يرتفع 6% في العام الجاري

الطلب الصيني على البترول من أهم عوامل تحديد الأسعار العالمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

سببت الصين ربكة في أسواق الطاقة العالمية باعلانها أن طلبها على البترول لم يرتفع في العام الماضي أو ارتفع بشكل طفيف، مما جدد الشكوك بشأن البيانات الصينية حول استهلاك الطاقة وأثار تساؤلات حول تأثير الاقتصاد الصيني سريع النمو في أسعار البترول العالمية في العام الجاري وما بعده.

وقد أصبحت الصين ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم بعد الولايات المتحدة. وزاد ارتفاع طلبها على البترول في 2004 على نسبة 15%، مما ساعد في أكبر موجة ارتفاع في أسعار البترول العالمية خلال جيل كامل.

وسينمو الاقتصاد الصيني حالياً بنسبة 15% سنوياً، ولذلك ينقسم المحللون بشأن تأثير طلب الصين على البترول في أسعاره في العام الماضي ويشعر البعض بالشك بشأن دقة الأرقام الصينية.

وسيراقب تجار البترول عن كثب أي دلائل أو إشارات وراء الانخفاض في طلب الصين على البترول في العام الماضي للوصول إلى توقعات للعام الجاري.

وقالت الحكومة الصينية في وقت سابق إن وارداتها من البترول ارتفعت بنسبة 2 ,1% فقط وانخفضت وارداتها من منتجات مثل الديزل بنسبة 34% في العام الماضي.

ويبدو أن الطب الإجمالي، الذي يشمل الإنتاج المحلي والواردات مخصوماً منها الصادرات، انخفض بنسبة 3% ليصل إلى 4,6 مليون برميل يومياً، مما يشير إلى تغيرات في مخزون البترول الصيني.

وقالت هيئة صينية مرموقة هي اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح مؤخراً: إنه ليس لديها تعليق على هذا الانخفاض لكنها ذكرت أن اعتماد الصين على البترول المستورد قد انخفض.

وقال ديفيد هيرد المحلل في دويتشة بنك لشؤون الطاقة إن طلب شهر ديسمبر الماضي لابد أنه انخفض، لكنه يقدر أن طلب الصين على البترول في 2005 لا بد أن يكون ارتفع بنسبة 3% حتى نوفمبر تمشياً مع بيانات الوكالة الدولية للطاقة.

ودقة الأرقام الصينية أمر مهم جداً لأسواق البترول العالمية، ويعتمد المصدرون والتجار على مثل هذه البيانات في محاولة توقع الكميات التي سيتم شراؤها وتخزينها.

وقد هدأ ارتفاع أسعار البترول منذ ارتفاع البترول الأميركي إلى 85 ,70 دولاراً للبرميل في أغسطس الماضي، لكنه ارتفع مؤخراً لأسباب سياسية جغرافية مثل خلاف إيران مع الغرب حول الأبحاث النووية، والاضطرابات في نيجيريا، إحدى كبريات الدول في إنتاج البترول.

واستقرت أسعار البترول في الصفقات الآجلة عند 92 ,63 دولاراً للبرميل، وارتفع سعر الصفقات الآجلة لخام برنت تسليم فبراير 77 سنتاً ليصل إلى 03, 63 دولاراً للبرميل. وقد ازدادت أهمية حث الصين على مراعاة دقة البيانات عقب الارتفاع الحاد في الطلب الصيني على البترول في 2004، مما سبب ضغوطاً على سوق البترول التي تفتقر إلى قدرة حقيقية على رفع الطاقة الإنتاجية.

وبدأت الوكالة الدولية للطاقة مشروعاً لتحسين دقة البيانات بالتعاون مع أكبر الدول المنتجة للبترول مثل السعودية، ودقة البيانات الصينية من أهم نقاط التركيز في هذا البرنامج. وقد تعهدت منظمة الدول المصدرة للبترول في العام الماضي برفع الطاقة الإنتاجية في مواجهة ارتفاع الطلب من الدول النامية، والآن قد تسبب تراجع الطلب في إعادة تفكير دول الأوبك في هذا التعهد.

وقال جيف براون محلل طلب البترول في الوكالة الدولية للطاقة إنه لا يعرف من أين يأتون بهذه الأرقام ولابد من تحليل هذه البيانات بعمق. وأضاف أن هذه البيانات مهمة في محاولات معرفة العلاقة بين نمو الطاقة ونمو إجمالي الناتج المحلي للدول.

ولا يزال بعض المحللين يقول إن هناك أسباباً رئيسية تفسر الانخفاض في الطلب الصيني. ويقول كيه إف إيان المحلل في كامبريدج لأبحاث الطاقة إن الأرقام الجديدة تطابق توقعاته باستقرار أو انخفاض الطلب الصيني.

وأشار إيان إلى انخفاض الواردات الصينية من منتجات البترول مثل زيت الوقود، الذي يستخدم لتوليد الكهرباء، وارتفعت واردات الصين من زيت الوقود في 2004.

حيث تحولت المصانع إلى المولدات الاحتياطية بسبب تكرار انقطاع الكهرباء، وسبب ذلك ارتفاعاً في الطلب الصيني على البترول بصفة عامة، لكن الصين أضافت في العام الماضي طاقة إنتاج كهرباء جديدة، مما أوقف كثيراً من مولدات الطاقة وقلل الطلب على زيت الوقود.

وهناك عنصر آخر قد يكون ساهم في انخفاض الطلب، وهو رفض الصين لرفع أسعار الوقود محلياً ليصل إلى المستويات العالمية، وقد ارتفعت الأسعار التي تحددها الحكومة بدرجة كافية خلال العامين الماضيين، لتدفع السائقين إلى الاقتصاد في استهلاك الوقود وشراء سيارات تستهلك كميات أقل منه، كما قال هان شياوينغ الباحث في فالكون باور في بكين.

غير أن الأسعار منخفضة أيضاً بدرجة كافية وتجعل مصانع البترول الصينية تخسر في كل برميل بترول إذا تحول إلى وقود، وبالتالي يخفضون من مشتروات البترول. وكان هناك نقص في الوقود الصيف الماضي في بعض المناطق في الصين.

وارتفع أيضاً الإنتاج المحلي من البترول أكثر من المتوقع فسبب ضغوطاً على الواردات، وقالت بتروتشاينا أكبر شركة صينية لإنتاج البترول إن إنتاجها ارتفع برقم قياسي في 2005.

وفي ظل تعقيدات السوق وعدم دقة البيانات فإن توقع الطلب الصيني يصبح أمراً صعباً. وتقول الوكالة الدولية للطاقة إن نمو الطلب الصيني على البترول في العام الجاري لابد أن يصل إلى 6%، لكن هذا يعتمد على ما تفعله الحكومة الصينية، كما يقول ايان الذي يعتقد إنه إذا أبقت الحكومة على انخفاض أسعار الوقود محلياً سوف تخفض صافي انتاجيها. ولن يرتفع الطلب إلا إذا ارتفعت الأسعار وتشجعت المصافي المحلية على انتاج مزيد من الوقود.

ترجمة: أشرف رفيق

Email