شركات البترول العالمية تغرق في مستنقع بترول إفريقيا

شركات البترول العالمية تغرق في مستنقع بترول إفريقيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواجه شركات البترول الكبرى التي تدخل السوق الإفريقية مشكلة لم يدركها خبراؤها ومديروها في الجامعات، هي كيف تقوم بواجبها الاجتماعي في دول غنية بالبترول لكنها تفتقر إلى كل ما عداه.

فقد تبرعت شركة اكسون موبيل مثلا مع مجموعة شركات أخرى لمضاعفة حجم إحدى المدارس في أنغولا، لكن مدير المدرسة طلب أيضا مولداً كهربائياً وحافلة ولبت الشركة الطلب، لكنها قالت للمدير انه لابد ان يدبر الوقود للمولد والحافلة بنفسه، والأموال ليست مشكلة بالنسبة لشركة إكسون موبيل،

فقد سجلت عائدات بلغت 33.8 مليار دولار في الأشهر الاثتي عشر المنتهية في 30 سبتمبر الماضي لكن القضية ذات علاقة بالسياسة والإدارة. فلا بد على شركات البترول ان توفق بين التطلعات المتضاربة غالبا للحكومات الإفريقية والغربية وجماعات مكافحة الفقر.

وتكافح شركات البترول أيضا لتطبيق اللوائح المالية التي تعمل وفقها، بالتناغم مع أعمال الخير التي تقوم بها في الدول النامية. وغالباً ما تخشى شركات البترول العمل بالقرب من الحكومات التي ظهر البترول حديثا في بلادها مثل انغولا التي تطلب مساعدات لعلاج مشكلات اجتماعية،

وكثير من هذه الدول ومنها انغولا تواجه انتقادات من منظمات غير حكومية غربية ومؤسسات إقراض دولية لأنها تحقق في تبرير إنفاق مليارات الدولارات التي تحصل عليها سنويا من عائدات البترول. وحتى بناء المستشفيات والمدارس يلاقي الانتقاد إذا قامت به شركات البترول لأن هذه المنظمات تتهم الشركات بتعويد هذه الدول على الاعتماد على ذلك ومساعدتها على سوء الإدارة المالية.

ويقول المديرون التنفيذيون الذين يعملون وفق قواعد مالية صارمة وميزانيات محددة إن هدفهم هو مساعدة الدول النامية الغنية بالبترول ليتعلموا مساعدة أنفسهم. ويقول أنديره ماديك الذي يشرف على علاقات إكسون الدولية »لا نريد ان ينظروا إلينا على أننا الإدارة الحقيقية للبلاد«.

وليست إكسون شركة البترول الكبرى الوحيدة التي تواجه هذه المعضلة في انغولا، أحد أهم مصادر البترول الجديدة حاليا في الوقت الذي تنضب فيه موارد في أماكن أخرى، فقد أنفقت شركة برتيش بتروليوم والحكومة البريطانية مؤخراً 250 ألف دولار لتركيب نظام طاقة شمسية في إحدى القرى في شمالي لواندا، لأنها تفتقر إلى الكهرباء وهرع السكان إلى شراء أجهزة تلفزيون فدمروا النظام، ثم طلبوا من بريتش بتروليوم إصلاحه أو تركيب نظام جديد.

تشيفرون

وتتبرع شركة تشيفرون للبترول بمبلغ 100 ألف دولار سنويا لمستشفى الأطفال العام في لواندا، عاصمة أنغولا. وبدأت الشركة تطلب من المستشفى تمويل بعض المشروعات. وقال دينيس فلمنج مدير الشركة لشؤون انغولا انهم يخشون ان يعتاد المستشفى على ذلك فقط ولا يستغل الأموال بصورة مفيدة.

وأكبر المتبرعين لشركة إكسون هم مؤسسات كبرى في أميركا. تعود علاقتها بهم عندما كانت توفر غالبية البترول والغاز للاحتياجات الداخلية الأميركية. لذلك فإن ثلثي تبرعات قيمتها 107 ملايين دولار نقدا وسلع وخدمات جمعتها إكسون في عام 2004، تم صرفها في أنشطة داخل أميركا.

لكن الموارد البترولية في أميركا لم تعد المصدر الأول لنشاط إكسون، التي تتوقع بحلول 2010 ان توفر إفريقيا 30% من مواردها البترولية. أي أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.وتعتزم إكسون زيادة التبرعات إلى الدول النامية دون الاقتطاع من الإنفاق الخيري داخل أميركا، كما قال ماديك.

وتقول بعض الجماعات الغربية والنشطاء المحليين المدافعين عن الدول النامية إن شركات البترول تتحمل مسؤولية أكبر من التبرع ببضعة ملايين من الدولارات لدولة نامية. فإذا كانت هذه الشركات تريد تحسين مستوى معيشة هذه الدول مثل انغولا حقيقة لابد أن تستغل نفوذها لدفع الحكومات هناك إلى إثبات أنهم ينفقون هذه التبرعات على حاجات الشعب فعلاً.

ويقول بلميرو تويكا القس المسيحي في لواندا الذي يعمل مع منظمة غربية تنتقد الحكومة، إن بناء فصول المدارس والمستشفيات هو جزء من الدعاية لشركات البترول، وتستطيع الحكومة ان تفعل ذلك ببساطة نظراً لعائدات البترول التي تتدفق على خزائنها.

ويقول المسؤولون في الحكومة الانغولية إنهم يستغلون البترول بحكمة. وأعلن الرئيس خوسيه إدواردو روس سانتوس في زيارة لأميركا عام2004، المبلغ الذي دفعته شركة تشيفرون عند توقيع امتيازها في منطقة البترول البحري، وهذه الأرقام غالبا تتكتم الحكومات الأخرى في إعلانها، وقال نائب رئيس شركة البترول الحكومية رسونانغول ان هناك تحسناً كبيراً في بلاده من حيث الشفافية.

مخاطر سياسية

توجهت دعوات لبضع شركات في العالم الماضي لحضور حفل عشاء لصالح صندوق لويني، الذي يساعد ضحايا الألغام، كان المقعد يتكلف 10 آلاف دولار في هذا العشاء. ورفضت إكسون الدعوة، ويقول مصدر من إكسون ان الشركة لم تشعر بالراحة للتبرع لهذه المنظمة نظراً لأن زوجة الرئيس تسيطر عليها.

وأرسلت شركات أخرى مثل تشيفرون مندوبين لحضور العشاء رغم أن شركات أخرى دفعت تكلفة مقاعدها. وقال فلمنج ان تشيفرون تتبرع باستمرار لشراء المقاعد الدولية التي توزعها المنظمة. لكن مسؤولاً من صندق لويني انتقد شركة إكسون لأنها تعترض على علاقة المنظمة بزوجة الرئيس، وأكد أن هذه المخاوف ليس لها أساس من الصحة.

وتناضل إكسون مع مشكلات من هذا النوع في إفريقيا من عقد من الزمان، فأرادت الشركة إنشاء خط أنابيب في تشاد في التسعينات ليصل إلى الساحل، واتفقت تشاد ومجموعة الشركات على الاقتراض من البنك الدولي لإدارة عائدات المشروع.

وطلب البنك من الشركات إجراء تحسينات بيئية واجتماعية على طول الخط، وطلب من تشاد ان تستغل غالبية عائدات المشروع لتخفيف الفقر وبناء المدارس والطرق والرعاية الصحية.وبنت إكسون عيادة صحية في تومي لكن الحكومة طلبت ان توفر الشركة الممرضات والمعدات الطبية.

ورفضت إكسون ذلك وقالت إنها مسؤولية الحكومة، وأصدرت تشاد تشريعاً في الشهر الماضي لتعديل قانون استغلال عائدات البترول، يتيح لها الفرصة للتصرف في العائدات كما يحلو لها. فأعلن البنك الدولي وقف توريد قرض قيمته 124 مليون دولار لتشاد لأنها أخلت بتعهداتها معه عندما وافق على تمويل إنشاء خط الأنابيب.

ترجمة أشرف رفيق

Email