أعمال أدبية ولا تكاليف إنتاج سينما الخيال العلمي مُحرّمة على العرب

أعمال أدبية ولا تكاليف إنتاج سينما الخيال العلمي مُحرّمة على العرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت بدايات القرن العشرين بواكير سينما الخيال العلمي في العالم، وكانت أفلام الكاوبوي أو الوسترن الأميركية هي الشغل الشاغل لدى قطاع عريض من الجمهور، انجذب عشاق السينما لتلك الموجة الجديدة التي تتحدث عن غزو الفضاء وتصور كائنات غريبة تسكن كواكب المجموعة الشمسية، فضلاً عن الأفلام التي راحت توغل في الزمن وفى البحار وفى تاريخ الأرض والبشر، عبر عصور غابرة وأخرى مستقبلية.

وعمدت بعض الأفلام ـ بخيال كتابها، ومخرجيها ـ إلى استعادة كائنات انقرضت مثل الديناصورات في قصص وحوارات وأحداث خيالية، وجسدت صور الصراع الدموي الذي خاضه الإنسان عبر تاريخ تطوره مع مثل هذه الكائنات.

وازدهر أدب الخيال العلمي على مستوى المعالجة السينمائية في الفترة الحالية، ويأتي على رأس أبرز أدباء الخيال العلمي ون فيرن بما قدمه من أعمال سينمائية منها (عشرون ألف فرسخ تحت الماء ـ رحلة منتصف الأرض ـ سيد العالم ـ الجزيرة الغامضة) ويأتي من بعده ه.ج ويلز الذي كتب (حرب الكواكب ـ الحياة في المستقبل ـ آلة الزمن) وكونان دويل الذي قدم (العالم المفقود) وهو فيلم مليء بالحيوانات الضخمة البائدة وهي في صراع مع البشر.

وقد أفادت التكنولوجيا صناعة سينما الخيال العلمي، بالتفنن في استخدام الآلات الضخمة والعملاقة، كما في فيلم (رحلة إلى القمر) بالإضافة إلى الأجهزة العلمية كما في (الشرطي الكهربائي) و(الخادم الكهربائي)، وأفلام غزو الكائنات الفضائية وتدمير كوكب الأرض وأفلام الحروب النووية بين الدول القوية، باستخدام وسائل التقدم التكنولوجي وتقنية الكمبيوتر الذي يعد وحده ثورة هائلة في مجال سينما الخيال العلمي.

ومن ناحية أخرى يدرك المتابع للسينما العربية الخالية من أفلام مكررة وموضوعات متشابهة صرفتها عن مواكبة عوامل الإثارة، والإبهار في السينما العالمية التي لاقت قبولاً منقطع النظير وجذباً جماهيرياً غير مسبوق، مما جعل بعض المتخصصين في عالمنا العربي ينصح باللجوء إلى سينما الخيال العلمي في ضوء ما يتوافر من إمكانيات حتى لا تغرب شمس المنافسة!

ولكن هل يمكن لجهة أو منتج ما إن يغامر بإنتاج مثل هذه الأفلام ذات التكلفة العالية، والواقع يقول أن أحداً أو جهة ما ـ في مصر أو المنطقة العربية - لن يقدم على مثل هذه الخطوة بسهولة، وربما يرجع السبب لعدم وجود أدباء في مجال الأدب (أدب الخيال العلمي) أو كتاب سيناريو أو مخرجين لهذه النوعيات من الأفلام الخيالية، بالإضافة إلى عقبة المحاذير الدينية التي قد لا تسمح باجتياز خطوط حمراء كثيرة مثل زراعة الأجهزة في الجسم البشرى، والعقول الإلكترونية والاستنساخ، إلى آخر هذه الأمور من الموضوعات التي تتناولها السينما العالمية.

يقول الكاتب نهاد شريف صاحب قصة فيلم الخيال العلمي: «قاهر الزمن»: لست مع الذين يقولون إن أدب الخيال العلمي في وطننا العربي لا يجد له قارئاً، وبالتالي السينما التي تمثله لا تجد مشاهداً، فالسينمائيون هم العاجزون عن اللجوء إلى إنتاج وتمثل الخيال العلمي، وروايتي «قاهر الزمن» التي أخرجها كمال الشيخ، حصلت على شهادات تقدير في فرنسا وهولندا.

* خيال المراهقة

ويعرب المخرج علاء كريم عن تشاؤمه من مستقبل سينما الخيال العلمي، مؤكداً أنه من المستحيل إنتاج فيلم خيال علمي على مستوى عال، لأنه يحتاج إلى تكاليف ضخمة وميزانيات كبيرة، ولن نستطيع إنتاج فيلم واحد ولو بعد ألف سنة، أما القول بأننا لدينا بعض التجارب المشجعة فهو قول مبالغ فيه فجميع أفلام الخيال العلمي في مصر في طور المراهقة، والمشكلة تكمن في توزيع الفيلم المصري، فلابد من التوزيع الجيد ويمكن الحصول على إيرادات مناسبة لإنتاج من هذا النوع، وبالتالي لا يمكن تهديد سينما الخيال العلمي للسينما الواقعية، وفي مصر كتاب خيال علمي على مستوى عالٍ، ولكن خروج الأعمال من الأوراق إلى حيز التنفيذ مكلف للغاية، وهو أمر لا يجرؤ التليفزيون حتى على الدخول فيه لارتفاع عناصر الإنتاج.

ويؤكد المخرج سعيد حامد أن سينما الخيال العلمي من الأشياء الأساسية التي ينبغي أن تلجأ إليها السينما حالياً، فهي تتميز بقدر عال من الترفيه، حيث يدخل المتفرج عوالم جديدة لا يراها واقعياً كما أنه من الممكن أن تعالج الموضوعات الاجتماعية بأسلوب فانتازي، إن السينما العربية محتاجة إلى أن تدخل هذه العوالم.

* أفلام الخدع والعنف

السيناريست رفيق الصبان يرى ان هذا النوع من السينما لا يمكن أن يجد جمهوراً فالأفلام السائدة هي أفلام الخدع والعنف، وهو ما يلاقي استجابة عند الناس، وأشار إلى أنه لابد أن يسبقه قارئ لأدب الخيال العلمي ومتفهم ومتخصص، ولكن هذا لا يعني أن هناك قناعة بما هو سائد في السينما حالياً، خاصة وإن إمكانيات إنتاج أفلام الخيال العلمي المادية والفنية ليست متوفرة لدينا حالياً، بما لا يمكننا من تقديم أعمال قريبة المستوى مما تقدمه السينما الأميركية التي ترصد ميزانيات ضخمة لهذه النوعية من الأفلام.

ويقول الناقد السينمائي محمود قاسم : سينما الخيال العلمي مرتبطة بحجم الإنجازات العلمية، ولا يمكننا تقديم فيلم جيد عن كائنات قادمة من الفضاء مثلاً، ونحن لم نحقق أي إنجازات في هذا المجال، ومازال بيننا وبين علوم الفضاء مسافات بعيدة، ومهما كانت درجة خيال ومن ناحية الإمكانيات البشرية العاملة في السينما لا يوجد ما يمنع إنتاج هذه الأعمال طالما توفرت التكنولوجيا والتمويل اللازمان، وضمان المنتجين رواج فيلم الخيال العلمي، بعيداً عن احتمالات مقارنتها مع الأفلام الأميركية المتفوقة.

(خدمة وكالة الصحافة العربية)

القاهرة ـ «البيان»:

Email