تواصل محطات المحروقات في الأردن استعدادها لاستخدام البنزين الخالي من الرصاص بديلاً للبنزين العادي وفقاً لمخطط أعدته الحكومة الأردنية يقضي باستخدام مادة (ام تي بي اي) مرحلياً بدلاً من الرصاص لرفع الرقم الاوكتيني للبنزين لأن هذه المادة أقل ضرراً على البيئة وصحة الإنسان من الرصاص.

وكشفت وزارة الطاقة الأردنية في تقرير أصدرته مؤخراً وجود 250 محطة بنزين باتت مجهزة لبيع البنزين الخالي من الرصاص لتبقى 115 محطة غير مجهزة لاستقبال وبيع هذا النوع من البنزين، وأكدت الوزارة أنها تقوم حالياً بالتعاون مع مؤسسة المواصفات والمقاييس وشركة مصفاة البترول ومديرية الدفاع المدني بالكشف الدوري على محطات المحروقات في مختلف مناطق الأردن والتحقق من مواصفات المشتقات النفطية في خزاناتها.

واعتبر أصحاب محطات محروقات ان القرار الحكومي سيشكل نقلة نوعية على صحة المواطنين وسلامة البيئة على حد سواء، مشيرين إلى ان الجدل الدائر حول مادة الـ (MTBE) التي تدخل في تركيبة البنزين الجديد ومدى تأثيرها في المياه الجوفية يصب في صالح المادة وفق ما أكده الكثير من المختصين والتجارب في دول أخرى حيث يفترض دائماً ان تكون الخزانات غير قابلة لتسريب محتواها بصرف النظر عن تركيبها وطبيعتها الكيميائية.

وأكد هؤلاء ان القرار لن يواجه عقبات من قبل العاملين في قطاع المحروقات أو المواطنين كون التوجه الرسمي لن يشكل عبئاً مادياً في قطاع المحروقات على المواطنين، فمن المقرر وبحسب الخطة الرسمية المعلنة انتاج نوعين من البنزين الخالي من الرصاص أحدهما سوبر يباع بسعر 8 .12 ديناراً أردنياً للتنكة فيما يباع النوع الآخر بسعر البنزين العادي الحالي والمقدر بـ 6 .8 دينارات أردنية للتنكة.

ويعتبر رقم الأوكتين من أهم الصفات النوعية للوقود المستعمل في محركات البنزين ويتخذ كمقياس لجودة البنزين ومقدار مقاومة البنزين للاحتراق اللحظي والانفجار المفاجئ تحت الضغوط العالية والحرارة المرتفعة أثناء عملية الاحتراق في المحرك.

وكلما كان الرقم الأوكتيني للبنزين عالياً كان البنزين ذا مناعة كبيرة وصالحاً للاستعمال في المحركات ذات نسبة الضغط العالية.

ويصل عدد محطات المحروقات في الأردن حوالي 360 محطة منها 65 محطة توفر البنزين الخالي من الرصاص، في الوقت الذي تظهر فيه أرقام نقابة المحروقات ان نسبة استهلاك البنزين الخالي من الرصاص بلغت 4% في العام 2004، وارتفعت إلى 7% العام 2005، وواصلت ارتفاعها إلى 9% العام الماضي.

وكان من المقرر البدء في استخدام البنزين الخالي من الرصاص في جميع محطات المحروقات اعتباراً من بداية الشهر الماضي بحيث يكون الوقود الوحيد المستخدم في الأردن بحلول العام 2008، لكن حتى اللحظة لم يتم البدء في تنفيذ القرار مع ان مصادر رجحت ان يبدأ تنفيذ استخدام البنزين الخالي من الرصاص بعد منتصف العام الحالي.

ونوهت المصادر إلى ان الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة التي صادق عليها مجلس الوزراء الأردني أوصت بأن تكون مواصفات المشتقات النفطية الأردنية تتوافق والمواصفات العالمية «EURO IV» وقامت مؤسسة المواصفات والمقاييس بمنح شركة مصفاة البترول فترة انتقالية لتطبيق المواصفات القياسية الأردنية والتي تتوافق مع المواصفات العالمية، وذلك حتى موعد انتهاء امتياز الشركة العام المقبل.

وتقوم مصفاة البترول حالياً بانتاج بنزين عادي يحتوي على رصاص اوكتان «87» وتبلغ نسبته حوالي 5 .74% من مجمل الانتاج وبنزين خاص (ممتاز) يحتوي على الرصاص اوكتان (95) بنسبة 24% وبنزين خال من الرصاص «اوكتان 95» بنسبة 8 .1% فقط.

وتسعى الشركة في إطار خطة التحول نحو البنزين الخالي من الرصاص إلى انجاز مشروع التوسعة الرابع الذي سيمكنها من زيادة طاقة التكرير لتصل إلى 5 .17 ألف طن في اليوم أي ما يعادل 130 ألف برميل عن طريق إضافة وحدات جديدة لانتاج مشتقات نفطية بمواصفات تواكب المواصفات الأوروبية.

وكانت مؤسسة المواصفات والمقاييس قد أقرت إلزام جميع السيارات في الأردن والتي تعمل على البنزين بجهاز «محول التحفيز» لتمكينها من استخدام البنزين الخالي من الرصاص، حال انتشاره بشكل واسع علماً ان عدد هذه السيارات في الأردن يزيد على 670 ألف سيارة.

وقال مدير المؤسسة ياسين الخياط ان هذا القرار يأتي حرصاً من قبل المؤسسة على صحة المواطنين والبيئة وان جميع السيارات التي تدخل الأردن تخضع إلى فحص للكشف عن «محول التحفيز» في المنطقة الحرة.

وبين الخياط ان استخدام هذا الجهاز يسهم في توفير احتراق طبيعي للوقود إضافة إلى توفير انبعاث ضمن المواصفات القياسية وبالتالي عدم تلوث الجو الناجم عن احتراق البنزين الخالي من الرصاص.

من جهته قال المدير التنفيذي لجمعية البيئة الأردنية م. أحمد الكوفحي ان مادة (ام تي بي اي) ترفع رقم الاوكتين وتقلل من انبعاث الغازات العادمة لأنها تحتوي على نسبة عالية من الأوكسجين تزيد من عملية احتراق تلك المواد إلا ان لها تأثيرات سلبية أبرزها ان الدراسات العلمية أثبتت أنها مادة مسرطنة وسريعة النفاذ وتذوب في الماء وبالتالي يصعب السيطرة عليها كما أنها تتطاير أثناء تعبئة الوقود وتدخل عن طريق الجهاز التنفسي للعمال في المصفاة أو العاملين في محطات الوقود أو المواطنين بكل سهولة في حين ان مادة الرصاص ثقيلة لا تتحرك لمسافات بعيدة ويقتصر تأثيرها على وقت خروجها من العادم.

وأضاف ان مادة الرصاص مستخدمة منذ فترة طويلة وأجريت عليها الدراسات العلمية الكثيرة في حين لا تزال مادة الـ (ام تي بي اي) التي بدأ استعمالها بداية التسعينات من القرن الماضي ومن قبل الشركات لأغراض تجارية اقتصادية تفتقر لمثل هذه الدراسات ولم تستكمل عليها الأبحاث العلمية.

وبين ان العديد من الولايات الأميركية بدأت تتخلى عن هذه المادة رغم إجراءات السلامة الكبيرة المتوفرة في محطات الوقود والمواصفات العالية لها وأخذت تتجه للايثانول لرفع الاوكتين حيث يستخدم في البرازيل وجنوب إفريقيا ويشتق من المواد الطبيعية لكنه أغلى من مادة الـ (ام تي بي اي).

وتساءل ان كانت محطات الوقود القديمة في الأردن مهيأة للتعامل مع هذه المادة إضافة لمدى الالتزام باستعمال أدوات السلامة العامة أو وجود جهة رقابية تلزم باستعمال تلك الأدوات للعاملين.

ويرى الكوفحي ان مادة الـ (MTBE) لها نفس التأثير الخطر على البيئة والإنسان أيضاً، مؤكداً ان ظهور تأثيرها السيئ حمل العديد من الولايات الأميركية على إعادة النظر في استخدامها.

وقال الكوفحي انه في حال استخدام هذه المادة في الأردن لا بد ان تكون هناك خزانات وقود مؤهلة وخاصة لاستخدام هذه المادة حتى لا يحدث أي نوع من التسريب لها لأن تسرب هذه المادة سوف يؤدي إلى ظهور مخاطرها من خلال ما تتركه من آثار على المياه الجوفية.

وأوضح ان هذه المادة قد تصل إلى المياه بعدة طرق منها نقل الوقود أو تخزينه أو تخليصه أو تعبئته والذي قد يتم بطرق غير سليمة، إضافة إلى انتقالها من خلال سير المركبات على الطرق أو استنشاقها أثناء عملية التعبئة في محطات المحروقات أو استنشاق المادة أيضاً عند قيادة السيارة. وأضاف الكوفحي ان استخدام هذه المادة وتعرض الإنسان لها قد يخلق أجيالاً من المشوهين ومن المعتلين صحياً، كما ان استخدام الـ MTBE قد يؤدي أيضاً إلى زيادة انطلاق كميات أكبر من المواد الهيدروكربونية المسببة لأنواع مختلفة من مرض السرطان.

أصحاب المحطات يؤكدون تجاوز السلبيات

قال نقيب أصحاب محطات المحروقات وموزعي الغاز في الأردن حاتم عرابي اننا في النقابة تجاوزنا السلبيات وبحثنا عن الايجابيات ومصلحة الوطن والمواطن ورحبنا بفكرة التحول لتقليل الآثار السلبية للرصاص على البيئة وشاركنا في تقييم الخزانات ووضعنا اتفاقية لتعجيل استخدام البنزين الخالي من الرصاص.

وأوضح عرابي ان خزانات الوقود جيدة وبسماكة لا تسمح بتسرب الوقود وانه حتى لو كان هناك أي تسرب فانه لن يكون إلا بالمقدار القليل وغير المؤثر خاصة وان الخزانات على عمق قليل في حين المياه الجوفية على عمق مئات الأمتار.

وبالنسبة للأسعار قال نعتقد ان سعر البنزين الخالي من الرصاص سيبقى كما هو ومع نهاية العام لن يكون هناك سوى نوعين من البنزين الخالي من الرصاص والسوبر الخالي من الرصاص، مشيراً إلى انه كان الأولى ان تقوم الحكومة بالانتهاء من البنزين العادي وهو الأكبر من حيث نسبة الاستهلاك وتحويله إلى خال من الرصاص وبيعه بنفس سعر البنزين العادي على اعتبار ان الأصل تحويل العادي إلى خال من الرصاص ليكون في متناول المواطن.

وأشار عرابي إلى ان كلفة استبدال الخزان الواحد تصل إلى 10 آلاف دينار أردني، مبيناً ان عدد الخزانات المنتشرة في محطات المملكة تقارب 1200 خزان وأكدت مصادر في شركة مصفاة البترول الأردنية انها بدأت فعلياً بانتاج كميات أكبر من البنزين الخالي من الرصاص تقيداً بما جاء في الخطة المشتركة لتغطية حاجة السوق المحلية من هذا النوع من الوقود تزامناً مع دخول قرار تعميمه حيز التنفيذ.