فنانون يحملون حنيناً لأدوار قدموها

شخصيات مؤثرة لا تنسى وأخرى لا تستحق الذكر

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك أدوار قام الفنانون بأدائها عبر مشوارهم الفني.. عاشوها أمام عدسات التصوير.. وأتقنوها وتختلف الأدوار بالنسبة للفنان الواحد في درجات الحياة وأيضاً في تأثره وغرامه بها..

وقد يجد الفنان نفسه في شخصية أداها أمام الكاميرا ويتمنى لو أنه في الحقيقة هذه الشخصية من كثرة ما أحبها.. ويتصادف أن تحقق هذه الشخصية النجاح على مستوى النقد والجماهير مما يسهم في زيادة تعلق الفنان بها..

والمشاهد عموماً قد لا يلمس اختلافاً بين المؤدي الفنان والشخصية التي يؤديها لأنه تقمص الدور ببراعة جعلته ينظر إلى هذا الدور بمصطلح «دور العمر» ويتمنى أن يؤديه مرة أخرى ليعيش نفس هذه اللحظات بل وقد يتعدى الأمر ذلك فينتهز الفنان أية فرصة لتمجيد هذه الشخصية والتعبير بمكنونه تجاهها.

ومهما قيل عن هذه الأدوار المتميزة والناجحة ستظل تحمل في النهاية دلالة خاصة، وشجونا لا يعبر عنها إلا صاحبها، وهذه محاولة منا لرصد بعض تلك الشخصيات والتعرف عليها من خلال ما يقوله عنها أصحابها الفنان «محمود ياسين» يقول

: معظم أدواري حالفها النجاح وأنا راضٍ عنها تماماً، ولكن شيئاً ما يشدني دائماً إلى دوري في فيلم «الشريدة» الذي أعشقه لأنه يمثل نموذجاً إنسانياً يحمل بداخله مجموعة مختلفة من المتناقضات ولكنه في النهاية نوع من الشخصيات موجود في مجتمعنا بكثرة.

وهذا النوع من الشخصيات يعتمد على التعبير من الداخل والإحساس الشديد بالشخصية ومراحل تطورها وهو أصعب أنواع المعايشة بالاضافة إلى أن الفيلم إجتمعت فيه كل عناصر وأدوات النجاح إبتداء من القصة للأديب الكبير نجيب محفوظ إلى إخراج أشرف فهمي.

وهذا الفيلم يمثل عصر إزدهار السينما عندما كانت بلاتوهات السينما تضم في الفيلم الواحد أكثر من أربعة أو خمسة نجوم فكانت معي نبيلة عبيد ونجلاء فتحي وهما نجمتان على درجة كبيرة من الموهبة ولهما جماهيرية عريضة.

ويكفي أن أقول انني كلما شاهدت هذا الفيلم لا أتمالك مشاعري وتنهمر الدموع مني وأنفعل من جديد بهذه الشخصية شديدة المصداقية والتي تعتبر محطة مهمة ومؤثرة في تاريخي الفني الذي أعتز به.

شعور بالخوف عندما أمسك الفنان كمال الشناوي بسيناريو فيلم الكرنك أصابه خوف شديد من هذه الشخصية التي يؤديها لأول مرة.. ولكنه أعلن التحدي وقرر خوض هذه المغامرة بهذه الشخصية الصعبة . يقول «كمال الشناوي» :

عندما أديت شخصية أحد رجال مراكز القوى المتسلط جلست أفكر كيف ألعب وأؤدي هذه الشخصية ولأول مرة في حياتي بعد كل ما كتب في هذا الموضوع، وفي توقيت دقيق، فقد كان الاختيار صعباً والتجربة كانت غنية ونجاحها أذهلني.

وكسبت جولة فنية جديدة وكبيرة حتى أن هذه الشخصية ما زالت تعيش بداخلي كأحد الأدوار المتميزة في حياتي شخصية الزيني بركات لها طعم خاص عند الفنان «أحمد بدير» الذي جسد دور الشرير الناعم على الشاشة الصغيرة في الوقت الذي أثار فيه حيرة المشاهدين بين حب الرجل الهادئ وكره الشرير المتسلط، يقول أحمد بدير :

ان شخصية الزيني بركات رغم أنها كانت مليئة بالمتناقضات أمام المشاهد إلا أنني أمسكت بخيوطها الدرامية التي قادتني إلى الحبكة، فكيف يفكر أستاذ الشر والخيانة بعقله الراجح لخيانة بلاده وسط مجموعة من الاتجاهات فالسلطان لا هي ورعيته مغلوبة على أمرها.

رابعة العدوية أما نبيلة عبيد مازلت تستعيد ذكرياتها الفنية مع بدايتها القوية في فيلم «رابعة العدوية» أمام عماد حمدي وفريد شوقي وحسين رياض، هذا الفيلم الذي قدمها للجمهور وتقول نبيلة عبيد عن هذه الشخصية:

إنها مازالت تعيش في وجدان الناس لأنها تحمل لى ذكريات التلميذة الصغيرة نبيلة التي كانت تجلس أمام أبطال هذا الفيلم لتذاكر السيناريو والحوار وتتعلم مخارج الألفاظ أمام الأساتذة فاخر فاخر وإبراهيم عمارة.

وكم كانت سعادة هذه الفتاة وهى تقوم بتدريبات البلاي باك، لأغنيات كوكب الشرق أم كلثوم بكلماتها ومعانيها الجميلة شديدة الحساسية وفى هذا الفيلم قمت بتطبيق أول درس تعلمته من مدرس اللغة الإنجليزية بعبارته الشهيرة «لازم تنجحي» وطبعاً يقصد نجاحي الدراسي ولكنني تذكرت هذه الجملة عندما بدأت أولى خطواتي الفنية .

وكانت سبباً في صنع اسم نبيلة عبيد الفنانة والإنسانة الخليفة وعمى حسن أما نور الشريف فتستهويه الأدوار التاريخية التليفزيونية، حيث صنع قائمة طويلة من الأفلام الناجحة ووضع يده على شخصية عمر بن عبد العزيز التي يقول عنها:

وقعت في حب هذه الشخصية الثرية وشخصية عمر بن عبد العزيز كانت رمزاً لعظماء الإسلام في عمل تكاملت فيه كل عناصر النجاح، وعرضت في وقت يتعرض فيه الإسلام لمحاولات التشويه، وإعجابي بها جاء من فهمي الدقيق لأبعادها ..

فكنت أتساءل كيف تجد هذا الشاب الذى تربى وعاش في الرغد والعز يهفو إلى حياة التقشف الورع ويكون قدوة للناس بهذه الطاقة الرهيبة من الإيمان والورع؟!هذه الشخصية حملت لنا أعظم دروس فهو الرجل الذى أمر بتعيين مساعدين على نفقة الدولة للمعوقين.

وبالتأكيد لابد أن أعيش معه طويلاً، لقد تأثرت بهذه الشخصية وتركت في تصرفاتي أشياء جديدة أنا سعيد بها بالضبط مثل شخصية حسن في فيلم سواق الأتوبيس التي نقلتها بالحرف من عمى حسن رحمه الله.

أفلام الجوائز الفنان عزت العلايلي استعرض قائمة طويلة من الأدوار المتميزة في حياته الفنية مثل شخصية عبد الهادي في فيلم «الأرض» وشخصيات أداها في أفلام زائر الفجر، وأهل القمة، والمواطن مصري، والتوت والنبوت، ولكن توقف عند دور «سيد ومحمود» التوأم في فيلم الاختيار» أمام سعاد حسنى، قصة نجيب محفوظ، وإخراج يوسف شاهين وقال:

إن هذا الفيلم حصل على أكثر من جائزة دولية منها الجائزة الذهبية الأولى في مهرجان قرطا عام 1970 وجائزة أحسن ممثل وأحسن فيلم وأحسن مخرج.

ويضيف: إذا كان فيلم الأرض قد تم اختياره ضمن أفلام العمالقة وقالوا عنه: إنه تحفة مصر السينمائية، فقد تم اختيار فيلم «الاختيار» لينضم للموسوعة السينمائية العالمية (لاروس) بانجلترا وقالوا عنه: انه التحفة الثقافية ونظراً لجرأته في تحليل ومناقشة حالة الانقسام التي أصابت المثقف المصري، انقسامه على نفسه بعد صدمة النكسة عام 1967.

هذا المثقف الذى كان يعلق آمالاً كبيرة بمستقبل أفضل بتاريخه وثقافاته وحضارته، وفجأة ينقلب كل هذا إلى حالة لا وعى طويلة استغرقت سنوات، وقد نجح الفيلم في استعراض هذه الحالة بأسلوب وشكل جديدين وتكنيك ورؤية كانت سابقة لعصرها.

الذكريات الجميلة الممثلة ليلى علوي مازالت تنبض فرحاً كلما ذكرها أحد بفيلم «خرج ولم يعد» تقول ليلى علوي: لا أستطيع الفصل بين ذكرياتي مع هذا الفيلم وبين طبيعة شخصية «خوخة» بنت الريف التي تتعامل بالفطرة الدافئة .

والحب المنزه من الأغراض وهذه الصفات كانت هي المكونات الأساسية لخوخة، أما الجو العام لتأديتها فقد تهيأ لي فقد كنا نستيقظ قبل الفجر لنسافر إلى إحدى القرى القريبة من القاهرة لنبدأ التصوير قبل شروق الشمس وكنا أسرة واحدة بصحبة الزميل العزيز يحيى الفخراني والمخرج محمد خان .

وفريد شوقي وجميع العاملين بالفيلم هذا الجو الجميل جعلني أحب خوخة بل عشتها بكل تفاصيلها أو تفاصيل حياتها. أما الفنان يحيى الفخراني فعكس كثيراً من العبارات ووجهات النظر التي تتردد حول الأدوار المتميزة التي لا ينساها الفنان والتي تعيش معه أحياناً وله رأي آخر حيث يقول:

ان كل أدواري أنام وأقوم معها وبها في صمت ولكن أثناء تصويرها فقط وبعد انتهائي من تصوير المشهد الأخير لا أتذكر شيئاً عنها ولأن معظم أدواري أنا راض عنها تماماً وأعتز بها فلا أتذكر الآن إلا آخر شخصية مثلتها سواء بالسينما أو التليفزيون.

القاهرة ـ «البيان»:

Email