تعرضنا في مقالة سابقة إلى جمال الصغار وأن هذا الجمال لم يعد له مكان وكان المقال «لا مكان للصغار رغم جمالهم». وعندما تكلمنا عن الصغار بشكل عام سواء كانوا أطفالا أو أزهارا أو نباتات أو شجيرات أو حيوانات إلى أن وصلنا إلى الفكرة الرئيسية في المقال .

وهي صغار المستثمرين وأصحاب الأعمال الصغيرة والذين لا يتحملون التكلفة المتعاظمة والكبيرة التي عليهم دفعها في سبيل استمرار أعمالهم وهو ما يجعل هؤلاء الصغار إما أن يغلقوا أعمالهم الصغيرة أو أن يهربوا أو يفروا إلى مجال آخر قبل أن يحطمهم أو يدوسهم الكبار تحت أقدامهم.

قد تكون الإنترنت والدوت كوم هي المجال الذي يلجأ أو يزود إليه الصغار من بطش الكبار، صحيح أن هناك كبارا يسيطرون على الإنترنت وعالم الدوت كوم إلا انه مازال تكلفة بناء موقع إلكتروني وتسويقه على مدار 24 ساعة

وسبعة أيام في الأسبوع على مستوى السوق العالمي متاحة للجميع وتكلفة الإيجار الشهري لاشتراك الإنترنت مقارنة مع تكلفة إيجار مكتب لا تذكر، وبالتالي فإن الإنترنت توفر مكانا في هذا العالم الافتراضي للصغار بعد أن ضاق بهم العالم الحقيقي والحسي وأصبح لا مكان لهم فيه.

لقد وفرت الإنترنت لصغار الشركات والأعمال، والأشخاص المغامرين والمضاربين، ذوي الدخل المحدود فرصة ذهبية، فكل ما يلزم لمزاولة التجارة الإلكترونية، هو القيام بعمل موقع «Site» على الشبكة كمحل تجاري إلكتروني، وتسويقه، واستيفاء متطلبات أخرى،

كاعتماد بطاقات الائتمان مع تأسيس بنك للمعلومات، وتقديم خدمات مجانية للعملاء، والعلم بمن يدخل ويخرج ـ من وإلى ـ الموقع من الأشخاص الذين لديهم كمبيوتر وموديم وويب بروزر Web ـ Browser والاتصال مع الشركات أو المؤسسات، التي توفر خدمة توفير الإنترنت Internet Service Provider وبهذه الأدوات،

وكما قال الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، فإنه يمكن حتى للشركات الصغيرة، أن تنافس الشركات الكبيرة على المستوى العالمي، وأن تفوز، لقد ثبت أن هناك شركات صغيرة، بدأت على الإنترنت، ونافست الشركات الكبيرة، وذلك عندما قدمت الشركات الصغيرة خدمات جيدة، وعندما تكون الخدمات محل إعجاب المتصفحين لصفحات الموقع،

فإن الزوار سوف يعيدون الزيارة، وفي النتيجة، سوف يقومون بعملية الشراء، فالإنترنت فرصة للصغار والفقراء، لمنافسة الأغنياء والكبار بنفس اللغة والأساليب، ولكن بتكاليف أقل وبسوق أكبر، وبفيض فكري متجدد، وهو ما يحدو بنا لأن نقول: ببساطة، إن الشركات الصغيرة، قامت بعمليات التجارة الإلكترونية، اعتمادا على فكرة جديدة،

وبعد اختيار هذه الفكرة، وتقييم مدى قابليتها للتطبيق في الواقع، والاستفادة منها بمشروع، وتنفيذ هذا المشروع من خلال الويب، وبمجرد تصميم الموقع الجيد، والوصول إلى العملاء، القادرين على الصرف والشراء، بواسطة الدعاية والإعلان والتسويق،

ومن ثم حيازة الصدق والاستمرارية والثقة، وبعد ذلك، تجد العملاء يطلبون هذه الخدمة أو السلعة، لتسلم لهم عن طريق البيع بالمفرق أو النقل السريع أو الوسيط الإلكتروني، ومن ثم الدفع والتسديد من خلال استخدام قنوات الدفع الالكترونية أو العادية.

إن الذين تبنوا أسلوب التجارة الإلكترونية مبكرين، لم تكن نتائج أعمالهم كما يجب، فالكثير منهم قد فشل، والبعض منهم لم تحقق له الإنترنت الدخل المتوقع، بل حتى أن تكلفتها زادت عن حدود الميزانيات المخصصة لها، وكل ذلك، بسبب الغفلة، أما الغفلة عن صياغة خطة استراتيجية متناسبة مع العالم الجديد، أو الغفلة عن شيء ما أدى إلى هذا الفشل.

لقد قامت بعض الأعمال التقليدية الخاصة بالتجزئة، والتي لها معارض ومحلات بالعالم المادي، بالانتقال إلى الويب، على أمل أن ترفع ثقة العميل بالتجارة الإلكترونية، وتضيف قيمة مضاعفة، وأن تحل مع الزمن والتقدم، بعض المشاكل المتعلقة بالأمان، وتنفيذ صفقات وتسليم المبيع، والعناية بالعميل على الخط، ولكن تقاعس معظمها، فقلص دور الويب والموقع، لجعله أداة تسويق لترويج محل التجزئة التقليدي.

وقد قمنا بتجربة شخصية بعمل موقع إلكتروني خاص بتحميل نماذج الوثائق والعقود والاتفاقيات التي تلزم الأعمال التجارية بأسعار رمزية www.kaslegal.com، وذلك كمحاولة لاختبار قوة الإنترنت في مجال التجارة الإلكترونية للخدمات القانونية الخاصة بنماذج العقود والاتفاقيات حيث تم تقسيمها إلى عشر فئات أولا: عقود تأسيس الشركات،

ثانيا: عقود الشراكة والمشاريع المشتركة،

ثالثا: عقود العقارات (التأجير والتملك الحر)،

رابعا: عقود التوزيع والوكالات التجارية،

خامسا: عقود العمل والتوصيف الوظيفي،

سادسا: العقود الخاصة بالدعاية والإعلان،

سابعا: العقود الخاصة بالمقاولات والاستشارات الهندسية،

ثامنا: البنوك والتمويل،

تاسعا: العقود والوثائق الخاصة بالأعمال التجارية،

وأخيرا الوكالات والتفويضات وهي نماذج للبيع والشراء مقابل مبلغ رمزي إما بواسطة بطاقة الائتمان أو التحويل البنكي، وما على المتصفح سوى اختيار نموذج العقد أو الاتفاقية التي يحتاجها من بين مئات النماذج الموجودة على الموقع،

ومن تم تحميل أو تنزيل النموذج الذي تم اختياره وفي حال لم يجد العميل أو المتصفح العقد أو الاتفاقية التي يرغب بها والتي يمكن أن تناسب احتياجاته أو كان هناك أي استفسار أو استيضاح أو مساعدة يمكن للعميل الإتصال بالموقع عن طريق الدردشة الحية ليقوم الموظفون بإرشاده في أي وقت.

وعليه فإن أمام الصغار فرصة تخلقها الإنترنت وعلى الصغار أن يقوموا باستغلال قوة الإنترنت حتى يخلقوا لهم مكانا في هذا العالم الافتراضي والذي أصبح إلى حد ما حقيقيا فالتجارة الإلكترونية أصبحت حقيقة وواقعا والقوانين المنظمة لهذا الموضوع التي تحمي التعاملات التجارية الإلكترونية

سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو العكس موجودة على سبيل المثال هناك قوانين محلية صادرة من حكومة دبي تنظم مثل هذه الأعمال وقوانين اتحادية كالقانون الاتحادي الخاص بالمعاملات التجارية الإلكترونية الذي صدر بتاريخ 23 فبراير 2006 والذي سنقوم باستعراضه في مقالات لاحقة.

كاتب ومستشار قانوني

kamel@kaslegal.com