«تنويعات» العراقي علي طالب في «غرين آرت»

«تنويعات» العراقي علي طالب في «غرين آرت»

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعمل الفنان العراقي علي طالب في معرضه الجديد «تنويعات» الذي تحتضنه صالة«غرين آرت» في الجميرا لغاية الثامن عشر من الشهر الجاري على تقنية خاصة في تنفيذ أعماله الأخيرة،تعتمد على تعدد الطبقات اللونية المتراكمة،وهذا يتطلب العمل على خامة اللوحة وتركها لفترة، ثمّ العمل عليها من جديد حتى تتحول إلى مجموعة من الطبقات اللونية، بحيث يمكن الحفر في هذه الطبقات وإحداث أثر واضح وجلي على سطح اللوحة.

والمتأمل لمعرض الفنان الفردي اليوم يلحظ العلاقات اللونية المتميزة، والتي غابت عنها الألوان الرئيسية الحارة، واستخدم بدلاً عنها ألوان الطين والسواد، ما جعل اللوحات تبدو منسجمة مع التقنية، التي اعتمدها الفنان لتعكس همومه وهواجس الغربة التي يعيشها من بلد إلى آخر.ويعبر الفنان عن مشاعره حول الحب والوجود والغربة بطريقة شخصية، من دون أن يتدخل في خصوصياتنا، فاللوحة عنده مرتبطة بشكل وثيق وتجريدي، يدفعنا إلى الغوص في أعماق اللوحة ومكنوناتها.وتشكل الطبيعة المرتكز في ذاكرة علي طالب، فهو يتذكر موطنه العراق وشواطئه المترامية الأطراف بالضوء والسكينة،أما اليوم فموطن الفنان بات مرتعاً للدمار والتلاشي حتى بدأ التداخل عنده بين الظاهر والخفي يشكل سمة لفنه ظلت تلازمه على مدى تجربته الفنية.

وتصور أعمال علي طالب قلقاً للرائي لما تشكله من تحريض صوري يدفع بالمشاهد للغوص في مكنونات اللوحة وأبعادها الصورية، بينما تتميز الرؤية التجريدية عند الفنان بتشخيصات فريدة تتضح مرة وتغمض مرات، ما يجعل جوهر الموضوع المصّور عند الفنان يصل إلى حدود الرؤية التصويرية تدفع بالمشاهد إلى التساؤل والحيرة عن قدرة الفنان الفائقة والحساسة في نقل مشاعره بهذا الكم من الشفافية المفرطة.

ويعالج الفنان الموضوعات الوجودية والأسئلة المتراكمة حول الطبيعة البشرية وطبيعة الموت والحياة والزمن، من خلال بحث معمق ودائم حول الأرض الأولى في مخيلته، فهو لا يتوانى عن تصوير كل ما يختلج في عواطفه ليصوره من جديد، وبطريقة مغايرة تعكس بعداً رؤيوياً ملفتاً.

وثمة أحداث تدور في طقس غامض، يتوخى من خلالها الفنان التكتم، وذلك هو جوهر الرؤية عنده، والخاصية معه حافظت عليها أعماله على مدى الحقب التي احتضنت مسيرته الفنية المتواصلة. وبغض النظر عن الأمكنة التي أقام فيها علي طالب والتغيرات التي انعكست على ملامح لوحاته، تبقى لوحاته مشعة ببريق خاص يميزها سحر لوني متفرد.

يبرز في أعمال الفنان الصراع الذي يخوضه مع شخوصه، وأشكاله وفضاءاته فيشعر المشاهد معه بالنار المستعرة التي تنعكس في لوحاته. فاللوحات الاثنتان والعشرون في معرضه تستمد طاقتها في مناخها التصويري من دواخل الفنان، وهي شهادة جديدة على وضع إنساني متميز، وهي إضافة ثرية تؤكد قدرة هذا الفنان ومهارته التي يجيد توظيفها ليجعلها جداول صافية تعكس مرآة روحه.

يبقى الحدث السردي داخل اللوحة، والحوار المنتشر في أطياف الألوان المتداخلة بانسجام عند الفنان،من شأنها أن تحرض العين في بحث دائم حول متعة المشهد في اللوحة، وهذا يظهر خاصة في لوحة «أحد ما» و«لوحات غير معنونة» و«وردة».

إن تجربة الفنان علي طالب الأخيرة في الألوان تميل إلى الدكنة، حيث تشع فيها ظلال كثيفة ينبثق من خلالها ضوء حول المرتكز في اللوحة.

دبي ـ سامي نيال

Email