالة من العافية يدرك فيها كل فرد، ذكر أو أنثى، إمكانياته ويكون قادرا على مواجهة ضغوط الحياة العادية، ويستطيع العمل بشكل منتج ومثمر، ويكون قادرا على تقديم مساهمة للمجتمع.

وأظهرت دراسة أجرتها المنظمة بالتعاون مع البنك الدولي وجامعة هارفرد، أن الأمراض العقلية تشكل 15% من العبء الذي تسببه الأمراض العضوية في الدول المتقدمة.

وان «الاكتئاب» يشكل أحد الأسباب الرئيسية لفقدان القدرة على مواصلة الحياة والعمل بصورة طبيعية وتزاد النسبة لدى الإناث عن الذكور بحوالي 50% وجاء في الدراسة أيضا أن «إدمان الكحول والمخدرات في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط والعالي على السواء، يعتبران من بين الأسباب العشرة الرئيسية التي تسبب العجز».

والذي لاشك فيه أن الاضطرابات النفسية أصبحت مرادفا للتطور الذي تشهده حياتنا اليومية من رغبة في الثراء السريع أو الوصول لأعلي المناصب أو حتى التفوق العلمي وهو ما أدى في النهاية إلى ان يحيا الإنسان وسط دوامة من الاحباطات أو التوتر وبالتالي اتسعت رقعة الإصابة بالأمراض النفسية والعصبية لدينا جميعا وأصبح هناك من يعانون من اضطرابات نفسية دون حتى أن يشعروا بذلك.

القلق النفسي :

وتؤكد د. صالحة ذيبان مدير مستشفى الأمل للصحة النفسية أنه ليس هناك سبب واحد يؤدي إلى الاضطرابات أو المرض النفسي في حد ذاته بل مجموعة أسباب تتفاعل فيما بينها لتؤدي في النهاية إلى إصابة الفرد بتلك الأضطرابات. وتضيف أن القلق النفسي هو أحد أكثر الأضطرابات النفسية شيوعا بين البشر في هذا العصر وهو شعور طبيعي لدى تعرض الإنسان إلى تهديد معين أو خطر ما بالإضافة إلى الإرهاق وهو ما يؤدي في مرحلة تالية إلى الشعور بالغضب والانزعاج والتوتر.

وتشير إلى أن القلق النفسي هو مؤشر لتجاربنا الحياتية فخيبة الأمل إزاء قضية حياتية أو مهنية مهمة بالإضافة إلى التعرض للخسارة المالية «البورصة أو الفشل في العمل» أو حتى فقدان شخص عزيز «الاب - الام - الابناء - الزوجة» أو إصابة الإنسان بمرض عضوي خطير كل هذا من شأنه أن يعرض الإنسان للشعور بالقلق وهو شعور طبيعي في هذه الحالات وينتهي بانتهاء الحالة أو الموقف الذي تعرض له الإنسان.

القلق المرضي :

وتضيف أن هناك فرقا بين الشعور بالقلق وهو شعور إنساني طبيعي وبين اضطرابات القلق التي تتميز بشعور دائم بالقلق الشديد والانزعاج والضغط ويتم تشخيص المرض عندما يصبح معيقا للحياة اليومية للفرد، وتضيف أن اضطرابات القلق هي أكثر الأمراض النفسية شيوعاً، حيث يصيب شخص من بين كل عشرين وفي اي مرحلة دون أي سبب ظاهري كما أن النساء هم الاكثر عرضة للإصابة به من الذكور نظراً لطبيعة تركيب المراة من الناحية النفسية والعاطفية.

اسباب المرض:

وترى د. صالحة أن هناك أسبابا متعددة للمرض النفسي لأنه كما يعتل البدن تعتل النفس وكافة الدراسات والبحوث في هذا المجال تؤكد أن الاضطرابات أو المشاكل التي يتعرض لها البشر تختلف اسبابها وان عوامل المرض النفسي تختلف بيولوجياً وبيئياً بالاضافة إلى ذلك فان العامل الوراثي يلعب دورا مؤثراً في الإصابة بالاضطرابات النفسية.

وتضيف ان ثمة عوامل أخرى مثل الحوادث «إصابات الدماغ» أو أن تتعرض الأم خلال فترة الحمل لادوية معينة أو لتعاطي المخدرات مما ينتج عنه إصابة الجنين باضطرابات نفسية. كما أن النقص في بعض المعادن والفيتامينات بالاضافة إلى الاضطرابات الهرمونية قد تؤدي إلى ظهور بعض الاضطرابات النفسية.

بالأضافة إلى ذلك فان الإنسان يمكن أن يكتسب ردود الفعل المقلقة من أفراد العائلة المحيطين به فالطفل الذي تتسم طفولته بالخجل يمكن أن يتعرض فيما بعد للارهاب الاجتماعي. كما أن الخلل في توازن التركيب الكيميائي للمخ يمكن أن يؤدي إلى نفس النتيجة.

أعراض المرض :

وتضيف إن إضطرابات القلق تتمثل أعراضه في الآلآم الجسدية مثل انقطاع التنفس «الشعور بالاختناق» وزيادة خفقان القلب وتصبب العرق وارتعاش الأطراف «الرجفة» بالاضافة إلى الغثيان وآلام البطن والشعور بالدوار «عدم الاتزان» كما يشعر المريض بوخز كالابر وأحياناً فقدان للسيطرة.

وتقول إن اضطراب القلق قد يظهر على شكل حالة من الفزع ورهاب الخلاء بالاضافة إلى الرهاب الاجتماعي وقلق الكوارث كالزلازل والاعاصير والحروب أو حتى حرائق المنازل ويكون المريض خلاله فاقدا للشعور ولايستطيع التعايش مع الاحداث حوله بالاضافة إلى كونه دائم التفكير في الحادث الذي تعرض له ولديه شعور بعدم الامان وامكان تعرضه لنفس الحادث مرة اخرى.

او اضطراب الوسواس القهري حيث تتردد أفكار غير منطقية على ذهن المريض بصورة مزعجة له رغم إدراكه انها غير سليمة، وهناك اضطراب مابعد الصدمة والقلق العام، وتضيف أن هذه الاضطرابات قد تبدأ في فترة الطفولة المبكرة أو خلال اية مرحلة من عمر الإنسان.

طرق العلاج :

وتوكد على انه يمكن معالجة اضطرابات القلق بشكل فعال وغالبية المرضى تتجاوزه بشكل جيد وتلعب المعالجة النفسية وخاصة توجه المريض إلى الجانب الديني يلعب دوراً مهما وفعالاً في علاج اضطرابات القلق «ألا بذكر الله تطمئن القلوب»، ويمكن أيضاً أن يتم تعريض الإنسان إلى المواقف التي تثير قلقه بهدف مواجهتها والتخلص منها كما يتم ايضاً استخدام تقنية الاسترخاء في علاج المرض.

بالاضافة إلى العلاج الدوائي والذي لابد أن يخضع للاشراف الطبي المباشر حيث يتم استخدام الادوية المضادة للاكتئاب بالاضافة إلى الادوية التي تتمتع بتأثير على أنزيمات معينة في المخ.

وتشير د. صالحة إلى ضرورة أن يقوم الإنسان بعرض نفسه على طبيب مختص في حالة تعرضه إلى ضغوط نفسية أو عصبية شديدة للسيطرة عليها والتخلص منها حتى لاتتطور الحالة إلى ماهو ابعد من ذلك.

دبي: عاطف حنفي

Email